بوراك أوزجيفيت: من حريم السلطان إلى أيقونة الشاشة التركية

في يونيو 2025، أسدل الستار على الموسم السادس من المسلسل التاريخي الملحمي المؤسس عثمان Kuruluş Osman، بعد 194 حلقة صنعت من بطله بوراك أوزجيفيت أيقونة درامية بامتياز. حيث تألق بوراك بتقديم شخصية عثمان بن أرطغرل، مؤسس الدولة العثمانية، وقد امتاز أداؤه بالقوة والوقار، مُثبتًا قدرته على التجدّد والإقناع في واحد من أكثر الأدوار تعقيدًا في مسيرته الفنية. وفي الوقت الذي كان فيه جمهوره ينتظر الإعلان عن الجزء السابع من المسلسل، فاجأ بوراك الجميع بإعلان انسحابه من هذا المسلسل الذي ارتبط اسمه به منذ 2019، فما القصة؟
4 ملايين تشعل الخلاف… بوراك أوزجيفيت ينسحب من المؤسس عثمان بعد سنوات من التألق
View this post on Instagram
بحسب مصادر إعلامية تركية، جاء قرار النجم بوراك أوزجيفيت Burak Özçivitبالانسحاب من الجزء السابع من مسلسل المؤسس عثمان Kuruluş Osman على خلفية مطالبته برفع أجره إلى 4 ملايين ليرة تركية عن كلّ حلقة في الموسم السابع، وهو ما أدّى إلى تعثّر المفاوضات مع جهة الإنتاج، وطرح علامات استفهام حول مصير العمل ومستقبله من دون بطله الأساسي الذي جسّد شخصية عثمان بيك لسنوات، وارتبط بها في ذاكرة المشاهدين.
اعتبرت شركة الإنتاج Bozdağ Film طلب بوراك أوزجيفيت مبالغاً فيه وغير واقعي، خاصّة في ظلّ التوازنات الإنتاجية التي تسعى الشركة للحفاظ عليها في الموسم السابع. هذا التباين في التقديرات المالية أدّى إلى نشوء أزمة بين الطرفين، لم تفلح المفاوضات في تجاوزها، ما تسبّب في إنهاء التعاون بين بوراك والشركة بعد رحلة ناجحة دامت لسنوات عدّة، شكّل خلالها أوزجيفيت وجه العمل وبطل قصته الرئيسي، وجسّد شخصية عثمان بيك التي ارتبطت في وجدان الجمهور.

وعبر خاصية الستوري على حسابه الرسمي على إنستغرام، شارك بوراك أوزجيفيت رسالة وداع مؤثرة لاقت تفاعلاً واسعاً بين محبيه ومتابعيه، عبّر فيها عن مشاعر الامتنان والوفاء لكلّ من سانده خلال رحلته الطويلة في مسلسل المؤسس عثمان، والتي امتدّت على مدار ست سنوات متواصلة من العمل والشغف.
وجاء في الرسالة التي كتبها النجم التركي ما معناه: “الوداع أمر صعب… أودّ أن أودّع مشاهدينا بتوجيه الشكر لكلّ من عمل على خلق التأثير من خلال شغف وجهد استمرّ 6 سنوات”. واختتم كلماته بعبارة محمّلة بالأمل قائلاً: “إلى اللقاء في حكايات جديدة”.
View this post on Instagram
خلال المواسم الست، شهد مسلسل المؤسس عثمان نجاحًا جماهيريًا واسعًا تخطى المحلية لينافس على الساحة الدولية، وحصد عشرات الجوائز، أبرزها جائزة أفضل ممثل من Golden 61 Awards وRTGD Oscars ، ليثبت بذلك أنّ بوراك لم يعد مجرّد وجه وسيم، بل هو نجم متكامل يرسم ملامح الدراما التركية الحديثة.
وبالتالي جاء انسحاب بوراك أوزجيفيت ليضع صنّاع المؤسس عثمان أمام منعطف جديد، استدعى إعادة النظر في مسار الموسم السابع وصياغة رؤى جديدة لاستمرارية السرد التاريخي دون الإخلال بروح العمل.
ورغم التكهنات المتداولة، لم يُكشف حتى الآن عن هوية الممثل الذي سيحمل شعلة عثمان في المواسم المقبلة، ما يزيد من حالة الترقب بين الجمهور، ويطرح علامات استفهام حول طبيعة التطورات التي سيحملها الموسم المنتظر.
