لوران ميكيس المهندس الهادئ الذي يقود ريد بُل إلى حقبة جديدة

في تحول مفاجئ ومثير على ساحة الفورمولا 1، أعلنت شركة ريد بُل عن تعيين المهندس الفرنسي لوران ميكيس مديرًا تنفيذيًا ورئيسًا لفريق ريد بُل ريسينغ، خلفًا لكريستيان هورنر الذي رحل بعد عقدين من الإنجازات. يعود ميكيس، المعروف بهدوئه وذكائه، إلى الواجهة، ليس كمهندس هذه المرة، بل كقائد لأحد أعظم فرق الفورمولا 1. فهل ينجح هذا القائد الجديد في كتابة فصل جديد من المجد لريد بُل؟
من هو لوران ميكيس؟ رحلة صعود من الشغف الهندسي
View this post on Instagram
ولد لوران ميكيس في 28 أبريل 1977 في مدينة تور الفرنسية. منذ صغره، كان ميكيس من عشاق رياضة المحركات، وسرعان ما أصبح حريصًا على ملاحقة مسيرة مهنية في هذا المجال. حصل على شهادة في الهندسة الميكانيكية من مدرسة ESTACA في باريس، ثم أمضى سنته الأخيرة في جامعة لوفبرا البريطانية، أحد أبرز المعاهد في عالم رياضة المحركات، حيث حصل على ماجستير في علوم المحركات.
المسيرة المهنية: خطوات ثابتة نحو القمة
View this post on Instagram
بدأ ميكيس مسيرته في الفورمولا 1 عام 2001 مع فريق آروز (Arrows)، بعد أن عمل كمهندس محركات لفريق Asiatech في الفورمولا 3. بعد عام واحد، انضم إلى ميناردي (Minardi) كمهندس سباقات، وبقي جزءًا من الفريق الذي يتخذ من فاينزا مقراً له لعدة سنوات. عندما تحول الفريق إلى تورو روسو (Toro Rosso) في عام 2006، تمت ترقية ميكيس إلى منصب كبير المهندسين، ثم أصبح لاحقًا رئيسًا لأداء المركبات، وهو دور جعله يدير ستة أقسام تركز جميعها على أداء السيارة. خلال سنواته في الفرق الصغيرة، أظهر قدرة عالية على التنظيم التقني والقيادة الهادئة تحت الضغط، وعمل مع العديد من السائقين مثل خايمي ألغيرسواري وسيباستيان بويمي.
شخصية هادئة وقوية: التكنوقراطي المحترف
ما يميز ميكيس عن كثير من مديري الفرق هو هدوؤه الشديد وعمق تحليله. هو ليس صاخبًا مثل هورنر، ولا دراماتيكيًا مثل توتو وولف، لكنه محترف تكنوقراطي يعرف خفايا الحلبة ودهاليز السياسة في الفورمولا 1. هذا الهدوء والتركيز على الجانب الفني والإداري جعله يحظى باحترام كبير في عالم الفورمولا 1.
محطات مفصلية: من الاتحاد الدولي إلى فيراري

في عام 2014، غادر ميكيس تورو روسو وانضم إلى الاتحاد الدولي للسيارات (FIA) كمدير للسلامة، حيث أشرف على مسائل السلامة والطبية عبر بطولات الاتحاد. بعد ثلاث سنوات، تولى أيضًا منصب نائب مدير السباقات في الفورمولا 1 إلى جانب مهامه الأخرى، حيث ساهم في تطوير قوانين السلامة، وهو ما أكسبه احترام الفرق الكبرى. في عام 2018، انتقل ميكيس إلى فيراري (Ferrari)، حيث عُين مديرًا رياضيًا. خلال فترة عمله مع سكوديريا، تولى أيضًا منصب رئيس منطقة المسار والأداء في عام 2019، وفي عام 2021 أصبح مدير السباقات. حققت فيراري سبعة انتصارات في السباقات خلال فترة عمل ميكيس مع الفريق، مما يؤكد بصمته في العمليات الاستراتيجية.
العودة إلى الجذور: قيادة رايسينغ بُلز قبل القفزة الكبرى
في منتصف موسم 2023، تأكد أن ميكيس قد غادر فيراري ليحل محل فرانز توست المتقاعد كمدير لفريق ألفا تاوري الذي أصبح لاحقًا رايسينغ بُلز – Racing Bulls لعام 2024. كانت هذه العودة إلى الفريق الذي قضى فيه جزءًا كبيرًا من مسيرته المبكرة في الفورمولا 1.
جاء تعيين ميكيس كجزء من إعادة هيكلة شهدت انضمام بيتر باير كرئيس تنفيذي، وتيم جوس كمدير للسباقات، وآلان بيرمان كمدير فني. وعلى الرغم من البداية الصعبة للفريق في عام 2024 تحت هويته الجديدة، بدأت تظهر علامات التقدم مع مرور الموسم. كانت هناك بعض العقبات، بما في ذلك بعض الندم على طريقة التعامل مع خروج دانيال ريكاردو، لكن ميكيس كان متفائلاً بشأن ما يمكن للفريق تحقيقه بعد إحراز خطوات إلى الأمام خلال الموسم.
القفزة الكبرى: قيادة ريد بُل وتحديات المرحلة الجديدة

في بداية عام 2025، شهدت رايسينغ بُلز تغييرًا في السائقين بعد سباقين فقط، حيث عاد ليام لوسون وانتقل يوكي تسونودا إلى ريد بُل بعد بداية صعبة لـ لوسون. والآن، تأكد أن ميكيس سيلتقي مجددًا مع تسونودا في الفريق الأم، حيث سيتولى منصب الرئيس التنفيذي لريد بُل بعد إعلان خروج كريستيان هورنر في 9 يوليو. في المقابل، أصبح آلان بيرمان المدير الفني لفريق رايسينغ بُلز. وتأتي مهمة ميكيس في ريد بُل في وقت حساس: تراجع أداء فريق ريد بُل في موسم 2025، محتلاً المركز الرابع في بطولة الصانعين. رحيل هورنر وسط ضغوط إعلامية وشخصية، ما يضع الفريق تحت المجهر. ومستقبل ماكس فيرستابن، نجم الفريق، يملك بندًا يسمح له بمغادرة الفريق في ظروف محددة، ما يجعل الحفاظ عليه أولوية قصوى.
نحو المجد الجديد: هل ينجح ميكيس؟
View this post on Instagram
علق ميكيس على الأخبار قائلاً: “لقد كان العام ونصف العام الماضيين امتيازًا مطلقًا لقيادة الفريق مع بيتر. لقد كانت مغامرة رائعة للمساهمة في ولادة رايسينغ بُلز مع جميع موظفينا الموهوبين. روح الفريق بأكمله لا تصدق، وأعتقد بقوة أن هذه مجرد البداية.” يرى كثيرون أن ميكيس يمثل بداية عصر جديد للفريق، فهو يجمع بين الانضباط الأوروبي، والخبرة التقنية، والحنكة السياسية التي اكتسبها في FIA وفيراري. إن التحدي ليس في الأدوات، بل في القيادة، وهنا يأتي دور لوران ميكيس. مع كل الأنظار متجهة إليه، سيتضح في الحلبات ما إذا كانت قيادته الهادئة والذكية ستعيد ريد بُل إلى قمة المجد