رائدة فـي عالم السينما السعودية رؤى المدني «السينما السعودية ستأخذ مكانها قريباً وبسرعة»
بشغف كبير تجاه الفنّ والسينما وبطاقة إيجابية مُعدية، ترسم رؤى المدني حاضر ومستقبل السينما فـي السعودية من خلال عملها، إن مع الحكومة السعودية ضمن برامج تستهدف تنمية المواهب الشابة أم من خلال مجموعة شركاتها الخاصة Arabia Pictures التي يتضمن عملها إنتاج وتوزيع الأفلام العربية عموماً والسعودية خصوصاً.
دون أدنى شكّ تمثل رؤى المدني صورة المرأة السعودية المعاصرة المتعدّدة المواهب والتي تعرف كيف توازن بين الإبداع الفني والعقل الإداري، لتشقّ طريقها الى تحقيق أحلامها.
الفن لم يكن خياراً سهلاً
عند انتهائها من المرحلة الثانوية أرادت رؤى دراسة الفن ولكن حينها لم يكن هناك جامعة فـي السعودية متخصّصة بالفن، بل كان هناك قسم خاص بالفن ضمن كلية الاقتصاد المنزلي، وبطبيعة الحال لم توافق عائلتها على أن تتخصّص فـي الاقتصاد المنزلي. فتوجهت الى جامعة السوربون فـي باريس حيث درست المسرح لسنة واحدة وعادت الى السعودية حيث التحقت بجامعة الملك عبد العزيز فـي كلية العلوم الاجتماعية. ولكنّ حبّها للفن لم يفارقها وكانت تفكر دائماً بكيفـية توظيف موهبتها الفنية ولكن الفكرة لم تكن واضحة لديها.
فـي العام 2002 بدأ فن الإعلانات بالظهور بقوة فـي السعودية، فدخلت هذا المجال فـي البداية مع شركة «بروباغاندا» ثم عملت مع شركة «فول ستوب».
هكذا دخلت مجال الميديا والإنتاج، وبما أنه فـي ذلك الحين كان كل شخص يقوم وحده بكل شيء من ابتكار الفكرة الى إخراجها وبلورتها، كسبت رؤى خبرة واسعة.
فـي 2008 افتتحت شركتها «بانوراما» التي أصبحت اليوم واحدة من أكبر شركات إدارة الفعاليات فـي الخليج العربي.
وبين عامي 2012 و2013 عملت فـي أم بي سي، كمسؤولة عن الراديو والموسيقى واستمرّت معهم حوالي الأربع سنوات. ثمّ عملت مع حكومة دبي لسنتين كمسؤولة للإبداع والمشاريع الجديدة.
بعدها عادت الى السعودية حيث عملت لسنة كمديرة تنفـيذية فـي «صدى» وهي من أكبر شركات الإنتاج التابعة لـأم بي سي فـي السعودية.
وخلال كلّ هذه الفترة لم تتوقف عن العمل طبعاً فـي شركتها التي أسّستها، وفـي منتصف العام 2019 اقترح عليها شريكها عبد الاله الأحمدي دمج شركاتهما سوياً، وهكذا كان، فدمجت شركة الاعلانات مع شركة تنظيم والفعاليات وشركة الانتاج وشركة التكنولوجيا فـي شركة واحدة «Arabia Pictures» بعد ذلك فـي 2020 إنضمت الى المجموعة شركة لتطوير المواهب وشركة لتوزيع الأفلام وشركة «اشترينا» لتوزيع الموسيقى وقد باتت المجموعة اليوم تضم 7 شركات.
للتعرّف أكثر على رؤى المدني الشريك المؤسس و الرئيس التنفـيذي لمجموعة الصور العربية للإنتاج، الحاصلة على جوائز فـي مجال الإنتاج السينمائي و الاعلامي كان لنا لقاء خاص معها أخبرتنا خلاله بكلّ شفافـية عن أعمالها وطموحاتها.
نلاحظ أنّ عملك كان يتركّز فـي مجال الابتكار والاعلان لماذا قرّرت التوجّه الى عالم السينما؟
فـي الحقيقة عملي منذ البداية أكثر تنوّعاً من مجال الإعلان إذ عملت فـي مجال الدراما وقد أنتجت الكثير من المسلسلات وعندما فتح سوق الأفلام فـي السعودية دخلت هذا المجال، وفـي عام 2016 أنتجنا فـيلماً سعودياً بعنوان: «One day in the Haram»
وهو فـيلم وثائقي سافر الى كلّ أنحاء العالم كما اشتركت فـي إنتاج الكثير من الأفلام المصرية كلّ هذه الخبرة دعمت دخولي اليوم بقوة الى عالم الانتاج السينمائي. وأنا أحب الكتابة والانتاج وأنا حالياً فـي صدد كتابة عملين كببيرين: فـيلم ومسلسل.
كرّمت أخيراً فـي مهرجان مالمو للسينما العربية الذي يقام فـي السويد لدورك فـي دعم السينما فـي السعودية وإنتاج الأفلام العربية وتوزيعها فـي العالم العربي. كما ورد اسمك ضمن لائحة الأكثر تأثيراً فـي السينما العربية. حدثينا أكثر عن هذا التكريم.
فـي البداية لا بدّ من الإشارة الى أن شركتي «Arabia Picture» كانت من رعاة مهرجان مالمو للسينما العربية، كما أن فـيلم الختام الذي عُرض فـي نهاية المهرجان والذي حمل اللقب هو من أفلامنا وقد أنتجناه بالشراكة مع محمد حفظي.
كما أن فـيلم «قدحة» التونسي الفائز بجائزة أفضل سيناريو هو لنا، إذ اشترينا حقوق توزيعه.
