«طموح زايد» أطول مهمة فضائية فـي تاريخ العرب
الإمارات تحقّق 18 انفراداً فـي مجال الفضاء
فـي 28 أبريل، من المقرّر أن يقوم النيادي بالسير فـي الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية (ISS)، وسيكون النشاط خارج المركبة الذي يستغرق 6,5 ساعات (EVA) هو الأول على الإطلاق لرائد فضاء عربي، وسيجعل الإمارات العربية المتحدة الدولة العاشرة التي تحقّق هذا الإنجاز. وكتب النيادي على تويتر فـي أبريل: «أنتظر بفارغ الصبر هذه اللحظة التاريخية التي تدربت عليها بشكل مكثّف فـي مركز جونسون للفضاء، وأتطلع إلى تمثيل بلدي ومواصلة الرحلة الاستثنائية التي بدأٔتها أجيال من رواد الفضاء قبلي». أمضى النيادي أكثر من 55 ساعة تحت الماء فـي مختبر الطفو المحايد التابع لناسا فـي هيوستن، وهو نسخة طبق الأصل بالحجم الكامل لمحطة الفضاء الدولية مغمورة فـي حوض سباحة، كونك تحت الماء يحاكي انعدام الوزن، ما يجعل هذا المختبر المائي مركز تدريب مثاليًا لرواد الفضاء الذين يسيرون فـي الفضاء. وقبل الانطلاق فـي المهمّة غرّد النيادي على تويتر: «إنه لشرف عظيم لي أن أكون جزءًا من هذه المهمة التاريخية، وأن أمثل بلدي، الإمارات العربية المتحدة، وأن أحصل على دبوس رائد فضاء ذهبي من وكالة ناسا، وسأضع هذا الدبوس كرمز للالتزام الذي قطعته على نفسي عندما بدأت فـي هذه الرحلة». محطات إستثنائية فـي قطاع الفضاء الإماراتي مع انطلاق هذه المهمة تكون الإمارات قد أضافت إنجازًا تاريخيًا جديدًا غير مسبوق عربياً . وبالتزامن مع انطلاق النيادي، يواصل «المستكشف راشد» رحلته إلى سطح القمر المقرّر أن يصله فـي أبريل المقبل، لتكون دولة الإمارات أول دولة عربية، والرابعة على مستوى العالم، التي تحقّق هذا الإنجاز. إنجازان غير مسبوقين عربيًا ترفع بهما الإمارات عدد إنجازاتها فـي هذا القطاع إلى 18 انفرادًا أضحت مصدر إلهام، لتحفـيز وتشجيع العرب على تحقيق نقلة نوعية فـي اهتماماتهم وإطلاق العنان لطموحاتهم للتفوّق فـي مجالات ظلت لعقود حكرًا على الدول المتقدّمة. هذه الإنجازات لم تكن وليدة صدفة وإنما كانت نتيجة عمل دؤوب وخطط طموحة وقيادة داعمة لها، بداية من المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ووصولاً للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي أعرب عن ثقته بقدرة شباب الوطن للوصول لآفاق علمية جديدة تعزّز ريادة دولة الإمارات فـي مجالات الفضاء، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي أكد أن «المراحل المقبلة فـي قطاع الفضاء الإماراتي ستكون عالمية واعدة».
من الإمارات الى العالم العربي خلال زمن قياسي لا يتجاوز التسع سنوات من عام 2014، تاريخ إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، نجحت الإمارات فـي حجز مقعد لها على قائمة كبار صنّاع قطاع الفضاء العالمي، ورسّخت موقعها كمرجع معرفـي عالمي فـي استكشاف وعلوم الفضاء ومركز للبيانات التخصّصية، لتؤكّد من جديد أنها صاحبة رسالة حضارية وإنسانية عالمية ومصدر إلهام. لم تكتف الإمارات بتعزيز نجاحها وترسيخ مكانتها عالميًا، بل أخذت على عاتقها نقل تجربتها الرائدة فـي مجال علوم الفضاء للدول العربية والخليجية، عبر مبادرة تأسيس أول «مجموعة عربية للتعاون الفضائي» فـي عام 2019 بهدف تشجيع وتفعيل التعاون العربي على صعيد الأنشطة الفضائية. وشكّلت تجربة الإمارات فـي مجال استكشاف الفضاء واحدة من أبرز قصص النجاح على المستويين العربي والإقليمي بالنظر لحجم الإنجازات التاريخية التي حققتها والمشاريع الاستثنائية التي أطلقتها خلال فترة وجيزة من الزمن. أبرز الانجازات تسع سنوات حقّقت خلالها الإمارات إنجازات متتالية وانفرادات عربية ودولية متواصلة، كان أحدثها اليوم بانطلاق رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، فـي أول مهمة عربية طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية. فما رأيكم بجولة على أبرز الانجازات التي نُفّذت والتي يجري العمل على تحقيقها: ١- أول مهمة طويلة الأمد لروّاد الفضاء العرب تعتبر مهمة «طموح زايد» أول مهمة عربية طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية تستمر ستة أشهر يجري خلالها أكثر من 19 تجربة بحثية متقدّمة فـي 10 مجالات مختلفة بالتعاون مع وكالة ناسا وشركاء آخرين وجامعات إماراتية مختارة. وتعد هذه أول مهمة طويلة الأمد يشارك فـيها رائد فضاء عربي وأول مهمة طويلة الأمد من قبل دولة غير شريكة لمحطة الفضاء الدولية، وستجعل الإمارات العربية المتحدة الدولة رقم 11 على مستوى العالم التي ترسل رواد فضاء فـي مهمة طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية. وتعد هذه ثاني مهمة لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، بعد إطلاق أولى مهمة إلى محطة الفضاء الدولية عام 2019. 2- «راشد» أول مستكشف عربي على سطح القمر
