من تصدر الإنفاق الصيفي في إسبانيا؟ ولماذا غاب برشلونة عن الصورة؟

في صيفٍ حافل بالصفقات والتحركات، أثبت الدوري الإسباني لكرة القدم الليغا، قدرته على المنافسة وجذب المواهب، رغم الفجوة المالية الكبيرة التي تفصله عن الدوري الإنجليزي الممتاز البريميرليغ. فبينما تجاوز إنفاق أندية البريميرليغ حاجز الـ 3.5 مليار يورو، استقرت أندية الليغا عند إنفاق إجمالي تجاوز 700 مليون يورو، مع زيادة تدريجية للعام الثالث على التوالي، ما يعكس عودة النشاط وقوة جذب البطولة. لكن المفاجأة الأبرز في هذا الميركاتو الصيفي لم تكن في حجم الإنفاق الإجمالي، بل في هوية النادي الذي تصدر قائمة الأكثر إنفاقاً. فبعيداً عن الأضواء المسلطة عادة على قطبي الكرة الإسبانية، ريال مدريد وبرشلونة، برز اسم أتلتيكو مدريد كأكثر الأندية الإسبانية صرفاً على الصفقات الجديدة، متجاوزاً حاجز الـ 175 مليون يورو، وفقاً لتقديرات شبكة ترانسفير ماركت العالمية.
أتلتيكو مدريد: ثورة سيميوني مستمرة بوجوه جديدة
أنفق الروخيبلانكوس هذا المبلغ الضخم على ضم 10 لاعبين جدد، في محاولة واضحة لتجديد دماء الفريق وتعزيز المنافسة على الألقاب. من أبرز هذه الصفقات: أليكس باينا من فياريال (42 مليون يورو)، ديفيد هانكو مدافع فينورد (26 مليون يورو)، جوني كاردوسو من ريال بيتيس، ونيكو غونزاليس مهاجم يوفنتوس، وتياغو ألمادا من بوتافوغو البرازيلي. هذا الإنفاق الكبير يعكس طموح المدرب دييغو سيميوني في بناء فريق قادر على مقارعة الكبار والعودة بقوة إلى الواجهة الأوروبية.
ريال مدريد: الجودة أولاً حتى لو كانت باهظة
جاء ريال مدريد في المركز الثاني من حيث الإنفاق، حيث تجاوزت صفقاته 167 مليون يورو. ورغم أن إنفاقه الإجمالي أقل من جاره اللدود، إلا أن الميرينغي ضم أغلى ثلاث صفقات صيفية في الليغا. فقد دفع النادي الملكي 62 مليون يورو لضم المدافع دين هويسن، و50 مليون يورو للظهير الأيسر ألفارو كاريراس، و45 مليون يورو للمهاجم الشاب فرانكو ماستانتونو من ريفر بليت. كما عزز صفوفه بصفقة مفاجئة بضم ترينت ألكسندر أرنولد من ليفربول مقابل 10 ملايين يورو. هذا التركيز على الصفقات الكبرى ذات الجودة العالية يعكس استراتيجية ريال مدريد في استهداف المواهب الواعدة التي يمكن أن تشكل مستقبل الفريق.

برشلونة: قيود اللعب المالي النظيف تفرض واقعاً صعباً
على النقيض تماماً، واجه الغريم التقليدي برشلونة قيوداً اقتصادية صارمة بسبب قواعد اللعب المالي النظيف، ما جعله عاجزاً عن إبرام صفقات ضخمة. اكتفى النادي الكتالوني بصرف 25 مليون يورو فقط لضم الحارس خوان غارسيا من إسبانيول، واتفق على استعارة ماركوس راشفورد من مانشستر يونايتد، وضم المهاجم الشاب روني باردجي من كوبنهاجن مقابل 2.5 مليون يورو. هذا الواقع المالي الصعب يثير تساؤلات حول قدرة برشلونة على المنافسة على الألقاب الكبرى في ظل استمرار هذه القيود.
ذكاء فياريال وعودة النجوم
لم يقتصر النشاط على قطبي مدريد. فقد شهد اليوم الأخير من الميركاتو الصيفي إبرام 56 صفقة، منها 22 انتقالاً بقيمة إجمالية قاربت 100 مليون يورو، ما يعكس حيوية السوق. أبرز هذه الانتقالات:
ريال بيتيس: تصدر عناوين الصحف بتعاقده مع البرازيلي أنتوني مهاجم مانشستر يونايتد مقابل 22 مليون يورو، بالإضافة إلى عودة المغربي سفيان أمرابط.
إشبيلية: راهن على الخبرة بضم المهاجم التشيلي المخضرم أليكسيس سانشيز بصفقة انتقال حر، بالإضافة إلى ميندي وكاردوزو.
أتلتيك بيلباو: استعاد نجمه إيميريك لابورت، في خطوة تؤكد طموحه للعودة إلى دوري أبطال أوروبا.
فياريال: برز كالأكثر ذكاءً في إدارة السوق، حيث أبرم أغلى صفقة في تاريخه بضم الجورجي جورج ميكوتادزي مقابل 30 مليون يورو، مستفيداً من مداخيل بيع نجوم مثل باينا، ويريمي بينو، وباري، التي قاربت 100 مليون يورو. وأعاد النادي استثمار هذه الأموال في أسماء شابة مثل ريناتو فييجا، وألبرتو موليرو، وأرناو تيناس، محققاً توازناً مثالياً بين البيع والشراء.

الليغا: تنافسية رغم الفجوة المالية
على الرغم من أن الدوري الإسباني يحتل المركز الرابع أوروبياً من حيث الإنفاق خلف الدوري الإنجليزي، والإيطالي، والألماني، إلا أن هذا الصيف أثبت أن الليغا لا تزال قادرة على جذب المواهب وتحقيق صفقات مؤثرة. فصافي الإنفاق، الذي يبلغ 1.3 مليار يورو، يعكس استقراراً نسبياً مقارنة بالمواسم السابقة. التحركات الأخيرة في سوق الانتقالات الصيفية تؤكد أن أندية الليغا، وإن كانت لا تملك نفس القوة الشرائية للبريميرليغ، إلا أنها تتبع استراتيجيات متنوعة، سواء بالإنفاق الكبير على المواهب، أو بالتركيز على الخبرة، أو بالاستثمار الذكي في اللاعبين الشباب. هذا التنوع يضمن استمرار تنافسية الدوري الإسباني، ويعد بموسم كروي حافل بالإثارة والندية.














