أعمال أضخم الفنانين المعاصرين تنضم إلى متاحف قطر
كشفت متاحف قطر مُمَثلة بسعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمنائها، النقاب عن أعمال فنية واسعة النطاق خاصة بالموقع للفنانين المشهورين أولافور إلياسون وسيمون فتال وإرنستو نيتو، والذين تم تكليفهم بإبداع أعمال فنية في الصحراء المتاخمة لموقعي الزبارة وعين محمد في أقصى شمالي البلاد.
وتنضم هذه الأعمال إلى أكثر من 100 عمل من أعمال الفن العام التابعة لمتاحف قطر والمنتشرة في الأماكن العامة بالدولة، من مطار حمد الدولي إلى سوق واقف المزدحم، تزامنًا مع كأس العالم FIFA قطر 2022™، حيث يتوقع أن يفد إلى الدوحة ما يقارب 1.5 مليون زائر.
هذا وحضر الفنانون المكلفون حفل إزاحة الستار عن الأعمال التركيبية، التي أقيمت في إطار مبادرة “قطر تُبدِع”، المبادرة الثقافية الوطنية التي تمتد على مدار العام، والتي ترعى وتروج للأنشطة الثقافية في قطر وتحتفي بتنوعها.
وقالت رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني: “اليوم لحظة فخر شديدة الخصوصية لمتاحف قطر، ليس فقط لأننا قدمنا ثلاثة أعمال رائعة لثلاثة من أكثر الفنانين المعاصرين إثارة للإعجاب في العالم فحسب، ولكن لاحتفائنا أيضًا بالمواقع التراثية العريقة في قطر. وقد تم الحفاظ على الزبارة، المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بشكل مميز ساعد في فهم أعمق للهوية الوطنية لدولة قطر والقصة الفريدة لتجارة اللؤلؤ، أما قرية عين محمد، فقد رممت عائلة النعيمي مبانيها التاريخية بهدف خدمة المجتمع المحلي في وقتنا الحاضر وفي المستقبل بغرض إعادة توظيفها كموقع للأنشطة التراثية والرياضات التقليدية. وهذان الموقعان هما فقط مثال بسيط على الطريقة التي نكرم بها ثقافتنا المادية. لذا، عندما يزور سكان قطر وزوارها هذه المنطقة لتأمل هذه الأعمال الجديدة المتميزة، فسوف يتعرفون على المناظر الطبيعية والتاريخ الطبيعي لدولة قطر، ويتوصلون إلى فهم أفضل للتنوع الثقافي فيها “.
وفي العمل الفني “سفر الظلال في بحر النهار” (2022)، يستمر الفنان الأيسلندي الدنماركي أولافور إلياسون في استكشافه للدور الذي يلعبه تصور المرء للعالم في كيفية ظهور الواقع المشترك، حيث يتكون العمل التركيبي من عشرين ملاذًا دائريًا بأسقف عاكسة، وثلاث حلقات مفردة، وحلقتين مزدوجتين موضوعة وفقًا لمحاور ضمنية محددة ضمن نمط تناظري خماسي، مع ترتيب عشرة من تلك الملاذات في المركز في شكل خماسي الأضلاع، أو نجمة خماسية. وقد اكتشف علماء الرياضيات في الغرب حديثًا الأسس الهندسية وراء هذه الأنماط، رغم أنهم ربما قد ألموا ببعض التصاميم المعقدة الموجودة .في الثقافة الإسلامية منذ العصور الوسطى
وعن عمله الفني، قال أولافور إلياسون: “سفر الظلال في بحر النهار، 2022، هو دعوة للتوافق مع الكوكب. فهو بمثابة احتفال بكل ما هو موجود ويتحرك عبر الصحراء في شمال الدوحة وقت زيارتك لها – الحيوانات والنباتات والبشر؛ أو القصص .”والتقاليد والتحف الفنية؛ أو حتى الرياح وضوء الشمس والهواء والحرارة
عند الوصول إلى العمل التركيبي والنظر إلى أسقفه العاكسة، ستدرك أنك، في الواقع، تنظر إلى الأسفل – إلى الأرض وإلى نفسك. في الأعلى والأسفل، تحيط بك الرمال، وأي شخص آخر يشاركك المساحة. وهو نوع من التحقق من اتصالك بالأرض. أما المرايا فتربط وتحسّن ما هو بعيد وجزئي، وتصل المحيط الفعلي بالمساحة المنعكسة وتخلق بحرًا من الروابط. قد يؤدي تأرجح نظراتك، جنبًا إلى جنب مع حركة جسمك، إلى تضخيم إحساسك بالوجود، بينما تسمو الملاجئ وتتخلى عن ماديتها، لتصبح منظرًا طبيعيًا من منظور ثقافي”.
في عملها الفني “مقام I، مقام II، مقام III”، ابتكرت الفنانة سيمون فتال ثلاث منحوتات من الجرانيت أزرق اللون ذات أشكال متعددة يمكن رؤيتها على أنها كثيب أو هيكل معماري أو خيمة تبدو وكأنها معالم جغرافية. تتآلف هذه الأشكال الثلاثة، سواء كانت أشكالًا طبيعية أو من صنع الإنسان، في أعمال فتال المعاصرة وترتبط بعمق مع النماذج الأصلية الموجودة في مناظر قطر الطبيعية وتاريخها. وبهذه المجموعة من المنحوتات الجرانيتية الضخمة، ابتكرت سيمون فتال أعمالًا يمكن أن تتعلق بتاريخ المكان بالإضافة إلى رمزية وضع المنحوتات في مثل هذه البيئة.
