الفيفا يرفع الرهان: 355 مليون دولار للأندية في مونديال 2026

في خطوة تعكس التوسع الكبير لبطولة كأس العالم لكرة القدم، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، عن تخصيص مبلغ غير مسبوق قدره 355 مليون دولار للأندية التي ستُسرح لاعبيها للمشاركة في مونديال 2026. هذا المبلغ يمثل زيادة هائلة بنسبة 70% عن النسخة السابقة في قطر 2022، ويأتي في سياق مذكرة تفاهم مجددة مع رابطة الأندية الأوروبية. فما هي الأبعاد الحقيقية لهذا القرار؟ وكيف سيؤثر على العلاقة بين الأندية والمنتخبات، خاصة مع التغييرات الجذرية في شكل البطولة؟
قفزة نوعية في التعويضات: 355 مليون دولار للأندية
أعلن الفيفا عن تخصيص 355 مليون دولار للأندية التي ستُسرح لاعبيها للمشاركة في كأس العالم 2026. هذا الرقم يمثل قفزة كبيرة مقارنة بـ 209 ملايين دولار التي وُزعت في مونديال قطر 2022. هذه الزيادة البالغة 70% تثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع الكبير.
مذكرة تفاهم مع رابطة الأندية الأوروبية
يأتي هذا القرار في إطار مذكرة تفاهم تم تجديدها بين الفيفا ورابطة الأندية الأوروبية ECA في مارس 2023. هذه المذكرة تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الهيئة الكروية العليا والأندية، وضمان حصول الأندية على تعويض عادل عن مساهمتها في نجاح البطولات الدولية. السبب الأبرز لهذه الزيادة هو التوسع الهائل في كأس العالم 2026، التي ستُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. ستكون هذه النسخة الأولى التي تضم 48 منتخبًا بدلاً من 32، مع رفع عدد المباريات من 64 إلى 104. هذا التوسع يعني زيادة في عدد اللاعبين المشاركين، وبالتالي زيادة في العبء على الأندية.
برنامج تعويضات مُنقّح: من يستفيد وكيف؟
أكد الفيفا في بيانه أن “من المُزمع أن يزداد عدد الأندية المستفيدة من كأس العالم”. هذا يعني أن البرنامج الجديد لن يقتصر على الأندية التي يشارك لاعبوها في النهائيات فقط، بل سيشمل نطاقًا أوسع. أحد أبرز التعديلات في البرنامج الجديد هو أن الأندية ستحصل على تعويض مباشر عن اللاعبين الذين يشاركون في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، “بصرف النظر عن خوض اللاعب لاحقًا غمار نهائيات البطولة أم لا”. هذه الخطوة تضمن أن الأندية التي تساهم في إعداد اللاعبين للمنتخبات الوطنية ستحصل على نصيبها من صندوق التضامن، حتى لو لم يتأهل منتخب اللاعب للنهائيات.
نهج أكثر عدلاً وشمولاً
وصف الفيفا هذه المقاربة الجديدة بأنها “خطوة إضافية في الطريق نحو تعزيز مستوى التضامن الرامي إلى إيجاد نهج أكثر عدلاً وشمولاً في إعادة توزيع الموارد على مختلف الجهات المعنية داخل منظومة كرة قدم الأندية على الصعيد العالمي”. هذا يعكس رغبة الفيفا في بناء علاقة أكثر استدامة وإنصافًا مع الأندية، التي تُعد العمود الفقري لكرة القدم الاحترافية.
مقارنة بمونديال 2022: دروس مستفادة وتحديات جديدة
أرقام مونديال قطر: في مونديال قطر 2022، وزع الفيفا 209 ملايين دولار على أندية المنتخبات الـ 32 المشاركة في النهائيات. استفاد من هذا البرنامج 440 ناديًا من 51 اتحادًا عضوًا. هذه الأرقام تُظهر أن الفيفا لديه خبرة سابقة في إدارة مثل هذه البرامج، لكن التوسع في 2026 يفرض تحديات جديدة. مع زيادة عدد المنتخبات والمباريات، ستزداد الضغوط على اللاعبين والأندية. ستكون هناك حاجة أكبر لضمان صحة اللاعبين وسلامتهم، بالإضافة إلى تعويض الأندية عن غياب لاعبيها لفترات أطول. المبلغ الجديد يهدف إلى معالجة هذه التحديات، لكن يبقى السؤال حول مدى كفايته.

تعزيز التعاون وتجنب الصراعات
لطالما كانت العلاقة بين الفيفا والأندية، خاصة الأوروبية الكبرى، تتسم بالتوتر أحيانًا، خاصة فيما يتعلق بتسريح اللاعبين للمنتخبات الوطنية وتأثير ذلك على جداول المباريات والإصابات. هذا البرنامج الجديد يمثل محاولة لتعزيز التعاون وتجنب الصراعات المحتملة، من خلال تقديم حوافز مالية مجزية للأندية. من المتوقع أن تستفيد الأندية الصغيرة والمتوسطة بشكل أكبر من هذا البرنامج، خاصة مع توسيع نطاق التعويض ليشمل اللاعبين المشاركين في التصفيات. هذا قد يساعد هذه الأندية على تعزيز استقرارها المالي وتطوير مواهبها، مما يعود بالنفع على كرة القدم ككل.
إن قرار الفيفا بتخصيص 355 مليون دولار للأندية في مونديال 2026 يمثل خطوة استراتيجية مهمة تعكس التوسع الكبير للبطولة وتأثيرها على منظومة كرة القدم العالمية. وبينما يهدف هذا القرار إلى تعزيز التضامن وتكريم مساهمة الأندية، فإنه يطرح أيضًا تساؤلات حول التحديات اللوجستية والمالية التي قد تنشأ عن هذا التوسع غير المسبوق. يبقى أن نرى كيف ستُدار هذه الأموال، وما إذا كانت ستنجح بالفعل في تحقيق أهدافها المعلنة في تعزيز العدالة والشمولية في عالم كرة القدم.