مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 42 يحتفي بصناعة السينما التي لم تستسلم لجائحة كورونا
بالرغم من الإضطرار إلى تأجيل أو إلغاء العديد من المهرجانات السينمائية الدولية في العالم، أو الإكتفاء بعرضها عبر الإنترنت، بسبب المخاوف والقيود الناتجة عن جائحة كورونا، تمكّن «مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط» و«مهرجان الجونة السينمائي» على سبيل المثال، من عقد فعالياتهما بنجاح، مع العلم أنه تمّت إصابة بعض الفنانين الذين شاركوا فيه بالفيروس.
وبدوره سيرفع «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» التحدي، بعد أن إستقر على موعد نهائي لإفتتاح أعماله مطلع شهر ديسمبر ٠٢٠٢، بالرغم مما طاوله من تغييرات في شخصية مديره، وتأجيلات في مواعيد إنطلاقه، وتقليص كبير في عدد الأفلام.
واللافت أنه سيكون هناك حضور قوي في المهرجان للأفلام العالمية وللممثلين المعروفين المكللين بالنجاحات والجوائز، وحضورًا بارزًا للمرأة في معظم الأفلام المشاركة في المسابقات، تمثيلاً وإخراجًا وطرحًا للمشكلات التي تواجهها، وستعرض مجموعة متنوّعة من الأفلام العربية والمصرية والسعودية والمغربية بوجه خاص.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو مهرجان سينمائي سنوي، تم تأسيسه من قبل «الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين»، وأطلق في دار الأوبرا المصرية، في ٦١ أغسطس ٦٧٩١، برئاسة وإدارة كمال الملاخ حتى عام ٣٨٩١. ثم شكّلت لجنة مشتركة بعد ذلك، من وزارة الثقافة، وأعضاء الجمعية نفسها، وإتحاد نقابات الفنانين، للإشراف على المهرجان، وبدأ يأخذ تدريجيًا مكانة عالمية.
إنتهت الدورة الـ ١٤ العام الماضي في ٩٢ نوفمبر ٩١٠٢، بفوز الفيلم المكسيكي الدرامي «آي آم نو لونغر هير»، حول شؤون الهجرة والهوية بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم، إضافة إلى الجوائز الأخرى التي ذهبت لأفلام بلجيكية وصينية وتشيكية وفلسطينية وفيليبينية ومصرية وتونسية وعراقية ولبنانية.
والجميع بأنتظار ما ستسفر عنه الدورة الـ ٢٤ المقبلة للمهرجان، التي تمّ التحضير لها بكثير من العزم والعناية.
برنامج الدورة الـ ٢٤
يقول رئيس مهرجان القاهرة السينمائي محمد حفظي، إن إقامة المهرجان تتم في ظروف إستثنائية، مؤكدًا بأنه تمّ بذل جميع الجهود لأنجاحه، بالرغم من جميع التحدّيات والصعوبات التي واجهها.
وبحضوره وحضور معظم المدراء، قام المدير التنفيذي للمهرجان عمر قاسم في ٦١ نوفمبر ٠٢٠٢، بالكشف عن «بوستر» وبرامج الدورة المقبلة، التي تحدّدت مواعيد إنعقادها من الثاني الى العاشر من ديسمبر ٠٢٠٢.
ولفت الى أن «البوستر يحتفي بصناعة السينما، التي لم تستسلم الى جائحة كورونا، وتمسّكت بالأمل رغم المعاناة والصعوبات».
وهو من تصميم زياد السماحي، وتصوير خالد فضة، ويربط الرقم ٢٤ للدورة بأسطورة «إيزيس» التي تزين الشعار التاريخي لمهرجان القاهرة، حيث تزدان الأهرامات الصغيرة جميعها خلال هذه الدورة بالنور في مواجهة الظلمة.
وحرص على التطمين، بأن جميع الإجراءات الإحترازية قد إتخذت، وسيتم تطبيقها بشكل صارم طوال أيام المهرجان، لحماية المشاركين في مختلف أنشطته، من خطر الإصابة بفيروس كورونا.
وشارك في حفل الإعلان عن المهرجان الى جانب رئيسه ومديره التنفيذي، علياء زكي، مديرة «أيام القاهرة لصناعة السينما»، وميريام دغيدي، مديرة «ملتقى القاهرة السينمائي»، وأندرو محسن، منسق المكتب الفني ومدير مسابقة «سينما الغد» للأفلام القصيرة، وأسامة عبد الفتاح، مدير «مسابقة أسبوع النقاد»، ورامي عبد الرازق، مدير «المسابقة العربية».
