الذكاء الاصطناعيّ يقتحم أولمبياد باريس: من الحماية السيبرانية الى الأمن واكتشاف المواهب

لأول مرة في التاريخ سيكون الذكاء الاصطناعي حاضرًا في دورة الألعاب الأولمبية حيث من المقرّر أن يقوم بمهام عدّة منها، المساعدة في تحديد الرياضيين الواعدين وتخصيص أساليب التدريب وتحسين عدالة الألعاب من خلال تحسين التحكيم، فضلاً عن المساعدة في حماية الحدث والرياضيين من الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
قادة التغيير
“نحن مصممون على استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة”. هذا ما قاله رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ أثناء إعلانه عن خطط اللجنة الأولمبية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. وأكمل: “اليوم نتخذ خطوة أخرى لضمان تفرّد الألعاب الأولمبية وأهمية الرياضة. للقيام بذلك، يجب أن نكون قادة التغيير”.
الذكاء الاصطناعي للحماية من التضليل

تشمل خطط اللجنة الأولمبية الدولية استخدام تكنولوجيا الذكاء لحماية الرياضيين من المضايقات عبر الإنترنت من خلال توفير أداة حماية استباقية تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وأفادت تقارير إعلامية أن روسيا كثفت “حملة التضليل الإعلامي” ضد فرنسا، مع اقتراب افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، عبر استعمال الأساليب التقليدية للتضليل ممزوجة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ووفق ما أكده مركز تحليل التهديدات في شركة مايكروسوفت، فإن العمليات الروسية تهدف إلى “تشويه سمعة اللجنة الأولمبية الدولية، من خلال نشر معلومات مضللة وإدّعاءات كاذبة، وخلق توقعات بنشوب عنف في باريس أثناء الألعاب”.
الذكاء الاصطناعي يعزّز الأمن السيبراني للرياضيين
من بين القضايا العديدة التي تم تناولها خلال مناقشات مجموعة الذكاء الاصطناعي كانت جهود أولمبياد باريس لتحقيق المساواة بين الجنسين بالإضافة إلى العنف المتزايد عبر الإنترنت، الموجّه ضد المرأة في الرياضة.
لذا سيعمل الذكاء الاصطناعي على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي لكل رياضي بحثًا عن تعليقات الكراهية، مع قيام تقنية الذكاء الاصطناعي بإزالتها على الفور قبل أن يتمكن الرياضيون من رؤيتها.
وقالت كيرستي بوروز، رئيسة وحدة الرياضة الآمنة في اللجنة الأولمبية الدولية خلال حفل الإطلاق، إن اللجنة تتعاون مع أحد المزوّدين لتنفيذ تغطية واسعة النطاق تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء بيئات آمنة رقميًا خلال الألعاب الأولمبية.
يتضمّن ذلك، استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة ملايين نقاط البيانات في الوقت الفعلي لاكتشاف ومعالجة الإساءات الموجّهة عبر الإنترنت تجاه الرياضيين والمسؤولين.
الذكاء الاصطناعي يكتشف المواهب الشابة
كذلك عقدت اللجنة الأولمبية الدولية شراكة مع شركة إنتل، لتطوير تقنيات جديدة لاكتشاف المواهب الرياضية الواعدة. وقامت شركة إنتل، بنقل معدّاتها إلى السنغال، حيث زارت خمس قرى وقامت بتحليل القدرات الرياضية لألف طفل من خلال قياس سرعة ردّات أفعالهم وقدراتهم على القفز.
وأوضحت إنتل، أن تحليل النتائج باستخدام الذكاء الاصطناعي كشف عمّا يصل إلى 40 حالة واعدة، وقامت خوارزمية خاصة بتقييم نتائج الأطفال المدرجين في القائمة المختصرة، وتوصية رياضات تناسب مهاراتهم.
وقال أميت جوشي، الأستاذ وخبير الذكاء الاصطناعي في كلية IMD للأعمال وعضو مجموعة عمل الذكاء الاصطناعي، إن اللجنة الأولمبية الدولية تستخدم الذكاء الاصطناعي لضمان توفير فرص متساوية لأكبر عدد ممكن من الدول عبر الخطوط العرقية والاقتصادية.
ومع قدرة الذكاء الاصطناعي على تحديد المواهب من جميع أنحاء العالم، قال البروفيسور جوشي، إن مستقبل التنوع والشمول في الرياضة، يبدو أكثر تفاؤلاً من أي وقت مضى.
ويمكن للحاضرين في الملعب الأولمبي في فرنسا اختبار نظام تحديد المواهب المدعوم بالذكاء الاصطناعي. ومن خلال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وتقنية الرؤية الحاسوبية من سامسونغ والذكاء الاصطناعي القائم على السحابة من إنتل، يمكن للمشاركين أداء العديد من التمارين الرياضية ومن ثم تلقي اقتراحات إنتل بشأن الرياضة الأولمبية التي ينبغي عليهم ممارستها.
الذكاء الإصطناعي: بين الأمن والخصوصيّة
أثار المنظمون المحليون لألعاب باريس الجدل بخططهم لاستخدام الذكاء الاصطناعي للأمن، مع نظام للمراقبة بالفيديو يتضمّن كاميرات تعمل بالذكاء الاصطناعي، للإشارة إلى مخاطر أمنية محتملة مثل العبوات المفقودة أو موجات الازدحام. وقد أعلنت فرنسا في وقت سابق اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لتأمين ومراقبة كل مرافق عاصمتها، عبر الكاميرات المنتشرة في جميع أنحاء المدينة وبوسائل النقل العام.
وستكون الكاميرات على استعداد لتنبيه السلطات لأي خطر محتمل أو أي خرق للقانون، لكن السلطات طمأنت أنه لم تتم برمجة الكاميرات على خاصية التعرف على الوجوه تجنبًا لتسجيل أي بيانات شخصية.

