الموديل الأكثر تطوّراً من الناحية التكنولوجية حتى الآن MB&F HM8 MARK 2
العودة إلى الحلم
السيارات حلم ماكسيميليان بوسير الأول
لفهم صلة «إم بي آند إف» بعالم السيارات بشكل كامل، نحتاج للحظة إلى الرجوع بالزمن إلى العام 1985. كأطفال، تكون لدينا جميعاً أحلام، بعضها يتحقّق، بينما بعضها يتمّ التخلي عنه كلما تقدم بنا مشوار العمر، والبعض من هذه الأحلام يشكل جزءاً مما نحن عليه، حتى ينتهي بها الأمر وقد تحقّقت على الرغم منا. وقد كانت هذه هي الحال بالنسبة إلى ماكسيميليان بوسير، مؤسس «إم بي آند إف»، الذي قضى معظم طفولته وهو يحلم بأن يصبح مصمماً للسيارات. كان مغرماً جداً بهذه الفكرة، لدرجة أنه من سن 4 إلى 18 عاماً كانت السيارات هي الشيء الوحيد الذي كان يرسمه، ويضع له مخططاً تصميمياً. وعندما بدأ زملاء صفه اكتشاف مجالات اهتمام أخرى، ظل قلبه هو معلقاً بالسيارات بخطوطها الديناميكية الهوائية وأشكالها الانسيابية الناعمة.
قبل تخرجه فـي المدرسة الثانوية بقليل، علم أن كلية ArtCenter للتصميم الشهيرة عالمياً، ومقرها باسادينا فـي ولاية كاليفورنيا الأميركية، تعتزم افتتاح فرع لها فـي أوروبا، وليس فقط فـي أوروبا بل فـي لا تور-دو-بيل؛ على مرمى حجر من موطن طفولته ونشأته الأولى. فهل كانت تلك علامة؟ لم يستطع أن يكبح حماسه حتى اكتشف أن الرسوم المدرسية كانت 50000 فرنك سويسري، وهو ما يعد اليوم مبلغاً ضخماً من المال، ومبلغاً أكثر ضخامة فـي العام 1985.
قال والداه، اللذان يعرفان مدى حبه للسيارات، إنهما سيجدان طريقة للحصول على المال، لكن ماكسيميليان كان يعلم أنه سيكون مبلغاً كبيراً جداً بالنسبة إليهما. وهكذا، ولأن الجميع كان يخبره باستمرار أنه سيكون مهندساً جيداً للغاية إذ كان جيداً جداً فـي الرياضيات، فقد التحق بالمعهد السويسري الفـيدرالي للتكنولوجيا فـي لوزان (EPFL)، وكان من الممكن أن تكون تلك هي نهاية القصة، لكن الأمر لم يكن كذلك.
يقول ماكسيميليان مبتسمًا: «ضللت طريقي، وفقدت صوابي، وانتهى بي المطاف فـي صناعة الساعات»، مضيفاً: «لذا، عندما قرّرت مقاربة تصميم سيارة لابتكار إحدى الساعات، كان ذلك بالنسبة إليّ أمراً هائلاً، فقد كان كل ما حلمت به».
توظيف المناشير
وجد ماكسيميليان إلهامه فـي تصميم مجنون من ابتكار «أميدا»، يُسمى «أميدا ديجيترند»، وهي ساعة أزيح الستار عنها فـي العام 1975، قبل إفلاس الشركة بمدة قصيرة. من خلال العمل على فكرة مماثلة، وظّفت «إم بي آند إف» منشوراً من السافـير يسمح بالإشارة إلى الساعات القافزة والدقائق الجرارة بشكل عمودي، بينما هما – مؤشرا الساعات والدقائق – فـي الواقع مسطحان مثل فطيرة الزلابية أعلى الحركة. أشير إلى الزمن داخل نافذة تشبه عداد السرعة بالنمط القديم فـي مقدمة العلبة، بحيث يمكن أيضاً رؤيتها بسهولة أثناء قيادة السيارة، وهو أمر مهم بالفعل. وبخلاف ساعة «أميدا»، التي جاءت أقراصها الواحد إلى جانب الآخر، تميّز تصميم ساعة «إتش إم» من «إم بي آند إف» بأقراص جاء الواحد منها فوق الآخر، ما يعظّم من حجم الأرقام وبالتالي يزيد من وضوح القراءة.
