مونديال 2030 وما بعده: الفيفا يفتح باب التغيير الجذري لمواعيد كأس العالم

في خطوة قد تعيد تشكيل التقويم الكروي العالمي، أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، عن دراسة جدية لإمكانية تغيير مواعيد إقامة بطولات كأس العالم بدءاً من نسخة عام 2030. هذا الإعلان، الذي جاء خلال الجمعية العامة لرابطة الأندية الأوروبية لكرة القدم (EFC) في روما، يشير إلى توجه الفيفا نحو مرونة أكبر في تحديد توقيت البطولة الأهم عالمياً، مستلهماً تجربة مونديال قطر 2022.
الحرارة المرتفعة: الدافع وراء التغيير المحتمل
السبب الرئيسي وراء هذا التفكير الجديد هو التحدي المتزايد الذي تفرضه درجات الحرارة المرتفعة خلال أشهر الصيف في العديد من الدول المرشحة لاستضافة كأس العالم. وأوضح إنفانتينو للصحافيين أن “الأمر واضح بالنسبة لكأس العالم، فلا يمكن إقامة البطولة في بعض الأماكن خلال الصيف، لذا قد نضطر إلى تعديل الجدول الزمني”. لم يقتصر حديث إنفانتينو على الدول ذات المناخ الحار تقليدياً، بل أشار إلى أن “حتى اللعب في بعض الدول الأوروبية في يوليو (تموز) يكون صعباً بسبب الحرارة المرتفعة”. هذا التصريح يوسع نطاق المشكلة لتشمل مناطق كانت تعتبر تقليدياً مناسبة لاستضافة البطولة صيفاً، ما يؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لمواعيد المونديال، وليس فقط لنسخة 2030.
سابقة قطر 2022: نموذج للتكيف
تأتي هذه المناقشات في أعقاب التجربة الناجحة لمونديال قطر 2022، الذي أقيم استثنائياً في شهري نوفمبر وديسمبر لتجنب حرارة الصيف الشديدة في منطقة الخليج. هذه السابقة أثبتت أن تغيير موعد البطولة أمر ممكن، وإن كان يتطلب تنسيقاً كبيراً مع الدوريات والمسابقات المحلية والقارية. يبدو أن الفيفا بات ينظر إلى هذه التجربة كنموذج يمكن تكراره وتطبيقه مستقبلاً، لضمان أفضل الظروف للاعبين والجماهير على حد سواء.
صوت الأندية: دعوة للحوار الشامل والتفكير المنفتح
من جانبه، رحب القطري ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان ورئيس رابطة الأندية الأوروبية (EFC)، بهذه المناقشات، مؤكداً أنه “لا ينبغي الخوف من التغيير”. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة إجراء حوار شامل وموسع مع جميع الأطراف المعنية قبل اتخاذ أي قرار نهائي. وأوضح الخليفي، في مؤتمر صحافي أعقب اجتماع ضم أكثر من 800 نادٍ، أن “هذا موضوع مهم للغاية، لذلك لا يمكن الجزم بشيء في الوقت الحالي، نريد أن يشارك جميع الفاعلين في وضع الجدول الزمني، علينا أن نأخذ الوقت الكافي للتفكير، ولا يجب أن نخشى التغيير إذا كان في الاتجاه الصحيح”. وأضاف: “علينا أن نجمع جميع الأطراف حول الطاولة، بمن فيهم اللاعبون والمدربون، فهم من يعملون يومياً ويعيشون أجواء المباريات في الميدان”. هذا التأكيد على إشراك اللاعبين والمدربين يعكس إدراكاً لأهمية الجانب الفني والبدني في أي تعديل مقترح.

التحديات والآثار المحتملة: إعادة تشكيل التقويم الكروي العالمي
إن تغيير موعد كأس العالم بشكل دائم أو متكرر سيحمل معه تحديات كبيرة، أبرزها تأثير هذا القرار على الدوريات المحلية. سيتطلب ذلك إعادة جدولة شاملة للدوريات الكبرى في أوروبا وأمريكا الجنوبية، والتي تقام عادةً في فصلي الخريف والشتاء والربيع. إلى جانب إرهاق اللاعبين، فقد يؤدي ضغط المباريات وتغيير فترات الراحة إلى زيادة إرهاق اللاعبين وخطر الإصابات. وعلى مستوى المسابقات القارية، سيتطلب الأمر تنسيقاً مع مواعيد البطولات القارية مثل كأس الأمم الأوروبية وكوبا أمريكا وكأس الأمم الأفريقية. كما قد يؤثر التغيير على خطط السفر للجماهير وتغطية وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإن الفيفا يبدو مصمماً على استكشاف طرق عدة لتحسين الجدول، مع دعوة إلى عقلية منفتحة لمواجهة هذه التحديات.
مستقبل المونديال: قرار ينتظر التوافق
في الوقت الراهن، لا يزال الأمر في مرحلة الدراسة والمناقشة. لا يوجد قرار نهائي بشأن تغيير موعد مونديال 2030 أو النسخ اللاحقة. لكن الواضح أن الفيفا، بدعم من الأندية الأوروبية، يفتح الباب أمام تحول تاريخي في طريقة تنظيم أكبر حدث رياضي في العالم. هذا التحول، إذا ما تم، سيعكس رغبة في التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، مع السعي لضمان أفضل تجربة ممكنة للعبة، للاعبين، وللجماهير حول العالم.