أضف الى ذلك أنني أعتقد أن الاستاذ أحمد قبلاوي أراد أن يكرّمني لأنه رأى أنني أقدّم صورة مختلفة عن العادة، صورة امرأة تعمل فـي مجال الإنتاج فـي السعودية لأجل كلّ ذلك تمّ تكريمي فـي المهرجان.
ما هو دورك ودور شركتك اليوم فـي دعم السينما السعودية خصوصاً؟
نحن ندعم بقوة الصناعة السعودية لناحية تنمية المواهب وأنا أعمل مع هيئة الأفلام ضمن برنامج «صنّاع الأفلام» منذ ثلاث ويهدف البرنامج لتنمية المواهب السينمائية سواء للمخرجين، الممثلين، الكتّاب، والمنتجين من خلال تنظيم ورش عمل يقدّمها أفضل صنّاع السينما العربية.
ما الذي تستفـيدينه من عملك فـي دعم السينما؟ أو بالأحرى لماذا تعملين على دعم السينما السعودية؟
فـي الحقيقة لا أريد أن يحصل مع الأجيال القادمة ما حصل معي، أريد أن أضع أسساً حتى يتمكّن الموهوبون من التعلّم والعمل. فأنا لم تكن الطريق سهلة بالنسبة لي، تعلّمت بالطريقة الصعبة وواجهت الكثير من المشاكل ولكن لحسن الحظ كان لديّ الدعم من أهلي وهذا ما ساعدني على المتابعة. ولكن لا يملك الجميع هذه الرفاهية وهذا الدعم، لذا أريد أن أساند هؤلاء ليتمكنوا من إظهار مواهبهم وتوظيفها فـي الأماكن المناسبة.
كنت حاضرة فـي مهرجان «كان» ضمن الجناح السعودي. هل تتوقعين أن نرى قريباً أحد الأفلام السعودية يتنافس فـي المهرجان؟
أنا أؤمن أنّ السينما السعودية ستأخذ مكانها قريباً وبسرعة وأنا أتوقع ليس فـي مهرجان «كان» المقبل وإنما الذي سيليه ستنجح السعودية بإيصال أحد أفلامها.
أخبرينا قليلاً عن التحدّيات التي تواجهها صناعة السينما السعودية اليوم وعن رؤيتك لمستقبل هذا القطاع؟
فـي السعودية يوجد الكثير من المواهب ولكنها غير مكشوفة بسبب الظروف ولكن اليوم بات يمكننا إخراجها الى النور.
الحكومة فـي السعودية اليوم تدعم صناعة السينما وقد قدّمت الكثير ولكن اليوم بات دور شركات إنتاج القطاع الخاص.
بدأ العمل السينمائي الفعلي فـي السعودية منذ ثلاث سنوات فقط ونحن بالتالي نسابق الزمن وعلينا العمل بسرعة وبوتيرة عالية كي نعوّض ما فاتنا ونصل الى الطليعة ونحقق رؤية ملك السعودية.
ستستضيف السعودية قريباً مهرجان السينما الأوروبية أخبرينا أكثر عن هذا الحدث المميز. والاستعدادات اللوجستية لاستقباله؟
منذ سنتين تواصلت معي سفارة الاتحاد الأوروبي وأخبرتني عن رغبتها فـي إقامة مهرجان السينما الأوروبية فـي السعودية خاصة أن فكرة المهرجان تقوم على تنظيمه فـي مختلف البلدان فـي العالم لكنه لم ينظم بعد فـي السعودية. يومها أخذت على عاتقي مهمة تنفـيذ المشروع وهذا ما كان.
وقد أخذت المشروع الى مستوى آخر إذ نسّقت مع هيئة الأفلام و”جي كام” التي اهتمت بالتراخيص وعملت مع فريقي. . . والحمد الله المهرجان سيكون بين 15 و 22 من يونيو وسيعرض فـي صالات سينما vox فـيلمين أوروبيين كلّ يوم على أن يضم المهرجان بالمجمل 18 فـيلماً كما سيتخلّل المهرجان 4 جلسات حوار إحداها مع أحد العملين فـي صناعة الأفلام فـي فرنسا والأخرى مع شخص من إيطاليا والثالثة مع شخص من البرتغال والجلسة الرابعة ستكون مع صانع أفلام سعودي يعمل فـي ألمانيا.
أخبرينا عن فـيلم «القاهرة مكّة» الذي انتهى تصويره أخيراً، وما دور شركة الصور العربية فـيه ومتى نتوقع صدوره؟
هذا الفـيلم هو انتاج مشترك بين شركتنا وبين المنتج محمد حفظي. وقد أثار ضجة كبيرة قبل انهاء تصويره. اليوم انتهى تصويره أخيراً ودخل مرحلة ما بعد الإنتاج ونأمل أن يطرح فـي السينما خلال نهاية هذا العام وهناك أمل كبير فـي أن يُعرض قبل ذلك فـي مهرجان البحر الأحمر.
ما هي النصيحة التي توجهينها للذين يطمحون للعمل فـي مجال صناعة الأفلام فـي السعودية؟
دخول عالم الفن فـي السعودية لم يعد صعباً على العكس هناك تسهيلات كبيرة وقد عملت الحكومة كثيراً فـي هذا المجال إذ إنها منذ العام 2007 أرسلت بعثات للتعلم فـي الخارج وقد أرسلت أكثر من 40 ألف شخص لتعلّم الإخراج والانتاج فـي الخارج كما حرصت على تنظيم مسابقات وبرامج مصمّمة لدعم الشباب. أعتقد أن على الشباب اليوم أن يأخذوا هم زمام المبادرة ويبدأوا بالعمل.