لاعب البادل المحترف فرناندو بيلاستغوين: “أفضل لحظة في مسيرتي المهنية لم تأت بعد”
من النادر في أيّ رياضة أن يكون هناك لاعب “أسطورة” واحد بلا منازع، وإذا كان الجدال يظلّ محتدمًا في عالم التنس حول أسطورة كل العصور للعبة، ففي البادل، لا يوجد سوى اسم واحد فقط؛ فرناندو بيلاستغوين، الذي يناديه أصدقاؤه ومعجبوه باسم “بيلا”. فقد ظلّ هذا النجم بين أعوام 2002 و2017، وعلى نحو غير مسبوق، المصنّف الأول عالميًا، وفاز بأكثر من 230 لقاء من 286 مباراة نهائية لعبها، الأمر الذي لم يسبق له مثيل في أي رياضة أخرى.
مجلّة “رجال” كان لها فرصة لقاء هذا اللاعب الأسطورة في دبي حيث كان مع علامة ريتشارد ميل التي يعتبر أحد شركائها. ومن الجدير ذكره أنّ فرناندو الذي تفصله أربع بطولات فقط عن اعتزاله كلاعب محترف، لا يزال يتمتّع بالشغف واللياقة نفسهما التي كان يتمتّع بهما يوم داخل الملعب كلاعب محترف لأول مرّة منذ 30 عامًا.
وفـي المقابلة التي أجريناها معه شاركنا أسباب تميّزه فضلاً عن آماله وخططه المستقبلية كما اخبرنا عن شراكته مع ريتشارد ميل.
انطلق فرناندو بيلاستغوين في مسيرة لعبة البادل في سن مبكّرة، مدفوعًا بشغفه بالرياضة، وأظهر في سنواته الأولى موهبة إستثنائية وتفانيًا في مختلف الرياضات، لكنه وجد نفسه قادرًا على تحقيق الإنجازات والنجاحات في لعبة البادل، فبدأ مسيرته الاحترافية في عام 1995، عندما كان في سنّ 15 عامًا، لينخرط في المنافسة على أعلى المستويات في الساحة الاحترافية العالمية.
روح رياضية عالية
قدرة فرناندو بيلاستغوين، على التنسيق الاستثنائي بين اليد والعين، إلى جانب فطنته الواسعة وأخلاقياته الرياضية العالية، سمحت له في تحقيق التميّز في اللعبة. ويتمتع الأسطورة الأرجنتيني بعلاقة مرنة مع الوقت، إذ يقضي نصف ساعة يوميًا في “التخيّل”، مهما كان منشغلاً في المنافسات وأوقات التمرين البدني الشاق؛ ويعيش مشهدًا عقليًا تتحرك فيه الكرة حركة بطيئة، في حين يتفاعل هو معها بطريقة متسارعة.
بالإضافة إلى إنجازاته في الملعب، يمتدّ تأثير بيلا في رياضة البادل ليشمل روحه الرياضية وتفانيه في الترويج للعبة في جميع أنحاء العالم. وكان فرناندو قد أنشأ في عام 2020 مركز “بيلا بادل”، وهو عبارة عن مجمّع رياضي مخصّص للعبة ومقرّ لأكاديمية “بيلا بادل” التي تقدّم التدريب للاعبين من جميع المستويات. هذا، وقد ساهمت شخصيته الجذابة وأسلوب لعبه المشوّق، بشكل كبير في نمو الرياضة وشعبيتها في جميع القارات.
فرناندو بيلاستغوين: “الاحتراف ليس مجرّد مسار مهني، بل هو أسلوب حياة متكامل”
ما هو شعورك حيال تطوّر رياضة البادل؟
أرى أنّ رياضة البادل تشهد تطورًا رائعًا، وهذا ما يغمرني بسعادة كبيرة. أشعر بفرح عميق، لأنّ هذه الرياضة التي بدأت في ممارستها منذ أربعين عامًا، أصبحت الآن واحدة من أكثر الرياضات المحبوبة في العالم. ومع ذلك، لا شك في أنّ هناك المزيد من النمو الذي يجب تحقيقه. والمميّز في رياضة البادل هو أنه كلما اكتشفها بلد جديد، تنمو بسرعة كبيرة فيه، لأنها رياضة فريدة من نوعها حقًا.
