من حلم في غرفتها الصغيرة الى نجومية الإعلام الرقمي تيم الفلاسي «الإبتكار والمصداقية والمثابرة، هي من أسرار التميّز والنجاح»
قد يكون النجاح وليد مسار طويل من البحث والجهد وتلمّس الفرص، وقد يأتي نتيجة فكرة خلاّقة، وإبتكار آليات تطبيقية لترجمتها على أرض الواقع، وإستثمارها على أوسع نطاق ممكن، تعميمًا للربح أو الفائدة.
ويحصل ذلك بشكل خاص، في العديد من المجالات العلمية والتجارية والفنية، كما يتبيّن من تاريخ الإختراع أو الإبتكار.
وفطيم الفلاسي، فتاة ذكية مليئة بالحيوية، روحها إيجابية ومرحة، منفتحة فكريًا ناجحة ولديها قدرة على التاثير،أحبت عالم التواصل والتعارف وتبادل المعرفة، فإبتكرت وأنجزت، ونجحت في إنشاء آليات تواصل بينها وبين جمهور من المتابعين بات يقدّر بالملايين. وإشتُهرت كذلك عبر برامجها على مواقع التواصل الأجتماعي بإسم «تيم الفلاسي». ولقبت من قبل الكثيرين بـ«أوبرا الخليج» على إسم مقدمة البرامج الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري.
فطيم الفلاسي إعلامية إماراتية شابة ومبدعة في مجال الإعلام الرقمي والإلكتروني، وهي من مواليد دبي بتاريخ ٥ أغسطس ١٩٩١. إلتحقت بكلية علوم الإتصال والإعلام في جامعة زايد وتخرّجت منها بعلامات جيدة، وبإجازة في أصول الإعلام المرئي وقواعده.
تتحدّر من عائلة إماراتية عريقة، والدها يدعى بخيت سالم الفلاسي، كان له رتبة ضابط في الجيش توفي بتاريخ ٦٢ نوفمبر ٩١٠٢. نعته على صفحتها على الإنستغرام، ونشرت فيديو بعد تردّد، لأنها لا تحب أن تظهر علنًا في موقف ضعف، عبرت فيه بكثير من التأثر، عن حبها الكبير له، وحزنها على فراقه.
عارض والدها ميلها في صغرها نحو الأعلام، ثم عاد ووافق على أن تتسجل لدراسة هذه المادة، وإعتز بنجاحاتها، في المقابل، والدتها كانت تعمل بصفة إدارية في إحدى الصحف، وتعشق الإعلام، وشجّعتها منذ البداية على أن تسعى إلى تحقيق حلمها في أن تصبح إعلامية.
حقّقت حلم طفولتها
البدايات الحالمة تعود الى الطفولة، عندما كانت تقف أمام المرآة وتوجّه رسائل إذاعية وهمية الى المستمعين في الإمارات والدول العربية، كما تفعل المذيعات، وتحلم بأن تعمل يومًا كمذيعة أو مقدمة برامج تلفزيونية، وكانت ما زالت في الثامنة من العمر.
إختارت لنفسها باكرًا مسيرة خاصة، إتسمت بروح الإبتكار والإنفتاح والإقدام، فتتالت إنجازاتها. الفكرة كانت فكرتها، والقرار قرارها، والعزيمة والمثابرة طريقها الى الوصول.
بعد حصولها على شهادتها في الإعلام المرئي، عملت لفترة في دار تلفزة، ثم عملت في مجالات متنوّعة أخرى، ولا سيما في أحد المصارف وفي مجال العقارات.
إلا أن خلفيتها الأكاديمية، وميلها الأساسي للإعلام، دفعاها للسعي بصورة موازية لإكمال حلمها الأول. وبات طموحها أن تمثّل الإعلام الرقمي الإماراتي بصورة مشرفة، خاصة وأنها تمتلك مواهب متكاملة، من إبتكار الأفكار الى حسن تحضير البرامج وإخراجها وإنتاجها وتقديمها على الشاشة.
قامت عام ٢٠١٢، عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها، بنشر مجلة باللغة الإنكليزية، بإسم «يولو ماغازين»، نسبة للأحرف الأولى لعبارة «يو أونلي ليف وانس»، أي أنت تعيش مرة واحدة، وكانت تبيع أعدادها في الجامعة مع بعض رفاقها.
ثم ما لبثت أن حوّلت حبها للإعلام التقليدي في صغرها، الذي لم يتسن لها ممارسته، الى شغف للإعلام الرقمي، عندما قاربت العشرين من العمر.