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة الى أن المنسق الفني للمهرجان، أوضح من جهته، أن المسابقة الرسمية تضم ستة عشر فيلمًا في عروضها العالمية والدولية، منها أربعة تعرض عالميًا للمرة الأولى، وستة أفلام عروض خاصة، الى جانب الأفلام التي تعرض خارج المسابقة الرسمية، وغير ذلك من الأنشطة التحفيزية.
هذا وتقام العروض في المسرحين الكبير والصغير، والمسرح المكشوف في دار الأوبرا، ومركز الهناجر للفنون؛ وفي سينما الزمالك.
لجنة التحكيم
وقع الإختيار هذا العام على المخرج والسيناريست الروسي المعروف أليكسندر سوكوروف، ليترأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية، التي ستتكون من عضوية: المخرج البرازيلي كريم إينوز، والألماني من أصل أفغاني برهان قرباني، والمصري غابي خوري، والممثلة المصرية لبلبة، والكاتبة والممثلة المكسيكية نايان غونزاليز نورفيند، والمخرجة والمؤلفة والمنتجة الفلسطينية نجوى نجار.
أفلام المسابقة الدولية
تنطلق الدورة الـ ٤٢ لمهرجان القاهرة السينمائي، بالفيلم البريطاني-الفرنسي الدرامي «الأب»، الذي تمّ إختياره لحفل الإفتتاح، وذلك في إطار «المسابقة الدولية». وهذا سيكون عرضه الأول في العالم العربي وأفريقيا، بعد أن كان قد عرض للمرة الأولى في «ساندانس فيلم فستيفال» مطلع عام ٠٢٠٢. ولن يعرض في الولايات المتحدة إلاّ في الثامن عشر من ديسمبر من هذا العام، وفي بريطانيا في الثامن من يناير ١٢٠٢.
الفيلم من إنتاج فرنسي- بريطاني مشترك، من إخراج الكاتب والمسرحي الفرنسي فلوريان زيلر، ويشارك في بطولته الممثل البريطاني الشهير أنطوني هوبكنز، الذي بات في الـ ٣٨ من عمره، والإنكليزية أوليفيا كولمان، الحائزة جائزة أوسكار، والتي تلعب فيه دور الإبنة.
تتمحور أحداث الفيلم حول رجل عجوز بات في الثمانين من عمره، يرفض تلقي المساعدة من أحد، ولا سيما من إبنته التي تسعى إلى تكليف من يهتم به قبل إنتقالها الى باريس، كما هو مفترض بالنسبة لشخص متقدم في السن. يبدأ بالتأقلم مع وضعه وحيدًا، ثم ما تلبث أن تنمو في داخله تدريجيًا، الكثير من حالات الضياع وعلامات الشك، بشأن الواقع الذي يعيش فيه، ولا سيما بشأن صدق مشاعر الناس تجاهه، وسلامة عقله، وحقيقة العالم من حوله، خاصة مع فقدانه التدريجي للذاكرة. ومن المتوقّع ان يفوز الفيلم بجوائز عديدة.
أما أبرز الأفلام الأخرى، فهي التالية:
- الفيلم الصيني «موير داو جا»، من إخراج ساو جينلينج، جرى تصويره في غابة موير داوجا العذراء، ويتمحور حول الصراع بين الطبيعة والبشر، وتحديدًا الإشكالية بين الحاجة للحفاظ على المساحات الخضراء وقاطعي أشجار الغابات لأغراض مادية…
- فيلم «دروس اللغة الألمانية»، من إنتاج وإخراج البلغاري بافيل فيسناكوف، في عرضه العالمي الأول. وهو يحكي قصة رجل متوسط العمر، يسعى إلى إصلاح علاقته السيئة مع أغلب أفراد عائلته، قبل أن يغادر من بلغاريا الى ألمانيا ليعمل فيها كسائق.
- الفيلم المصري الدرامي«حظر تجول»، من إخراج أمير رمسيس، وبطولة إلهام شاهين وأمينة خليل، تدور أحداثه في ليلة من ليالي الخريف عام ٣١٠٢ خلال فترة حظر التجول في مصر، بقصة إمرأة تخرج من السجن بعد ٠٢ سنة، وتواجه حالة قطيعة مع إبنتها الوحيدة، بسبب الشكوك التي تحاول تبديدها تدريجيًا، بشأن مسؤوليتها عن جريمة القتل المروعة التي سجنت من جرائها.
