مدن بلا سيارات: حيث الصمت نعمة والحياة تمشي على مهل
في عالمٍ يضجّ بالحركة والضوضاء، والشوارع المزدحمة التي تملؤها أبواق السيارات ودخانها، يبدو العثور على مكان بلا مركبات حلماً… لكن الحلم موجود. نعم، على كوكبنا مدن وقرى قررت أن تعيش بهدوء، اختارت الانفصال عن عالم الإسفلت والمركبات، فخلقت لنفسها نمطًا فريدًا: حياة بلا سيارات. سواء أكان الهدف حماية البيئة، أم الحفاظ على الطابع التاريخي، أم ببساطة لأن جغرافيا المكان لا تسمح بمرور المركبات، فإن هذه المدن تقدم تجربة إنسانية ساحرة، حيث الهواء نقي، والصمت موسيقى، والتنقّل متعة بحد ذاته.
مدن تُعلّمنا أن نمشي ببطء لنعيش أكثر
هذه المدن والقرى ليست فقط أمثلة على الجمال الطبيعي أو التراث، بل دعوة للتأمل في شكل الحياة. هل نحتاج فعلًا إلى هذا الكم من المركبات؟ ربما حان الوقت لإعادة التفكير… فالصمت أحيانًا، يكون الرفاهية الحقيقية.
البندقية المدينة الإيطالية الني تمشي على الماء وتتحدّث بالضوء

فينيسيا، أو البندقية، ليست مجرّد مدينة، بل لوحة عائمة على سطح البحر الأدرياتيكي. لا سيارات، لا شوارع تقليدية، بل متاهة من الأزقة والقنوات والجسور. وعلى الرغم من الزحام السياحي، يسكن المدينة حوالي 50,000 نسمة يفخرون بكونهم فينيسيين قبل أن يكونوا إيطاليين. ويقفون بحزم ضد ما يُسمى بـالاستيلاء السياحي، مدافعين عن روح مدينتهم الهشّة.
شوارع من ماء وحجر
شوارع فينيسيا عبارة عن أزقة ضيقة متعرّجة، تتخللها قنوات مائية. بعضها لا يتسع سوى لشخصين، وبعضها ينتهي عند حافة الماء، لتبدأ رحلة في اتجاه آخر. ويصبح القارب وسيلة يومية للتنقل، والمشي هو الوسيلة الرئيسية. أما الجندول فهو رمز المدينة، للقادمين في رحلات رومانسية. والفابوريتو، هي الحافلة المائية التي تخدم التنقل العام.
زيرمات لؤلؤة الألب التي لا تعرف المحرّكات
بين قمم الألب الشاهقة، تقع قرية زيرمات، واحدة من أكثر الأماكن هدوءًا في أوروبا. ممنوع دخول السيارات بالكامل! الهواء نقي، والضجيج غائب، فقط صوت الأقدام، وقع عربات تجرها الخيول، وبعض الدراجات الكهربائية. منازل خشبية من القرن التاسع عشر تحتضن الأزقة الحجرية. سكان زيرمات اعتادوا الشتاء القاسي، ويحتفون بمهرجاناتهم الريفية بملابس تقليدية، ويفتخرون بالحفاظ على بيئتهم.
وسائل تنقل صديقة للبيئة

تنتشر في المدينة عربات كهربائية صغيرة لنقل الأمتعة وتلفريك وقطارات جبلية نحو القمم الثلجية. ويعتمد السكان والسياح المشي والدراجات لاستكشاف زيرمات بأفضل طريقة. يمكن الوصول إلى المدينة عبر قطار من قرية Täsch، حيث تُركن السيارات ويبدأ الهدوء.
غيثورن الهولندية فينيسيا الشمال… ولكن أكثر هدوءًا

في مقاطعة أوفرايسل، تختبئ قرية غيثورن بين الماء والخُضرة والزهور. لا طرقات، لا سيارات، فقط جسور خشبية، قنوات ضيقة، ومنازل تقليدية يُزيّنها القش والورود. شوارع من زهور وماء وقنوات مائية تمر بين المنازل. وهناك أكثر من 170 جسرًا خشبيًا مقوّسًا، وممرات ضيقة للمشي والدراجات، محفوفة بالورود. ويمكن التنقل عبر قوارب الهامس Whisper Boats الكهربائية بلا ضوضاء. وممارسة رياضة المشي واستخدام الدراجات بين الأزقة الهادئة. تُعتبر غيثورن نموذجًا للسياحة المستدامة والنقل الصديق للبيئة.
جزيرة ماكيناك الأميركية: حيث الزمن لا يعرف السيارة

وسط بحيرة هورون، تقع جزيرة ماكيناك بين بيرّي ميشيغان، كأنها مشهد من رواية تاريخية: عربات خيل، دراجات، طرقات من الحصى، وهواء نقي بلا سيارات منذ عام 1898! تستقبل الجزيرة مئات الآلاف سنويًا، خاصة في الصيف، وتُعد وجهة مثالية للأزواج، والعشاق، ومحبي المعمار الفيكتوري والطبيعة الهادئة.
شوارع من القرن التاسع عشر
ممنوع دخول السيارات منذ 1898. وتنتشر المحلات والمنازل الخشبية على الطرق المرصوفة بالحصى. كل زاوية تحكي قصة، من متاجر الحلوى إلى الفنادق العتيقة. وتعتمد المدينة وسائل تنقّل كلاسيكية تتنوع بين الدراجات الهوائية وعربات تجرها الخيول، والمشي، إلى جانب اعتماد القوارب والعبّارات للوصول من البر.
جزر لوفوتن النرويجية: جمال القطب وهدوء البحر

جزر لافوشا أو لوفوتن، تقع شمال غرب النرويج داخل الدائرة القطبية. جبال حادة، شواطئ رملية، خلجان زرقاء، وأكواخ صيادين روربو تطل على البحر. يعيش السكان من الصيد، الزراعة، والسياحة. يحبون طبيعتهم ويحرصون على العيش بتناغم معها. يمكن المشي أو استخدام الدراجات بسهولة. وترتبط الجزر بجسور وأنفاق مذهلة. وتوجد حافلات بين بعض القرى، وعبارات للنقل البحري. في الصيف، تُشكل هذه الجزر وجهة شهيرة لرحلات السيارات والدراجات، أما في الشتاء، فالثلج يكسو الطرق وتتحول لوفوتن إلى عالم أبيض هادئ.