وكان عليها أن ترفع لذلك بعض التحدّيات، ومنها: معارضة عائلية ومجتمعية في البدايات، إذ إنه لم تكن مسألة تقليدية أن تقوم فتاة إماراتية بعرض شؤون حياتها الشخصية مباشرة من خلال الـ«فلوجينج»، ومنصّات وشاشات وسائل التواصل الأجتماعي، وكان عليها السعي دومًا للإتيان بكل جديد، كي لا يمل جمهور المتابعين، ولا يفتقدها إذا ما تأخرت بعض الشيء.
إذاعة عبر الإنترنت وبرامج مبتكرة
قامت بدايةً بتسجيل حلقات ومقاطع مختصرة، من داخل غرفتها الصغيرة التي إتخذتها كستوديو خاص، بواسطة ميكروفون وكمبيوتر محمول، ناقشت فيها بسلاسة وعفوية مسائل تتعلّق بالحياة العادية ومشاهداتها وإختباراتها، مع الحرص على حسن الطرح والتقديم، والـ«ميكسينغ»، والمرافقة الموسيقية.
وإذ بدأت عملها من غرفتها عبر الإنترنت، تنبّهت لها شركة «تو فور فيفتي فور كرياتيف لاب كوميونيتي» الإعلامية، فقدّمت لها عرضًا للإحاطة بعملها، ووفرت لها إستديو خاص، وفريق إعداد وعمل، ما سهّل حصولها على قاعدة أوسع من المتابعين.
وإكتشفت أنه بإمكانها بث «برامج إذاعية» عبر الإنترنت، لفترة ٣٠ دقيقة من دون مقابل، من خلال موقع «دبليو دبليو دبليو. سبريكر كوم»، فتحدثت ببساطة خلال البرنامج، عن خبرتها مع المشاهير الذين أجرت معهم مقابلات في مجلة «يولو».
وهكذا فقد أصبحت إعتبارًا من عام ٣١٠٢، أول إمرأة إماراتية تؤسس قناة إذاعية «أونلاين راديو»، عبر الشبكة العنكبوتية وإدارتها، حملت إسم «أون إير ويذ تيم»، أي على الهواء مع تيم، نسبة لإسمها «فطيم»، حصل بسرعة على متابعة آلاف المستمعين. وقد إستوحت الفكرة والإسم، من برامج بريطانية وأميركية، ولاسيما من برنامج «أون إير ويذ ريان سيكريست»، نسبة للإعلامي الأميركي «ريان سيكريست».
ثم ما لبث أن دعي تحديدًا «ذي تيم شوو»، من ضمن «ديوان» متكامل، بطابع شبابي وعصري متنوّع، مليء بالحيوية والإيجابية والمرح، وبلهجة عامية تعتمد العفوية والشفافية والوضوح في تقديم المعلومات، أو الإضاءة على وجهات النظر المختلفة المستوحاة من التجارب الشخصية، يبدأ بتحية «هاي جايز» بالإنكليزية، التي باتت سمة لمطلع برامجها.
وعرفت كيف تتميّز بقوة إبتكارها وإبداعها كفتاة إماراتية وعربية، في مجال لم يكن قد سبقها اليه أي رائد آخر في هذا الفضاء بالذات حينها، مع ما يستلزم مشروعها من موهبة في إبتداع الأفكار، وإختيار المواضيع التي تهم الشباب وتعكس تطوّر المجتمع، وإعداد البرامج وتقديمها وتخريجها، والإتيان دومًا بكل جديد وممتع ومفيد.
«آسك تيم»
أدخلت التنويع على برامجها، وعلى سبيل المثال، من خلال برنامج «آسك تيم»، الذي تتلقّى فيه جميع أنواع الأسئلة، ولا سيما الشخصية منها، وتجيب عليها بشفافية ووضوح. وغالبًا ما كانت تستضيف الوجوه الفنية الصاعدة، أو شخصيات معروفة لها شعبيتها أو تأثيرها.
ومن بين مساهماتها الأيجابية في هذا السياق، برنامج «يوم تيم تتكلم» الترفيهي الطابع، الذي قالت عنه أنها تحرص في كل حلقة من حلقاته، على أن يخرج المستمع بعد متابعته، محملاً بفكرة إيجابية، يستفيد منها في حياته، تناقش فيه مشكلة أو ظاهرة إجتماعية بطريقة عفوية، مثل العناد والصداقة والأمل والموسيقى وحياة النجوم، وطرح أسئلة كمثل: هل بإمكانكم التفكير بموضوعين في الوقت نفسه، أو ما هي أضرار كلمة «لا» وفوائدها…، وأية مواضيع أخرى من صلب الحياة، يمكنها أن تطاول مشاعر المستمعين أو إثارة إهتمامهم. وقد حصل برنامج «تيم شوو» بشكل خاص، على نسب مشاهدة عالية جدًا، وتمكّنت «تيم» تباعًا، من جذب الرعاة والمداخيل المالية، من الإعلانات.
