«رالي داكار» في السعودية حدث شبابي بإمتياز
للصحراء سحر لا يقارن. وفي خوض غمارها، كما يفعل المشاركون في «رالي داكار» على متن مركباتهم وآلياتهم، روح مغامرة وجرأة، والكثير من الحب والشغف.
أنهى «رالي دكار» عقدًا من حياته النشطة في أميركا اللاتينية، وقبلها في صحارى القارة الأفريقية؛ وينقل رحاله وسياراته ورياضييه وأعلامه ووسائل إعلامه ومتابعيه ومحبيه الى روعة رحاب المملكة العربية السعودية، التي باتت مقصدًا شبابيًا ورياضيًا وسياحيًا بارزًا، عامًا بعد عام. يتعزّز ذلك من خلال «رؤية» سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «٠٣٠٢»، لفتح آفاق المملكة على مصادر متنوّعة للدخل وللنمو الاقتصادي، الى جانب مداخيل النفط، ولا سيما من طريق السياحة والأنشطة المتميّزة. وما العمل على إنجاز منطقة المستقبل «نيوم» إلاّ حلقة من حلقات العمران المتميّز التي تتحضّر لها المملكة ويترقّبها العالم، بالكثير من الإهتمام والإعجاب.
بدأ رالي داكار كسباق للسيارات من باريس الى عاصمة السنغال داكار، المشاطئة للبحر الأطلسي مرورًا بالصحراء. وكان يعتبر من أقسى التحدّيات، يقطع فيها المشاركون أراض شديدة الوعورة، ما بين الأراضي الطينية والجبال الصخرية والكثبان الرملية والتلال والمنحدرات والمساحات المتعرجة، وإن كان يسمح فيه بمشاركة المحترفين والهواة على السواء. تجدر الإشارة الى أن المرحلة الأخيرة من الرالي كانت تقع قرب «البحيرة الوردية» كما تسمى، نظرًا للون مياهها، على مشارف العاصمة داكار.
جرت نسخته الأولى من باريس الى داكار ما بين ديسمبر ٨٧٩١ ويناير ٩٧٩١ وإستمر لغاية العام ٨٠٠٢؛ ثم إنتقل (مع الإحتفاظ بإسمه) الى أميركا الجنوبية عام ٩٠٠٢ لغاية العام ٩١٠٢، ولا سيما في الأرجنتين والتشيلي وبوليفيا والبيرو، وذلك بسبب المخاطر الأمنية التي باتت تتهدّد قوافل المشاركين، لا سيما بعد بروز مجموعات متطرّفة على أراضي بعض الدول التي تمرّ عليها السيارات والدراجات والآليات، ولا سيما موريتانيا.
تشارك في رالي دكار آليات مختلفة وفقًا للفئات المختارة، ومنها فئة السيارات والدراجات النارية والسيارات الرباعية الصحراوية «كوادس»، والشاحنات والمركبات الرباعية الدفع المخصّصة للصحراء…
رالي عام ٩١٠٢
على سبيل التذكير، جرت النسخة الـ ١٤ لرالي داكار في أميركا الجنوبية، ما بين السادس من يناير ٩١٠٢، إنطلاقًا من عاصمة البيرو «ليما»، لغاية العودة الى نقطة الإنطلاق في السابع عشر من يناير.
ويسجل في هذا السياق فوز ناصر العطية للمرة الثالثة في فئة السيارات على متن سيارة تويوتا مع شريكه في القيادة الفرنسي«ماتيو بوميل» بفارق٥١ دقيقة. وقد أعلنت «تويوتا غازو ريسينغ» أسماء فريقها المشارك في رالي دكار في السعودية مطلع عام ٠٢٠٢.
قرار الإنتقال الى السعودية
أعلن المدير العام لرالي داكار «دافيد كاستيرا» في الخامس عشر من إبريل ٢٠١٩ وللمرة الأولى على الموقع الإلكتروني للرالي، أن رالي داكار سينتقل الى المملكة العربية السعودية. وتوقّع أن يستثير هذا القرار حب الإكتشاف والكثير من الإنبهار لدى مختلف الرياضيين المعنيين بالرالي.
اما الرئيس العام للهيئة العامة للرياضة السعودية، سمو الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، فقد أعلن أن الشراكة بين الهيئة العامة للرياضة، بالتعاون مع الإتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية من جهة، ومجموعة «آموري سبورت أورغانزيشون»(A.S O) المنظّمة للرالي من جهة ثانية، ستمتد الى عشر سنوات، وأن العالم سيشهد على أمن وأمان وإحترافية المملكة، ويضعها في مصاف أبرز مستضيفي الأحداث الرياضية العالمية».
