مهرجان البندقية السينمائي٢٠٢٠ حضور عربي ورسالة أمل الى العالم
تعقد الدورة الـ ٧٧ لمهرجان البندقية الدولي للسينما هذا العام ما بين الثاني والثاني عشر من سبتمبر ٠٢٠٢، بالرغم من جميع المعوقات، كما سبق وأن أكد على ذلك مدير المهرجان منذ العام ١١٠٢ ألبرتو باربيرا، وحاكم منطقة فينيتو الإيطالية لوكا زايا.
يمكن أن يكون مرد ذلك الى إنخفاض حالات كورونا شمال إيطاليا، ولو بشكل نسبي، على عكس ما كان عليه الوضع طاغيًا بصورة كارثية وغير مضبوطة في الأشهر الماضية، والى الرغبة ثانيًا بالإبقاء على دينامية الحركة الفنية والإقتصادية والإجتماعية.
وهكذا سيكون أول المهرجانات الحضورية الرئيسية التي سيتم تنظيمها على أرض الواقع، بعد تفشي وباء كورونا، وفي ظل الأجواء التي ما زالت ضاغطة على أكثر من صعيد، ولا سيما النفسي والجسدي والصحي والإجتماعي والإقتصادي، مع ما رافق ذلك من تجميد أعمال فنية وإقفال مؤسسات مختلفة منذ منصف مارس ٠٢٠٢.
تجدر الإشارة الى أنه بالرغم من تباطؤ إنتشار الفيروس في البلاد، فإن إجمالي الحالات في إيطاليا منذ مارس الماضي ولغاية آخر أغسطس ٠٢٠٢ بلغ ٣٥٨٦٦٢ إصابة، و٥٣ ألف و ٧٣٤ وفاة.
ترتيبات تنظيمية خاصة
من التسهيلات الخاصة بالمهرجان، السماح للقادمين من دول الإتحاد الاوروبي إعتبارًا من مطلع سبتمبر الجاري، بالدخول الى إيطاليا من دون حجر صحي.
في المقابل، وبسبب القيود المفروضة للوقاية، إضطرت الإدارة المنظّمة للمهرجان إلى إجراء بعض التعديلات على برنامجه ومساره، ومن بينها:
- تخفيض بسيط لعدد الأعمال السينمائية في المسابقة الرئيسية، وفي العروض الخارجية والإفتراضية.
- فرض وضع كمامات، والإستحصال على التذاكر عبر الإنترنت، وإستعمال المعقمات، والإلتزام بمسافة التباعد الإجتماعي اللازمة، ولا سيما عدم السماح بأخذ صور و«سيلفي» مع المشاهير، أو الإستحصال منهم على تواقيع، خلال مرورهم على السجادة الحمراء.
-الخضوع في كل نقطة من نقاط دخول منطقة المهرجان ودور السينما للمسح الضوئي الحراري، للتأكّد من عدم تخطي حرارة الجسم عتبة الـ ٧٣ درجة ونصف.
- الإبقاء على مقعد فارغ بين كل مقعد وآخر.
الشخصيات المشاركة
أصبح من المعروف أن هيئة التحكيم للدورة الـ ٧٧ للمهرجان سوف تتشكّل من الشخصيات التالية:
- الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت، التي ستكون رئيسة للهيئة الخاصة في المسابقة الرئيسية، وهي التي ستقوم بمنح «جائزة الأسد الذهبي» لأفضل فيلم، خلال حفل توزيع الجوائز في ٢١ سبتمبر.
- المخرجة الفرنسية كلير ديني ستترأس هيئة التحكيم لمسابقات قسم «آفاق».
- المخرجة النمساوية فيرونيكا فرانز.
- المخرجة البريطانية جوانا هوغ.
- الكاتب الإيطالي نيكولا لاجيويا.
- المخرج الألماني كريستيان بيتزولد.
- الممثلة الفرنسية لوديفين سانييه.
- الممثل الأميركي مات ديلون، الذي حلّ مكان المخرج والكاتب الروماني كريشتي بويو، الذي تعذّرت عليه المشاركة في اللحظة الأخيرة.
وسيشارك في الحفلة الإفتتاحية للمهرجان مدراء معظم المهرجانات الأوروبية الكبرى، ومنها «كان» و«برلين»…
يذكر أنه تمّ إختيار المنتجة التونسية درة بوشوشة، عضوًا في لجنة تحكيم جائزة «لويجي دي لورانتيس»، وهي التي سبق أن إختير فيلمها الجديد «سعاد»، ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان «كان» السينمائي لهذا العام، وإن كان قد تمّ تأجيله؛ علمًا بأن الممثلة التونسية المقيمة في مصر هند صبري، كانت قد إختيرت لتكون في هيئة تحكيم المهرجان العام الماضي.