لم تنته الفكرة عند هذا الحد، إذ كانت المهمة هي جعل الأرقام تبدو تقريباً رقمية أو إلكترونية. تحقّق ذلك باستخدام أقراص السافـير المغطاة بطبقة من طلاء معدني أسود، وترك الأرقام خالية من الطلاء. أضيفت مادة «سوبر-لومينوڤا» المضيئة بعد ذلك أسفل قرص السافـير، بحيث يكون لمعان الإضاءة مسطحاً تماماً، وليس بصلي الشكل كما يبدو عند تطبيق هذه المادة على الميناء. ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن الأرقام كان يجب تصميمها معكوسة أي من الخلف إلى الأمام، حيث تنعكس داخل المنشور.
وقد ظهر هذا النظام فـي ساعة HM5، من خلال شرائح الفتح والإغلاق التي سمحت للضوء بالمرور إلى داخل الحركة لتحفـيز اللمعان. وهذه الشرائح مستوحاة من تصميم مارتشيلو غانديني لسيارة «بيرتون لامبورغيني ميورا»، والتي تميّزت بفتحات على شكل شرائح على نافذتها الخلفـية، منحت السيارة سمة جمالية مستقبلية.
فـي الموديل التالي HMX، تمّ التخلي عن هذه الشرائح لصالح غطاء من البلور السافـيري يمنح رؤية جزئية للمحرك الذي يوجد أسفل منه. وقد استُلهمت هذه الساعة من صانع سيارات إيطالي آخر – هو شركة Touring Superleggera وجُهّزت بكبسولات زيت مصغّرة يمكن فكها وتعبئتها بالزيوت المستخدمة فـي صناعة الساعات.
بعد ذلك جاءت ساعة HM8 ”Can-Am” مزوّدة ببلورة سافـيرية، سمحت أيضاً بإلقاء نظرة على نابض التعبئة الدوّار، وحركة بالاستناد إلى كاليبر من «جيرار-بيرغو»، هي التي توفّر كذلك الأساس لساعة HM8 MARK 2 الجديدة تماماً. وقد استمدت HM8 ملامحها التصميمية من سيارات Can-Am (ومن هنا جاء لقب الساعة)، التي كانت تشارك فـي بطولة سباقات «كأس التحدي الكندي-الأميركي» الشهيرة. وقد أصبح التصميم الاستثنائي لتلك السيارات، وقضبان منع الانقلاب المميزة التي اشتُهرت بها؛ مصدر إلهام لقضيبي منع الانقلاب المصنوعين من التيتانيوم اللذين تميزت بهما هذه الساعة.
فـي المقابل، تستمد HM8 MARK 2، إلهامها من مصادر مختلفة، مثل سيارة «بورشه 918 سبايدر» الأيقونية من ناحية شكل الجسم، وسطح سيارة «زغاتو» على شكل فقاعة مزدوجة – من ناحية تصميم البلورة السافـيرية.
ليست وحدها رموز تصميم هذه الساعات هي التي استمدت إلهامها من عالم السيارات، بل كذلك فعلت بنيتها، حيث يبدو أن شهادة الهندسة تلك كانت تليق بماكسيميليان رغم كل شيء! فقد بُنيت ساعتا «إتش إم 5» و«إتش إم 8» من هيكل مستقل مقاوم للماء، أضيفت إليه ألواح لجسم علبة الساعة، بينما فضلت آلتا «إتش إم إكس» و«إتش إم 8» البنية أحادية الكتلة.
بالنسبة إلى ساعة «إتش إم 8 مارك 2» الجديدة، يأتي جسم علبة الساعة التي يتخذ تصميمها شكل سيارة مصنوعاً من مادة «كربون ماكرولون»، باللون الأبيض أو بلون أخضر السباقات البريطاني، بتشطيب غير لامع على الجزء العلوي وصقل فائق على الجوانب. جاءت نسخة اللون الأبيض مقترنة بدوّار تعبئة مطلي باللون الأخضر بتقنية «سي ڤي دي»، وعلامات دقائق باللون الأخضر الفاتح. بينما جاءت نسخة لون أخضر السباقات البريطاني بدوّار تعبئة وعجلة توازن من الذهب الأحمر، وعلامات دقائق باللون الفـيروزي، ومقتصرة على 33 قطعة.
