الجزائر تحجز مقعدها في مونديال 2026

في إنجاز كروي جديد يضاف إلى سجلها الحافل، ضمنت الجزائر تأهلها إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرة الخامسة في تاريخها، وذلك بعد فوزها المستحق على الصومال بثلاثة أهداف نظيفة. هذا التأهل، الذي جاء قبل جولة واحدة من ختام التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال 2026، يفتح الباب أمام محاربي الصحراء لكتابة فصل جديد في تاريخهم الكروي.
انتصار حاسم يؤمن العبور
في ليلة كروية تاريخية شهدها ملعب ميلود هدفي بوهران، حسم المنتخب الجزائري تأهله المستحق إلى نهائيات كأس العالم 2026، محققاً فوزاً صريحاً بثلاثة أهداف نظيفة على ضيفه الصومالي. أمام نحو 40 ألف متفرج، لم يمهل أصحاب الأرض ضيوفهم سوى ست دقائق لافتتاح التسجيل عبر محمد عمورة، مستفيداً من عرضية متقنة من القائد رياض محرز. لم يتوقف الضغط الجزائري، فبعد ثلاث عشرة دقيقة فقط، عاد رياض محرز ليؤكد علو كعب الخضر بتسجيله الهدف الثاني في الدقيقة 19، متابعاً عرضية فارس شايبي. وفي الشوط الثاني، عاد الثنائي محرز وعمورة ليصنعا الفارق من جديد، حيث أكمل عمورة ثلاثية الجزائر برأسية قوية في الدقيقة 58، ليختتم بذلك فصلاً جديداً من فصول التألق الجزائري.
رحلة محاربي الصحراء نحو المونديال
لم يكن التأهل مجرد نتيجة مباراة واحدة، بل تتويجاً لمسيرة قوية خاضها محاربو الصحراء تحت قيادة المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش. فقد أظهر الفريق ثباتاً في الأداء طوال التصفيات، ليجمع 22 نقطة في المجموعة السابعة، متقدماً بفارق أربع نقاط عن أقرب مطارديه أوغندا، ما يؤكد جدارته واستحقاقه لبطاقة العبور. هذا الأداء القوي يعكس استقراراً فنياً وتكتيكياً، وقدرة على التعامل مع ضغوط التصفيات.
محرز وعمورة: ثنائي ذهبي يقود الجزائر

برز في هذه المباراة الحاسمة، وكما في كثير من محطات التصفيات، الدور المحوري للقائد رياض محرز. نجم الأهلي السعودي لم يكتفِ بتسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 19، بل كان مهندس الهدفين الآخرين بتمريرتين حاسمتين لمحمد عمورة، ليثبت أنه لا يزال محور الارتكاز في هجوم الخضر. من جانبه، واصل محمد عمورة تألقه اللافت، مسجلاً هدفيه الثامن في التصفيات خلال تسع مباريات، ليؤكد أنه لؤلؤة كروية صاعدة ومهاجم من طراز رفيع. هذا الثنائي شكل قوة ضاربة يصعب إيقافها، وكان له الفضل الأكبر في حسم التأهل.
تاريخ من المشاركات: بين الإنجازات والإخفاقات
لم يكن تأهل الجزائر للمرة الخامسة مجرد رقم، بل هو امتداد لتاريخ حافل باللحظات المضيئة والمحطات الصعبة. فبعد مشاركاتها في 1982، 1986، 2010، و2014، حيث كان أفضل إنجازاتها بلوغ ثمن النهائي في البرازيل 2014 والخسارة بصعوبة أمام ألمانيا (1-2 بعد التمديد)، يعود الخضر للمشهد العالمي. ويأتي هذا التأهل بمثابة رد اعتبار قوي بعد الإقصاء الدراماتيكي من تصفيات مونديال قطر 2022، الذي ترك غصة في قلوب الجماهير الجزائرية. هذه المرة، تمكن الفريق من تجاوز تلك الذكرى الأليمة، ليؤكد قدرته على النهوض من جديد. كما يذكر التاريخ مشاركة الجزائر الأولى في مونديال إسبانيا 1982، عندما حققت فوزاً تاريخياً على ألمانيا الغربية 2-1، قبل أن تخرج بطريقة جدلية من دور المجموعات.
تطلعات المونديال: هل يتجاوزون حاجز الثمن النهائي؟
مع تأمين بطاقة العبور، تتجه الأنظار الآن نحو مونديال 2026. فهل يتمكن محاربو الصحراء من تجاوز حاجز ثمن النهائي الذي وصلوا إليه في 2014؟ التشكيلة الحالية، التي تضم مزيجاً من الخبرة والشباب، تحت قيادة المدرب بيتكوفيتش، تبدو واعدة. وحتى على مقاعد الاحتياط، شهدت المباراة حضور الحارس لوكا زيدان، نجل الأسطورة الفرنسي زين الدين زيدان، ما يشير إلى عمق التشكيلة وتنوع الخيارات المتاحة للمدرب. التحدي الأكبر سيكون في الاستعداد الجيد وتطوير الأداء لمواجهة عمالقة كرة القدم العالمية، بهدف تحقيق إنجاز غير مسبوق للكرة الجزائرية.