الأفلام التي سيتم عرضها
باقة المهرجان مقسّمة الى ثلاث فئات، هي التالية: «فينيتسيا ٧٧» المسابقة الرئيسية، «أوريزونتي-آفاق»، جنبًا الى جنب مع قسم «آوت أوف كومبيتيشون-خارج المنافسة»، والـ «بيينال كولدج-سينما»، إضافة للفروع المستقلة والموازية التالية: الأسبوع الدولي للنقد الفني، ويوم المؤلفين – جيورناتا دل أوتوري.
أما أفلام مسابقة «الواقع الإفتراضي»، فسيتمّ عرضها في البندقية بالكامل، عبر الإنترنت، حيث سيتمّ تقديم أفلام تجريبية صُوّرت بإستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد.
تجدر الإشارة الى أن الأفلام ستعرض في لغتها الأصلية، مع ترجمة نصية الى الإيطالية والإنكليزية؛ والى أنه سيتمّ إجراء العروض في الأماكن ودور السينما المعهودة، بما في ذلك «بالاتزو دل سينما»، و«بالاتزو دل كازينو»، وفي ساحتين خارجيتين، هما «جيارديني دللا بيينالي» في البندقية نفسها، وساحة مخصّصة أصلاً للتزحلق على الجليد في جزيرة «الليدو».
ويشمل البرنامج الرسمي هذا العام أكثر من ٦٦ فيلمًا، من بينهم ٨١ فيلمًا في منافسة على «جائزة الأسد الذهبي»، مقارنة بـ ١٢ فيلمًا العام الماضي، و ٠٢ فيلمًا خارج المنافسة، و٩١ فيلمًا في قسم «آفاق».
الأفلام العربية
سيتم عرض ثلاثة أفلام لمخرجين عرب للمرة الأولى في قسم «آفاق»، وفيلم قصير، وفيلمين آخرين لصانعي أفلام عرب خارج البرنامج الرئيسي.
والأفلام العربية الواردة على لائحة المنافسة ضمن مسابقة قسم «آفاق»، المخصّصة للسينما العالمية ولا تدخل ضمن أفلام المسابقة الرئيسية، هي التالية:
- فيلم «الرجل الذي باع جلده»، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، بمشاركة الممثل التونسي يحيي المهايني، والإيطالية مونيكا بيللوتشي. يروي قصة «سام علي»، اللاجىء السوري الذي نزح من سوريا الى لبنان هربًا من الحرب الداخلية، وأملاً في السفر الى فرنسا للإلتحاق بحبيبته التي تمكّنت قبله من الإستقرار في باريس. إلا أنه بقي عالقًا داخل الأراضي اللبنانية، بلا أي وثائق سفر. وكان يرتاد خلال إقامته حفلات إفتتاح المعارض الفنية في بيروت، ليتسنّى له تناول الشراب والطعام الذي يقدّم في مثل هذه المناسبات، وصدف أن لفت إنتباه فنان أميركي تقدّم منه وعرض عليه عقد عمل ومبلغًا من المال، مقابل قيامه بوضع وشم على ظهره، ما قد يسمح له بشراء بطاقة سفر الى باريس. إلا أن الأمر سيغير مسار حياته، بعد تحوّل هذا الوشم الى مادة دسمة في سوق الفن.
- فيلم «زنقة كونتاكت» الذي يروي قصة حب بين مغني إيرلندي يدعى «لارسن» مصاب بمرض خطير في حنجرته، ومغنية في شوارع «كازابلانكا» تدعى «راجاي»، فيشفى من مرضه بقوة الحب، ويعملان معًا على إصدار أغنية «زنقة كونتاكت». يهربان من واقعهما الصعب الى عالم أساسه الموسيقى والفن، ويلتقيان ليعيشا قصة رومانسية تتخلّلها التحدّيات.
يجمع العمل بين أفلام الوسترن والأفلام الرومانسية، والعنف والضحك، والروك أند رول وموسيقى الصحراء. من إنتاج وإخراج المغربي إسماعيل العراقي، وبطولة خنساء بطمة وأحمد حمود ومراد زاوي.
- الفيلم الفلسطيني «غزة مونامور»- -غزة حبي-، للأخوين التوأمين طرزان وعرب ناصر، من بطولة سليم ضو، وهيام عباس، ومايسة عبد الهادي، وجورج إسكندر، ومنال عوض.