وقالت سيمون فتال عن عملها الفني: ” تم تصنيع المنحوتات في بريتاني بفرنسا، بالجرانيت الأزرق المحلي، لتبدو وكأنها حقيقية، فينظر الناس إليها متسائلين: هل هي أهرامات قديمة؟ هل هي خيام منصوبة لفترة طويلة؟ وحقيقة الأمر أن المنحوتات تمثل الأمرين معًا. ستوفر المنحوتات المأوى للمارة، وتقيهم من الشمس، وستخاطب الخيال، لأن المنحوتات تجسد صورة مركبة لما نتوقع أن نجده في الصحراء “.
وأخيرًا، العمل التركيبي الغامر للفنان البرازيلي إرنستو نيتو، السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض (2022)، يمجد كوكب الأرض، ويشيد بالبيئة الطبيعية ويخلق مساحة للتأمل والتفكير والتواصل بين الزوار من جميع أنحاء العالم وروح الصحراء. يتكون السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض من ثمانية قواعد على شكل مرمى كرة القدم متقابلة ضمن حلقة ثمانية الأضلاع، تتمحور حول منحوتة خزفية على شكل كرة أرضية ومحاطة بسطح واسع مصنوع من شبكة بيضاء من النسيج المحاك (كروشيه). ويؤكد العمل على أبحاث الفنان المستمرة حول مساحة الجسم والتوازن والجاذبية، تغذيها الطاقة والروحانية بشكلٍ متساوٍ.
وقال إرنستو نيتو عن عمله: “يدعو العمل الفني السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض الناس إلى العيش على طبيعتها والغناء والرقص والجلوس على الوسائد والشعور بالطاقة والقوة والهواء واستشعار جمال كوكبنا المذهل، وحبه باعتباره جنتنا. يخلق العمل مساحة للتأمل في حاضرنا وماضينا ومستقبلنا ضمن شبكة اجتماعية بيئية مشتركة بين البشر والطيور والحشرات والنباتات وجميع أشكال الحياة الأخرى. تم التكليف بالعمل الفني السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض بمناسبة كأس العالم 2022، وجاءت فكرته بحلم تتم فيه دعوة زعيم كل دولة مشاركة في كأس العالم للتأمل معًا في صمت حول معجزة العيش في كوكبنا الام، كوكب الارض: هدفنا هو التعادل”.
ويسلط تركيب هذه الأعمال الفنية الهامة الضوء على أهمية المواقع التراثية في قطر، والتي تتحمل متاحف قطر مسؤولية حفظها وحمايتها. فموقع الزبارة، الذي تم إدراجه ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2013 ويقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال غرب الدوحة، هو واحد من أفضل الأمثلة الباقية لمدن تجارة اللؤلؤ في القرنين 18-19 في منطقة الخليج. فعلى عكس نظيراتها، بقيت آثار مدينة الزبارة سليمة إلى حد كبير، ولم تندثر تحت المدن الحديثة الشاسعة في المنطقة. أما عين محمد، فهي قرية مهجورة تقع على بعد 3.5 كم شمالي الزبارة، وتقع مقابل مركز زوار الزبارة الجديد، وبها 24 مبنى، بما في ذلك مسجدان وحصن. وقد رُمِمت القرية مؤخرًا بغرض إعادة توظيفها كموقع للأنشطة التراثية والرياضات التقليدية، من بين أغراض أخرى.
وبالإضافة إلى الأعمال الفنية التركيبية التي أبدعها كل من أولافور إلياسون وسيمون فتال وإرنستو نيتو، يتم تحويل الأماكن العامة في البلاد إلى تجربة متحف فني مفتوح في الهواء الطلق مع أعمال فنية لكل من جيف كونز وأوغو روندينون وKAWS ورشيد جونسون ويايوي كوساما وكاتارينا فريتش وبيتر فيشلي وديفيد فايس وسوكي سيوكيونغ كانغ وشيلبا غوبتا وشيزاد داود وشعاع علي وفرج دهام وشوق المانع ومنيرة القادري وسلمان الملك وغيرهم من الفنانين العالميين ومن المنطقة وقطر، وسيتم الانتهاء من تثبيت تلك الأعمال قبيل بدء كأس العالم. وبهدف جعل الفن جزءًا من الحياة اليومية، أصبحت قطر واحدة من أولى الدول في الخليج التي أنشأت برنامجًا شاملاً للفن العام المعاصر. وفي سبيل ذلك، تتعاون متاحف قطر مع جهات مختلفة في برنامج الفن العام في قطر، بما في ذلك مطار حمد الدولي، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهيئة الأشغال العامة (أشغال)، من أجل تثبيت الأعمال الفنية في مجموعة متنوعة من الأماكن، منها المزدحم ومنها غير المتوقع، بغرض مفاجأة وإسعاد المارة.