أفلام في مسابقة «آفاق السينما العربية»
- الوثائقي المصري «ع السلم»، إخراج نسرين الزيات، يظهر كيف يمكن للكاميرا أن تساعد المخرجة على ربط الماضي بالحاضر والمستقبل بصورة إيجابية، بعد أن تكشفت في رحلتها الى الصعيد لترميم منزل والدها القديم، أسئلة مقلقة حول ذاتها وحول العالم.
- الفيلم السعودي الإجتماعي «حد الطار»، إخراج عبد العزيز الشلاحي، حول قصة حب إشكالية تجري فصولها في بداية الألفية داخل بيئة محافظة.
- الفيلم المغربي «خريف التفاح»، للمخرج محمد مفتكر، في عرضه الدولي الأول، وتجري أحداثه في قرية معروفة بنوعية أشجار التفاح التي تنمو في ساحات بيوتها.
العروض الخاصة
- الفيلم اللبناني «عالم التلفزيون»، من إخراج روبير كريمونا، في عرضه العالمي الأول، حول التعارض بين صناعة أحد برامج الواقع مع بعض تقاليد المجتمع، يعرضها الممثل فؤاد يمين.
- الفيلم الروسي «يوميات الحصار» إخراج أندراي زايتسيف، الذي تدور أحداثه أثناء فترة حصار مدينة ليننغراد الاطول في التاريخ، أبان الحرب العالمية الثانية.
عروض منتصف الليل
-الفيلم المصري «عمار»، الذي ينتمي إلى فئة أفلام الرعب، من إخراج محمود كامل، وبطولة إيمان العاصي. تدور أحداثه حول أسرة سيئة الحظ، تستقر في أحد القصور المهجورة.
- الفيلم البريطاني «عرض ثانوي»، إخراج آدم أولدرويد، في عرضه العالمي الأول، بشأن مجرمين يدخلان أحد البيوت للسرقة، لكنهما يجدان في الداخل مفاجآت أكثر مما كانا يتصوران.
قسم البانوراما
- الفيلم الصيني «العودة الى الميناء»، إخراج لي زياو فينج، في عرضه الدولي الأول، حول شاب يقرّر العودة الى مدينته بعد سنوات من إرتكابه جريمة، ويحاول التوبة والتخلص من ماضيه، لكن بصعوبة.
مسابقة سينما الغد
- الفيلم المصري الكوميدي القصير في عرضه العالمي الأول، «الراجل الذي بلع الراديو»، إخراج ياسر شفيعي، حول رجل إبتلع حهاز راديو قديم بالخطأ، ويتحضر لعملية جراحية للتخلص منه.
- الفيلم التسجيلي التونسي- الفرنسي القصير «عضيت لساني»، إخراج نينا خادا، التي تحاول التعرف على مدينتها من خلال بحث في الشأن اللغوي.
- الفيلم السعودي القصير «من يحرقن الليل»، إخراج سارة مسفر، حول مراهقتين تتحضران لحفل زفاف وتدخل إحداهن في متاهات، عندما تقرر الذهاب للتسوق.
- الفيلم الكوبي «إيزابيل»، للمخرجة المصرية سارة الشاذلي، حول علاقة فتاة صغيرة بوالدتها.
- الفيلم الفنزويللي «اللولب الأحمر»، للمخرجة لورينا كولمينارس، الذي يعالج موضوع الطفل «سنتياغو»، الذي يجد نفسه مضطرًا لإلقاء خطبة إستقبال القائد الأكبر، الذي سيزور مدرسته في إحدى الدول ذات النظام الدكتاتوري.
- الفيلم الروسي «كورشاتوف»، إخراج أليكساندر كوروليف، الذي يمزج الخيال بالحقيقة، من خلال تصوير شخصية العالم إيغور كورشاتوف، أحد المسؤولين عن البرنامج النووي السوفياتي، والمعروف بلقب «أب القنبلة النووية السوفياتية».
أفلام خارج المسابقة
- الفيلم المصري القصير «ستاتشر:أخشى أن أنسى وجهك»، إخراج سامح علاء، الذي سبق وأن حصل على السعفة الذهبية في مهرجان «كان»، وهو يتناول في ٥١ دقيقة قصة «آدم»، الذي يحاول العودة الى حبيبته، بعد فراق ٢٨ يوما ويواجه العديد من المصاعب.
-الفيلم القصير «واحدة كدة»، من بطولة ريهام عبد الغفور وسلوى عثمان ومحمد علي رزق وحازم سمير، من أخراج مروان نبيل، في أولى تجاربه الإخراجية ضمن عروض «سينما الغد»، خارج المسابقة الرسمية.