الذكاء الاصطناعي يكمل الأداء البشري
بالطبع تعمل استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي وضعتها الللجنة الأولمبية على تمهيد الطريق لدور الذكاء الاصطناعي في تعزيز دعم الرياضيين، ولكنها تسعى أيضًا إلى الطمأنة بأن الذكاء الاصطناعي موجود هنا لتكملة الأداء البشري، وليس استبداله.
وشدّد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، على هذا التمييز خلال حفل الإطلاق، مؤكدًا أن إمكانات الذكاء الاصطناعي تكمن في زيادة قدرات الرياضيين وليس استبدالها. وقال: “في الرياضة، الأداء يجب أن يقدّمه الرياضي دائمًا. سباق 100 متر يجب أن يديره دائما رياضي، إنسان.”
تحسين نوعية البث
كذلك تعتمد اللجنة الأولمبية على الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المشاهدة للأشخاص الذين يشاهدون من المنزل، خاصة وأن اللجنة الأولمبية الدولية تجني مليارات الدولارات من خلال بيع حقوق البثّ للألعاب.
إستنساخ الصوت وتحرير الفيديو المعجل
كانت شبكة الإذاعة الوطنية «إن بي سي» قد أعلنت أنها ستستخدم نسخة الذكاء الاصطناعي من صوت المذيع آلان ريتشارد مايكلز على ملخصات الألعاب الأولمبية لصيف 2024.
وقالت الشبكة إنها ستستخدم برنامج الذكاء الاصطناعي لإعادة إنشاء صوت مايكلز لتقديم ملخصات يومية للألعاب الصيفية للمشتركين عبر منصة البث المباشر Peacock، وهي علامة فارقة لاستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل شركة إعلامية كبرى.
ويأتي استخدام صوت الذكاء الاصطناعي في الألعاب الأولمبية مع نمو التكنولوجيا المطّرد، لا سيما في قدرتها على إنشاء الصور والصوت والنصوص، وهذا بدوره أثار تساؤلات في الصناعات الإبداعية، حول الكيفية التي يمكن بها -أو حتى ينبغي- استخدام الذكاء الاصطناعي.
