أنطوان كوتون صانع العطور الجديد في دار روجا يقدّم رؤية عصرية لمستقبل العطور

استهلّت علامة روجا البريطانية للعطور الفاخرة عام 2025 موكلةً إلى أنطوان كوتون مهمّة مواصلة بناء رؤيتها المعاصرة والتعبير عنها تحت إشراف المؤسس روجا دوف. وتشكّل هذه الخطوة تأكيدًا على الرؤية المستقبلية لهذه العلامة التي منذ انطلاقها عام ٢٠١١، لم تُسمَّ أي صانع عطور لابتكار عطورها، سوى صانع العطور الرئيسي روجا دوف نفسه. وبالتالي يُمثّل انضمام صانع عطور جديد إلى إبداعات روجا المستقبلية خطوةً هامةً في تحديد الرؤية العصرية لهذه العلامة التجارية المرموقة. وقد كانت لمجلة رجال فرصة لقاء أنطوان كوتون الذي أطلعنا على مسيرته وخبراته، فضلاً عن فلسفته ورؤيته المستقبلية لمستقبل علامة روجا.
تهانينا على منصبك الجديد. هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن خلفيتك وكيف بدأت رحلتك في عالم العطور؟
شكرًا جزيلاً لك. وُلدتُ في غراس ونشأتُ في كابريس، مُحاطًا بإثارة صناعة العطور. دفعني فضولي في سن المراهقة إلى إستكشاف هذا العالم أكثر. من محاضرات الصناعة إلى زيارة المختبرات واستنشاق العطور، وقد ألهمني اثنان من صانعي العطور الشغوفين لمتابعة هذه المهنة.
درستُ في المدرسة العليا للعطور في باريس، وبعد تدريبات عدّة، بدأتُ رحلتي كصانع عطور مبتدئ في أرجفيل، تحت إشراف صانعي عطور كبار. والآن، يسعدني الانضمام إلى روجا – إنه لشرف وامتياز حقيقيان.
ما الذي قادك إلى روجا لندن، وكيف تصف انسجامك الإبداعي مع رؤية الدار وفلسفتها؟
في أحد الأيام، تواصل معي روجا دوف وأوضح لي رغبته في التعاون مع الجيل الجديد من صانعي العطور للعمل على إصداراته المقبلة. كانت فرصة رائعة وفريدة للغاية لي لأبدأ خطواتي الأولى كصانع عطور شاب، وأنغمس في عالم روجا لندن، وأبذل قصارى جهدي لابتكار عطور مستوحاة من رؤية العلامة التجارية وهويتها.
ينبع تعاوني الإبداعي مع روجا من شغفنا المشترك بالتميّز والابتكار. تتوافق رؤية روجا في ابتكار عطور فاخرة وخالدة تروي قصة، مع فلسفتي الخاصة، ونؤمن كلينا بقوة العطر في إثارة المشاعر وخلق تجارب لا تُنسى.
يتيح لي تعاوننا استكشاف آفاق إبداعية جديدة دون أية قيود، وهو أمر رائع أن أتمكن من التعبير عن رؤيتي للعطور من منظور جديد ونهج جريء، مع احترام العمل وهوية العلامة التجارية ومعاييرها العالية.

هل كانت هناك لحظة فارقة في مسيرتك المهنية شكّلت هويتك كصانع عطور؟
من الواضح أن هذه التجربة مع روجا هي ما أفكر فيه. إنها مغامرة حافلة بالتحفيز، أتعلّم منها الكثير على الصعيدين الشخصي والمهني.
تتطوّر طريقتي في الصياغة، وتزداد حدّة، وتتضح أفكاري، وتولد بعض التراكيب العطرية، وتثبت نفسها بشكل متزايد في خضّم التجارب.
أما هويتي، فهي في طور البناء، وستثبت نفسها مع مرور تجاربي المختلفة.
بصفتك صانع عطور في روجا لندن، تحت إشراف روجا دوف، كيف توازن بين الابتكار وتراث العلامة التجارية العريق وهويتها الفاخرة؟
إنه سؤال وجيه، عليك أن تعود خطوة إلى الوراء وتحلل بعمق جوهر العلامة التجارية، وهويتها التي تجعلها فريدة، وعملائها، وقيّمها، وقوتها.
أن تكون صانع عطور لعلامة تجارية يعني استيعاب هذه المعلومات، ولكن أيضًا معرفة كيفية تطوّر السوق. خلال مرحلة التطوير، أطرح على نفسي أسئلة مختلفة لتقييم مدى استيفاء المعايير. إن لم يكن كذلك، فأواصل العمل عليه.
كيف تُترجم المفاهيم المجرّدة، كالغريزة والطبيعة والمكان، إلى تجارب شمية؟
تتطلب ترجمة المفاهيم المجرّدة إلى تجارب شمية، مزيجًا من البراعة الفنية والحدس والمهارة التقنية. عند العمل على أفكار كالغريزة والطبيعة والمكان، أبدأ بالانغماس في جوهر المفهوم، كاستكشاف حسي يساعدني على بناء لوحة ذهنية من العطور تثير المشاعر والذكريات المرغوبة.
بعد ذلك، أُترجم هذه الانطباعات الحسية إلى تركيبة عطرية. يتضمن ذلك اختيار نوتات وتناغمات محدّدة تجسّد جوهر المفهوم.
أما الخطوة الأخيرة فهي الصقل، إذ أوازن النوتات وأمزجها لإبتكار عطر متناغم ومثير. هذه العملية متكرّرة، وتتطلب تعديلًا واختبارًا مُستمرين لضمان أن يُجسّد العطر المفهوم التجريدي حقًا.
يُوصف عطر Apex Eau Intense بأنه احتفاءٌ بصلتنا الأصيلة بالطبيعة. ما الذي ألهم هذه النسخة المُكثّفة من عطر Apex الأصلي لعام ٢٠٢٢؟ هل يمكنكِ شرح العملية الإبداعية لبناء تركيبة Apex Eau Intense، من الفكرة الأولى إلى الصياغة النهائية؟

