دراسة علمية جديدة حول إمكانية علاج حساسية الغلوتين بطريقة فعالة
ينتج داء السيلياك أو ما يعرف بحساسية الغلوتين، عن رد فعل جهاز المناعة في الجسم تجاه بروتين الغلوتين الموجود في الأطعمة المصنوعة من: القمح والشعير والشليم والشوفان. ويتسبّب تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السيلياك أي حساسية، بأضرار في بطانة الأمعاء الدقيقة وبالتالي تسطّحها، ما يجعل من الصعب على الأمعاء امتصاص العناصر الغذائية من الطعام ويزيد من خطر حدوث مشكلات صحية خطيرة طويلة الأمد. ولقد عمل فريق متعدّد التخصصات من الباحثين الطبيين والمهندسين بقيادة جامعة ماكماستر في كندا، وبمشاركة زملاء لهم من الولايات المتحدة وأستراليا والأرجنتين، على إعداد دراسة جديدة، عن مرض السيلياك -حساسية الغلوتين، تحتوي على فهم معمّق لهذا المرض، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تطوير أدوية جديدة لعلاجه.
تضاعف معدّل الإصابة بحساسية الغلوتين خلال السنوات الـ25 الماضية
يؤثّر هذا الاضطراب المناعي الذي يُعرف باسم داء السيلياك على نحو 1 في المئة من السكان، وقد تضاعف معدل الإصابة به تقريباً خلال السنوات الـ25 الماضية، ولكن لا يوجد علاج متاح حالياً. وتشمل أعراض عدم تحمل الغلوتين آلام البطن والانتفاخ الشديد ومشاكل الهضم كالإمساك والإسهال والأمراض الجلدية كالبثور والاحمرار والحكة، بالإضافة إلى الغثيان والقيء. كان يُعتقد سابقاً أن الاستجابة الالتهابية للغلوتين تحدث داخل جدار الأمعاء وتشمل فقط الخلايا المناعية، ولكن في ورقة بحثية جديدة نُشرت في مجلة “جاسترواينتيريولوجي” بتاريخ 9 أغسطس الجاري، أظهر الفريق أن القصة أعمق من ذلك.
ما هي أبرز النتائج التي توصّل إليها الاكتشاف الجديد؟
إكتشف الباحثون أن البطانة الداخلية للجزء العلوي من الأمعاء، المعروفة باسم “الظهارة”، التي تتكون من مجموعة متنوعة من الخلايا لا تعدّ جزءاً من الجهاز المناعي بشكل تقليدي، بل تلعب أيضاً دوراً نشطاً في توجيه الاستجابة الالتهابية للغلوتين. وأنشأ الفريق باستخدام مواد حيوية مجهرية في المختبر نموذجاً بيولوجياً يعمل عمل الظهارة المعوية، سمح للباحثين بعزل تأثيرات جزيئات محدّدة في الخلايا الظهارية للأشخاص المصابين بمرض السيلياك. هذا النموذج سمح أيضاً للباحثين بتوليد التفاعلات ومراقبتها تحت ظروف محكمة، وهي خيار غير متاح في البيئات المعوية المعقدة للغاية في الكائنات الحية. وتمكنوا من مراقبة كيفية إبلاغ الجزيئات للخلايا المناعية بوجود الغلوتين، واستنتجوا استنتاجاً قاطعاً أن الظهارة تلعب دوراً حاسماً في تنشيط الجهاز المناعي في مرض السيلياك. ومن المتوقّع أن يسهم هذا الاكتشاف في تطوير أدوية جديدة. واعتبرت إلينا فيردو، المؤلفة المشاركة في الورقة البحثية والأستاذة في أمراض الجهاز الهضمي ومديرة معهد فارنكومب لبحوث صحة الجهاز الهضمي في جامعة ماكماستر أن: “الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها علاج مرض السيلياك اليوم، هي بالقضاء التام على الغلوتين من النظام الغذائي. هذا أمر صعب، ويتفق الخبراء على أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين غير كاف”. وتضيف فيردو: “تحديد مكان بدء الاستجابة المناعية بدقة يمكن أن يحفّز الأبحاث حول إيصال الأدوية لمنع هذا الدور الجديد للظهارة باستخدام أدوية تجريبية موجودة بالفعل في التجارب على البشر”. من جهته يقول توهيد ديدار، المؤلف الآخر المشارك في الورقة والأستاذ المشارك في كلية الهندسة الحيوية في جامعة ماكماستر، “هذا سمح لنا بتضييق السبب والنتيجة المحددين وإثبات ما إذا كان التفاعل يحدث بالفعل وكيف يحدث”. ومن الاكتشافات الهامة الأخرى من الدراسة، أن الظهارة ترسل إشارات أقوى إلى الخلايا المناعية عند اكتشاف الغلوتين إذا كانت الميكروبات الضارة موجودة أيضاً. وتقول سارة رحماني، الباحثة الرئيسية في الورقة وطالبة الدكتوراه في مختبرات فيردو وديدار، “في المستقبل قد يكون من الممكن اكتشاف الميكروب لدى الشخص المعرّض لخطر تطوير المرض، ومنع التفاعلات مع الغلوتين والظهارة المعوية لمنع المرض”.