أندريا كيمي أنتونيللي: نجم الفورمولا 1 الذي يوازن بين حلبات السباق ومقاعد الدراسة

في عالم تتصدر فيه السرعة العناوين وتسرق الأضواء، يلمع نجم جديد لا بسبب سرعته الفائقة فقط، بل بفضل قدرته الاستثنائية على التوفيق بين عالمين متباينين تمامًا: الفورمولا 1 والدراسة. أندريا كيمي أنتونيللي، السائق الإيطالي الشاب، ليس مجرد متسابق واعد مع فريق مرسيدس، بل هو أيضًا طالب ثانوي ملتزم لا يسمح للسباقات أن تُبعده عن مقاعد الدراسة.
بين حلبات الفورمولا وفصول الامتحانات

صعد كيمي إلى منصة التتويج لأول مرة في مسيرته بعد مشاركته المذهلة في جائزة كندا الكبرى لعام 2025، ليعلن رسميًا عن ولادته كنجم مستقبلي في الفورمولا 1. غير أن القصة الحقيقية لم تُكتب على الحلبة، بل بدأت بعد نهاية السباق مباشرة. فبدلاً من الاحتفال أو حضور العرض العالمي الأول لفيلم F1 في نيويورك، وهو حدث حضره أبرز نجوم الرياضة، قرر كيمي العودة مباشرة إلى إيطاليا عبر أقرب رحلة جوية، دون حتى المرور بالفندق، ليستعد لاجتياز امتحاناته النهائية. وبتواضع لافت، قال بعد إنهاء الامتحان: “كان صعبًا، لكنني بذلت قصارى جهدي… والآن أنتظر النتيجة”. ولقد حقق كيمي النجاح حقاً، وهو ما أعلنه على صفحته على انستغرام كما أعلن فريق مرسيدس الخبر واحتفل بنجاح سائقه وكتب” لقد فعلها”.
التزام يتجاوز التوقعات
View this post on Instagram
اللافت في قصة كيمي أنتونيللي هو إصراره على التعلم رغم جدول سباقات مزدحم ومرحلة انتقالية صعبة في حياته المهنية، بعد أن أصبح رسميًا سائق مرسيدس خلفًا للويس هاميلتون المنتقل إلى فيراري. وفي تصريحات سابقة له خلال سباق إيمولا، قال:”لا أستطيع حضور المدرسة بانتظام، لكنني أحاول الدراسة قدر الإمكان في الأوقات القليلة المتاحة. أحيانًا أعود من السفر مباشرة إلى الصف لإعادة فهم الدروس”. معلمته، أليساندرا ريبينا، وصفت كيمي بأنه “نموذج جدير بالفخر”، مشيدة بإصراره على الدراسة رغم الضغط الكبير:”عندما كان يسافر للجولات، كان يتصل بي أو يرسل أسئلة عبر الرسائل. أحيانًا يعود من المطار مباشرة إلى الصف، ويجتاز الامتحانات بنجاح كبير”.
توازن مدروس ودور والدته الحاسم
من يقف خلف هذا الانضباط؟ إنها والدته، التي لم تكن يومًا بعيدة عن المشهد، وإن بقيت في الظل. كانت تؤمن دومًا أن النجاح لا يُقاس فقط بالألقاب، بل بالقدرة على الحفاظ على التوازن بين الطموح والواقع. قالت له يومًا:”يمكنك أن تكون سريعًا في الحلبة… لكن لا تهمل ما يجعلك ذكيًا خارجها”. وكانت والدته تتابع تنظيم وقته الدراسي، خاصة بعد اعتماده على نظام التعليم عن بعد خلال الموسم، مؤكدة على أن التعليم ليس مجرد واجب بل استثمار طويل الأمد. أما هو، فقال عنها في إحدى مقابلاته:”أمي تهتم كثيرًا بدراستي… وسأكملها من أجلها”.
تجربة فريدة لزملائه في الدراسة
View this post on Instagram
على الرغم من ندرة تواجده في المدرسة، لم ينسَ كيمي أصدقاءه. في خطوة ملفتة، دعا زملاء صفه لزيارة حلبة إيمولا، خلال إحدى جولاته في إيطاليا، ورافقهم في جولة تعريفية داخل كواليس فريق مرسيدس قال كيمي وهو يشرح لهم عن السيارات والتقنيات” أردت أن يعرفوا كيف يبدو هذا العالم من الداخل… شيء مختلف عن مشاهدته على شاشة التلفاز”.
بداية قوية… ومستقبل مشرق
View this post on Instagram
أرقام كيمي أنتونيللي لا تقل بريقًا عن قصته. فبعد مشاركته الأولى مع مرسيدس في موسم 2025، نجح في حصد 63 نقطة حتى الآن، واحتل المركز السابع في ترتيب السائقين، في موسم يُعده الكثيرون الأبرز بين الوافدين الجدد على الفورمولا 1. هذا التوازن النادر بين الأداء الرياضي رفيع المستوى والانضباط الدراسي جعل من كيمي قصة نجاح ملهمة للجيل الجديد. هو لا يطارد المجد على الحلبة فقط، بل يسابق التحديات ليصنع مجدًا إنسانيًا آخر، يثبت فيه أن الشغف لا يُلغي الالتزام، وأن الطريق نحو القمة يبدأ من مقاعد الدراسة كما من خط الانطلاق.