صاحبة أكثر القصص تأثيرًا وغرابة
يسرى مارديني
عندما تتحوّل الرياضة الى رسالة أمل
عندما نتحدّث عن السبّاحة السورية يسرى مارديني، فنحن لا نتحدّث عن الإنجازات الرياضية فحسب بل عن القيّم الإنسانية والقدرة على التحمّل والمثابرة. . . قد لا يكون مفاجئاً أن تكون يسرى من أبرز اللاجئين المشاركين فـي أولمبياد طوكيو 2020 خاصة بعد أدائها المميّز فـي أولمبياد ريو 2016 لكن الجميع يتساءل عن مدى تطوّر قدرات هذه السبّاحة التي تحدّت الموت بكفاءة، ولا زالت تبذل كلّ جهدها لتكون مثالاً مشرقاً ورسالة أمل لكل اللاجئين.
مع إقتراب موعد أولمبياد طوكيو 2020 الذي من المتوقّع انطلاقه فـي 20 يوليو 2021 بعد أن تأجّل بسبب جائحة كورونا، تتوجّه الأنظار الى السبّاحة السورية اللاجئة يسرى مارديني، التي يبدو أنها تتمتّع بتأثير كبير على مواقع التواصل الإجتماعي مع أكثر من 130 ألف متابع على انستغرام، ما جعلها تستحقّ الجائزة التي تمنحها شركة About you الألمانية للأزياء فـي فئة الرياضة وقد تسلّمت مارديني (23 عاماً) الجائزة فـي 20 مايو 2021.
وفـي المناسبة علّقت مارديني: «أنا ممتنة للغاية لأنني على قيد الحياة. عندما بدأت السباحة ما كنت أتصور أن الرياضة ستنقذ حياتي»، مضيفة أنها تريد اليوم إلهام الأطفال واللاجئين فـي كافة أنحاء العالم للمكافحة من أجل تحقيق أحلامهم وعدم التخلي عنها.
السباحة أنقذتها
تعلّمت مارديني السباحة منذ طفولتها، وهي كانت من السبّاحين الماهرين فـي سوريا إذ إنها قبل إندلاع الحرب فـي بلدها سوريا، أحرزت لقب بطولة سوريا فـي مسابقات 200 و400 متر سباحة حرة وأيضًا فـي سباق 100 و200 متر فراشة. كما أنها كانت حاضرة على الصعيد الدولي فـي دورة الألعاب الآسيوية فـي عام 2012، وشاركت فـي العام نفسه فـي بطولة العالم للسباحة للمسافات القصيرة فـي تركيا.
عندها كانت السباحة بالنسبة لمارديني هواية وشغفاً، ولكنها لم تكن تتوقّع أنها ستكون منقذتها هي و20 شخصاً آخر من الموت المحتّم.
ففـي العام 2015 ومع إشتداد الحرب فـي سوريا وغياب أي أفق للحل قرّرت مارديني الهروب مع أختها واللجوء الى ألمانيا بحثاً عن الأمن والأمان. فرّت يسرى من بلادها إلى ألمانيا، عبر بيروت ثم تركيا وصولاً إلى جزيرة لسبوس فـي اليونان، وفـي الرحلة الأخيرة، تعطل القارب الذي كان سيوصلهما إلى الجزيرة. وعن هذه التجربة تقول يسرى فـي حوار مع صحيفة «برلينر تسايتونغ»، إن القارب الصغير الذي ركبوا فـيه للعبور من تركيا إلى اليونان كان يضم 20 شخصًا من سوريا والصومال، وتضيف السباحة السورية: «فـي الـ15 دقيقة الأولى كان الأمر على ما يرام لكن بعد ذلك تعطّل محرك القارب وبدأ الماء يتسرّب إلى الداخل وبدأ القارب فـي الغرق».
أمام هذا الموقف المخيف قفزت السبّاحة السورية إلى البحر هي وأختها سارة وقامتا برفقة لاجئة ثالثة بسحب القارب الصغير عبر حبال لمدة ثلاث ساعات حتى أوصلوه إلى بر الأمان.
وقالت مارديني فـي إحدى المقابلات: «طوال الطريق، يمكنك فقط سماع كل صلواتنا بصوت واحد». استمرت فـي رحلتها إلى وجهتها النهائية، ألمانيا، سيرًا على الأقدام وفـي حافلات. تقول مارديني: «كانت الرياضة طريقنا للخروج من سوريا. . . أعطتنا الأمل فـي بناء حياتنا الجديدة».
نجاح يسرى فـي مغامرة اللجوء منحها دفعة معنوية كبيرة لكسب تحديات جديدة فـي ألمانيا، البلد الذي منحها حق اللجوء هي وأختها. ويعتبر التحدّي الأكبر ليسرى هو تدوين إسمها ضمن أفضل السبّاحات فـي العالم.
بعد نجاتها من الغرق فـي مياه البحر المتوسط ونجاحها فـي الحصول على اللجوء فـي ألمانيا، تعرّفت يسرى على أحد نوادي السباحة، حيث حصلت على الدعم الكافـي هناك وتكلّفت إدارة النادي بتحمّل رسوم إشتراك يسرى وأختها سارة، فـي أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 ضمن فريق اللاجئين الأولمبي، وهو فريق خاص أعلنت عنه اللجنة الأولمبية الدولية ليكون حاضرًا فـي أولمبياد البرازيل. وقد نجحت مارديني بلفت الأنظار خلال مشاركتها الأولمبية الأولى والجميع ينتظر ما ستقدّمه هذه الشابة الطموحة فـي طوكيو خلال الأيام المقبلة. وقد وصفت صحيفة الإندبندنت الإنكليزية يسرى بأنها صاحبة أكثر القصص روعةً وغرابةً.
أصغر سفـيرة للنوايا الحسنة
تم تعيين اللاجئة السورية والسبّاحة الأولمبية يسرى مارديني أصغر سفـيرة للنوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فـي أبريل 2017، وحينها كان عمرها 19 عاماً فقط، وهي تدافع عن اللاجئين على مستوى العالم من خلال سرد قصتها التي تبعث على الإلهام، لتصبح الصوت القوي للمهجرين قسراً حول العالم، ومثالاً على صمودهم وتصميمهم على إعادة بناء حياتهم والمساهمة بشكل إيجابي فـي المجتمعات المضيفة.
تم اختيار يسرى للمنافسة فـي دورة ألعاب ريو 2016 كجزء من أول فريق أولمبي للاجئين على الإطلاق. وقد قفزت إلى المحافل العالمية وتوجّهت بعد ذلك بكلمة إلى قادة العالم فـي الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقت بالبابا وتمّ تكريمها بالعديد من الجوائز.
قصة مذهلة تتحوّل إلى فـيلم
سردت يسرى قصتها المذهلة فـي مذكراتها «الفراشة: من لاجئة إلى أولمبية – قصتي فـي الإنقاذ والأمل والانتصار» والتي يتمّ تحويلها حالياً إلى فـيلم.
وتحدثت يسرى نيابة عن المفوضية فـي Google Zeitgeist
وWE Day والمنتدى الاقتصادي العالمي فـي دافوس والعديد من المحافل العالمية الأخرى. كما أنها تدعم حملات وفعاليات المفوضية وأنشطة جمع التبرعات.