من جهته صرّح رئيس مجلس إدارة الإتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، الأمير خالد بن سلطان العبد الله الفيصل مطلع اغسطس ٩١٠٢، أن الرالي فرصة هامة للتعريف بالجوانب السياحية والتراثية والتاريخية للمملكة، ويعكس إمكاناتها وقدرات شبابها.
رالي ٢٠٢٠
إنطلقت النسخة ٤٢ لرالي داكار عام ٠٢٠٢ في المملكة العربية السعودية من مدينة جدة، بإتجاه القدية؛ وسترافقها حملة ترويجية وتثقيفية عن فعاليات الـ«رالي» وعن الصحراء نفسها وتاريخ المملكة وجمال معالمها وضيافة شعبها، وذلك من خلال فيديو يعرض على شاشات كبيرة في كل من برج خليفة في دبي، وتايمس سكوير في نيويورك، وليكستر سكوير في لندن، بالإضافة الى الرياض وجدة والدمام، ومدريد وميلان وباريس.
المشاركون
تضم اللائحة الرسمية للمشاركين ١٥٣ مركبة مقارنة بـ ٤٣٣ العام الماضي، من بينها ٢٤ مركبة تمثّل أميركا الجنوبية، أي: ٠٧١ دراجة نارية ودراجات رباعية و١٣٤ سيارة و ٤٧ شاحنة.
من المقدّر أن يشارك في الرالي أكثر من ٠٠٥ متسابقًا ينتمون الى ٢٦ دولة، من بينهم ٨٥٢ من فرنسا و٧٧ من إسبانيا ٣٥ من هولندا و٣١ من السعودية.
وعلى رأس المشاركين السعوديين البطل «يزيد الراجحي»، الذي سيسعى للفوز خلف مقود سيارته التويوتا هايلوكس الرباعية الدفع، برفقة الملاح الروسي كونستانتين جيلتسوف، وقد أكمل تقريبًا تمارينه الإستعدادية للرالي بتشجيع كبير من مواطنيه الذين يعلّقون عليه الآمال، علمًا بأنه حل ضمن العشرة الأوائل في منافسة البيرو. ومن المشاركين السعوديين كذلك السائق إبرهيم المهنا ضمن فئة الدراجات… من جهته، أكد القطري ناصر العطية الفائز في رالي اعوام ١١٠٢ و٢٠١٥ و٢٠١٩ مشاركته في رالي دكار في السعودية.
كما أن الفرنسي «ستيفان بيترهانسيل» الفائز بـ ١١ لقبًا ومواطنه «سيريل ديبريه» الفائز برالي داكار خمس مرات سيشارك في رالي ٠٢٠٢. كذلك الأسباني «فرناندو ألونزو» بطل العالم لمرتين في الفورمولا واحد عامي ٥٠٠٢ و٦٠٠٢ وغيرهم.
دون أن ننسى المشاركة النسائية التي إستقرت على ٣١ مشاركة، من بينهن الإيطالية كاميليا ليباروتي والالمانية آنيت فيشر.
مسار الرالي
سيكون على المتنافسين في رالي ٠٢٠٢ مواجهة تحدّي قطع مسافة شاسعة وفقًا للبرنامج التالي :
-يوم الأحد ٥ يناير: مرحلة أولى/ إنطلاق من مدينة جدة ثاني عروس البحر الأحمر وثاني أكبر مدن المملكة، عبر الكثبان السريعة المتعرّجة/وصول الى مدينة الوجه على الخط البحري نفسه/ مجموع ٢٥٧ كلم/ وما يسمى بـ «سبيشال سيغمنتس» (س.س) أي مقاطع مسار خاصة ٩١٣.
-يوم الإثنين ٦ يناير: مرحلة ثانية/إنطلاق من الوجه/وصول الى مدينة نيوم المستقبلية قرب الحدود الأردنية/مجموع١٠٤ كلم/س.س ٧٦٣.
-يوم الثلاثاء ٧ يناير: مرحلة ثالثة/إنطلاق من نيوم/عودة الى نقطة وصول في نيوم نفسها/مجموع ٤٨٩ كلم/س.س ٤٠٤.
-يوم الأربعاء ٨ يناير: مرحلة رابعة/إنطلاق من نيوم/وصول الى العلى عبر منطقة من الرمال والحصى/مجموع ٦٧٦ كلم/ س.س ٣٥٤.
