أياد الريماوي موسيقى مرهفة أغنت اجمل المسلسلات
يعتبره معظم النقاد الفنيين من أكثر المؤلّفين الموسيقيين العرب موهبة، فهو الذي يمازج العناصر الموسيقية العربية والكلاسيكية المرهفة، مع أدوات نقر وعزف موسيقية حديثة، ليبتكر مقاطع فنية تعبّر عن مشاعره حيناً، وتضفي هوية فنية مميّزة على المسلسلات أحياناً، إنه الملحن السوري أياد الريماوي الذي لا يمكن ذكر إسمه دون تذكّر أغنية «وين ع رام الله» التي لحنها، علماً أنها من كتابة والده الشاعر محمد الريماوي.
صحيح أن إسم أياد الريماوي ليس كثير التردّد، ولكن ألحانه حاضرة دائماً في غالبية الأعمال الفنية العربية، وقد رافقتنا ألحانه خلال الموسم الرمضاني الأخير في خمسة أعمال فهو الذي لحن شارة مسلسل «أولاد آدم»، لم تكن الشارة بشكل أغنية، بل مقطوعة قصيرة متنوّعة النغم من تأليفه، إستعمل فيها آلة الجوزة، أي الكمنجة، وهي من الآلات الموسيقية الوترية التقليدية.
وكذلك هومن ألف موسيقى المقدمة وشارة النهاية لمسلسل «حرملك»، من ضمنها أنشودة «كيف لا يشدو المغني» للشيخ حامد داوود وفرقته.
كما قام بالتأليف والتوزيع الموسيقي لمسلسل «سوق الحرير»، وصنع شارة مقدمته لموسم شهر رمضان لهذا العام، وهو من غناء رانيا البسام وإخراج مؤمن الملا.
وقد إعتبر المقطع الغنائي للمسلسل أحد أفضل الشارات المستوحاة من التراث الشعبي السوري للفنان الراحل معن الدندشي.
كما ألف ووزّع الموسيقى التصويرية لمسلسل «العميد»، دون أن ننسى أنه كتب كلمات الشارة في مسلسل «ما فيي» الجزء الثاني ولحنها كما وضع الموسيقى التصويرية.
مسيرة طويلة في عالم الموسيقى التصويرية
إنطلقت مسيرة الريماوي في عالم الموسيقى التصويرية للمسلسلات في العام 1996 مع مسلسل يوميات «أبو عنتر» ومن أبرز المسلسلات التي قدّم موسيقاها التصويرية، أي موسيقى المسلسل وموسيقى شارة البداية، هي التالية:
«عربيات» عامي ٥٠٠٢ و٢٠٠٧.
«مرايا» من إخراج هشام شربتجي عام ٦٠٠٢.
«حارة ع الهوا» ومسلسل «ما فيي» عام ٨٠٠٢، وقد قام بوضع كلمات وألحان التيتر، بالإضافة الى التأليف والتوزيع الموسيقي.
وما زالت أغنية المسلسل بصوت نيرمن شوقي وبلال الجندي تلاقي نسبة إستماع واسعة.
«هوامير الصحراء» و«مغامرات طارق» و«طاش ما طاش» عام ٩٠٠٢.
و«بعد السقوط» و«رحلة المليون» و«الثمن الكبير» و«آخر المطاف» عام ٠١٠٢.
في العام 2014، كتب ولحن شارة مسلسل «الحقائب-ضبوا الشناتي»، التي شارك فيها كذلك بالغناء مع المغنية السورية الموهوبة كارمن توكمه جي المسلسل من إخراج الليث حجو، ويحاكي على الصعيد الوجداني مشكلة الهجرة واللجوء الإنساني في زمن الحرب في سوريا.
و«تشيللو» و«٤٢ قيراط» عام ٥١٠٢.
«يا ريت» و«سمرا» و«جريمة شغف» عام ٦١٠٢، كذلك لحن شارة المسلسل الرمضاني «الندم» الذي جاءت شارته «قلبي علينا» من غنائه مع «كارمن توكمه جي»، ومن كلمات وشعر عدنان العودة عام ٦١٠٢.
