مخرج جديّ وبارع الليث حجو أولويته جودة المحتوى وحسن التمثيل
نجاح العمل الفني يتوقف على عوامل عديدة، وفي صلبها الإخراج، الى جانب الموضوع، والمضمون والحبكة والسيناريو، وشخصية الممثلين ومستوى أدائهم والديكور والموسيقى المرافقة والظروف المحيطة، الى ما هنالك من الشروط المتكاملة.
ويبرز من بين المخرجين المميّزين الذين ساهموا في إعلاء شأن الإخراج والتمثيل المحترف، الفنان السوري والعربي المرموق الليث حجو.
يعرف عنه أنه فنان مثقف ومتزن وجدي؛ قليل اللقاءات الصحافية، ويفضل التعبير كمخرج أكثر منه كمتحدث كما يقول، ويعتبر في مطلق الأحوال من بين أفضل المخرجين السوريين والعرب.
الليث حجو، مخرج سوري مبدع من أصول كردية، من مواليد مدينة حلب بتاريخ الثاني عشر من يناير ٠٧٩١. نشأ في كنف عائلة فنية متألّقة، وإختار الفن باكرًا كنمط حياة وكتعبير عن النفس، بقدر ما هو مهنة ومسيرة إحتراف.
إنخراط والده وعمته أميرة حجو، في عالم المسرح والتمثيل، عزّز ميله للفن.
ساهم في بداياته في إخراج مسرحيات للتلفزيون وحفلات موسيقية مختلفة، بما في ذلك إخراج «فيديو كليب» عام ٠٠٠٢ لأمل عرفة، بعنوان «على أحر من الجمر»؛ و«فيديو كليب» آخر عام ١٠٠٢ لأصالة نصري، بعنوان «ما بقاش أنا»؛ وهو منفتح على إمكانية إتمام أعمال نوعية مماثلة.
إكتسب خبرة وازنة من خلال عمله لسنوات كمخرج منفذ أو مساعد لفنانين كبار في سوريا، ومنهم حاتم علي ومأمون البني وفردوس أتاسي وياسر العظمة وهيثم حقي، فأغنى تقنيات التمثيل التلفزيوني. وفرض نفسه بعد ذلك كمخرج أساسي لمسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية طبعت تاريخ الفن.
من جهة ثانية، يعرب الكثير من الفنانين الذين عملوا تحت إدارته، عن تقديرهم ومحبتهم وإحترامهم له، كما عبّرت عن ذلك مثلاً الفنانة سيرين عبد النور، ويصفونه بـ«الجدي والهادىء والمثقف والمبدع»… أما الفنان الكبير دريد لحام، فقد قال عنه أنه «مخرج مبدع، ذو نظرة ثاقبة، وله عين تصويرية يستطيع بها أن يمزج الخيال بالواقع».
أعماله كمخرج منفّذ أو مساعد
«خان الحرير»، في جزئيه الأول والثاني عام ٦٩٩١، وجزئه الثالث عام ٨٩٩١؛ «سفر» عام ٨٩٩١؛ «الثريا» عام ٨٩٩١، «مرايا»، أعوام ٦٩٩١ و٨٩٩١ و٩٩٩١؛ «الفصول الأربعة» في جزئه الأول عام ٩٩٩١، والثاني عام ٢٠٠٢؛ «حكايا» عام ٠٠٠٢؛ «حكايا المرايا»، إعتبارًا من ١٠٠٢؛ «الجذور تبقى خضراء» عام ٢٠٠٢.
أعمال من إخراجه
دخلت العديد من الأعمال التي أخرجها وجدان شريحة واسعة جدًا من المشاهدين العرب. يذكر منها:
مسلسلات التلفزيونية
بدأ عمله كمخرج أساسي إعتبارًا من العام ١٠٠٢، من خلال مسلسله التلفزيوني الأول «بقعة ضوء»، الذي حقق نجاحًا كبيرًا، وتم إنتاجه على أجزاء عدة، وإن كان لم يشارك في إخراج أجزائه الأخيرة لتجنّب التكرار الذي يفضل تلافيه بشكل عام؛ «عل مكشوف» عام ٤٠٠٢؛ «خلف القضبان» عام ٥٠٠٢؛ «الإنتظار» و«أهل الغرام» بثلاثة أجزاء أعوام ٦٠٠٢ و ٨٠٠٢ و ٧١٠٢؛ «ضيعة ضايعة» عام ٨٠٠٢ ثم في جزئه الثاني عام ٠١٠٢؛ وهو المسلسل الذي قد يكون من أهم أعماله، التي تجمع بين الكوميديا والتراجيديا. وبالرغم من أن المسلسل إنتاج محلي وبلكنة محلية، فقد لاقى نجاحًا واسعًا في دول الخليج ومصر، وتم ترجمة حلقاته الى لغات عدة، ما أوصله الى العالمية…. و«فنجان الدم» عام ٩٠٠٢، الذي يعتبر من فئة الدراما البدوية وقوبل حينها ببعض التحفظ ؛ «تقاطع خطر» في خمسة أجزاء عام ٠١٠٢؛ «الخربة» عام ١١٠٢، وهو كذلك من أبرز أعماله.