إحتفاليات التكريم
من المقرر أن يتم تكريم الكاتب والسيناريست المصري الكبير وحيد حامد في حفل الإفتتاح، بمنحه «جائزة الهرم الذهبي» التقديرية لإنجاز العمر؛ والفنانة منى زكي، بمنحها «جائزة فاتن حمامه للتميز». كما سيكرم الكاتب المسرحي والسيناريست البريطاني كريستوفر هامبتون، الحائز جائزتي الأوسكار الأميركية، والبافتا البريطانية، بمنحه «جائزة الهرم الذهبي التقديرية» لمجمل أعماله، تقديرًا لكامل مسيرته.
وينظم المهرجان، بالتعاون مع المركز الثقافي الإيطالي، إحتفالية خاصة بمئوية ميلاد المخرج الإيطالي الراحل فريديريكو فيلليني، الذي طبع تاريخ الإخراج السينمائي العالمي، علمًا بأنه تسنّى للمهرجان منذ تأسيسه، تكريم العديد من النجوم العالميين، مثل الفرنسية كاترين دو نوف، والإيطالية جينا لولو بريجيدا، ومواطنتها صوفيا لورين، والبريطانية-الأميركية إليزابيت تايلور، والمصري العربي من أصل لبناني عمر الشريف، والمكسيكية من أصل لبناني سلمى حايك، والمخرج الكبير مصطفى العقاد وغيرهم…
ثلاث جوائز نقدية مستحدثة تقدم للمرة الأولى
-جائزة قدرها ٥ آلاف دولار أميركي، تقدمها منصة «ووتش إت»، للفيلم الذي سيفوز بجائزة يوسف شاهين، لأفضل فيلم قصير في مسابقة «سينما الغد».
- جائزة قدرها ٠٥ ألف جنيه، تقدمها «اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر»، لأفضل فيلم يعالج قضايا الإتجار بالبشر.
- جائزة قدرها ٠١ آلاف دولار أميركي، مقدمة من «صندوق مشاريع المرأة العربية»، لأفضل فيلم يمثل المرأة.
- جائزة أفضل فيلم عربي بقيمة ٠١ آلاف دولار أميركي، مقدمة من شركة «سبيد لاب»، يتم إختياره من قبل لجنة تحكيم خاصة من ثلاث مسابقات، هي المسابقة الدولية، وآفاق السينما العربية، وأسبوع النقاد.
يضاف الى ذلك، منح «جائزة تصويت الجمهور» كالمعتاد، وهي مقدمة من شركة «باديا-بالم هيلز»، وتبلغ ٥١ ألف دولار أميركي، وذلك من بين الأفلام التي سيتم إختيارها في المسابقة الدولية.
أيام القاهرة لصناعة السينما
أعلن مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام، أن النسخة السابعة من «ملتقى القاهرة السينمائي»، التي تقام ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما» ما بين ٤ و ٧ ديسمبر ٠٢٠٢، ستقدم جوائز مادية وعينية لمشروعات الأفلام المشاركة، تزيد قيمتها عن ٠٥٢ ألف دولار، أي أكثر بـ ٠٥ ألف دولار أميركي من العام الماضي.
وتوفّر منصة «أيام القاهرة لصناعة السينما» للمحترفين، ندوات وورش عمل ومحاضرات لكبار المخرجين وصناع السينما، ومشاريع عروض، للتشبيك مع المجتمع السينمائي الدولي، من شأنها أن تؤدي لأعمال مشتركة.
وقد أكدت ميريام دغيدي، مديرة «الملتقى»، العزم الدائم على مساعدة صناع الأفلام العرب، لإخراج مشاريع الأفلام التي تقدم اليهم الى النور، كي تستمر عجلة الإنتاج في مصر.
يتبيّن مما تقدم، أن القيمين على الدورة الـ ٢٤ لهذا المهرجان، يستحقون الثناء على جهودهم وشجاعتهم. وهم تمكنوا من تقديم برنامج متنوع، مع بعد عربي ودولي جيد، بالرغم من التحديات والمخاطر الجمة التي تتهدده.
ويبقى أن نتمنى للمهرجان كامل النجاح في جميع أوجهه، وأن لا تواجه فعالياته أي صعوبات أو مفاجآت غير مفترضة بفضل الإجراءات الإحترازية المتخذة، بالرغم من أجواء الحذر، لا بل القلق، التي ما زالت تشيعها للأسف جائحة فيروس كورونا المستجد.