ومن أبرز المسلسلات التي عمل على موسيقاها في العام 2016 مسلسل «العراب-نادي الشرق»، وهو مستوحى في حبكته من الفيلم الأميركي الشهير الذي يحمل العنوان نفسه، وقام بتلحينه الفنان الإيطالي «نينو روتا».
وقد قيل حينها بأن موسيقى إياد الريماوي في «العراب»، توازي وتنافس موسيقى «نينو روتا»، خاصة وأن الريماوي نجح في محاكاة مواضيع ومشاعر السلطة والجاه والخوف والعائلة، التي تجذب إهتمام المشاهدين والمستمعين.
أما في العام 2017 فقد عمل على موسيقى الشارة لمسلسل «حجر جهنم»؛ كما ابتكر موسيقى مقدمة مسلسل «أوركيديا»، ولحن أغنية الشارة لمسلسل «شبابيك» عام ٧١٠٢، التي غنتها فايا يونان. كما ألف ووزع الموسيقى التصويرية لمسلسل «ثورة الفلاحين» عام 2018.
أما في عام 2019 فقد ساهم في موسيقى «سوق الدماء» و«بروفا» إضافة الى مسلسل مسافة «أمان»، شارته من كلمات وألحان وتوزيع إياد رماوي وقد شارك في غنائها الى جانب «لينا شماميان» عام ٩١٠٢. وبالرغم من الإعجاب العام الذي لاقته الشارة، فهي لم تلق إعجاب الشاعر السوري عدنان العودة. وخاطب من أسماه بـ«شريكه الرائع» أياد الريماوي قائلاً له، إنه من الأفضل أن يحجم عن تأليف كلمات اغاني، لأنها «مو شغلتك» كما قال، وأن يكتفي بالتلحين الذي هو إختصاصه الرئيسي.
يذكر في هذا السياق أن الريماوي تعاون مع «العودة» في أعمال فنية عديدة، في مجال الكتابة الشعرية والسيناريو والحوار، منها شارة «قلبي علينا» و«أغنية بياعة الزنبق».
شغف موسيقي
سبك أياد الريماوي المؤلف الموسيقي والملحن والمطرب المولود في دمشق بتاريخ ٢٢ يناير ٣٧٩١، التراث الشعبي السوري بتجديد من إبداعه وموسيقاه الساحرة.
أنهى دراسته الثانوية في مدرسة إبن خلدون العريقة، وتابع دراساته في الهندسة الميكانيكية في جامعة دمشق. وبصورة موازية، أنشأ فرقًا موسيقية عدّة، بأنماط موسيقية مختلفة ومتنوعة، بما يروي شغفه الفني.
والده هو الشاعر الفلسطيني محمد الريماوي من بلدة رام الله في فلسطين، عاش فترة من حياته في أوروبا الشرقية، ثم إستقر في دمشق.
بدأ العزف في الثانية عشرة من عمره، ولا سيما على الغيتار، وباشر بتأليف أغانيه وألحانه الخاصة عندما كان في الرابعة عشرة، كما إحترف العزف على العود والبيانو.
صرح في إحدى المناسبات بأنه تأثر بأعمال الموسيقي والمؤلف المصري الكبير عمار الشريعي والملحن المصري ياسر عبد الرحمن والفنان والملحن اللبناني زياد الرحباني.
«كلنا سوا» فرقة تعكس تطلعاته
أسس عام ٥٩٩١ فرقة «كلنا سوا» المرموقة مع مجموعة من خمسة أصدقاء، وقام بالدور الرئيسي في مجال التأليف والتلحين والتوزيع لأعمالها.
وقد أحيت الفرقة إعتبارًا من عام ٥١٠٢ حفلات في دمشق، ولا سيما في مسرح الأوبرا، ومن ثم في حلب واللاذقية عام ٧١٠٢، لاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً، وقامت بجولات عربية وعالمية محدودة.