و«أرواح عارية» الذي شارك في التمثيل فيه والده عمر حجو، وإلتزم بإدارته، كما في عدد محدود من المسلسلات الأخرى، ما دفع والده للقول عنه ممازحًا: «أنا والده في المنزل، إنما وقت الشغل ما بيعرف بيو»؛ «سنعود بعد قليل» ؛ و«لعبة الموت» عام ٣١٠٢، من بطولة عابد فهد وتأليف ريم حنا؛ و«الحقائب»، الذي إستبدل عنوانه بـ«ضبو الشناتي» بعد أن سقطت إحدى قذائف الحرب بقرب مكان التصوير عام ٤١٠٢؛
«٤٢ قيراط» عام ٥١٠٢، كتابة ريم حنا، مع ماغي بو غصن وعابد فاهد وسيرين عبد النور؛ «الندم» عام ٦١٠٢، بالشراكة مع حسن سامي يوسف؛ و«الواق واق”، الذي يعالج مسألة الهجرة من دول العالم الثالث عبر البحر، والذي غنى كاظم الساهر شارته الموسيقية عام ٨١٠٢؛ «مسافة أمان» عام ٩١٠٢، الذي يتطرّق فيه الى يوميات السوريين في ظل تداعيات الحرب، وبالتالي الى عمق الإعتبارات الإجتماعية والإقتصادية التي ساهمت بتعميق الشرخ بين أبناء الوطن الواحد.و هو يعالج بصورة إنسانية مسألة الأخطار والفوضى التي نتجت عن الحرب وسعي كل فرد لوضع المسافة التي يعتبرها أو يتوهّم أنها تشكل مسافة أمان بالنسبة له. المسلسل من كتابة إيمان سعيد، وبطولة كاريس بشار، وسلافة معمار، وعبد المنعم عمايري، وقيس الشيخ، وآخرين.
تجدر الإشارة هنا الى أن الليث حجو، لا يتردّد في تنقيح أو تعديل النصوص الأصلية للمسلسلات التي تعرض عليه، ما يثير إستياء المؤلف أحيانًا، كما حصل مع الكاتبة «إيمان السيد» في «مسافة أمان»، وما حصل قبلها مع «ريم حنا» في «لعبة الموت»، وإن كانت عادت وتعاونت معه في مسلسل «٤٢ قيراط»، بعد أن تمّ تبديد اللغط بينهما.
وفي المبدأ فقد رد على ذلك بالقول: «النص هو بداية النجاح؛ وإحدى مهام المخرج إختيار نص جيد»، وإذ أضاف أنه «مع تعديل النص مسبقًا»، وافق على أنه من الأفضل أن يتم ذلك بالإتفاق مع الكاتب.
ومن آخر أعماله كذلك، «سوق الدماء» عام ٩١٠٢، في تجربة هي الأولى مع الدراما السعودية؛ و«أولاد آدم»، الذي لاقى الكثير من النجاح عام ٠٢٠٢، للكاتب رامي كوسا، من بطولة مكسيم خليل وماغي بو غصن وقيس الشيخ نجيب، ودانييلا رحمة، وهومن إنتاج «إيغل فيلمز».
أفلام
يعتبر الليث حجو، أن السينما هي شغفه في حد ذاتها، لأنها عالم جميل يحمل فيه أحلامًا كبيرة. إلا أنه لم يخض غمارها بالكامل بعد، لأنه يعتبر بأنه لا بد من أن تتوفّر لها مجموعة شروط ومستلزمات، ومنها الجودة والظرف المناسب.
