من القمم البركانية الى الصحاري الكبرى
المغامر الكويتي يوسف الرفاعي
«مع كل رحلة إستطلاعية يتّسع فهمي للتحدّيات
التي تواجهها المجتمعات المحلية بسبب التغيّرات البيئية»

Cover Star: Yousef Al Refaie
Creative Director & Stylist: Sarah Keyrouz
Photographer: Daniel Asater
Hair & Make Up Artist: Jean Keyrouz

BOSS sweater and pants
Tods shoes

Calvin Klein suit
Studio Nicholson tee-shirt
Malone shoes
برأيك ما هو الوقت المتوقّع لإنجاز مهمّة اجتياز أكبر الصحاري فـي كل قارة؟
إذا جرت كل الترتيبات وفقاً للخطّة التي وضعتها، سأنتهي من التّحدي خلال خمس سنوات. ولكن يجب الأخذ بالاعتبار، أن الأمور تتغيّر أقليمياً فـي تلك المناطق، فبعض الصحاري تقع فـي حدود دول فـيها صراعات وأزمات اقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى العصابات فـي البعض الآخر. فعندما نتحدّث عن الصحارى عامةً، فنحن نتحدّث عن آلاف الأميال التي يصعب احتواؤها أمنياً. فعادةً ما يتطلّب الأمر العديد من الأذونات والتصاريح لكي يسمح لي بالدخول. على سبيل المثال، كان من المفترض أن أعبر صحراء جوبي فـي الصيف الماضي، ولكن بعد مراسلات عديدة لم أحصل على رد قاطع بشأن محاذاتي للحدود الصينية المنغولية، ما دفعني إلى المحاولة فـي صحراء فكتوريا الكبرى فـي أستراليا. ولكن مع الأسف، تطلّب الموضوع عدّة تصاريح من جهات مختلفة، منها حكومية ومحميات وطنية، ومنها محلّية تتعلّق بالسكان المحلّيين، الذين لم يسمحوا لأحد بالعبور منذ جائحة كوڤـيد فـي عام ٢٠٢٠، ما دفعني إلى تأجيل المشروع حتى العام المقبل.أخبرنا أكثر عن المغامرة فـي قطع صحراء الربع الخالي، خاصة أنك اعتمدت خلالها خط سير جديدًا لم يسبق لأحد المرور به.
بدأت مغامرة عبور الربع الخالي كتحدٍّ، ولإشباع رغبتي فـي استكشاف الصحاري. ولكن على الرغم من أن الربع الخالي ليس واحداً من «الصحارى السبع» الشهيرة، إلاّ أنها تمثّل جزءاً لا يتجزأ من الصحراء العربية وتحظى بمكانة كونها أكبر صحراء متّصلة فـي العالم. كان الطموح فـي البداية هو اجتياز الربع الخالي من الشرق إلى الغرب برحلة استكشافـية فريدة، بدءًا من ساحل جازان وصولاً الى دبي. لكن بعد جهودٍ كبيرة وتواصل مستمر مع العديد من الجهات، اصطدمت ببعض التحدّيات التي جعلتني أعيد النظر فـي خطتي. لقد كان لزاماً عليّ الحصول على الموافقات الضرورية من كل إمارة على الجانب السعودي، وهذا الأمر كان مفهومًا نظراً للطبيعة الحساسة للأماكن التي كنت سأمرّ بها. لذلك، تقرّر إعادة توجيه الرحلة، بحيث تشمل الجانب العُماني من الربع الخالي، وذلك على خطى المستكشف البريطاني الشهير ويلفريد ثيسجر، المعروف أيضاً بلقب «مبارك بن لندن». بدأت المغامرة أنا وصديقي المخرج فـيصل الكرم، برفقة فريق محلّي من منطقة رملة جديلة، القريبة من الحدود اليمنية، وكنّا نقطع بمعدل ٢٠ كيلومتراً يومياً، علماً أنّنا كنّا نسير فـي أوقات محدّدة لتجنّب الحرّ الشديد وقت الظهيرة، فدرجات الحرارة كانت تصل إلى ٤٠ درجة مئوية، لتنخفض فـي المساء الى ١٥ درجة مئوية. ورغم حرصنا على التخطيط الجيّد للرحلة، خاصةً وأنها تمّت فـي شهر ديسمبر، إلاّ ان الصحراء كانت تفرض تحدّياتها الخاصة فـي كل وقت. كان الهدف من الرحلة، استكشاف كيف يتأقلم أهل الصحراء مع بيئتهم، ولماذا يصرّون على البقاء هناك، بالرغم من الاغراءات التي تقدّمها المناطق الحضرية، كما أردت أن أتعلّم من طرقهم وما يحرّكهم للإمساك بزمام حياتهم فـي تلك المناطق القاحلة. ومن زاوية أخرى، تمّ تسليط الضوء على الجانب البيئي وأهميته، حيث استعرض الفـيلم تأثير التكنولوجيا الحديثة على البيئة، وكيف يسعى أهل الصحراء إلى استغلال الجوانب الإيجابية لها، مثل الألواح الشمسية التي شاهدت انتشارها هناك. كما قابلت متخصّصين فـي الشؤون البيئية، لمناقشة تخضير الصحراء، والآراء العلمية المتعلّقة بهذا الطموح.