يفتخر أنه رغم إنتماء أفراد فرقته إلى مدن سورية عدّة وطوائف وإتجاهات فكرية مختلفة، فقد إجتمعوا على المحبة والصداقة والأخوة والأهداف المشتركة. وإعتبر أن فرقة «كلنا سوا» هي نموذج لما يحلم بأن تكون عليه سوريا.
كما أسس إستديو تسجيل خاص به في العاصمة السورية عام ١٠٠٢، عندما كان في الثامنة والعشرين من عمره، أسماه «إستديو ريماوي».
بدأ منذ ذاك الحين بتأليف وإنتاج العديد من الأعمال الموسيقية، ولا سيما الموسيقى التصويرية لمجموعة من أشهر الأعمال الدرامية السورية والعربية، بشكل يمازج المشهد المرئي بالنمط الموسيقي، وذلك إضافة إلى التأليف والتوزيع الموسيقي.
ومن أبرز أغاني الفرقة:
«سفينة نوح» عام ٨٩٩١، وهو الألبوم الأول لها.
«شي جديد» عام ٩٩٩١.
«موزاييك» عام ٤٠٠٢.
أغاني ألبوم «إذاعة كلنا سوا» عام ٩٠٠٢. وألبوم «حكايات من دمشق» عام ٢١٠٢، تضمن مختارات من أجمل أعماله من الموسيقى التصويرية، تفرد بين الفنانين العرب بتوقيعه مع شركة «سوني ميوزيك»، كبرى شركات إنتاج الموسيقى العالمية. وقد حقّق الألبوم رواجاً كبيراً، وبلغ المرتبة الثانية في مبيعات فيرجن ميغاستورز الشرق الأوسط.
وألبوم منفرد بعنوان «سكون من سوريا – سايلنس إن سيريا»، عام ٨١٠٢ إحتل المركز الأول في مبيعات فيرجين الشرق الأوسط، وهو مختارات من أعماله في الموسيقى التصويرية بين ٢١٠٢ و ٥١٠٢.
«هذي الروح»، من كلمات أدهم مرشد، بصوت ليندا بيطار.
«دمشق الآن» و«كل ما بشتاق لك» و«لا تتغير» و«يا حلوة» و«يوم هللي تغير العالم» و«شباكك مطفي» و«وصلو العسكر» و«قدسيا» وأغنية «عجبت منك» عام ٨١٠٢، من ألحانه وتوزيعه، وغناء ربى الحلبي.
كما قام بإعادة توزيع الكثير من الأغاني التراثية مثل «عالمايا» و«نزلن على البستان».. وأحيا بموسيقاه، المشاعر النضالية لدى الأجيال التي تعيش بمرارة سلسلة النكسات على الصعيد القومي، ولا سيما من خلال أغنية «أم الشهيد» من تأليف محمد الريماوي وألحان أياد الريماوي.
وشكّلت الأغنية التراثية «يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي»، التي غنتها فرقة «كلنا سوا»، وقامت الفنانة الفلسطينية سناء موسى بغنائها من جديد، مساهمة أخرى في مجال التواصل الوجداني بين الشعبين الفلسطيني والسوري.
أما أغنية «وين ع رام الله» الجميلة النغم، فهي تنجح دوماً في إحياء الفرح والحيوية والأمل في السهرات والمناسبات الإحتفالية. وهي من كلمات محمد الريماوي، وألحان وتوزيع إياد الريماوي وإخراج عمار العاني.
يضاف الى مجمل أعماله، قيامه بتأليف الموسيقى للعديد من المسرحيات مثل «أرق» عام ٤٠٠٢ و«كاريكاتور».
حضور على الساحتين العربية والدولية
أحيا حفلات في دول عربية عدّة ، ولا سيما في عمان ولبنان والكويت والمغرب.
كما أحيا مع فرقته حفلات في ٠٢ ولاية أميركية، بمناسبة القيام بجولة ضمن مشروع صداقة، بعنوان «الثقافة من أجل السلام»، عام ٥٠٠٢.
