المغرب بطلاً للعالم للشباب في إنجاز تاريخي غير مسبوق

في ليلة كروية ستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال، كتب المنتخب المغربي للشباب تحت 20 عاماً فصلاً جديداً من أمجاد كرة القدم العربية والإفريقية، متوجاً بلقب كأس العالم للشباب 2025 بعد فوز مستحق ومثير على نظيره الأرجنتيني بهدفين دون رد. الإنجاز الذي تحقق على أرض ملعب ناسيونال خوليو مارتينيز برادانوس بالعاصمة التشيلية سانتياغو صباح الاثنين، لم يكن مجرد فوز في مباراة، بل كان تتويجاً لمسيرة أبطال وإعلاناً عن ميلاد جيل ذهبي جديد.
ملحمة سانتياغو: هدفان تاريخيان يكسران عناد الأرجنتين
لم ينتظر أشبال الأطلس طويلاً ليفرضوا سيطرتهم على مجريات اللقاء النهائي. ففي الدقيقة 12، أطلق المهاجم المتألق ياسر الزبيري، نجم فاماليكاو البرتغالي، العنان لفرحة الجماهير المغربية بهدف أول أربك حسابات التانغو. ولم يكتفِ الزبيري بذلك، بل عاد ليؤكد علو كعب المنتخب المغربي بهدف ثانٍ في الدقيقة 29، ليضع المغرب في المقدمة بهدفين نظيفين قبل نهاية الشوط الأول. أداء منظم ومتماسك، وروح قتالية عالية، كانت هي السمة الأبرز للمنتخب المغربي الذي نجح في إغلاق كل المنافذ أمام هجمات الأرجنتين، ليحرمها من تعزيز رقمها القياسي بلقب سابع طالما سعت إليه.
ياسر الزبيري: مهندس الفرحة وهداف البطولة بامتياز
بأهدافه الحاسمة في المباراة النهائية، رفع ياسر الزبيري رصيده إلى خمسة أهداف في البطولة، ليتربع على صدارة لائحة الهدافين مشاركة مع الأمريكي بنجامين كريماشي والكولومبي نيسير فياريال والفرنسي لوكا ميشال. الزبيري لم يكن مجرد هداف، بل كان دينامو هجومياً أرهق دفاعات الخصوم بمهاراته وسرعته، ليثبت أنه أحد أبرز المواهب الصاعدة في سماء كرة القدم العالمية، ومهندس الفرحة المغربية في هذا المونديال الاستثنائي.
طريق الأبطال: عمالقة سقطوا أمام إرادة الأشبال

لم يكن طريق المغرب نحو المجد مفروشاً بالورود، بل كان مليئاً بالتحديات التي أثبت فيها الأشبال أنهم على قدر المسؤولية. فبعد أن كانت أفضل نتيجة للمغرب في تاريخ المونديال هي الوصول إلى نصف النهائي عام 2005، تجاوز هذا الجيل كل التوقعات. أضاف المغرب الأرجنتين إلى قائمة ضحاياه من العيار الثقيل التي أطاح بها في هذه البطولة، بعد أن أسقط إسبانيا بطلة عام 1999، والبرازيل ثاني أكثر المنتخبات تتويجاً باللقب (خمس مرات) في دور المجموعات. ولم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل واصل الأشبال إبهار العالم بإقصاء كوريا الجنوبية في ثمن النهائي، والولايات المتحدة في ربع النهائي، ثم فرنسا بطلة 2013 في دور الأربعة، ليؤكدوا أن هذا اللقب لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج عمل دؤوب وإرادة لا تلين.
تتويج ينتظره التاريخ: أول لقب عالمي يزين خزائن المغرب
هذا التتويج ليس مجرد لقب، بل هو لحظة تاريخية فارقة لكرة القدم المغربية. فبعد سنوات من العمل على تطوير الفئات السنية، يأتي هذا الإنجاز ليؤكد أن الاستثمار في الشباب هو مفتاح النجاح. يصبح المغرب بذلك ثاني منتخب أفريقي يحرز لقب كأس العالم للشباب بعد غانا عام 2009، ويؤكد أن الكرة الأفريقية قادرة على المنافسة بقوة في أعلى المستويات العالمية، وأنها لم تعد مجرد مشارك، بل منافس شرس على الألقاب.
المغرب ينتفض فرحاً… والعالم يشهد على ميلاد نجم جديد
لم تقتصر الاحتفالات على أرض الملعب في سانتياغو، بل امتدت لتشمل كل ربوع المملكة المغربية. ففي فاس والدار البيضاء والرباط ومدن أخرى، خرج الآلاف إلى الشوارع في مسيرات عفوية، حاملين الأعلام الوطنية ومرددين شعارات الفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز غير المسبوق. ولم يمر الفوز المغربي مرور الكرام في الصحافة العالمية، خاصة الأرجنتينية، حيث وصفت صحيفة لا ناسيون الفوز بأنه تاريخي، وأشارت صحيفة كلارين إلى أن المغرب تفوق بـحسم واضح، في حين اعتبرت انفوبيا أن الأرجنتين سقطت أمام منتخب مغربي منظم وفعّال. شهادات تؤكد أن العالم أجمع قد شهد على ميلاد نجم جديد في سماء كرة القدم.
كرة القدم المغربية: مسار تصاعدي يؤكد ريادة القارة
يُعد هذا اللقب العالمي تتويجاً لمسار تصاعدي لكرة القدم المغربية، التي أثبتت حضورها القوي في مختلف الفئات السنية. يأتي هذا الإنجاز ليُضاف إلى الإنجازات الأخيرة للمنتخب الأول في كأس العالم 2022، حيث وصل إلى نصف النهائي في سابقة تاريخية. هذه النجاحات المتتالية تؤكد أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كقوة كروية رائدة في القارة الأفريقية والعالم، وأن المستقبل يحمل في طياته المزيد من الإنجازات والألقاب لـأسود الأطلس بكل فئاتهم.