وفـيما يواصل النيادي مهمته العلمية فـي محطة الفضاء الدولية، سيكون العالم على موعد مع وصول المستكشف «راشد» إلى سطح القمر فـي أبريل الحالي، لتكون الإمارات أول دولة عربية، والرابعة على مستوى العالم، التي تحقّق هذا الإنجاز. وكانت الإمارات قد أطلقت فـي 11 ديسمبر الماضي «المستكشف راشد» نحو سطح القمر بنجاح من قاعدة «كيب كانافـيرال» الفضائية فـي ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية على متن الصاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس». وتهدف مهمة استكشاف القمر إلى إجراء اختبارات لدراسة جوانب مختلفة من سطح القمر، بما فـي ذلك التربة القمرية، والخصائص الحرارية للهياكل السطحية، والغلاف الكهروضوئي القمري، وقياسات البلازما والإلكترونيات الضوئية، وجزيئات الغبار الموجودة فوق الجزء المضيء من سطح القمر. وستسهم الاختبارات العلمية التي يجريها المستكشف راشد والذي تم بناؤه وتصميمه بجهود الخبراء والمهندسين الإماراتيين بنسبة 100 فـي المئة فـي إحداث تطوّرات نوعية فـي مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات. ٣- مسبار الأمل.. أول مسبار عربي وإسلامي
وخلال الشهر الحالي أي (أبريل 2023)، ستكون مهمة «مسبار الأمل» أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة عربية قد أتمت سنة مريخية كاملة «687 يوماً أرضياً»، وهي المدة المحدّدة للمهمة، مع احتمالية تمديدها لسنة مريخية أخرى إذا تطلب الأمر ذلك، لجمع بيانات أشمل، وكشف المزيد من الأسرار عن الكوكب الأحمر. وكانت الإمارات قد دخلت رسمياً السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي وفـي 20 يونيو 2020 مع انطلاق مسبار الأمل الإماراتي إلى المريخ فـي رحلة تهدف إلى فهم التغيرات المناخية على الكوكب الأحمر، واكتشاف أسباب تآكل غلافه الجوي، وعدم وجود بيئة مناسبة للحياة على سطحه. وبعد رحلة استغرقت نحو سبعة أشهر فـي الفضاء، وصل «مسبار الأمل» إلى الكوكب الأحمر فـي 9 فبراير 2021، لتكون الإمارات أول دولة عربية وخامس دولة بالعالم تحقق هذا الإنجاز. وقدم «مسبار الأمل» منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ أكثر من 1200 جيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، تعد مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر فـي أوقات مختلفة، وهي متاحة مجاناً أمام المجتمع العلمي حول العالم. ٤- إطلاق أول مشروع لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية فـي 17 يوليو 2022 أعلنت الإمارات إطلاق البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية «سرب» لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، والذي يعد أحد البرامج النوعية والأول عربياً فـي القطاع الفضائي. وسيسهم البرنامج فـي رصد المتغيّرات التي تطرأ على كوكب الأرض بسبب التغيّرات المناخية والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للاستدامة البيئية والموارد على سطح الأرض. ٥- المريخ 2117.. نجاح «المهمة رقم 1»
وفـي 3 يوليو 2022 كذلك، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء انتهاء «المهمة رقم واحد» من مشروع الإمارات لمحاكاة الفضاء وتحقيق أهدافها بنجاح كبير، وذلك ضمن برنامج البحث العلمي الدولي فـي المحطة الأرضية الفريدة «سيريوس 21» فـي روسيا والتي انطلقت 4 نوفمبر 2021 وامتدت 8 أشهر بهدف دراسة التأثيرات الطبية الحيوية والنفسية لدى البشر الناجمة عن العزلة فـي الفضاء بهدف المساعدة فـي التحضير لمهام استكشاف الفضاء طويلة المدى. وشارك فـي أول مهمة إماراتية وعربية لمحاكاة الفضاء، الإماراتي صالح العامري من مركز محمد بن راشد للفضاء. وتعدّ هذه الخطوات مهمة لدعم برنامج «المريخ 2117»، الساعي إلى تدشين مستوطنات للبشر على هذا الكوكب، ويدعم مهام رواد الفضاء فـي رحلاتهم إليه مستقبلاً.