حب أعمى … نجاح على الساحة العالمية
View this post on Instagram
لكنّ أوزجيفيت لم ينتظر المؤسس عثمان ليصعد إلى القمة، فقد كانت انطلاقته العالمية مع المسلسل الرومانسي الشهير حب أعمى Kara Sevda الذي عُرض بين عامي 2015 و2017. يعتبر هذا المسلسل أحد أكثر التجارب التلفزيونية التركية نجاحًا وانتشارًا عالميًا، وقد تألق خلاله النجم بوراك أوزجيفيت إلى جانب نسليهان أتاغول، بدور البطولة مؤدّيًا شخصية كمال سويدري، الشاب المكافح الذي تنقلب حياته رأسًا على عقب حين يقع في حب امرأة تنتمي إلى عالم مختلف تمامًا عن عالمه.
نجح بوراك أوزجيفيت في تقديم شخصية كمال بصورة مختلفة عن الشخصيات الرومانسية النمطية. لم يكن مجرد حبيب مثالي، بل رجل يحمل تناقضات داخله: الغضب، الكرامة، الحب، والرغبة في الانتقام. وقد تنقّل بوراك بين هذه الحالات النفسية بأداء ناضج، يعكس تطور شخصيته من شاب عادي إلى رجلٍ يتحدى كل شيء من أجل العدالة والحب.
عُرض Kara Sevda ، لأول مرة في أكتوبر 2015، وسرعان ما تحوّل إلى ظاهرة تلفزيونية، ليس فقط في تركيا بل على مستوى العالم. المسلسل تُرجم إلى أكثر من 50 لغة، وبُث في أكثر من 110 دول، من أميركا الجنوبية إلى الشرق الأوسط وآسيا.
View this post on Instagram
ردود الفعل على هذا المسلسل كانت استثنائية، ففي تركيا، تصدّرت الحلقات نسب المشاهدة الأسبوعية، وحصد المسلسل جوائز عدّة منها أفضل مسلسل درامي وأفضل ممثل لبوراك.
وفي أميركا اللاتينية، فقد أصبح كمال اسمًا مألوفًا، وتصدّر بوراك قوائم “أكثر النجوم شعبية” في المكسيك، كولومبيا، والأرجنتين. كما فاز المسلسل بجائزة إيمي الدولية في فئة أفضل مسلسل درامي أجنبي عام 2017، وهو إنجاز غير مسبوق للدراما التركية حتى ذلك الحين.
View this post on Instagram
حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، شكّلت شخصية كمال محورًا لعشرات الآلاف من الحسابات والمجموعات والمعجبين، فيما حصدت مشاهد المسلسل ملايين المشاهدات على يوتيوب.
وقد صرّح بوراك في أكثر من مقابلة أنّ “كمال” كان تحديًا كبيرًا، لأنه: “كان عليه أن يلعب دور رجل يتحطم من الداخل لكن عليه أن يبقى واقفًا من أجل كل من يحبهم”، مضيفًا أنّ التفاعل الجماهيري الكبير فاجأه وأثّر به شخصيًا.
طائر النمنمة: حين يلتقي الحب بالكلاسيكية والحنين
View this post on Instagram
في عام 2013، جسّد بوراك أوزجيفيت واحدة من أشهر الشخصيات في الأدب التركي: الدكتور كامران في مسلسل طائر النمنمة Çalıkuşu ، المستوحى من رواية الكاتب الكبير رشاد نوري كنتك. هذا العمل أعاد إحياء قصة عشق كلاسيكية لا تنطفئ، تدور أحداثها في بدايات القرن العشرين بين فتاة يتيمة ذات شخصية قوية تُدعى فريدة، أدّتها الممثلة فخرية إيفجن التي أصبحت لاحقًا زوجته، وابن عمها كامران، الذي تحوّل إلى رمز للرجل الرومانسي الصامت والممزق بين الواجب والعاطفة.
العلاقة التي نشأت بين بوراك وفخرية أثناء التصوير لم تكن فقط سرّ نجاح العمل، بل تحوّلت إلى قصة حب حقيقية انتهت بالزواج في عام 2017. هذه الكيمياء الساحرة بين النجمين أضفت صدقًا استثنائيًا على شخصياتهما، وجعلت المسلسل حديث الجمهور في تركيا والعالم العربي آنذاك.
View this post on Instagram
رغم أنّ مسلسل طائر النمنمة لم يُكمل أكثر من موسم واحد، إلاّ أنّ تأثيره الثقافي كان كبيرًا. وقد حصد بوراك أوزجيفيت عن دوره كلاً من جائزة أفضل ممثل تلفزيوني لعام 2014 من جوائز Elle Style Awards وجائزة أفضل ممثل من جامعة غالاتا سراي التركية. كما حظي بتكريمات من عدد من المجلات الفنية واعترافًا جماهيريًا بقدرته على تجسيد شخصية أدبية كلاسيكية بشكل معاصر وعاطفي.
