قمة التنس تعود للإيطالي.. سينر يستعيد عرش التصنيف العالمي في باريس

في ختام مثير لبطولة باريس للأساتذة (رولكس باريس ماسترز)، لم يكن الإيطالي يانيك سينر قد توج بلقبه الأول في العاصمة الفرنسية فحسب، بل حقق انتصاراً مزدوج الأهمية أعاده إلى صدارة التصنيف العالمي للاعبي التنس المحترفين. هذا الإنجاز، الذي جاء بعد سلسلة انتصارات مذهلة داخل الصالات، يطرح تساؤلات حول مستقبل قمة التنس الرجالي: هل نشهد ميلاد حقبة جديدة بقيادة الإيطالي الشاب، أم أن الصراع على العرش لا يزال في بدايته؟.
سينر: تتويج مزدوج و26 انتصاراً متتالياً
بشجاعة وهدوء أعصاب مميزين، اكتسح يانيك سينر منافسه الكندي فيليكس أوجيه-ألياسيم بنتيجة 6-4 و7-6، في مباراة استغرقت ساعة و52 دقيقة. لم يكن هذا الفوز مجرد إضافة للقب خامس في بطولات الماسترز 1000، بل كان تأكيداً على عودة سينر إلى المركز الأول عالمياً، وهو إنجاز يعكس مسيرة ثابتة وتطوراً ملحوظاً في أدائه. ما يزيد من بريق هذا التتويج هو الطريقة التي حقق بها سينر اللقب: لم يخسر أي مجموعة طوال البطولة، ليصبح أول لاعب يحقق هذا الإنجاز في بطولة ماسترز 1000 منذ كارلوس ألكاراز في إنديان ويلز عام 2023. كما عزز سينر سلسلته القياسية من الانتصارات المتتالية داخل الصالات إلى 26 فوزاً، مؤكداً هيمنته المطلقة على هذا النوع من الملاعب. عقب المباراة، عبر سينر عن سعادته قائلاً: “إنه أمر ضخم بصراحة، لقد كانت مباراة نهائية مكثفة للغاية، وكنا نعلم ما هو على المحك. أنا سعيد للغاية، لقد كانت الأشهر القليلة الماضية مذهلة. نحاول العمل على أشياء ورؤية هذه النتيجة تجعلني سعيداً بشكل لا يصدق. لقب آخر هذا العام… لقد كان عاماً رائعاً بغض النظر عما سيأتي في تورينو.”
صراع القمة: معركة تورينو المنتظرة
عودة سينر إلى المركز الأول عالمياً لا تقتصر على مجرد تغيير في الأرقام، بل تشعل المنافسة على لقب لاعب العام المقدم من PIF . يتقدم سينر الآن على ألكاراز بفارق 1050 نقطة فقط في سباق PIF ATP Live Race To Turin ، ما يعني أن المعركة الحاسمة ستكون في البطولة الختامية للموسم، نهائيات الجولة العالمية لرابطة محترفي التنس في تورينو، حيث يحمل سينر لقب البطولة من العام الماضي. هذا الصراع الثنائي بين سينر وألكاراز يذكرنا بالحقبات الذهبية للتنس، ويعد بمواجهات مثيرة تحدد هوية الأفضل في عام 2025. فهل سيتمكن سينر من الدفاع عن لقبه في تورينو وتأكيد أحقيته بالصدارة، أم أن ألكاراز سيقلب الطاولة في اللحظة الأخيرة؟
أوجيه-ألياسيم: بصيص أمل في نهاية الموسم
على الرغم من الخسارة، فإن مسيرة فيليكس أوجيه-ألياسيم إلى نهائي الماسترز 1000 الثاني في مسيرته، تعد إنجازاً مهماً يعزز فرصه في التأهل لنهائيات الجولة العالمية في تورينو. فقد صعد الكندي إلى المركز الثامن في سباق Live Race ، متقدماً بـ 160 نقطة على لورينزو موسيتي. سيسعى أوجيه-ألياسيم لتأمين مكانه في البطولة الختامية عندما يشارك في بطولة ميتز الأسبوع المقبل. هذا الأداء القوي من أوجيه-ألياسيم يظهر قدرته على العودة للمنافسة بعد فترة من التراجع، ويؤكد أن قائمة المرشحين للمنافسة على الألقاب الكبرى تتسع تدريجياً.

تحليل الأداء: ثبات سينر مقابل تذبذب ألياسيم
في تفاصيل المباراة، أظهر سينر ثباتاً مذهلاً، خاصة في ضرباته الأمامية. فوفقاً لتحليلات TDI Insights ، سجل سينر 43 ضربة أمامية من أصل 46 في اللعب، وحقق جودة تسديد بلغت 9.6. هذا الثبات هو ما سمح له بالاستفادة من الأخطاء القليلة لمنافسه. من جانبه، بدأ أوجيه-ألياسيم المباراة بشكل متوتر، حيث ارتكب ثلاثة أخطاء غير قسرية متتالية في الشوط الافتتاحي، مما كلفه كسر إرساله. ورغم أنه استعاد توازنه وقدم أداءً قوياً في المجموعة الثانية، حيث أنقذ جميع نقاط الكسر الخمس التي واجهها، إلا أن خطأً غير قسري واحداً في الشوط الفاصل كان كافياً ليمنح سينر الأفضلية الحاسمة. يقول سينر عن أداء أوجيه-ألياسيم: “لقد كانت مباراة صعبة للغاية، كان يرسل بشكل لا يصدق، خاصة بعد الكسر الأول… لم أحصل على العديد من الفرص… عليك استغلال الفرص الصغيرة التي تحصل عليها، وفي الشوط الفاصل كان مجرد كسر مصغر، لذا أنا سعيد جداً بكيفية لعبي هناك.”
هل بدأت حقبة سينر؟
إن تتويج يانيك سينر بلقب باريس للأساتذة وعودته إلى صدارة التصنيف العالمي ليس مجرد حدث عابر، بل هو إشارة قوية إلى أن التنس الرجالي يشهد تحولاً في القمة. مع اقتراب نهائيات تورينو، تتجه الأنظار نحو هذا الشاب الإيطالي الذي يمتلك كل مقومات البطل: الموهبة، الهدوء، والثبات. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل سيتمكن سينر من ترسيخ هيمنته وتأكيد أنه ليس مجرد ومضة في سماء التنس، بل هو نجم قادم ليقود حقبة جديدة؟ الإجابة ستكون في الأسابيع المقبلة، حيث ستشهد ملاعب تورينو الفصل الأخير من صراع مثير على عرش التنس العالمي.










