العراق يقتحم الملحق العالمي: انتصار في الأنفاس الأخيرة يحيي حلم المونديال

في ليلة لا تُنسى شهدها ملعب البصرة الدولي، خطف المنتخب العراقي بطاقة التأهل إلى الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم 2026، وذلك بعد فوز دراماتيكي على نظيره الإماراتي بنتيجة 2-1. الانتصار الذي جاء بهدف قاتل في الدقيقة 17 من الوقت بدل الضائع للشوط الثاني، أشعل الأجواء وأعاد آمال أسود الرافدين في العودة إلى المحفل العالمي بعد غياب طويل، فيما خيمت الحسرة على معسكر الأبيض الإماراتي الذي رأى الحلم يتلاشى في اللحظات الأخيرة.
سيناريو دراماتيكي: الأنفاس تُحبس حتى الدقيقة 107
لم تكن مباراة الإياب بين العراق والإمارات مجرد لقاء عادي، بل كانت فصلاً مثيراً في كتاب التصفيات الآسيوية. بعد تعادلهما ذهاباً 1-1 في أبوظبي، كان ملعب البصرة محتشداً بنحو 60 ألف متفرج ينتظرون الحسم. المباراة بدأت بحذر من الطرفين، قبل أن يباغت كايو لوكاس، نجم الإمارات، الشباك العراقية في الدقيقة 52، مستغلاً تمريرة رائعة من يحيى نادر لينفرد بالحارس جلال حسن ويسجل هدف التقدم. هذا الهدف وضع العراق تحت ضغط كبير، ودفع المدرب الأسترالي غراهام أرنولد لإجراء تغييرات هجومية حاسمة. لم يلبث العراق طويلاً حتى رد بهدف التعادل في الدقيقة 66 عبر البديل مهند علي ميمي، الذي حول ركلة حرة غير مباشرة برأسه لتصطدم بلاعب إماراتي وتستقر في الشباك. بعدها، اشتدت المواجهة وتبادل الفريقان الهجمات، حيث أهدر مهند علي فرصة مؤاتية وكاد لوكاس أن يخطف هدفاً آخر لولا راية التسلل. لكن ذروة الإثارة جاءت في الدقيقة 17 من الوقت بدل الضائع، عندما احتسب الحكم ركلة جزاء للعراق بعد مراجعة تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) التي أثبتت لمسة يد على يحيى نادر. انبرى أمير العماري، البديل الآخر، للكرة بثقة وسددها بنجاح ليطلق العنان لاحتفالات جنونية في أرجاء الملعب، معلناً عن تأهل العراق.
روح أسود الرافدين: تبديلات حاسمة وحلم يتجدد
جسد المنتخب العراقي في هذه المباراة روح القتال والإصرار، ولم يستسلم رغم التأخر بهدف. وقد لعبت تبديلات المدرب غراهام أرنولد دوراً محورياً في قلب الطاولة، حيث كان نزول زيدان إقبال ومهند علي نقطة تحول واضحة في أداء الفريق. وقد عبر نجوم المنتخب العراقي عن تفاؤلهم بالمرحلة المقبلة. أيمن حسين، مهاجم العراق، أكد بعد المباراة: لقد حققنا الأهم، وهو الفوز، وأرى أننا اقتربنا كثيرا من التأهل لكأس العالم. لا يهم كيف نتأهل، بل المهم هو أننا تأهلنا بالفعل. من جانبه، قال الحارس المخضرم جلال حسن، الذي خاض مباراته الدولية المائة: كنا رجالاً في مواجهة الإمارات، وحققنا المطلوب، وأسعدنا جماهيرنا. علينا نسيان هذه المباراة والتفكير في الملحق العالمي، ونسعى لإسعاد شعبنا وجماهيرنا.
هذا التأهل يعيد الأمل للعراقيين في تكرار إنجاز عام 1986، عندما شاركوا للمرة الأولى والوحيدة في تاريخهم بنهائيات كأس العالم.
مرارة الخسارة: كوزمين يُعرب عن إحباطه وحسرة الجيل الإماراتي
على الجانب الآخر، خيم الإحباط والحسرة على معسكر المنتخب الإماراتي ومدربه الروماني كوزمين أولاريو، الذي بدت عليه علامات الصدمة بعد ضياع فرصة التأهل التاريخية. وفي تصريحاته عقب اللقاء، قال أولاريو بحسرة: “أحب الإمارات كثيراً، وكنت أريد التأهل لكأس العالم لإسعاد هذا الشعب، ولكن للأسف هذا ليس كافياً، أنا محبط للغاية. وأضاف المدرب الروماني، مشيراً إلى الظروف التي أحاطت بالمباراة: قدمنا أفضل مباراة لنا في التصفيات، ولكن استقبلنا هدفين من كرات ثابتة. سجلنا 4 أهداف في المباراتين لكن تم إلغاء بعضها بسبب التسلل بمسافات بسيطة للغاية. كل شيء كان ضدنا، لا أريد الحديث عن تفاصيل فنية، كنا الأفضل على مدار أكثر من 70 دقيقة، فماذا نفعل أكثر من ذلك؟”. كوزمين أعرب عن اعتقاده بأن الجيل الحالي من لاعبي الإمارات كان يستحق التأهل للمونديال، مؤكداً: “نبني فريقاً جديداً، وهذا الجيل من لاعبي الإمارات يستحق التأهل لكأس العالم، وسيحقق ذلك سواء بوجودي في المهمة أو بدوني. ومع هذه الخسارة، تستمر غصة الغياب عن المونديال بالنسبة للإمارات التي لم تشارك سوى مرة واحدة عام 1990”.
المحطة الأخيرة: العراق يترقب مواجهات الملحق العالمي
مع انتهاء فصول التصفيات الآسيوية، يطوي العراق صفحة الإمارات ويتطلع نحو تحدٍ أكبر في الملحق العالمي المقرر إقامته في مارس المقبل. سيجد أسود الرافدين أنفسهم في مواجهة فرق من قارات مختلفة، حيث تأكد انضمام كاليدونيا الجديدة (أوقيانوسيا) والكونغو الديموقراطية (أفريقيا) وبوليفيا (أمريكا الجنوبية) إلى جانب ممثلين عن منطقة أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي كونكاكاف (مقعدان). يتنافس في هذا الملحق ستة منتخبات على بطاقتي تأهل فقط إلى كأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. الطريق لن يكون سهلاً، لكن الروح القتالية التي أظهرها المنتخب العراقي والتحفيز الهائل من جماهيره سيشكلان دفعاً قوياً في سعيهم لتحقيق الحلم التاريخي والعودة إلى المونديال.