أطلقت الإمارات فـي 29 أكتوبر 2018 القمر الاصطناعي «خليفة سات»، الذي يُعدّ أول قـمر اصطناعي إماراتي وعربي 100 فـي المئة من تصميم وتصنيع «مركز محمد بن راشد للفضاء»، وقد أشرف على تصميم القمر 70 مهندساً إماراتياً، أعمارهم بين 27 و28 سنة. وقبل أن ينتهي العام الجاري، من المقرّر إطلاق القمر الصناعي الإماراتي MBZ-Sat، ثاني قمر اصطناعي إماراتي يبنيه ويطوّره بالكامل فريق من المهندسين الإماراتيين، بعد قمر «خليفة سات».
كذلك حقّقت الإمارات إنجازاً تاريخياً على الصعيد العربي، فـي 26 سبتمبر 2019، بعد أن وصل رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، ليكون بذلك أول إماراتي وعربي تحط قدماه على تلك المحطة منذ إنشائها فـي عام 1998. وقضى المنصوري ثمانية أيام على متن محطة الفضاء الدولية، فـي رحلة تاريخية أجرى خلالها 16 تجربة علمية.
وجّه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتطوير (القمر 813) كأول مشروع بالتعاون مع الدول العربية بقيادة دولة الإمارات كهدية من الإمارات للمجموعة العربية للتعاون الفضائي بمناسبة التوقيع على ميثاق تأسيسها. وجرت تسمية القمر «813» وهو تاريخ بداية ازدهار بيت الحكمة فـي بغداد فـي عهد المأمون. ويساعد المشروع من الناحية العلمية فـي رسم الخرائط البيئية ورصد وأرشفة الظواهر والموارد الطبيعية ورصد ديناميكيات الغطاء الأرضي وحالة المحاصيل ونوعية المياه الداخلية وانتشارها وتآكل الأرض وتلوث التربة مقابل المناخ، إضافة إلى مساهمته فـي الاستكشاف الجيولوجي والكشف عن المعادن والأتربة النادرة والمعادن الأساسية وتحديد ومراقبة مواقع التعدين والحفر الحالية والمستقبلية لاحتياطيات الغاز الطبيعي والنفط. وسيكون العمر الافتراضي للقمر الاصطناعي نحو خمسة أعوام وسيكون له مدار قطبي بارتفاع 600 كيلومتر، وسيرسل البيانات إلى محطة أرضية فـي دولة الإمارات، ومحطات استقبال فرعية فـي بعض الدول العربية، لتستفـيد منها مختلف الجهات البيئية والبلديات والمؤسسات المعنية بالقطاع الزراعي والتخطيط العمراني.
دخلت الإماراتية نورا المطروشي التاريخ بعد أن أصبحت أول رائدة فضاء عربية، وذلك بعد أن أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فـي أبريل 2021، اسمي رائدي الفضاء الإماراتيين الجديدين ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء فـي دورته الثانية، وهما محمد الملا ونورا المطورشي كأول رائدة فضاء عربية. وانضمت نورا المطروشي إلى برنامج ناسا لرواد الفضاء 2021، حيث خاضت تدريبات فـي مجال إدارة مهام مختلفة فـي محطة الفضاء الدولية، والتدرب على مهمات السير فـي الفضاء، والبقاء لفترات طويلة فـي المحطة. وبعد إرسال هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، وإرسال سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدولية فـي مهمة ستستمر لمدة ستة أشهر، تستهدف الإمارات أن يكون الثنائي نورا المطروشي ومحمد الملا، فـي قيادة مهمات الإمارات المستقبلية.
وفـيما كان الملا والمطروشي يواصلان تلقي تدريباتهما فـي برنامج ناسا لرواد الفضاء، كشفت الإمارات فـي 5 أكتوبر 2021 عن مهمة جديدة فـي مجال الفضاء تتضمّن بناء مركبة فضائية إماراتية تقطع رحلة مقدارها 3,6 مليار كيلومتر تصل خلالها إلى كوكب الزهرة وسبع كويكبات ضمن المجموعة الشمسية وتنفّذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر 5 سنوات. وسيستغرق تطوير المركبة سبع سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق فـي رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدّد لها بداية 2028، وتستغرق مدة المهمة العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات 5 سنوات تمتد من عام 2028 حتى عام 2033. وللمرة الأولى عربيًا، ستتولى كوادر وطنية إماراتية مهمة إدارة مشروع استكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات، حيث ستعتمد الإمارات على الخبرات التي اكتسبتها الكوادر الوطنية الإماراتية التي تعمل فـي مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل».