السعودية إلى المونديال.. رينارد ينقذ الأخضر من شبح الإقصاء

في ليلة كروية حبست الأنفاس، حجز المنتخب السعودي مقعده في نهائيات كأس العالم 2026، في تتويج لمسيرة لم تخلُ من التحديات الدرامية والتحولات الجذرية. لم يكن التأهل مجرد نتيجة مباراة، بل قصة صعود من حافة الهاوية، قادها مدرب فرنسي أعاد الروح لـ الأخضر بعد فترة عصيبة، بينما وجد المنتخب العراقي نفسه مضطراً لخوض غمار الملحق العالمي في رحلة شاقة نحو المونديال.
لحظة الحسم: تعادل بطعم التأهل من جدة
على أرضية ملعب الإنماء بجدة، وفي مشهد تكرر للمرة الثانية من عروس البحر الأحمر، احتفل المنتخب السعودي بتأهله السابع إلى كأس العالم 2026. لم يكن التعادل السلبي أمام المنتخب العراقي في الجولة الثالثة من دور الملحق الآسيوي مجرد نتيجة عادية، بل كان بمثابة بطاقة العبور الذهبية التي ضمنت للأخضر مقعداً في المحفل العالمي. جاء هذا التأهل مستفيداً من فارق الأهداف الذي رجح كفة المنتخب السعودي بعد فوزه في الجولة الأولى على إندونيسيا بنتيجة 3-2، مقابل فوز العراق على نفس المنتخب بنتيجة 1-0 في الجولة الثانية. هذا الفارق البسيط كان هو الفيصل الذي أرسل السعودية مباشرة إلى المونديال، ورمى بـ أسود الرافدين إلى طريق الملحق الشاق.
من كوارث مانشيني إلى إنقاذ رينارد: رحلة الأخضر المضطربة
لم يكن طريق الأخضر إلى المونديال مفروشاً بالورود، بل شهد منعطفات خطيرة كادت أن تودي بآمال الجماهير. ففي بداية التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، وجد المنتخب السعودي نفسه في مأزق حقيقي تحت قيادة المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني. سلسلة من النتائج المتذبذبة، بل الكارثية في بعض الأحيان، وضعت المنتخب على حافة الإقصاء. خمس نقاط فقط من أربع مباريات في الدور الثالث، شملت تعادلاً مخيباً على أرضه أمام إندونيسيا (1-1)، وفوزاً بشق الأنفس على الصين (2-1)، قبل أن يسقط على أرضه مجدداً أمام اليابان (0-2)، ثم يتعادل مع البحرين بدون أهداف. هذه النتائج كانت كفيلة بإنهاء مغامرة مانشيني في أكتوبر الماضي، تاركاً خلفه تركة ثقيلة من الشكوك والقلق، وسجلاً من 7 انتصارات مقابل 5 تعادلات و6 هزائم خلال فترة ولايته.
المهندس الفرنسي: كيف أعاد رينارد الروح لـ الأخضر؟
هنا يبرز اسم المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، الذي عاد ليقود الدفة في لحظة حرجة. بخبرته الكبيرة وقدرته على بث الروح القتالية في لاعبيه، تمكن رينارد من إصلاح ما أفسده سلفه. لم تكن مهمته سهلة، لكنه نجح في إعادة ترتيب الأوراق، غرس الثقة، وتكتيكياً، أعاد الانضباط والفعالية للمنتخب. كان التعادل مع العراق تتويجاً لجهوده في استعادة التوازن، وتحويل مسار الأخضر من طريق مسدود إلى بوابة المونديال، ليثبت رينارد مرة أخرى أنه مهندس قادر على بناء الفرق من جديد وقيادتها نحو الإنجازات.

سجل حافل: السعودية والمونديال.. قصة عشق تتجدد
بهذا التأهل، يضيف المنتخب السعودي فصلاً جديداً إلى تاريخه المونديالي، ليصبح ظهوره السابع في نهائيات كأس العالم. رحلة الأخضر مع المونديال بدأت في عام 1994 من العاصمة القطرية الدوحة بعد الفوز على إيران 4-3، وتكررت في 1998 من نفس المدينة بعد الفوز على قطر. ثم جاء دور العاصمة السعودية الرياض لتشهد تأهلين متتاليين في 2002 (بعد الفوز على تايلاند 4-1 في ملعب الملز) و2006 (بعد التغلب على أوزبكستان بثلاثية نظيفة في ملعب الملك فهد). وبعد غياب عن نسختي 2010 في جنوب إفريقيا و2014 بالبرازيل، عادت جدة لتكون شاهدة على التأهل في 2018 بعد الفوز على اليابان، قبل أن يتأهل الأخضر إلى مونديال قطر 2022 من ملعب الشارقة في الإمارات، ليكرر اليوم إنجازه من جدة مجدداً، مؤكداً حضوره الدائم في المحفل الكروي الأكبر.
العراق: أمل الملحق العالمي.. فرصة أخيرة للمجد
على الجانب الآخر، ورغم الأداء الجيد الذي قدمه، لم يحالف الحظ المنتخب العراقي في حجز بطاقة التأهل المباشر. فبعد التعادل السلبي الذي أرسل السعودية إلى المونديال، يجد أسود الرافدين أنفسهم أمام تحدٍ جديد ومصيري: خوض الملحق الآسيوي ضد الإمارات، صاحبة المركز الثاني في المجموعة الأولى، ذهاباً وإياباً يومي 13 و18 نوفمبر المقبل. وإذا ما تجاوز العراق هذه العقبة، فسيكون عليه خوض الملحق العالمي، في رحلة شاقة تنتظر المنتخب الذي يطمح لتكرار إنجازه الوحيد في الوصول إلى كأس العالم عام 1986، في محاولة أخيرة لانتزاع بطاقة التأهل من بين أنياب المنافسة العالمية.