دي مينور يقتنص لقب دورة واشنطن ويقتحم نخبة التنس العالمي

في ليلة لا تُنسى على ملاعب العاصمة الأميركية، خطف الأسترالي أليكس دي مينور، الملقب بـ الشيطان الصغير، لقب دورة واشنطن المرموقة لكرة المضرب (فئة 500 نقطة) بعد مواجهة ماراثونية حبست الأنفاس أمام الإسباني أليخاندرو دافيدوفيتش-فوكينا. لم يكن الفوز مجرد تتويج بلقب، بل كان إعلانًا عن دخول دي مينور إلى نادي العشرة الأوائل في التصنيف العالمي، مؤكدًا مكانته كأحد أبرز نجوم الجيل الجديد في عالم التنس.
دراما النهائي: عودة من حافة الهاوية
شهدت المباراة النهائية، التي امتدت لثلاث ساعات ودقيقتين، سيناريو دراميًا قلّما يتكرر في نهائيات التنس الكبرى. بعد خسارة المجموعة الأولى بنتيجة 5-7، تمكن دي مينور من العودة بقوة في المجموعة الثانية محققًا فوزًا كاسحًا 6-1. لكن الإثارة الحقيقية بدأت في المجموعة الفاصلة. وبدا الإسباني أليخاندرو دافيدوفيتش-فوكينا، المصنف 26 عالميًا، في طريقه لتحقيق لقبه الأول في مسيرته الاحترافية بعد ثلاث خسائر سابقة في النهائيات. تقدم فوكينا 5-2 في المجموعة الثالثة، وكانت الفرصة سانحة أمامه لحسم اللقب على إرساله. لكن التوتر بدا واضحًا على ملامح اللاعب الإسباني، الذي لم يتمكن من استغلال ثلاث فرص ذهبية لإنهاء المباراة.
صمود الشيطان الصغير
استغل دي مينور، المصنف 13 عالميًا قبل البطولة، هذا التوتر ببراعة. قلص الفارق إلى 4-5، ثم نجح في كسر إرسال فوكينا في الشوط العاشر، ليعادل النتيجة 5-5 بعد أن أنقذ ثلاث نقاط حاسمة كانت كفيلة بإنهاء المباراة لصالح خصمه. هذا الصمود الأسطوري دفع المباراة إلى الشوط الفاصل (التاي بريك)، حيث حسم الأسترالي اللقب لصالحه بنتيجة 7-3، ليُنهي المواجهة المثيرة بانتصار مستحق.
تصريحات ما بعد الفوز والخسارة
عقب المباراة، عبّر دي مينور عن ثقته بنفسه التي لم تتزعزع حتى في أحلك اللحظات وقال: “كنت أعرف أنني قادر على ذلك. شجّعت نفسي على الالتزام مهما كانت الظروف، وإذا خسرت المباراة، فسيكون ذلك بشروطي”. وأضاف: “خضّت نهائيين قاسيين لم تسر فيهما الأمور كما يجب، لذا أنا سعيد لأن هذه المباراة انتهت لمصلحتي”. من جانبه، لم يخفِ دافيدوفيتش-فوكينا مرارة الخسارة، لكنه أظهر روحًا رياضية عالية: “أهنئ أليكس، استحق الفوز. كان يُقاتل على كل كرة. لطالما دفعني إلى أقصى حدودي”. تُعتبر هذه الخسارة انتكاسة مؤلمة للإسباني الذي سبق له بلوغ نهائيين آخرين خسرهما هذا الموسم، ما يضع ضغطًا إضافيًا عليه لتحقيق لقبه الأول.

تأثير اللقب: قفزة نوعية في التصنيف العالمي
لم يقتصر تأثير فوز دي مينور على التتويج بلقب دورة واشنطن فحسب، بل امتد ليشمل تغييرات جوهرية في التصنيف العالمي للاعبين المحترفين، ما يعكس الأداء الاستثنائي الذي قدمه. فقد ارتقى الأسترالي أليكس دي مينور خمسة مراكز دفعة واحدة ليحتل المركز الثامن عالميًا، محققًا بذلك أفضل تصنيف في مسيرته ودخوله لأول مرة إلى نادي العشرة الأوائل. هذه القفزة تؤكد على تطور مستواه وثبات أدائه في البطولات الكبرى.
بوبليك يواصل الصعود
في تطور آخر، بلغ الكازاخستاني ألكسندر بوبليك المركز 25، متقدمًا خمسة مراكز أيضًا، مستفيدًا من تحقيقه لقبه الثاني تواليًا في غضون أسبوعين، بفوزه بدورة كيتزبوهيل النمساوية بعد دورة غشتاد السويسرية. وحافظ الإيطالي يانيك سينر على صدارته للتصنيف العالمي للرجال، يليه الإسباني كارلوس ألكاراز والألماني ألكسندر زفيريف. وشهد التصنيف تقدم الأميركي بن شلتون مركزًا واحدًا ليصبح سابعًا.
تصنيف العشرة الأوائل للرجال:
يانيك سينر (إيطاليا) 12030 نقطة
كارلوس ألكاراز (إسبانيا) 8600
ألكسندر زفيريف (ألمانيا) 6030
تايلور فريتس (الولايات المتحدة) 5135
جاك درايبر (بريطانيا) 4650
نوفاك ديوكوفيتش (صربيا) 4130
بن شيلتون (الولايات المتحدة) 3520 (+1)
أليكس دي مينور (أستراليا) 3335 (+5)
هولغر رونه (الدنمارك) 3250
لورنزو موزيتي (إيطاليا) 3195 (-1)

تصنيف السيدات: فرنانديز تتقدم وسابالينكا تحافظ على الصدارة
على صعيد السيدات، شهد التصنيف أيضًا بعض التغييرات، وإن كانت أقل دراماتيكية في المراكز العليا. تقدمت الكندية ليلى فرنانديز 12 مركزًا لتصبح في المركز الرابع والعشرين بعد تتويجها بلقب دورة واشنطن للسيدات، ما يعكس أداءها القوي في البطولة. ولم يطرأ أي تعديل على المراكز الـ23 الأولى في تصنيف رابطة اللاعبات المحترفات، إذ حافظت البيلاروسية أرينا سابالينكا على صدارتها، تليها الأميركية كوكو غوف والبولندية إيغا شفيونتيك في المركزين الثاني والثالث تواليًا.
تصنيف العشر الأوليات للسيدات:
أرينا سابالينكا (بيلاروسيا) 12420 نقطة
كوكو غوف (الولايات المتحدة) 7669
إيغا شفيونتيك (بولندا) 6813
جيسيكا بيغولا (الولايات المتحدة) 6423
ميرا أندرييفا (روسيا) 4914
جنغ تشينوين (الصين) 4553
أماندا أنيسيموفا (الولايات المتحدة) 4470
ماديسون كيز (الولايات المتحدة) 4374
جازمين باوليني (إيطاليا) 3576
باولا بادوسا (إسبانيا) 3454
يُعد فوز دي مينور في واشنطن لحظة فارقة في مسيرته، ليس فقط لحصوله على اللقب، بل لتأكيده على قدرته على المنافسة على أعلى المستويات وقلب النتائج الصعبة. ومع دخول “الشيطان الصغير” إلى نادي النخبة، يترقب عشاق التنس ما ستحمله البطولات المقبلة من إثارة ومنافسة شرسة بين جيل جديد من النجوم.