COSS puff jacket
ما هي الصحراء التي تعتبر أنها ستكون الأقسى والأصعب لاجتيازها؟
أنظرُ إلى كل الصحاري نظرة واحدة، فلا أقلّل من شأن أيٍّ منها. كلّها بيئاتٌ طاردة لمَن هو غريب عنها. السرّ فـي البقاء فـيها، هو التأقلم معها والتعلّم من سكانها، فهم من يعرفونها جيدًا وهم الذين خسروا الكثير كي يكونوا جزءاً منها. وبطبيعة الحال، كل صحراء سيكون لها تحدّ من نوع مختلف. صحراء شيواوا تعج بالمهرّبين وتجّار المخدرات، وصحراء غوبي موطن للدببة البرية. ولكن مما لا شكّ فـيه، أن القارة القطبية الجنوبية «أنتاركتيكا» هي الأكثر خطورةً ووحدةً، خصوصاً أنّني أريد أن أعبرها منفردًا دون مساعدة ودعم. فدرجات الحرارة المُنخفضة والتي تصل الى سالب ٤٠ درجة مئوية، والشقوق الجليدية التي يجب عليّ ان اتجنّبها، والاعتماد الكلّي على الذات لمدة شهرين، سيكون تحدّيًا لا مثيل له بالقسوة والصعوبة.
120% Lino suit
Studio Nicholson tee-shirt
Givenchy sneakers
لا زلت اليوم أصغر شخص يتسلّق القمم البركانية، أخبرنا أكثر عن هذه المغامرة التي انطلقت بها عام 2015 والتي تطلّبت ست سنوات لإنجازها. لماذا قرّرت الانطلاق بهذه المغامرة الكبيرة؟
فـي البداية، لم يكن تسلّق القمم البركانية فـي نيتي، إذ كنت أجهل وجودها. وكان ينصب تركيزي على تحقيق القمم السبع والتي تضم قمة جبل إيڤـيريست. لكن أثناء محاولتي تسلّق جبل أكونكاغوا، الذي يُعدُّ أعلى قمة فـي جبال الأنديز وايضاً فـي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، حالت الأقدار دون وصولي الى القمة. فأثناء الصعود، هبّت عاصفة استمرت عدة ايام، ما اضطرني للبقاء فـي خيمتي، عالقًا لمدة ثلاثة أيام. بعدما هدأت العاصفة، وانحسرت الرياح، كان لزامًا علينا النزول نظراً لانتهاء صلاحية التصريح الممنوح لنا لمدة عشرين يوماً فقط، وإلاّ واجهنا غرامة. شعوري بالإحباط كان شديداً عند وصولي إلى المخيم الرئيسي، وانا مثقل بالحزن لعدم تمكّني من إكمال الصعود، التقيت بفريق من المانيا كان يستعد لتسلّق القمة فـي الأيام المقبلة وخلال الحديث، ذكروا أنهم عائدون لتوهم من تشيلي، حيث تسلّقوا أوخوس ديل سالادو، ثاني أعلى قمة فـي الأنديز. ولفت انتباهي أحدهم حين اخبرني انها بركان نشط ويعتبر أعلى بركان فـي العالم. تلك المعلومة أثارت فضولي، فسألتهم عن مواقع القمم البركانية السبع. لم أكن قد سمعت بهذا التحدّي من قبل. فأخبرني احدأعضاء الفريق أن تحدّي القمم السبع الشهيرة، والذي يشمل قمة إيفرست، يُعدّ تحدّياً «سياحيّاً»، إذ إن أي شخض يمتلك المال يستطيع تسلّقها. وقد أكمل التحدّي ستمئة شخص، وعلى