بوراك أوزجيفيت في حريم السلطان: من الظل إلى وهج النجومية
View this post on Instagram
قبل أن يصبح بوراك أوزجيفيت نجم الصف الأول في تركيا وخارجها، كانت محطته الذهبية في مسلسل حريم السلطان (2011–2012) ، بمثابة نقطة التحوّل الكبرى التي سلطت عليه الأضواء وجعلت الجمهور يتوقف عنده، ليس فقط كوجه وسيم، بل كممثل يمتلك كاريزما تاريخية وموهبة درامية واعدة.
في الموسم الثاني والثالث من حريم السلطان، أدّى بوراك دور بالِي بيك، أحد القادة العسكريين المقربين من السلطان سليمان القانوني، والذي عُرف بوفائه، شجاعته، وولائه المطلق للدولة. وعلى الرغم من أنّ الشخصية لم تكن في صلب الصراع السياسي والدرامي في القصر، فإنها سرعان ما تحوّلت إلى واحدة من أكثر الأدوار شعبية وتأثيرًا، بفضل الحضور الطاغي لبوراك وتعبيره الهادئ والمغناطيسي.
View this post on Instagram
وقد تحوّلت شخصية بالي بيك إلى ظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت صور الشخصية وتعليقاتها بكثافة، حتى أصبحت مادة أساسية في القنوات الفنية والصحف والمجلات.
بعد حريم السلطان، ارتفعت أسهم بوراك أوزجيفيت بشكلٍ مذهل، إذ بدأ يُعرض عليه أدوار بطولة مطلقة، وكانت البداية بمسلسل طائر النمنمة عام 2013، حيث انتقل من دور المساند إلى مركز الدراما. كما حصل على عقود إعلانية هامة، وصار أحد أكثر الوجوه طلبًا في الحملات التسويقية.
View this post on Instagram
قبل حريم السلطان، لمع نجم بوراك في مجموعة من المسلسلات مثل أسرار البنات Küçük Sırlar، النسخة التركية من Gossip Girl، و الحب المستحيل واسمه بالتركية Zoraki Koca، حيث برز كوجه وسيم قادر على تجسيد الشاب العصري والطموح. لكنّ بدايته الحقيقية جاءت في 2006 من خلال مسلسل Eksi 18، حين أدّى دور شرطي شاب، في خطوة أولى أكدت امتلاكه خامة تمثيلية قوية.
أكثر من ممثل .. رجل أعمال ناجح وطموح
View this post on Instagram
بينما يراه الملايين نجمًا متألقًا على الشاشة، يعرف المقربون من بوراك أوزجيفيت جانبًا آخر من شخصيته: رجل أعمال طموح، يخطط بدقة ويستثمر بذكاء. بعيدًا عن أضواء مواقع التصوير، بنى بوراك خلال السنوات الماضية إمبراطوريته الخاصة، مؤكّدًا أنّ النجاح لا يتوقّف عند الفن، بل يمكن أن يمتد إلى عالم الأعمال.
أولى خطواته كانت في تأسيس شركة إنتاج خاصة به BRK’s Production، التي لم يكتف فيها بدور المنتج التنفيذي فحسب، بل خاض من خلالها تجربة إنتاج عدد من الأفلام الرومانسية الناجحة، مثل Aşk Sana Benzer – الحب الذي يشبهك – 2015 وفيلم أخي أنا Kardeşim Benim بجزئيه، حيث لعب دور البطولة وشارك في صناعة المحتوى من الألف إلى الياء. هذه الخطوة أظهرت جانبًا استراتيجيًا في شخصيته، حيث جمع بين الفن والتخطيط المالي، وقدرته على توجيه مشاريعه بما يناسب ذوق الجمهور.
كما تداولت الصحافة التركية أخبارًا عن استثمارات عقارية ذكية قام بها في إسطنبول ومناطق ساحلية أخرى، في خطوة تؤكد نظرته الطويلة المدى نحو الاستقرار المالي وتوسيع النفوذ.
حضور قوي في الإعلانات
View this post on Instagram
قبل دخول عالم التمثيل، بدأ بوراك مسيرته المهنية في عرض الأزياء حيث حاز لقب “أفضل موديل في تركيا” عام 2003، ثم جاء في المرتبة الثانية عالميًا عام 2005. وبعد نجاحه القوي والعالمي في مجال التمثيل ليس من المستغرب أن يتحوّل بوراك الى نجم تتسابق العلامات الفاخرة للتعاقد معه ليس على الصعيد المحلي فحسب إنما أيضًا صعيد الشرق الأوسط والعالم.