تدور أحداث الفيلم في غزة حيث يخفي «عيسى» الصياد حبه لعاملة في صناعة الملابس تدعى «سهام»، وهو الذي تجاوز الـ٠٦ من عمره، وتمتلكه عاطفة لا تنتهي رغم تقادم السنين. كما أنه يقوم بإخفاء تمثال أثري يوناني قديم لـ«أبولو»، علق في شبكة صيده على الشاطىء -وهي حادثة حصلت فعلاً في بحر غزة عام ٤١٠٢- ما سيغير مسار حياته كما كان يعرفها.
- الفيلم القصير «تحت بشرتها- -آفلور دي بو»، من إخراج الجزائرية مريم مسراوة.
يروي قصة الطفلة «سارة» في مدينة «وهران» الجزائرية، التي تضطر لإتباع قواعد سلوك إضافية فرضتها عليها والدتها، لمنعها من قضم أظافرها، كما كانت قد إعتادت على ذلك.
أما في مسابقة «أيام المؤلفين-أيام فينيس» في البندقية، فتشارك الأفلام التالية، من ضمن برنامج مستقل يقام بالتعاون مع مهرجان البندقية الدولي للسينما :
-فيلم ٠٠٢ متر، للمنتج والمخرج الفلسطيني أمين نايفة، وتمثيل علي سليمان من مواليد الناصرة.
يحكي قصة زوجين «مصطفى» و«سلوى»، يعيش كل واحد منهما في قرية لا تبعد عن الأخرى سوى ٠٠٢ متر، لكن يباعدهما حائط الفصل في الضفة الغربية؛ فيبتكران وسيلة للتواصل عن بعد، ومن ثم يضطر مصطفى لإيجاد طريقة تخوله تخطي الحاجز لملاقاة إبنه في الجانب الآخر بعد أن تعرض لحادث.
- سيجار العسل، للفرنسية من أصل جزائري كمير عينوز. يروي قصة مراهقة تدعى «سلمى» تقابل أحد الشبان في الجامعة، فتتغيّر نظرتها الى حياتها وتقاليدها المعتادة.
الأفلام الأجنبية
كثيرة هي الأفلام الأجنبية المعروضة في المهرجان ضمن إطار المسابقة الرسمية، نذكر منها:
- فيلم إيطالي بعنوان لاتشي يفتتح فعاليات المهرجان للمرة الأولى منذ عام ٩٠٠٢، من إخراج دانييلي لوكيتي، وإن كان من خارج المسابقة الرسمية. وهو يستند الى رواية تحمل نفس الإسم للكاتب الإيطالي دومينيكو ستارنون، من بطولة ألبا رورفاكر، ولويجي لو كاسشيو ولورا مورانتي، ويتناول قصة خيانة بين زوجين من نابولي.
-فيلم نوماد لاند للمخرجة الصينية المقيمة في الولايات المتحدة كلويه زهاو. وهو فيلم عن إمرأة تعيش كبدوية من العصر الحديث في نيفادا الأميركية، بسبب حالة الركود الإقتصادي السائدة. من بطولة الممثلة الحائزة جائزة أوسكار فرانسس ماكدورماند.
- فيلم آمان- عشاق، من إخراج الفرنسية نيكول جارسيا.
-فيلم ميس ماركس، للإيطالية سوزانا نيكياريلي، يتناول قصة «اليونور» إبنة كارل ماركس.
-الفيلم الفرنسي-المكسيكي نويفو أوردن للمكسيكي ميشيل فرانكو، عن حفل زفاف يفسده حضور ضيوف غير مرحب بهم.
- فيلم ما بين الموت، للمخرج الآذربيجاني هلال بايداروف.
فيلم الأخوات ماكالوزو- «لي سوريللي ماكالوزو»، للإيطالية إيما دانتي.
-فيلم زوجة جاسوس للياباني كيوشي كوروساوا.
-فيلم لن يتساقط الثلج مرة أخرى للبولندية مالجورزاتا شومويسكا.
-فيلم شمس الاطفال، للمخرج الإيراني ماجد مجيدي.
- فيلم ذي وورلد تو كام، من إخراج منى فاستفولد، وتمثيل فانيسا كيربي.
-فيلم بادري نوسترو، من إخراج كلاوديو نوتشه.
-«نوتورنو»، إخراج جيانفرنكو روزي.
-الدراما العائلية «قطع إمرأة»، إخراج كورنل موندركزو، تمثيل شيا لابوف.
- فيلم أيها الرفاق الاعزاء، إخراج الروسي أندريه كونشالوفسكي.
فيلم أند تومورو ذي إنتاير وورلد، لـ جوليا فون هاينز.
