الأفلام العربية في مهرجان البندقية: 7 مشاركات مميّزة
ينتظر عشاق السينما بشغف إنطلاق النسخة السادسة والسبعين من مهرجان البندقية السينمائي أقدم مهرجانات السينما العالمية، الذي يتيح لعشاق الفن السابع التعرّف على أحدث الأفلام واستعادة الكلاسيكيات السينمائية بهدف رفع مستوى الوعي وتعزيز السينما الدولية بجميع أشكالها كـ«فن وترفيه وصناعة تنبض بروح من الحرية والحوار»، وفق ما صرّحت به إدارة المهرجان.
ويبدو أن السينما العربية على المسار الصحيح إذ نجحت سبعة أفلام في الوصول الى قائمة الترشيحات.
«المرشحة المثالية» فيلم سعودي ينافس على الأسد الذهبي
تتوزّع الأفلام العربية السبعة على فئات «مهرجان البندقية» المختلفة، على رأسها فيلم السعودية هيفاء المنصور «المرشحة المثالية»، وهو الفيلم العربي الوحيد الذي يشارك في المسابقة الرسمية على جائزة الأسد الذهبي. الفيلم، الذي صوّر في الرياض، يتتبع مسار طبيبة تقرّر خوض انتخابات بلدية في مجتمع رجالي ومحافظ. علماً أن الفيلم الأول لهذه المخرجة كان «وجدة» وقد كان أول فيلم سعودي يشارك في مهرجان البندقية ضمن فئة «آفاق» عام ٢١٠٢ وأول فيلم سعودي يمثّل المملكة في منافسات جوائز الأوسكار.
ومن الجدير ذكره أن صناعة السينما رسمياً في السعودية بدأت قبل أقل من عامين، فالمنصور صوّرت فيلم «وجدة» بينما كانت مختبئة داخل شاحنة وتواصلت مع طاقم التمثيل والممثلين والتقنيين من خلال اللاسلكي. تغيّر الوضع كثيراً اليوم وهي الآن تنعم بحرية كاملة في ممارسة صناعة الأفلام، خاصة وأن مجلس الأفلام السعودي موّل جزءاً من مشروعها.
«سيدة البحر» فيلم خيالي في أسبوع النقّاد
يشارك فيلم «حراشف» أو «سيدة البحر» لشهد أمين في «أسبوع النقاد» وهو فيلم خيالي يسرد قصة «حياة» فتاة شابّة تعيش واقعاً مريراً، إذ تواجه تقاليد قريتها التي تقضي التضحية بفتاة من الجزيرة لمخلوقات غامضة تعيش قرب البحر.
وشهد أمين هي كاتبة ومخرجة سعودية تعاونت مع شركة إنتاج Image Nation Abu Dhabi لإنتاج هذا الفيلم الذي صوّر في الإمارات العربية المتحدة وعُمان وتقول أمين إن فيلمها يعكس واقع الفتيات في المجتمعات الأبوية.
والفيلم يعتمد كثيراً على قوة الصورة إذ إن الحوار فيه قليل جداً وهو ذو طابع تأملي حتى في أكثر مشاهده إثارة. فالمخرجة أرادت أن تنقل المشاهدين الى رحلة «حياة» وغمسهم في تجاربها التي قادتها إلى إكتشاف نفسها.
«جدار الصوت» فيلم لبناني مقتبس عن قصة حقيقية
من لبنان، يقدّم أحمد غصين باكورته الروائية الطويلة «جدار الصوت» )إنتاج أبوط بروداكشن (وتدور أحداثه في لبنان.
الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية جرت إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو ٢٠٠٦. خلال وقف إطلاق النار لمدة ٢٤ ساعة، يخرج مروان من بيروت متجهاً إلى الجنوب بحثاً عن والده الذي رفض مغادرة قريته الجنوبية، ويترك زوجته رنا وحدها تستعد للسفر إلى كندا. لم يجد مروان أي أثر لوالده، وسرعان ما يعود إطلاق النار ويضطر للجوء إلى منزل نجيب، صديق والده. يجد مروان نفسه محاصراً تحت وطأة القنابل مع نجيب ومجموعة من كبار السن وأصدقاء والده. يتصاعد التوتر داخل المنزل وخارجه، تدخل فجأة مجموعة من الجنود الإسرائيليين الطابق الأول من المبنى، يُحاصر مروان ومن معه… ويخرج الوضع عن السيطرة.