كانت الفكرة هي تجسيد جوهر معنى Eau Intense وما يمكن أن يعنيه – ثم كيفية نقله إلى عالم Apex الأصلي من خلال نهج مبتكر.
أردت شيئًا فريدًا ومتفرّدًا، له تأثير دائم يعكس قوة النباتات والطبيعة – شيئًا ما يتعلق بالانتعاش الشديد، مصمّم حول عطر غنيّ رجوليّ وأنيق. خطرت لي فكرة ظاهرة قوية تُسمى التمثيل الضوئي.
فبدأتُ العمل عليها، مصوّرًا مشهدًا طبيعيًا غامضًا عبر غابة برية حيث تتناغم النباتات الخضراء والأوراق العطرية. تمامًا مثل عطر Eau Intense الجديد والأنيق والمتألق.
يُفتتح العطر بنفحة خضراء زاهية وحمضية قبل أن يكشف عن قاعدة مسكية وحيوانية. كيف تعاملتَ مع هذه التناقضات لاستحضار مفهوم “الغريزة الداخلية”؟
في الواقع، بالإضافة إلى ابتكار عطر بسيط، كانت الفكرة أيضًا أن يكون هناك جوّ خاص أشبه بهالة عطرية ذات عالم عطري قويٍ وواضح المعالم، يسمح لكلِّ شخص بالتعرّف على نفسه في تجربة حسية عميقة وآسرة.
مزيج الكلوروفيل وأكسيد الورد خياران غير تقليديين، ما الذي جذبك إلى هذه المكونات، وكيف يُشكّلان طابع العطر؟
مزيج الكلوروفيل النعناعي هو العنصر الرئيسي، فهو يثير شعورًا بالانتعاش، بالإضافة إلى الملمس، ويشير إلى عطور رجولية راقية ونظيفة.
من جهة أخرى أكسيد الورد جزيء، وأجده مثيرًا للاهتمام للغاية، وهو جزيءء عزيز على عالم العطور. إنه مثير للاهتمام للغاية، لتأثيره الأخضر المعدني والوردي، الذي يُضفي طابعًا عموديًا عميقًا يسمح لهذه النوتات العطرية بالتعبير عن نفسها بشكل أكبر، تاركة أثرًا واضحًا.

عند ابتكار عطر Apex Eau Intense هل قصدت استحضار حالة ذهنية أو طاقة معيّنة؟
بالتأكيد، الفكرة كانت إطلاق العنان لطاقتك الكامنة، وأن تكون على سجيتك، وأن تتحدّى الجرأة.
يعد عطر Isola Verde من يستخدمه بنقله إلى جنة خضراء خلاّبة. ما الذي ألهم ابتكاره، وكيف يختلف عن غيره من العطور المنعشة أو المائية في عالم روجا؟
مجموعة إيزولا هي دعوة للانطلاق، واحتضان الرفاهية، والسفر – إنها لحظة عابرة خارج الزمان والمكان، حيث تُحفّز جميع الحواس.
Isola Verde هو الوجهة الجديدة التي تخيلتها، تقع في قلب منطقة استوائية، مغمورة بأشعة الشمس، ومحاطة بالطبيعة.
في هذا العطر، أردت تصوير جزيرة تختلط فيها باقة زهور ملونة من الماغنوليا والأوسمانثوس مع فواكه استوائية طازجة مثل الغوافة، ودرجات خفيفة من التبغ كرائحة الأبنوس. يتميّز هذا العطر بعالمه الحسي الفريد وطابعه الإستوائي المميّز الذي يجسّد مجموعة العطور.
كيف توازن بين الانتعاش والتعقيد عند ابتكار عطر مثل Isola Verde ، الذي يوحي بالهروب من الواقع، ولكنه في الوقت نفسه يتميّز بالفخامة والتعدّد في الطبقات؟
دُرست عملية التوازن بين مختلف مكونات العطر دراسة مستفيضة لتحقيق شعور متوازن بأداء مميّز بين الانتشار والثبات.
لكل عنصر من عناصر العطر طابع خاص به: من الرائحة الزهرية الآسرة للغاية، الى الغوافة الفاكهية الغريبة، واليوسفي والكليمنتين الحمضي العصير، والتبغ الخشبي الساحر، والمسك الذي يُضفي عمقًا مُنعشًا. وتُضفي جودة وكمية المكونات الطبيعية لمسةً جماليةً رائعةً وتتناغم بشكل رائع.
الآن وقد انضممت إلى روجا لندن، ما هي المواضيع أو الاتجاهات التي تُتحمّس لاستكشافها في إبداعاتك المقبلة؟
أُفكّر مليًا، وتتبادر إلى ذهني العديد من الأفكار نظرًا إلى إتساع نطاق الاحتمالات. أولها عطر برائحة اللبان والجلد والمسك، وهو عطر فريد من حيث طابعه وانتشاره وثباته – الفكرة هي أن يكون مُحسّنًا.
كيف ترى دور سرد القصص في تطور صناعة العطور المتخصّصة اليوم، وكيف يُدمج السرد في العطر؟
برأيي، سرد القصص هام جدًا لأنه يمثّل تاريخ العلامة، فلا إبداع بلا اسم، بلا زجاجة، بلا قصة، وهذا يسمح للعميل بالانغماس في عالم المنتج. وكأي عمل فني، ينقل العطر رسالةً، ويفكّ رموزًا، ويسمح للجميع بالتعبير عن هويتهم شخصيتهم.