-فيلم كوفاديس عيدا، للبوسنية جميلة زبانيتش (…).
من الأفلام الأجنبية ضمن قسم «آفاق»:
- تفاح كفيلم إفتتاحي، وكذلك الحرب الثالثة، مايلستون، المعلم، ذي وايستلاند، ماينستريم-التيار إخراج جيا كوبولا، حرب وسلم، ليل الملوك، الفرن للمخرج رودريك ماكاي الذي يشارك في بطولته الممثل المصري أحمد مالك وكايرلس كرايم إخراج شهرام موكري، والأفضل لم يأت بعد من إخراج وانغ جينغ، والقطة الصفراء إخراج أديلخان يرزهانوف (…)
ومن الأفلام القصيرة ضمن قسم «آفاق»:
القطار المسائي، التحول، اللعبة، أماكن، أنيتا، سوغني الكامبو، بيينغ ماي مون (…)
ومن خارج المسابقة، أضيف مؤخرًا فيلم وان نايت إن ميامي من إخراج الممثلة الأميركية ريجينا كينج، يتناول بدايات الملاكم الأسطوري محمد علي كلاي.
وكذلك فيلم ذي هيومان فويس لـ بيدرو ألمودوفار مع تيلدا سوينتون.
والوثائقي غريتا، للسويدي ناتان غروسمان، الذي يتابع نضال مواطنته الشابة «غريتا ثانبورغ» في سبيل البيئة.
يضاف اليهم أفلام الخيال، بدءًا بفيلم ذي تايز لـ دانييل لوكيتي؛ والأفلام الوثائقية؛ وإختيارات «البيينال كولدج سينما».
الجوائز
الجائزة الرئيسية للمهرجان هي «جائزة الأسد الذهبي»، التي تمنح لأفضل فيلم يعرض في المسابقة الرسمية؛ و«الأسد الفضي» لأفضل مخرج؛ وجائزة «هيئة المحلفين الكبرى»؛ و«كأس فولبي» الذي يمنح لأفضل ممثل أو ممثلة؛ وجوائز أخرى في مختلف الأقسام، ولا سيما قسم «آفاق»؛ وجائزة الممثل الراحل «مارسيللو ماستريوني»؛ وجوائز أخرى، ولا سيما لصناع السينما، بالتعاون مع ساعات «جيجر لوكولتر» السويسرية الفاخرة؛ علمًا بأنه سيتم منح «جائزة الإنجاز الإبداعي» للمخرجة الصينية آن هوي، والممثلة البريطانية تيلدا سوينتون تكريمًا لمسيرتهما الفنية….
على أمل أن يكون هذا المهرجان رسالة من التفاؤل والأمل الملموس لعالم السينما بأكمله، الذي عانى كثيرًا من تداعيات جائحة كورونا، كما أشار الى ذلك المدير الفني للمهرجان، وأن يشجّع على إعادة إنطلاق العمل الفني على نطاق أوسع.
وفي هذا السياق، هناك مهرجانات سينمائية دولية عديدة أخرى، بدأت تتحضّر لمباشرة فعالياتها، مثل«مهرجانات تورونتو» الكندية، و«الجونة»، و«القاهرة»، و«مراكش»، و«دوفيل» الفرنسية، و«نيويورك»، و«بوسان» في كوريا الجنوبية.
أقدم مهرجان سينمائي في العالم
مهرجان مدينة «البندقية» السينمائي شمال شرق إيطاليا أو«فينتسيا» بالإيطالية، هو أقدم مهرجان سينمائي في العالم. أسسه «جيوزيبي فولبي» في السادس من أغسطس ٣٢٩١، بهدف «فهم وتعزيز السينما الدولية في جميع أشكالها، كوسيلة ترفيه وتثقيف، وفن، وصناعة، في إطار من الحرية والحوار».
يفتتح المهرجان دوراته مذ ذاك، آخر شهر أغسطس أو مطلع شهر سبتمبر من كل عام، في جزيرة «ليدو» الصغيرة في بحيرة «فينيتسيا»؛ وذلك، في إطار مهرجان أشمل للفن المعاصر هو «بيينال فينيتسيا»، تمّ تأسيسه عام ٣٩٨١، وينعقد كل سنة، بالرغم من إسمه الذي يوحي بأنه ينعقد كل سنتين.
تنظّم أعمال البيينال شركة«بيينالي دي فينتسيا»، التي بات يرأسها إعتبارًا من عام ٠٢٠٢ «روبرتو شيكوتو». وهي تشمل معارض متكاملة شتى، ومنها ما يتعلق بفنون السينما والعمارة، والموسيقى، والرقص، والمسرح…