وكان أحمد غصين (مواليد بيروت ــ ١٩٨١) قد نال جائزة أفضل مخرج في «مهرجان بيروت الدولي للسينما» عام ٤٠٠٢ عن فيلمه القصير Operation Nb. وحاز أيضاً جائزة أفضل فيلم قصير في «مهرجان تريبيكا الدوحة السينمائي» عام ١١٠٢ عن فيلم «أبي لا يزال شيوعياً». أخرج العديد من الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية ومقاطع الفيديو، وعرضت أفلامه في العديد من المعارض والمهرجانات السينمائية العالمية مثل أوسلو وبرلين. «الحرب ليست فقط موت ودمار، إنها اختفاء للذكريات، لا أريد لذاكرتي أن تمحى» هذه العبارة قالتها والدة أحمد بينما تقف على ما خلّفته الحرب من دمار. وقد صرّح غصين عن فيلمه «جدار الصوت»: «منازل التهمت، قرى بأكملها دمرت. رؤية كل هذا أشعرتني بالحاجة إلى إستعمال كاميرتي لإحياء هذه الذاكرة، في محاولة لدرء الدمار. فيلمي يسأل: هل الخيار الباقي لجيلي وأولادنا في لبنان اليوم هو الهجرة، هل هذا خيارنا الوحيد؟».
ثلاثة أفلام من تونس
اختير فيلم «بيك نعيش» للمخرج التونسي مهدي برصاوي، للمشاركة في قسم «آفاق» الرسمي في المهرجان. ويتابع قصة عائلة تونسية ثرية عقب تعرض سيارتها لكمين مسلّح، إذ تعود ذكريات الماضي لتطفو على السطح من جديد.
بينما أدرج فيلم مواطنه النوري بوزيد «الفزاعات» في برنامج الأفلام التجريبية.
كذلك يشارك فيلم ثالث من تونس في «أيام البندقية» هو «أريكة» لمنال العبيدي.
أول مشاركة سودانية
تشهد دورة هذا العام من مهرجان البندقية السينمائي أول مشاركة سودانية متمثّلة في فيلم «ستموت في العشرين» لأمجد أبو العلاء يشارك في بطولته طلال عفيفي ونخبة من شباب السينما السودانية.
وقصة الفيلم مأخوذة من رواية «النوم عند قدمي الجبل» للكاتب حمور زيادة، وتناول عبرها حكاية شاب حلم أنه سيموت في العشرين ودخل في صراع رهيب مع حلمه، حتى التقى بمصور سينمائي أخرجه من كابوسه.
وتدور الأحداث في منطقة طيبة الشيخ عبد الباقي بولاية الجزيرة السودانية. وسبق أن نال فيلم «ستموت في العشرين» عددًا من الجوائز المالية والتشجيعية في مهرجانات دولية سابقة في لبنان والنرويج وبرلين.
مهرجان البندقية السينمائي: تاريخ ساحر
في أواخر أغسطس من كل عام تستقبل جزيرة «ليدو» (البندقية – إيطاليا) العالم والفن والسينما. انطلقت النسخة الأولى من «مهرجان البندقية السينمائي» في فندق «إكسلزيور» في ليدو دي فينيسيا عام ١٩٣٢، واليوم ما زال المهرجان يحوّل البندقية إلى قبلة للسينما الدولية بسحرها وعروضها الأولية ونجومها والصحافة والباباراتزي.
منذ انطلاقته على يد رجل الأعمال والسياسي الإيطالي جوسبي فولبي؛ تربع المهرجان على قائمة أهم المهرجانات العالمية )مع مهرجاني كان وبرلين). وهو عنوان أساسي لعالم السينما استقطب عدداً لا يُحصى من المشاهير) تشارلي تشابلن، صوفيا لورين، بيار باولو بازوليني، فيديريكو فيلليني، وودي ألن، كلوديا كاردينال حتى سيلفادور دالي حضر المهرجان عام ٥٨٩١)
هذا العام، يحتفي «مهرجان البندقية»، بدورته السادسة والسبعين ٢٨) أغسطس حتى ٧ سبتمبر) وسيُتاح لعشاق الفن السابع فرصة مشاهدة أحدث الأفلام واستعادة الكلاسيكيات السينمائية فضلاً عن الاحتفال بالسينما والمشاركة في الحفلات والاجتماعات والمحاضرات المرتبطة بهذا المهرجان الذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي وتعزيز السينما الدولية بجميع أشكالها كفن وترفيه وصناعة بروح من الحرية والحوار.