-يوم الخميس ٩ يناير: مرحلة خامسة/إنطلاق من العلى/وصول الى مدينة حائل عبر التلال الرملية التي تستوجب قدرة ملاحية/مجموع ٥٦٣ كلم/س.س ٣٥٣.
-يوم الجمعة ٠١ يناير/مرحلة سادسة/إنطلاق من حائل في طريق إنحدارية/وصول الى العاصمة الرياض/مجموع ٠٣٨ كلم/س.س ٨٧٤.
-يوم السبت ١١ يناير: يوم إستراحة في الرياض.
-يوم الأحد ١٢ يناير: مرحلة سابعة/إنطلاق من الرياض/وصول الى نقطة في وادي الدواسر/مجموع ١٤٧ كلم/س.س ٥٤٦.
-يوم الإثنين ١٣ يناير: مرحلة ثامنة/إنطلاق من نقطة وادي الدواسر/عودة الى نقطة الإنطلاق في وادي الدواسر/مجموع ٧١٣ كلم/س.س ٤٧٤.
-يوم الثلاثاء ١٤ يناير: مرحلة تاسعة/إنطلاق من وادي الدواسر الى منطقة حرض في محافظة الأحساء، ما يعني دخول منطقة الربع الخالي/مجموع ٨٩١ كلم/س.س ٤١٥.
-يوم الأربعاء ٥١ يناير: مرحلة عاشرة/إنطلاق من حرض/وصول الى الشبيطة/مجموع ٨٠٦ كلم/س.س ٥٣٤.
-يوم الخميس ٦١ يناير: مرحلة حادية عشرة/إنطلاق من الشبيطة/عودة الى حرض/ مجموع ٧٤٤ كلم/س.س ٩٧٣.
-يوم الجمعة١٧ يناير: مرحلة ثانية عشرة/إنطلاق من حرض/ وصول الى خط النهاية في «مشروع القدية» ذات الطبيعة الجفرافية المميزة قرب الرياض/مجموع ٧٤٤ كلم/س.س٤٧٣؛ ويتمّ بعد ذلك تتويج الفائز بـ«رالي داكار السعودية ٠٢٠٢»؛
فيكون المجموع العام للكيلومترات المجتازة ٧٨٥٦ كلم/س.س ٧٩٫٥.
قرية الرالي
لهذه المناسبة تمّ إقامة ما يسمى بـ«قرية الرالي» على ضفاف البحر الأحمر، لمدة ثلاثة أيام، على طول الكورنيش الشمالي لمدينة جدة، على مساحة إجمالية تبلغ ٠٠٠٦ متر مربع، وذلك من أجل تشجيع التلاقي والتواصل بين المشاركين في الرالي والجمهور.
ومن أنواع التواصل تبادل أطراف الحديث وإلتقاط الصور وأخذ التواقيع من الرياضيين المتنافسين، إضافة إلى متابعة بعض العروض والأنشطة. ذلك، لتمكين الزائرين والسواح من التماهي مع مختلف أوجه السباق بطريقة خاصة، بما في ذلك إمكانية إجراء قيادة إفتراضية للسيارات.
كما سيمكنهم زيارة معرض سيارات رالي دكار المستقبلية، وتلك التي شاركت في سباقات الرالي على مرّ السنين. كما خصّص للأطفال مساحة خاصة للهو ولقيادة سيارات الدفع بواسطة الدواسات.
أما في المساء، فستتحوّل القرية الى مسرح مفتوح لتقديم الحفلات الغنائية ولحفل يبرز السائق الرياضي السعودي شادي الظاهري، نجم إستعراضات الدراجات النارية.
شركاء الرالي
مجموعة شركاء الرالي لعام ٠٢٠٢ تتكون من زيوت «موتول» الفرنسية، وشركة الساعات والكرونوغراف السويسرية «ريبيليون تايم بيسس»؛ وشركة الإطارات الأميركية «ب.ف. غودريتش»؛ وشركة الملابس الرياضية «دايفورس»؛ وشركة الإلكترونيات«فيغا»؛ وماء «أكوافينا» التي تنتجها «بيبسيكو»؛ وشاحنات «مرسيديس»؛ وشركة «هوندا»؛ و«ريد بول»؛ و«كارشر» الألمانية؛ ومتجر «دكست» الرسمي لرالي دكار.
مما لا شك فيه أن تنظيم رالي داكار والإلتزام به للسنوات العشر المقبلة إنجاز رياضي تنظيمي إستثنائي، وحدث حضاري سيلفت أنظار العالم للأيام والسنوات المقبلة، ويستحق منا جميعًا كامل التقدير والتشجيع.