كأس العالم للأندية 2025 بين الحلم الكبير وعاصفة التحديات

في تصريحاتٍ مثيرة للجدل، وصف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا جياني إنفانتينو انطلاقة بطولة كأس العالم للأندية 2025 بأنها لحظة تاريخية تعادل من حيث الأهمية ميلاد كأس العالم للمنتخبات عام 1930. وأكد إنفانتينو أن البطولة الجديدة، التي تضم 32 فريقًا من مختلف القارات، تمثل بداية حقبة جديدة لكرة القدم. وعلى الرغم من الانتقادات، بدا إنفانتينو واثقًا من النجاح، قائلاً: أنا على يقين بأنه حالما تبدأ الكرة بالدوران، سيدرك العالم أجمع ما يحدث هنا. سيكون حدثًا مميزًا.
نسخة موسعة وأحلام خارج القارات التقليدية
من المقرر أن تنطلق البطولة السبت 14 يونيو في ميامي، بلقاء يجمع بين الأهلي المصري وإنتر ميامي الأميركي بقيادة ليونيل ميسي. وتُعد هذه النسخة الأولى من نوعها بحضور 32 فريقًا، في محاولة من فيفا لنقل المجد الكروي من القارات التقليدية إلى أندية ناشئة من مختلف أنحاء العالم. وذكّر إنفانتينو بتاريخ أول كأس عالم في الأوروغواي عام 1930، التي اقتصرت على أوروبا وأميركا الجنوبية، مؤكدًا أن هذه النسخة تمثل قفزة تاريخية لإعطاء فرصة عادلة للجميع.
جوائز ضخمة وضمانات مالية غير مسبوقة
ربما لم يسبق أن رُصدت مكافآت بهذا الحجم في بطولة للأندية. إذ خصص فيفا مليار دولار كجوائز إجمالية، منها 525 مليون دولار مكافآت مشاركة، و475 مليون دولار توزع حسب النتائج. ويحصل الفريق المتوج باللقب على 125 مليون دولار، فيما تضمن المشاركة فقط على الأقل 3.58 مليون دولار (لفرق أوقيانوسيا) وتصل إلى 38.19 مليون دولار (لبعض الفرق الأوروبية). هذا السخاء المالي دفع حتى الأندية الكبرى للتراجع عن انتقاداتها السابقة. ريال مدريد مثلاً، رغم تلميحات مدربه السابق أنشيلوتي بالانسحاب، ضغط بقوة للمشاركة، حتى دفع 10 ملايين يورو لليفربول لتأمين مشاركة ألكسندر أرنولد.
انتقادات بالجملة وتلويح بالإضرابات
وعلى الرغم من الترويج الكبير، فإن البطولة لا تحظى بالإجماع، إذ أعربت رابطة الدوري الإسباني ونقابة اللاعبين “فيفبرو” عن رفضهما الشديد بسبب ازدحام الروزنامة. من جهته نجم مانشستر سيتي رودري لمّح إلى إمكانية الإضراب، وسط قلق واسع من تآكل لياقة اللاعبين نتيجة الضغط البدني الكبير. كما غابت أسماء كبيرة مثل محمد صلاح، كريستيانو رونالدو، ولامين يامال، ما أضعف البريق المتوقع للبطولة. والأدهى أن نظام التأهل المُعتمد حرم أبطال الموسم الماضي في إسبانيا نادي برشلونة، ومن إنكلترا نادي ليفربول ومن إيطاليا نادي نابولي من المشاركة، ما أثار سخطًا واسعًا.
تخفيضات على التذاكر
على الرغم من التخفيضات الحادة التي وصلت إلى 80%، لم تحقق البطولة مبيعات قوية للتذاكر، باستثناء مباريات ريال مدريد. التذكرة النهائية التي بلغ سعرها الأولي 2,200 دولار، أصبحت تُعرض بـ 300 دولار فقط، دون أن تُباع بالكامل. وقال إنفانتينو: لا نريد ملاعب فارغة… عندما كنت طالبًا، كنت سأحلم بحضور مباراة كهذه. اليوم، نقدم هذه الفرصة. لكن ذلك لم يخفِ الحقيقة، اهتمام جماهيري ضعيف، وتغطية إعلامية محدودة في السوق الأميركية التي ما زالت تفضّل كرة السلة والبيسبول.
أزمات سياسية ومخاوف أمنية
أحداث الشغب الأخيرة في لوس أنجليس أضفت مزيدًا من القلق. وتضرر ملعب إحدى مباريات أتلتيكو مدريد وباريس سان جيرمان، ما أثار تساؤلات حول جاهزية المدن الأميركية لاحتضان حدث بهذا الحجم. بين الحلم والطموح، وبين العثرات والجدل، تبدأ بطولة كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة وسط ظروف غير مثالية. التحديات كثيرة، اعتراضات من كبار أوروبا، غياب نجوم، ارتباك تنظيمي، وفوق كل ذلك شكوك جماهيرية واضحة. لكن في ظل الأرقام المالية الضخمة، والاهتمام الاستراتيجي الذي يُوليه فيفا، قد تنجح البطولة في فرض نفسها. وربما، كما يأمل إنفانتينو، تبدأ حقبة جديدة بالفعل. وعلى الرغم من أن نسخة 2025 لم تُلعب بعد، بدأت كواليس فيفا تبحث في توسيع النسخة التالية عام 2029. فهل يتحول مونديال الأندية إلى مشروع ناجح يعيد رسم خريطة اللعبة عالميًا؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.