كيف تغيّرت رياضة البادل على مرّ السنين؟
رياضة البادل ليست بمعزل عن تطوّر الحياة نفسها. لذلك، فإنّ الرياضة التي نراها اليوم تختلف بشكلٍ كبير عن تلك التي كانت موجودة قبل 5 أو 10 أو 15 عاماً، وستستمر في التغيّر مع مرور الوقت، لأننا بحاجة إلى الإستمرار في التطوّر.
لقد عايشت التغيّرات التي طرأت على المضارب والكرات وسرعة اللعبة، حتى تلك التي حصلت خارج نطاق الملعب. نحن محظوظون للغاية لأنّ هذه الرياضة تحظى بشعبية كبيرة بين الشخصيات المؤثّرة في مجالات أخرى، مثل الرياضة والترفيه، من أمثال لوكاس فاسكيز أو ليوناردو دي كابريو في مجال الترفيه، أو ميسي وكريستيانو في عالم الرياضة. هؤلاء الأشخاص يساعدون في نشر الرياضة وتوسيع قاعدة محبّيها، لتصل إلى جمهور أوسع من مجرّد عشاق البادل.
كيف تعرّفت على علامة ريتشارد ميل؟ وهل يمكنك إخبارنا عن ساعتك RM 35-03 التي تنتمي إلى مجموعة رافاييل نادال؟
تم تقديمنا إلى عائلة ريتشارد ميل لأنها أكثر من مجرد علامة تجارية، إنها عائلة حقيقية، فقد كانت البداية من خلال كارلوس كوستا، وهو الممثل الرسمي لرافاييل نادال.
بالنسبة لي، يُعد رافاييل نادال نموذجًا رياضيًا أتشابه معه بشكلٍ كبير، لذا كنت سعيدًا للغاية عندما عرضوا عليّ ساعة من ضمن مجموعة نادال. فقد صمّموا ساعة بألوان علم الأرجنتين، وهو أمر وجدته له دلالة قوية وقصة مميّزة.
كيف تشعر عندما تضع ساعة ريتشارد ميل أثناء اللعب؟
كان أحد أول مخاوفي عند ممارسة البادل، ما إذا كنت سأشعر بالراحة أثناء اللعب وأنا أحمل ساعة، خاصةً وأنني لم أكن قد حملت ساعة أثناء اللعب من قبل. لكن، عندما وضعتها، فوجئت بخفتها الشديدة، فقد شعرت وكأنني لا أضع شيئاً على معصمي، لذا يمكنني اللعب بالكفاءة نفسها وأنا أحمل ساعة ريتشارد ميل، التي توفّر لي راحة كبيرة أثناء ممارسة البادل.
كيف تمكّنت من البقاء في المركز الأول لمدة 16 عاماً؟ وكيف كان تأثير ذلك على الصعيدين البدني والنفسي؟
سيكون هذا عامي الثلاثين كلاعب محترّف. بالنسبة لي، الاحتراف ليس مجرّد مسار مهني، بل هو أسلوب حياة متكامل. لكي تكون محترفاً في رياضة رائعة مثل هذه، يتطلب الأمر التفاني الكامل على مدار الساعة طوال أيام السنة، لكن الأهم من ذلك، هو مصدر التحفيز الذي يدفعني إلى الأمام حتى اليوم، وهو سعيي المستمر لتحسين أدائي يوماً بعد يوم، إلى جانب دعم عائلتي التي ساعدتني في الحفاظ على شغفي بالتدريب.
وعلى الرغم من أنني لم أعد اللاعب الأول، إلا أنني أواصل التدريب بالحماسة نفسها التي اعتدت عليها، حتى أتمكن من النظر إلى عيون عائلتي بكل فخر عندما أتوقف عن اللعب، وأشعر بالسلام الداخلي لأنني متأكد من أنني بذلت كل ما في وسعي.
