ساعة كوبولا الأسطورية في مزاد علني: سحر السينما ودقّة الساعات السويسرية

تتجه أنظار هواة جمع الساعات الفاخرة وعشاق الفن إلى نيويورك، حيث تستعد دار فيليب Phillips للمزادات، بالتعاون مع باكس آند روسو Bacs & Russo، لعرض قطعة فريدة من نوعها في مزاد نيويورك للساعات الثالث عشر المقرر في 6 و7 ديسمبر. إنها ساعة يد F.P. Journe FFC Prototype الخاصة بأسطورة هوليوود الحية، المخرج الحائز على جائزة الأوسكار، فرانسيس فورد كوبولا. هذه الساعة، التي تُقدر قيمتها بأكثر من مليون دولار، ليست مجرد أداة لقياس الوقت، بل هي تجسيد للعبقرية المشتركة بين اثنين من عمالقة الإبداع في مجالين مختلفين، وتُعد الأولى من نوعها في التاريخ التي تستخدم يداً بشرية للإشارة إلى الوقت.
ولادة فكرة فريدة: حوار بين عملاقين يُغيّر مفهوم الزمن

تعود قصة هذه الساعة الاستثنائية إلى عام 2012، عندما التقى فرانسيس فورد كوبولا بصانع الساعات الشهير فرانسوا بول جورن في مزرعة كوبولا لإنتاج النبيذ إنجلينوك في وادي نابا. خلال هذا اللقاء، طرح كوبولا سؤالاً بسيطاً ولكنه عميق على جورن: “هل سبق أن استُخدمت يد بشرية للإشارة إلى الوقت؟”. هذا السؤال ألهم جورن لخلق ساعة لم يكن ليتخيلها بنفسه. تحول المفهوم إلى هاجس لكلا الرجلين، واستمرت المناقشات والتجارب الأولية لسنوات، لتتوج بإنتاج هذه الساعة النموذجية. تُعد FFC أول ساعة من F.P. Journe تأتي فكرتها من شخص آخر غير فرانسوا بول نفسه، وهي واحدة من ست ساعات نموذجية فقط قام فرانسوا بول بتجميعها بنفسه وتم بيعها منذ تأسيس مصنع F.P. Journe في عام 1999.
إبداع هندسي مستوحى من التاريخ: اليد الصغيرة تعود للحياة

لم يكن تحدي الإشارة إلى الوقت بيد بشرية أمراً سهلاً. فقد استلهم جورن آلية اليد وتصميمها من الجراح الرائد في القرن السادس عشر أمبرواز باريه، المعروف بأبي الجراحة الحديثة ومبتكر الأطراف الاصطناعية. كانت يده الاصطناعية، التي أُطلق عليها لقب لو بوتي لورين (Le Petit Lorrain)، من أشهر ابتكاراته، حيث صُنعت من الحديد والجلد مع تروس ونوابض مخفية تسمح للأصابع بالتحرك والإمساك بالأشياء، تماماً كما في صناعة الساعات. اختار جورن يد باريه كنموذج للآلية التي تشير إلى الساعات، مانحاً الساعة مظهراً مستقبلياً، يكاد يكون ستيم بانك، مع صفائح معدنية متداخلة وبراغي تذكر بالقفازات المدرعة في العصور الوسطى.
تحديات تقنية وحلول مبتكرة

بعد تحديد الشكل، واجه جورن تحدياً آخر: كيفية تشغيل آلية اليد دون استنزاف طاقة الحركة الرئيسية للساعة. بالاعتماد على عيار Octa 1300.3 الخاص به وآلية Remontoir D’egalité (معادل القوة)، أمضى سبع سنوات في تحسين التصميم، ما أدى إلى حركة لا يتجاوز سمكها 8.1 ملم. هذه الدقة الهندسية تبرز براعة جورن في الجمع بين الفن والوظيفة.
ندرة استثنائية وقيمة تاريخية

صُنعت هذه الساعة في نسختين فريدتين: واحدة لجورن نفسه والأخرى لفرانسيس فورد كوبولا. تختلف هذه النماذج الأولية عن بعضها البعض وعن قطع الإنتاج اللاحقة بعدة طرق. فنسخة جورن لا تزال بحوزته، بينما الساعة المعروضة هي نموذج كوبولا الأولي، محفور عليها اسمه. تتميز ساعة FFC Coppola بوجود جسور فولاذية، وهي واحدة من نموذجين أوليين فقط إلى جانب نسخة فرانسوا بول، تحتوي على حلقة دقائق بيضاء دوارة، ويد من التيتانيوم المعالج باللون الأسود. إلى جانب ساعة FFC Blue الفريدة التي صُنعت لمزاد Only Watch 2021، تُعد هذه الساعات هي الوحيدة من طراز FFC ومن بين عدد قليل جداً من الساعات، التي قام جورن بتجميعها بيده. نادراً ما تُنتج ساعات FFC كل عام، وهي مخصصة لأفضل عملاء فرانسوا بول، ولم يسبق أن ظهرت واحدة منها في مزاد علني باستثناء FFC Blue.
مجموعة كوبولا الشخصية: شغف بالزمن والإرث

إلى جانب ساعة FFC الخاصة بكوبولا، ستُعرض ست ساعات أخرى من مجموعته الشخصية في مزاد نيويورك. من بينها، ساعة F.P. Journe Chronomètre à Résonance البلاتينية التي أهدتها له زوجته إليانور في عام 2009، والتي كانت الشرارة التي أدت إلى لقائه المحوري مع فرانسوا بول جورن في عام 2012. كما تضم المجموعة ساعات من علامات تجارية مرموقة مثل باتيك فيليب، بريغيه، بلانبان، وIWC. يعكس هذا الاختيار شغف كوبولا بالزمن والقيمة التاريخية، وهو ما يتجلى أيضاً في فلسفته التي تظهر في استثماره في استعادة علامة إنجلينوك التجارية لمزرعته، مؤكداً على أهمية الحفاظ على الماضي لبناء مستقبل أفضل.
جولة عالمية ومزاد مرتقب: مليون دولار كحد أدنى
View this post on Instagram
من المتوقع أن تتجاوز قيمة ساعة FFC Prototype مليون دولار، وستكون القطعة الأبرز في مزاد نيويورك للساعات. قبل المزاد، ستقوم الساعة بجولة عالمية تشمل لندن وجنيف وهونغ كونغ، ما يتيح الفرصة للمهتمين بمعاينتها عن كثب. يرى بول بوتروس، نائب رئيس ورئيس قسم الساعات في الأمريكتين بدار فيليبس، أنّ هذه الساعة واحدة من أهم ساعات F.P. Journe تاريخياً على الإطلاق، واصفاً إياها بأنها عمل فني فريد، أعجوبة تقنية، وقطعة شخصية عميقة، صُنعت لأحد أعظم صانعي الأفلام على الإطلاق.
إرث يتجاوز الشاشة والمعصم
View this post on Instagram
إنّ بيع ساعة فرانسيس فورد كوبولا الفريدة لا يمثل مجرد صفقة في عالم المزادات، بل هو احتفاء بالابتكار، والشراكة الإبداعية، والتقاء الفن بالهندسة. إنها قصة كيف يمكن لسؤال بسيط أن يلهم تحفة فنية تتحدى المفاهيم التقليدية للزمن. هذه الساعة، مع تاريخها الغني وقيمتها الفنية والتقنية، ستصبح بلا شك واحدة من أهم القطع التي تُعرض في المزادات، وسترسخ إرثاً يتجاوز شاشة السينما ومعصم اليد، ليصبح جزءاً من تاريخ صناعة الساعات والفن العالمي.












