السلطان إبراهيموفيتش يتوج بجائزة الرئيس بعد مسيرة حافلة في كرة القدم

في ليلة احتفالية شهدت ترقب عشاق كرة القدم حول العالم لقرعة دوري أبطال أوروبا لموسم 2025-2026، سطع نجمٌ لطالما أضاء الملاعب الأوروبية والعالمية، إنه السلطان زلاتان إبراهيموفيتش. لم يكن حضوره مجرد مشاركة شرفية، بل كان تتويجًا لمسيرة استثنائية، حيث تسلم النجم السويدي السابق جائزة رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، السلوفيني ألكسندر تشيفرين، تقديرًا لإنجازاته النموذجية داخل وخارج المستطيل الأخضر.
جائزة تقديرية لمسيرة حافلة
جاء تكريم إبراهيموفيتش بهذه الجائزة المرموقة ليؤكد مكانته كأحد أبرز اللاعبين الذين أثروا اللعبة على مر العصور. هذه الجائزة، التي تُمنح سنويًا للنجوم الذين تركوا بصمة واضحة في عالم كرة القدم، ذهبت في الموسم الماضي إلى النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ما يضع إبراهيموفيتش في مصاف العظماء. حضوره في حفل القرعة إلى جانب أساطير أخرى مثل البرازيلي كاكا، أضفى على الحدث طابعًا خاصًا، مؤكدًا على أهمية تكريم اللاعبين الكبار الذين قدموا الكثير للبطولة ولعبة كرة القدم. لم يقتصر دور السلطان على تسلم الجائزة والمشاركة في سحب القرعة، بل كان له حضور بارز في فيديو قصير عُرض في بداية الحفل، ظهر فيه إلى جانب النجم البرتغالي السابق لويس فيغو، ورئيس اليويفا تشيفرين، ونائب الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم جورجيو ماركيتي. هذا الفيلم القصير سلط الضوء على التغييرات الجديدة في نظام البطولة، ما يؤكد على الدور المحوري الذي لعبه إبراهيموفيتش حتى بعد اعتزاله في الترويج لكرة القدم وتطورها.

من شوارع السويد الفقيرة إلى قمة المجد الكروي: قصة صمود وإرادة
خلف الأضواء البراقة والتتويجات الكبرى، تكمن قصة ملهمة لزلاتان إبراهيموفيتش، قصة صمود وإرادة صلبة حولت طفلًا نشأ في بيئة فقيرة مليئة بالتحديات إلى واحد من أفضل المهاجمين في تاريخ كرة القدم الحديثة. وُلد إبراهيموفيتش في السويد عام 1981، لعائلة مهاجرة من البوسنة وكرواتيا. نشأ في بيئة قاسية، حيث لم تكن أسرته قادرة على تلبية احتياجاته الأساسية، وعملت والدته لساعات طويلة لتأمين لقمة العيش، بينما كان والده غائبًا عن حياته اليومية. في تلك المرحلة، بدا حلم الفتى اليافع بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف بعيد المنال. الفقر المدقع دفعه إلى سلوكيات غير تقليدية، حيث كان يسرق الدراجات ليتمكن من الذهاب إلى التدريبات والمباريات. يقول إبراهيموفيتش في كتابه “أنا زلاتان”: “كنت أفتح القفل وبعدها تُصبح الدراجة ملكي، كنت متميزًا للغاية في الأمر، أصبحت سارق دراجات وكنت الأفضل”. كانت هذه السرقات، كما يصفها، نوعًا من الانتقام لما شعر به بعد أن سُرقت دراجته الخاصة. لكن هذه البداية الصعبة لم توقف عزيمة السلطان. على الرغم من المعاناة، قرر المضي قدمًا في تحقيق حلمه، فموهبته كانت واضحة منذ الصغر. التحق بنادي مالمو السويدي، وكان على وشك ترك كرة القدم في سن مبكرة للعمل في الميناء لمساعدة أسرته، لكن إيمان مدربه بقدراته أقنعه بالبقاء، ليخطو أولى خطواته نحو مسيرة احترافية فريدة.
رحلة الأندية الكبرى: إنجازات وأرقام قياسية
انطلق إبراهيموفيتش في رحلة كروية طويلة عبر أعرق الأندية الأوروبية. بدأ مسيرته الاحترافية مع أياكس أمستردام الهولندي، ثم انتقل إلى عمالقة مثل يوفنتوس وإنتر ميلان وبرشلونة وميلان وباريس سان جيرمان ومانشستر يونايتد. في كل نادٍ، أظهر إبراهيموفيتش إمكانياته الاستثنائية، محققًا أرقامًا مذهلة، ومثبتًا للجميع أن “سرقته للدراجات” لم تكن سوى بداية رحلة مليئة بالإنجازات. خلال مسيرته الاحترافية، سجل إبرا أكثر من 500 هدف، وحقق العديد من الأرقام القياسية التي تجعله واحدًا من أفضل اللاعبين في التاريخ. فاز ببطولات الدوري في كل من هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، مما يؤكد قدرته على التأقلم والنجاح في مختلف الدوريات الأوروبية الكبرى. كما حصد العديد من الألقاب الفردية، منها جائزة أفضل لاعب في السويد عدة مرات، وجائزة الكرة الذهبية السويدية، وجائزة أفضل رياضي سويدي عامي 2007 و2010. كانت رحلة إبراهيموفيتش مليئة بالتحديات، من الإصابات إلى الانتقادات، لكنه تجاوزها جميعًا بفضل عزيمته وقوته الذهنية. مع كل هدف سجله وكل لقب فاز به، أثبت أن الإرادة القوية يمكن أن تتغلب على أي صعوبة. لقد تحول من طفل نشأ في حي فقير في السويد إلى لاعب عالمي يُعد من أفضل مهاجمي كرة القدم في تاريخ اللعبة، وقصة تتويجه بجائزة رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هي خير دليل على أن الأحلام، مهما بدت بعيدة، يمكن أن تتحقق بالإصرار والمثابرة.