ما الذي تبحث عنه في شريكك في رياضة البادل؟
الرياضات الاحترافية تتمحور حول الفوز وليس المتعة. بالنسبة لنا، نحن الذين نلعب على المستوى الاحترافي، الفوز هو الأمر الأهم. لذا، أبحث عن شريك يكمّل نقاط ضعفي، لأننا في النهاية فريق مكوّن من شخصين.
بالنسبة لي، تُعدّ رياضة البادل من أصعب الرياضات الجماعية، إذ يتداخل الغرور الفردي مع الأداء العام، فأهم ما يشغلني بشكلٍ دائم، هو الأداء المشترك للفريق، لذا، أسعى باستمرار إلى وضع غروري جانياً والتركيز على ما يحتاجه الثنائي المتعاون لتحقيق النصر.
ما هي المباراة التي لا تزال عالقة في ذاكرتك حتى الآن؟
بقي لي أربع بطولات فقط كلاعب محترف، وبرأيي الشخصي، أفضل لحظة في مسيرتي المهنية لم تأتِ بعد. عندما تنتهي هذه البطولات الأربع في منتصف شهر ديسمبر، وإذا التقينا مجدّداً، سأكون قادرًا على إخبارك ما عن أفضل لحظة في مسيرتي التي إستمرت ثلاثين عاماً كلاعب محترف.
كيف تمكّنت من مواكبة اللاعبين الأصغر سنًّا؟
تستمر رياضة البادل في التطوّر تمامًا كما هي حال الحياة. وإذا لم تتطوّر مع الرياضات الاحترافية، ستجد نفسك مُتخلّفًا عن الركب بسرعة. في سن الـ45، أواجه لاعبين في العشرينيات من عمرهم، وقد اضطررت لتعديل أسلوب لعبي ولياقتي البدنية لكي أتمكن من المنافسة معهم.
ماذا تعني لك شراكتك مع ريتشارد ميل؟
أن أكون جزءًا من علامة تجارية مرموقة مثل ريتشارد ميل، هو أمر لم أكن أتخيله أبدًا. إلى جانب التعرف على هذه العلامة التي تشتهر عالميًا، اكتشفت عائلة هادفة ذات رؤية عميقة تقف وراءها. كما وجدت تواضعًا يتجاوز السمعة العالمية التي تتمتع بها العلامة التجارية. إنّ العمل مع هذه العلامة القوية والمعروفة، يساعدنا في نشر رياضة البادل في مختلف أنحاء العالم.
ما هي القيم التي تجمعك مع علامة ريتشارد ميل؟
أشعر بارتباط قوي مع هذه العلامة التجارية بسبب شغفي بالعمل اليومي والسعي المستمر كي أكون الأفضل. هذا الدافع اليومي للتحسين والتفوّق في المجال، بالإضافة إلى القيم المشتركة والتواضع الذي تتميز به العلامة التجارية، وهذه هي الصفات التي أرغب أن يتبناها أبنائي في حياتهم.
هل تعتقد أنّ رياضة البادل قد تصبح رياضة أولمبية يومًا ما؟
في أولمبياد 2036، سيكون ذلك إنجازًا رائعًا، ولكن أولاً، لدينا الكثير من العمل الذي يتعيّن علينا القيام به لنشر رياضة البادل على المستوى العالمي، ومواصلة دعم الاتحاد الدولي للبادل في تعزيز نمو هذه الرياضة، بالإضافة إلى تعزيز استقرار الدورات الاحترافية.
ما النصيحة التي تقدمها إلى اللاعبين الطموحين؟
نصيحتي هي نفسها التي أوجهها إلى أولادي: رسالتي الأساسية لهم هي أنّ الرياضة والتعليم هما المزيج الأفضل للشباب، لذا، أشجعهم على الدراسة وممارسة الرياضة في الوقت نفسه.