يمتلك بوراك قاعدة جماهيرية تتجاوز الـ 25 مليون متابع على إنستغرام، ما جعله محط أنظار كبرى شركات التسويق الرقمي التي تدرك جيدًا قوة تأثيره على الجمهور. وقد سجلت الحملات التي شارك فيها نسب تفاعل مرتفعة جدًا، لا سيما بين الفئات العمرية بين 18 و35 عامًا.
View this post on Instagram
بفضل هذه الأرقام، أصبح بوراك من أكثر النجوم قيمة في السوق الإعلانية التركية، حيث تصنّفه دراسات محلية ضمن “المؤثرين الأعلى ثقةً” لدى المستهلكين، خصوصًا في فئات الموضة والعناية الشخصية.
من الساعات الفاخرة إلى العطور الراقية، ومن الملابس الرجالية الأنيقة إلى مستحضرات العناية، شارك بوراك في حملات دعائية ضخمة لعدد من أبرز الماركات.
View this post on Instagram
في عام 2023، سطع نجم بوراك كسفير رسمي لعلامتي علي بن علي لاكجوري وعلي بن علي فاشن، في خطوة جمعت بين الأناقة والنجومية. وقد أعلنت العلامة عن هذا التعاون المميز، مؤكّدةً أنّ النجم التركي سيُمثّلها في مختلف أنحاء الخليج، متألقاً بساعات Purnell السويسرية الفاخرة في الحملات الإعلانية والفعاليات الترويجية.
View this post on Instagram
وفي عام 2025، واصل بوراك أوزجيفيت تألقه كوجه إعلاني لعدد من أبرز العلامات التجارية، حيث تصدّر حملات ضخمة رسّخت مكانته كنجم تسويق من الطراز الأول. أبرز هذه الحملات كانت تعاونه المستمر مع Altınyıldız Classics، حيث ظهر في مجموعة ربيع وصيف 2025، بإطلالات جمعت بين اللمسة الكلاسيكية والخطوط العصرية، ما جعل الحملة تحقق تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل.
View this post on Instagram
هذه الحملات لم تكن مجرد إعلانات، بل استراتيجية مدروسة لتوسيع حضوره في الأسواق الأوروبية والخليجية، حيث يحظى بشعبية كبيرة خصوصًا في الإمارات والسعودية.
بوراك أوزجيفيت بعيدًا عن أضواء الشهرة
View this post on Instagram
رغم حضوره الطاغي على الشاشة، يحرص بوراك أوزجيفيت على إبقاء حياته الخاصة في مساحة من التوازن والهدوء بعيدًا عن ضجيج الشهرة. وتُعد علاقته بزوجته الممثلة التركية الجميلة فخرية إيفجن واحدة من أكثر القصص الرومانسية شهرة في الوسط الفني التركي، حيث بدأت شرارتها خلف كواليس مسلسل طائر النمنمة عام 2013، وتحولت من انسجام تمثيلي إلى قصة حب حقيقية تكللت بالزواج في حفل أنيق عام 2017.
مع فخرية، شكّل بوراك ثنائيًا أيقونيًا تابع الملايين تطورات علاقتهما، وتحوّلا معًا إلى زوجين يحظيان بمحبة جماهيرية جارفة. ورغم كثرة الأضواء المسلّطة عليهما، حافظا على صورة ناضجة لعلاقة مستقرة مبنية على الدعم المتبادل والاحترام.
View this post on Instagram
في عام 2019، رُزق الثنائي بمولودهما الأول كاران، ليضيف بعدًا جديدًا إلى حياتهما، ويُظهر بوراك جانب الأب الحنون الذي لا يتردد في التعبير عن مشاعره الأسرية، سواء في لقاءاته الإعلامية أو عبر منصات التواصل. ومع ولادة ابنهما الثاني كريم في عام 2023، اكتملت الصورة لعائلة صغيرة تُشكّل ملاذًا للنجم بعيدًا عن صخب المهنة.
ورغم جدول أعماله المزدحم، لا يفوّت بوراك فرصة لقضاء الوقت مع أسرته. يظهر كثيرًا في صور بسيطة وعفوية مع ولديه، ويؤكد دائمًا أنّ الأبوة منحته توازنًا داخليًا وجعلته يعيد ترتيب أولوياته.