والفيلم التلفزيوني الأول الذي ساهم فيه كمخرج فني عام ١١٠٢، هو «طعم الليمون»، الى جانب المخرج نضال سيجري، من بطولة أمل عرفة. وهو يتحدث عن ظروف حياة اللاجئين، ومستوحى من زيارة الممثلة أنجلينا جولي برفقة زوجها براد بيت، لمخيمات اللاجئين في دمشق عام ٩٠٠٢، بصفتها مبعوثة خاصة للمفوضية العامة للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
 |
كما ساهم في العام نفسه في إخراج الفيلم الوثائقي «نوافذ الروح»، الى جانب عمار العاني، والكاتبة والمخرجة المساعدة حينها لواء يازجي. وهو وثائقي سعى لتلخيص تاريخ سوريا في ستين دقيقة، بمشاركة الممثل جمال سليمان كمقدم وراوي ومحاور.
أما تجربته السينمائية الأولى، فكانت إخراجه لفيلم روائي قصير، في حدود العشرين دقيقة، عام ٨١٠٢، بعنوان «الحبل السري»، للكاتب رامي كوسا، بطولة نانسي خوري ويزن الخليل وضحى الدبس وجمال العلي.
عرض الفيلم للمرة الأولى في «مهرجان الجونة السينمائي» الثاني في مصر، حيث لاقى الكثير من الإستحسان، وإن كان قد إعتبر إشكاليًا من قبل البعض، وحصلت مطالبات حينها لوقف عرضه في السويد، وتم منعه في تركيا. هذا ويؤكّد حجو، على أنه لا يتطرق الى البعد السياسي في أعماله، بل يركز على الفن كأولوية، وعلى الإنسان ومعاناته، أي على حالة إنسانية بحتة. كما تمّ التركيز في هذا الفيلم على الفرق ما بين أوضاع الرجال والنساء في زمن الحرب، مع تمازج وإختلاف مشاعر الحزن والفرح والتوتر التي تطغى عليهم في مثل هذه الظروف.
يبحث عن كل جديد ويتلافى التكرار
يبحث دائمًا عن كل عمل جيد وجديد بما يتلافى التكرار، ولا تستهويه الأعمال الخاصة بـ«السير الذاتية»، ويسعى للتوفيق بين الظرف الإنتاجي ونوع العمل الفني الذي يعطيه الأولوية… ومع ذلك، فهو يعترف بأن المتعة ما زالت مطلب جمهور واسع من المشاهدين، بقطع النظر عن الإعتبارات الوضعية الأخرى، ما يجعل من شروط التسويق ومستلزمات النجومية عنصرًا ضاغطًا على أي عمل فني محض. لذا يسعى دومًا للتوفيق بين شروط النجومية وحسن التمثيل على السواء، مع إعطاء الأولوية لحسن التمثيل. يطمح الى العالمية من خلال العمل ضمن إنتاجات عالمية، وإن كان يعتقد بأنه سيكون من الصعب تحقيق ذلك في الظروف الراهنة؛
أو من خلال السعي لتطوير نوعية العمل المحلي، من أجل لفت أوسع إهتمام ممكن والوصول الى العالمية من هذا القبيل.
وعلى سبيل المثال فهو يعتبر أن مسلسل “ضيعة ضايعة” عالمي، إذ تمت ترجمة حلقاته، وبات يناقش في إحدى جامعات شيكاغو.
يقرأ الكثير من النصوص بحثًا بصورة مستمرة عن أعمال مختلفة كليًا، ما يجعله يتأخر في الحسم والإختيار، وستتحكم الظروف العامة بأي مشاريع مستقبلية له.
قضايا يناضل من أجلها
إضافة إلى إلتزامه بالقضايا الإنسانية، ولا سيما وقف العنف والحروب وتعزيز التضامن الإجتماعي ومساعدة الأطفال الذين يعانون من أمراض مستعصية؛ فهو يؤمن بضرورة تكافؤ الفرص، وأهمية تشجيع المرأة للحصول على كامل حقوقها. وفي هذا السياق، شارك في ورشات عمل مع «الإتحاد الأوروبي»، أسفرت عن إنتاج مجموعة أفلام قصيرة بمساهمة تمويلية من الإتحاد، بهدف «تمكين المرأة في السينما السورية»، ومن بينها الفيلم القصير «الحبل السري» عام ٨١٠٢.
جوائزه
من بين الجوائز التي حصل عليها، جائزة «أفضل سيناريو» من «مهرجان الفيلم القصير في مدينة “أوش» الفرنسية، عن فيلمه «الحبل السري» عام ٨١٠٢؛ وجائزة «أدونيا» السورية، كأفضل مخرج لعام ٠١٠٢، عن مسلسله «ضيعة ضايعة».