أما الحفل الأبرز خلال هذه الجولة، فهو الذي كان قد أقيم في مقر الأمم المتحدة الدائم في نيويورك، وفازت الفرقة نتيجته بجائزة خاصة بالسلام..
وفي ١٢ ديسمير ٨١٠٢، تحقّق الحلم بإحياء حفله الموسيقي الأول في قاعة «أرينا» في مركز التجارة العالمي في دبي، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، تحت عنوان «رسائل حب من دمشق»، بمرافقة المغنيتين ليندا بيطار وكارمن توكمة جي اللتين شاركتا الريماوي في غناء بعض أعماله الموسيقية، وأوركسترا «شرق» التي تضم عازفين عالميين من أكثر من ٥٢ دولة.
وقد صرّح حينها بأنه تمّ إختيار دبي لأنها المدينة الأمثل كبوابة لإنطلاق المشروع، ولا سيما كونها مدينة عربية وعالمية تحتضن مقيمين من مختلف دول العالم.
وكان من المفترض أن يعاد تقديم مشروع رسائل «حب من دمشق» (٠٢٠٢) للمرة الأولى في «دار أوبرا دبي» في ٤١ و ٥١ إبريل من هذا العام، وتمّ التحضير والتسويق له بشكل متقن.
كما وضع الفيلم الوثائقي «رسائل حب من دمشق»، من إخراج أسامة موسى وإنتاج صلاح منصور على قناة إياد رماوي الرسمية على «يو تيوب»، في الحادي عشر من يناير ٠٢٠٢.
إلا أنه تمّ تأجيل الحفل الى موعد لاحق نظراً للظروف العالمية المقيدة الخاصة بجائحة كورونا، وحرصاً على سلامة المشاركين.
أعمال إستحقت التكريم والجوائز
تم تكريمه وتكريم فرقته بحضور عدد من الممثلين الدائمين للعديد من الدول العرببة، بعد الإنتهاء من تقديم فرقته لحفل موسيقي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عام ٥٠٠٢.
حصل عام ٩١٠٢ على جائزة الدرع الفضي من يوتيوب لتجاوز قناته الرسمية على المئة ألف مشترك.
وقد سرّه أن تكون موسيقاه التي لا تترجم في معظمها بشكل غناء صوتي، قد نالت هذا القدر من المتابعة والإعجاب، خاصة وأن الأغنية بالصوت تلقى أجمالاً إنتشاراً أوسع من الموسيقى الآلية التي ليس فيها غناء.
نشاطات إجتماعية
يظهر إلتزامه بالقضايا الإجتماعية من خلال أنشطة مختلفة، منها دعمه لحملات التبرع لمساعدة المرضى والمحتاجين، ولا سيما التبرع لجمعية «بسمة» لمعالجة الأمراض المستعصية التي يصاب بها الأطفال.
كما أنه ملتزم بالقضايا البيئية، إذ وضع كلمات وألحان أغنية الحملة الوطنية للمحافظة على البيئة عام ١١٠٢ «إنت أحلى»، من غناء فرقة «كلنا سوا»، بمشاركة باسل خياط وأمل عرفة ونسرين طافش…
مشاريع مستقبلية
يطمح للقيام بجولات عالمية لنقل أعماله الداعية للمحبة والصداقة والتواصل في مختلف دول العالم. إلا أن جائحة كورونا باتت تعيق تحقيق مثل هذه المشاريع، علماً بأنه أصبح من الممكن الإستماع الى ألبوماته على جميع المنصات الموسيقية العالمية مثل «سبوتيفاي» و«ديزر» و«ساوند كلاود» و«أمازون» و«أيتونز»…
يبقى مشروع السفر في جولات خارجية في صلب إهتماماته، لأنه يريد أن يقدّم الموسيقى السورية والعربية بجماليتها الى العالم أجمع، ولأنه يعتبر بأن الموسيقى هي لغة عالمية يفهمها الجميع، ووسيلة التعبير السحرية التي تستطيع إيصال المراد منها دون كلام، بما في ذلك مدواة الجروح وإرتقاء النفس الى مقامات أرفع وأجمل.
