قياس جديد لصحة القلب من خلال الساعات الذكية

يُعدّ مرض القلب السبب الأول للوفيات حول العالم، وعلى الرغم من توفّر فحوصات وقائية، إلاّ أن العديد من الأشخاص لا يخضعون لها بانتظام. لكن ومع تطور التقنيات الرقمية وإدراجها ضمن عالم الطب، شهدت علاجات أمراض القلب تطورات واسعة، إذ توصّل مؤخراً باحثون من جامعة “نورث ويسترن” الأميركية، إلى تطوير مقياس جديد يستخدم الساعات الذكية لقياس صحة القلب، معتمدًا على معدل الضربات لكل خطوة. هذا المعيار قد يكون مؤشرًا أكثر دقة لصحة القلب مقارنةً بعدد الخطوات اليومية أو معدل ضربات القلب وحده.
وسيلة جديدة لمراقبة صحة القلب بسهولة أكبر
أشار الباحثون الذين عملوا على هذه الدراسة، إلى أن تقسيم معدل ضربات القلب اليومي على عدد الخطوات اليومية يوفّر نظرة أعمق على كيفية استجابة القلب للمجهود البدني، وهو أكثر دلالة من مجرّد قياس معدل ضربات القلب أو عدد الخطوات بشكل منفصل. هذا الاكتشاف قد يغيّر طريقة تقييم مخاطر أمراض القلب باستخدام الساعات الذكية، ما يوفّر وسيلة جديدة لمراقبة صحة القلب بسهولة أكبر، ومن دون الحاجة إلى اختبارات معقدة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، زانلين تشين، الباحث في كلية الطب بجامعة نورث وسترن: “المقياس الذي طورناه يركّز على كيفية استجابة القلب للتمارين بدلاً من مجرد قياس النشاط البدني بحد ذاته. إنها طريقة أكثر دقة، لأنها تعكس قدرة القلب على التكيّف مع المجهود اليومي”.
بيانات الساعات الذكية لتحديد الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب
ستساهم البيانات التي تجمعها الساعات الذكية، في تحديد الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب، وتشجيعهم على استشارة الأطباء لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة. وحلل الباحثون في إطار هذا البحث، بيانات نحو 7 آلاف شخص في الولايات المتحدة، ممن شاركوا بيانات ساعاتهم الذكية وسجلاتهم الصحية الإلكترونية عبر برنامج All of Us المدعوم من المعاهد الوطنية للصحة. وشملت البيانات 5.8 ملايين يوم شخصي و51 مليار خطوة، ما أعطى الباحثين رؤية واسعة بشأن العلاقة بين معدل ضربات القلب لكل خطوة وصحة القلب.
خطورة ارتفاع معدل عدد نبضات القلب ومؤشراته
أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين لديهم معدل مرتفع في عدد نبضات القلب لكل خطوة كانوا أكثر عُرْضة للإصابة ببعض الأمراض المزمنة، فقد تبيّن أنهم معرضون للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بمعدل مضاعف مقارنة بغيرهم، كما زادت احتمالية إصابتهم بفشل القلب بنسبة تقارب 70%، وارتفاع ضغط الدم بنسبة 60%، وتصلب الشرايين التاجية بنسبة 40%. ومع ذلك، لم تجد الدراسة أي علاقة بين هذا المؤشر وخطر الإصابة بالسكتات الدماغية أو الأزمات القلبية.
أهمية الحاجة للفحص الطبي

أشارت الدراسة إلى أن معدل ضربات القلب لكل خطوة، يمكن أن يصبح مؤشراً مبكراً للأشخاص الذين يحتاجون إلى فحوصات قلبية إضافية، أو برامج لتحسين صحة القلب. ونظراً لسهولة حسابه، يمكن للأفراد حساب ذلك المعدل يدوياً باستخدام بيانات ساعاتهم الذكية، أو دمجه في تطبيقات اللياقة والصحة المستقبلية. وعلى الرغم من النتائج المشجعة، أكد الباحثون أن هذه الدراسة تُمثّل بداية فقط في تطوير هذا المقياس الجديد، حيث لم يتمكنوا من تحديد توقيت جمع البيانات بدقة مقارنة بموعد تشخيص الأمراض القلبية.
تحسين دقة التحليل من خلال تتبع البيانات
بهدف تعزيز دقة النتائج، يخطط الباحثون لإجراء دراسات أكثر تفصيلاً على مدى زمني أطول، ما يساعد في فهم العلاقة بين هذا المؤشر وتطور أمراض القلب. ويسعى الباحثون إلى تحسين دقة التحليل من خلال تتبع البيانات على مستوى الدقائق، بدلاً من الاعتماد على المتوسط اليومي. وفي المستقبل، يمكن دمج هذا المقياس ضمن التقييمات الطبية القياسية لمخاطر أمراض القلب ليصبح جزءاً من الفحوصات الروتينية.