كربون ماكرولون
طُوّرت مادة «كربون ماكرولون» خصيصاً لصالح «إم بي آند إف»، وهي مادة مركّبة تتألف من كتلة مصفوفة من البوليمر محقونة بأنابيب نانوية من الكربون، ما يضيف إليها قوة وصلابة. حيث توفّر أنابيب الكربون النانوية قوة شد فائقة وصلابة أكبر من التقوية بألياف الكربون التقليدية. ومادة «كربون ماكرولون» الخاصة بـ«إم بي آند إف»، هي مادة مصمتة صلبة يمكن تلوينها وصقلها وسفعها بالذرات الدقيقة وطلاؤها بالورنيش وتشطيبها تشطيباً ناعماً…
وإضافة إلى كل هذه السمات، فإن وزنها أقل من وزن الفولاذ بثماني مرات، ما يجعلها متعددة الاستعمالات بشكل فائق، ومثيرة للاهتمام من وجهة نظر تقنية وتصميمية.
مثل أي سيارة فائقة السرعة أو التطور، فإن الكثير من التقنيات التي توجد داخل ساعة «إتش إم 8 مارك 2» غير واضحة للعيان، بدءاً بالهيكل المصنوع من التيتانيوم، والذي يُعد جرشه عملية معقدة للغاية. وحتى لو جاء الهيكل من الستانلس ستيل، كان صنعه سيكون أمراً معقداً للغاية، إلاّ أن صلابة هذه السبيكة وضعت فنيي «إم بي آند إف» بالفعل تحت الاختبار.
وينطبق الأمر نفسه على ألواح جسم العلبة المصنوعة من مادة «كربون ماكرولون»، والتي نظراً إلى كميات الإنتاج الصغيرة، لا يمكن جرشها إلا من كتلة، ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى عملية تصنيع جسم الساعة.
تخطى عدد كبير من ساعات «إم بي آند إف» المتتالية حدود ما هو ممكن مادياً فـي ما يتعلق بتصنيع البلور السافـيري، وليست «إتش إم 8 مارك 2» استثناء من ذلك. فقد وصل تشكيل هذه البلورة السافـيرية ذات الانحناء المزدوج إلى تعقيد أكثر تكلفة من تشكيل بلورة سافـيرية مقببة بـ30 إلى 40 مرة. مورد واحد فقط وافق على خوض هذا التحدي. فخلال الساعات العديدة اللازمة لتصنيع كل بلورة سافـيرية، يكون خطر الكسر مرتفعاً بشكل لا يُصدق، وإذا كانت ستتحطم فإن ذلك دائماً يكون فـي اللحظات الأخيرة، ما يؤدي إلى يأس مطلق يصيب جميع المعنيين بهذه العملية. إلاّ أنه بمجرد اكتمال تصنيعها بأمان وتثبيتها فـي الساعة، تكون متينة قوية مثل البلورة السافـيرية التي تغطي أي ساعة رياضية.
وأخيراً وليس آخراً، فإن دوّار التعبئة الفأسي الشكل الذي يمد الحركة بالطاقة، معقد الصُنع بشكل لا يُصدق، حيث إن إحدى شفراته المصنوعة من الذهب عيار 22 قيراطاً لا يتجاوز سمكها اثنين على عشرة من الملليمتر. ولأنه من غير الممكن تشكيلها بالماكينة، لذا كان لابد من ختمها، مع النقش المتضمَّن بالفعل داخل الختم.
تاج يُقدّم لأول مرة
ليس تحت الكبُّوت (غطاء المحرك)، ولكنه مخفـي أيضاً؛ ذلك هو تاج بنمط جديد تماماً يحتوي على نوع من أنظمة «فك التعشيق المزدوج»، إذا أردنا صياغة تناسب مصطلحات السيارات. ويعمل عن طريق دفع التاج إلى الداخل، ولفه ثلاثة أرباع دورة لتحريره. ويتمتّع هذا النظام بمزية اكتساب المساحة وتوفـير أمان إضافـي إلى النظام، وهي مزية أصيلة بالنسبة إلى ساعة رياضية.
تتمتع «إتش إم 8 مارك 2» بكل ما أحبه عشاق إبداعات «إم بي آند إف» فـي سلسلة آلات قياس الزمن هذه التي يستلهم تصميمها السيارات، على مدار السنوات العشر الماضية، أو أكثر، وقد صنعت العلامة هذه الساعة لتكون أكثر تقنية، وأكثر وضوحاً من حيث القراءة، وأكثر جاذبية، وأكثر سهولة فـي الارتداء. لكن فوق ذلك، صنعتها لتكون تذكيراً بأنه أينما كنت فـي الحياة لم يفت الأوان بعد لتحقق أحلامك.