فينيسيوس جونيور: اعتذار منقوص يكشف توترًا خفيًا في ريال مدريد

بعد فوز ريال مدريد المثير على غريمه التقليدي برشلونة بنتيجة 2-1 في الكلاسيكو الأخير، لم تكن الأضواء مسلطة فقط على نتيجة المباراة، بل على حادثة أثارت جدلاً واسعاً، رد فعل النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور الغاضب عند استبداله. وما زاد من تعقيد المشهد، هو اعتذار علني أصدره اللاعب، بدا فيه موجهاً للجميع باستثناء شخصية محورية في النادي، المدرب تشابي ألونسو. هذا التجاهل المتعمد ألقى بظلاله على العلاقة بين اللاعب ومدربه، وكشف عن توترات قديمة تتصاعد داخل أروقة النادي الملكي.
لحظة الغضب: انفعال على أرض البرنابيو
في الدقيقة 71 من عمر الكلاسيكو، ومع تقدم ريال مدريد، قرر المدرب تشابي ألونسو استبدال فينيسيوس جونيور بمواطنه رودريغو. قرار لم يتقبله الجناح البرازيلي البالغ من العمر 25 عاماً بصدر رحب. كاميرات الملعب التقطت غضبه الشديد، حيث صرخ فينيسيوس بكلمات تعبر عن إحباطه العميق، قائلًا: “أنا؟ ميستر؟ أنا مجدداً؟ اذهب إلى…! دائماً أنا! سأغادر الفريق، هذا كثير، من الأفضل أن أرحل!.” لم يكتفِ فينيسيوس بالصراخ، بل توجه مباشرة إلى النفق المؤدي لغرف الملابس، متجاهلاً مقاعد البدلاء ومدربه. ورغم عودته لاحقاً للجلوس مع زملائه، إلا أن انفعاله لم ينتهِ عند هذا الحد، حيث تورط في شجار مع لاعبي برشلونة، واستفز الموهبة الشابة لامين يامال، ما عكس حالة من التوتر الشديد التي سيطرت عليه.
اعتذار علني… وتجاهل مقصود؟
بعد يومين من الحادثة، أصدر فينيسيوس جونيور بياناً عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، سعياً منه لاحتواء الموقف. جاء في البيان: “أود اليوم أن أعتذر لجميع جماهير ريال مدريد عن ردة فعلي عندما تم استبدالي في الكلاسيكو. وكما فعلتُ شخصيًا خلال التدريب، أود أيضًا أن أعتذر مجددًا لزملائي في الفريق والنادي والرئيس فلورنتينو بيريز”. وعزا اللاعب انفعاله إلى شغفه التنافسي وحبه للنادي، موضحاً: “أحيانًا يتغلب علي شغفي لأنني دائمًا ما أرغب في الفوز ومساعدة فريقي. تنبع طبيعتي التنافسية من حبي لهذا النادي وكل ما يمثله”. لكن اللافت للنظر، والذي أثار تساؤلات واسعة في الأوساط الإعلامية والجماهيرية، هو الغياب التام لاسم المدرب تشابي ألونسو عن قائمة المعتذر إليهم. هذا الإغفال لم يكن مجرد سهو، بل اعتبره الكثيرون إشارة واضحة إلى عمق التوتر بين اللاعب ومدربه.
جذور التوتر: علاقة متوترة مع المدرب تشابي ألونسو
وفقاً للصحافي ماريو كورتيغانا من موقع ذا أثلتيك، فإن تجاهل فينيسيوس لذكر ألونسو لم يكن عشوائياً، بل يعكس استياء اللاعب من طريقة معاملته داخل الفريق. منذ تولي ألونسو منصب المدرب في مايو، أظهرت الإحصائيات نمطاً واضحاً في التعامل مع فينيسيوس:
من أصل 18 مباراة خاضها ريال مدريد تحت قيادة ألونسو، لعب فينيسيوس المباراة كاملة أربع مرات فقط.
بدأ اللاعب من مقاعد البدلاء في ثلاث مباريات.
سبعة من تبديلاته الـ11 جاءت قبل الدقيقة الـ75، وهو ما حدث تماماً في الكلاسيكو.
هذه الأرقام تعزز شعور فينيسيوس بالإحباط وعدم الرضا عن وضعه الحالي، وتفسر سبب انفعاله المتكرر، وتجاهله لمدربه في بيان الاعتذار كرسالة ضمنية عن توتر العلاقة بينهما.

إدارة الأزمة: تدخل النادي واحتواء الموقف
لم تكن إدارة ريال مدريد راضية عن رد فعل فينيسيوس العلني أمام جماهير سانتياغو برنابيو، لكنها في الوقت ذاته لم تُعجب بطريقة تعامل ألونسو معه. وفي محاولة لاحتواء الأزمة قبل أن تتفاقم، قررت الإدارة معالجة الأمر داخلياً دون فرض عقوبات مالية على اللاعب. واعتبرت الإدارة أن اعتذاره العلني، رغم استبعاده لاسم المدرب، خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، مع التأكيد على ضرورة تجاوز هذه المرحلة والتركيز على التحديات القادمة.
شغف تنافسي أم طباع حادة؟
لطالما كان فينيسيوس جونيور لاعباً يثير الجدل، فبقدر موهبته الفذة وقدرته على حسم المباريات، بقدر ما يتعرض لانتقادات متكررة في العاصمة الإسبانية بسبب طباعه الحادة واستفزازاته المتكررة داخل الملعب. ورغم تبريره لانفعاله بـشخصيته التنافسية وحبه للنادي، إلا أن هذا التبرير لا يغطي على نمط سلوكي بدأ يثير القلق. ومع اقتراب انضمام أسماء كبيرة مثل كيليان مبابي، قد يجد فينيسيوس نفسه تحت ضغط أكبر للحفاظ على مكانته والتحكم في انفعالاته.
الترقب: ما بعد الاعتذار وقبل فالنسيا
من المتوقع أن يكون هذا الموضوع محور اهتمام المؤتمر الصحفي المقبل للمدرب تشابي ألونسو يوم الجمعة، قبل مواجهة فالنسيا يوم السبت في المرحلة الحادية عشرة من بطولة لاليغا. سيكون على المدرب توضيح موقفه من الحادثة، وكيف سيتعامل مع هذا التوتر الظاهر في العلاقة مع أحد أبرز نجوم فريقه، في اختبار حقيقي لقدرته على إدارة غرفة الملابس والحفاظ على استقرار الفريق في مرحلة حاسمة من الموسم.