النقيض، اعتلى قمة إيفرست أكثر من ستة آلاف شخص. بينما فـي مقابل ذلك، لم يتمكّن سوى سبعة عشر شخصًا من إكمال تحدّي القمم البركانية السبع حتى تلك اللحظة. بدأت مغامرتي بالتفكير الجاد فـي تحدّي تسلّق القمم البركانية السبع، وكان لي الحظ بأنني سبق وأن وصلت الى قمّتين من هذه القمم، جبل كليمنجارو وجبل إلبروس، اللذين يعتبران جزءًا من مجموعة القمم البركانية السبع. وهكذا، بقي أمامي خمس قمم بركانية أخرى أسعى إلى تسلّقها. وقد استغرقت هذه المغامرة ست سنوات، بسبب التزاماتي الدراسية ومسؤولياتي الوظيفـية التي ألزمتني بتقسيم وقتي ومواردي. بالإضافة إلى ذلك كان تمويل هذه الرحلات يمثّل تحدّيًا لا يُستهان به، نظرًا للكلفة الباهظة المرتبطة بها. كل صعود كان محفوفًا بالمخاطر والجمال الطبيعي الذي لا مثيل له، ومع كل قمّة تمّ تسلّقها، كنت اشعر بزيادة فـي التصميم والإصرار. والآن، بعد أن أكملت تسلّق القمم البركانية السبع، أشعر بالفخر والإنجاز، ولكن بالأخص بالامتنان لكل الدروس والتجارب التي حصلت عليها خلال هذه الرحلة المذهلة، وقد كان الإنجاز الحقيقي كوني الأول عربياً والـ٤٢ على مستوى العالم ولكنه شيء ثانوي بالنسبة لي.
COS sweater and pants
Tod’s shoes
من الذي دعمك وشجعك خلال هذه الرحلة الطويلة، المتعبة.. المكلفة؟
لعبت عائلتي – والدتي ووالدي – دوراً حيوياً فـي دعمي منذ البداية، إذ كانا سندي حين كنت طالباً فـي السنة الأولى فـي الجامعة. كنت أقوم بالتوفـير من الإعانة الجامعية لتغطية نفقات السفر، بينما كان والدي يساهم فـي مصروفـي اليومي. ولا يفوتني كذلك ذكر دعم أصدقائي الذين كانوا الداعمين فـي كل خطوة أُقدم عليها، ومشجعين أحلامي وطموحاتي. فـي مجال الرعايات، استفدت من دعم عدد من الشركات التي شكّلت جزءاً من مسيرتي. فقد كنت شريكاً استراتيجياً لبيت التمويل الكويتي لمدة ست سنوات، وهو ما ساهم فـي تحقيق العديد من الإنجازات. وتعاونت ايضاً مع شركة أوريدو للاتصالات، ومع مقهى كوستا، ونادي سبارك الرياضي، وهي شراكات كان لها دورها المؤثّر. ومع ذلك، يبقى الدعم الأبرز والأكثر استدامة هو من «ايليفـيشن برجر». فهذه العلامة التجارية كانت معي فـي كل مشاريعي، مشاركة فـي رؤيتي وأهدافـي. إنها بمثابة جزء لا يتجزأ من مغامراتي، إذ إن دعمها كان متواصلاً لا ينضب. ما هي الرحلة الأجمل التي خضتها خلال هذه المغامرة؟ كل رحلة كنت أخوضها كانت تحمل دروسًا وعبرًا ثمينة، ولكن مغامرتي فـي تسلق أعلى بركان فـي قارة أوقيانوسيا (استراليا)، والذي يقع فـي دولة بابوا غينيا الجديدة، كانت استثنائية بحق. كانت تلك الدولة مجهولة بالنسبة لي قبل أن أقدم على زيارتها، وقد استغرق التخطيط لهذه المهمة عاماً كاملاً، نظرًا للتحدّيات الأمنية الشديدة فـي المنطقة. لقد فشلت أربعة فرق فـي الوصول إلى البركان على مدى السنوات الأربع الماضية، ويعود ذلك جزئياً الى عزلة المكان الشديدة. استغرقت الرحلة لصعود جبل غيلوي فـي بابوا غينيا الجديدة ثمانية أيام مليئة بالتحدّيات، حيث قضينا معظم الوقت فـي الغابة، المطيرة الكثيفة التي تهيمن عليها الأصوات المتنوّعة. تتلاشى تلك الأصوات مع مغيب الشمس، إذ تستسلم القرود والعصافـير لنومها العميق. على الرغم من أن ارتفاع الجبل البالغ ٤,٨٦٣ مترًا، لا يجعل التسلّق بالغ الصعوبة، إلاّ أن الأمطار الغزيرة والرطوبة العالية، جعلت الصخور زلقة للغاية.أخبرنا أكثر عن صعوبات تسلّق جبل Mount Sidley فـي أنتارتاكيا، خاصة وأنّ هذا الجبل ليس جزءاً من أي بلد، وبالتالي لا يوجد أي دعم لوجستي يمكن الاعتماد عليه.
لفهم صعوبات جبل سيدلي، لابد أن أتحدث عن موقعه الجغرافـي، حيث يقع جبل سيدلي فـي القارة القطبية الجنوبية وتحديداً أرض ماري بيرد، وبسبب موقعها النائي حتى بمقاييس المنطقة القطبية الجنوبية، لم تطالب بها أي دولة ذات سيادة. حيث تبلغ مساحاتها ١,٦١٠,٠٠٠ كلم2 وهي أكبر منطقة لم يطالب بها أحد على وجه الأرض. سُميت على اسم زوجة ضابط البحرية الأميركية ريتشارد إي بيرد، الذي استكشف المنطقة فـي أوائل القرن العشرين. التسلّق كان سهلاً نسبيًا، لأن ارتفاع جبل سيدلي لا يتجاوز 4285 مترًا، غير أن البرودة الشديدة شكّلت التحدّي الأساسي. كان علينا حمل جميع معداتنا، موزعةً ما بين حقيبة الظهر بوزن 15 كلغ تقريبًا، والمزلجة بوزن 25 كلغ، يتمّ سحبها وهي مربوطة بالحقيبة. أنشأنا المخيم الرئيسي على ارتفاع 2225 مترًا فوق سطح البحر، حيث اعتدنا على الارتفاع قبل التوجّه إلى المخيم التالي على ارتفاع 3000 متر، ومنه انطلقنا لتسلّق القمة. فـي اليوم المحدّد للوصول الى القمّة، بدأنا الصعود فـي الثامنة صباحًا، وكانت درجة الحرارة -25 مئوية- بالمجهود والحركة، بدأت اشعر بالدفء حتى أصبحت أنزع سترتي لأشعر بالراحة أكثر. استغرقنا سبع ساعات لبلوغ القمة. وعند الوصول إلى القمة، شعرت بفخر عظيم لكوني من القلائل الذين وقفوا على قمة هذا الجبل. وقد أصبحت الشخص الـ24 عالمياً الذي يتسلّق الجبل، ولم يسبقني إليه أي عربي أو أي شخص من الشرق الأوسط، وبهذا يسجّل هذا الإنجاز التاريخي باسم الكويت، ويُضاف إلى ذلك أنني أصبحت الأصغر عالميًا بتحقيق هذا الإنجاز.
BOSS jacket
BOSS pants
Malone shoes

Auralee sweater
BOSS sleeveless knitwear
Vallon sunglasses