رحلات عبر السوشيال ميديا
قامت بسفرات ورحلات عديدة الى بلدان متنوعة، بدعوة من الهيئات السياحية، ومنها بعض الدول العربية والأوروبية والآسيوية، ولا سيما السعودية والبحرين والعراق والأردن والولايات المتحدة وسويسرا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وتركيا وأستراليا وسنغافورة والمالديف وتايلاند، وعرضت على مستمعيها بصورة حية مشاهداتها ومضمون أحاديثها، علمًا بأن تغطيتها لسفرتها الأولى الى تركيا، ساهمت كثيرًا في زيادة نسبة متابعيها وتوسيع نطاق شهرتها.
قناة يوتيوب خاصة
أنشأت قناة «يوتيوب» خاصة بها، جذبت اليها مئات آلاف المشاهدين، وذلك بموازاة ٠١١ آلاف متابع على التويتر، وما يفوق الـ٣ ملايين على الإنستغرام وفق إحصاءات فبراير ١٢٠٢.
وضعت على قناتها مضمون بعض ما نشرته في مجلتها «يولو»، والحلقات التي تتضمّن مقابلاتها مع عدد من المشاهير، ونقاشات وبرامج ترفيهية، وأخبار عن الصحة، ودروس حول المجوهرات، ومواضيع منوّعة عديدة تلقى الأهتمام.
ومن بين المقابلات المشوّقة التي تتالت منذ البدايات، تلك التي أجرتها مع المطربة والعازفة الأماراتية شمه حمدان، ومصمّمة الأزياء إيمان الفلامنزي، والفنان محمد الشحي الذي كتبت له كلمات بعض أغانيه.
معظم متابعيها من دولة الأمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وبعض الدول العربية الأخرى، ودول الأغتراب.
وتوسّعت في عالم التكنولوجيا، فقامت بتصميم برنامج خاص يبث الأغاني يومياً من خلال الهواتف الذكية، تحت إسم«تو أو دبي»، علمًا بأنه كان لديها منذ البداية، قدرة مميّزة على تنسيق أسطوانات ال «دي. جي».
وبات يطلق عليها العديد من الألقاب: «صاحبة إذاعة على الإنترنت»، «منتجة أفلام إنترنت»، «فلوغر»، «محاورة المشاهير»، «نجمة سفر من خلال السوشيال ميديا»، «يو تيوبر»، «نجمة يوتيوب»، و«سيدة أعمال» وذلك لأن لديها مطاعم وشركة تسويق وإعلانات… إلاّ أنها تفضّل أن يعرف عنها كـ«إنفلوينسر» و«مؤثرة» على مواقع التواصل الإجتماعي.
مطاعم وشركات
إضافة إلى كل ذلك، رغبت في تنويع أنشطتها بالتوازي، خارج إطار وسائل التواصل الإجتماعي، بعد أن طرح عليها السؤال مرارًا، عما ستفعله بعد أن تأخذ مشاركتها على الشاشة العنكبوتية كامل مداها. فقامت بتأسيس شركة للإعلانات؛ ثم أقدمت في مجال مختلف، على إنشاء سلسلة مطاعم ناجحة بلغت الستة، وهو ما تهواه، ومن بينها، مطعم الوجبات السريعة «إكس بورغر»، ومطعم مختص بالدجاج في حديقة «البرشاءس بإسم «تشيك باي».
نجاح إستحق الألقاب والجوائز
حلّت في المرتبة ٣٣ من أصل مئة، على لائحة «فوربس»، لفئة «أقوى السيدات في العالم العربي»، عام ٥١٠٢، وأدرجت من قبل «آرابيان بيزنيس ماغازين»، في المرتبة الثلاثين على لائحة «أقوى مئة شخصية عربية مؤثرة تحت الأربعين». وحازت لقب «فلوغير أوف ذي يير»، وجائزة «ترافلز أواردز» من مجلة «ستايلست» العالمية عام ٧١٠٢.
وردًا على من يطرح عليها السؤال، عما إذا كانت تعتبر نفسها قدوة للفتاة الإماراتية، بالنظر لمجمل نجاحاتها، تكتفي بالإجابة بأنها تأمل أن تكون عند حسن الظن، بمشيئة الله.
طموحة وناشطة
هذه الفتاة الطموحة والخلاّقة والإيجابية، وصاحبة المشاريع الناجحة في ميادين متنوّعة، تعتبر أن الفكر المبتكر والمصداقية والظروف المساعدة والمثابرة، هي من أسرار التميّز والنجاح. إلاّ أنها تتّكل في جوهرها على رعاية الله؛ وإحدى العبارات التي ترددها دومًا هي «الحمد لله».
حالت قيود «كورونا»، دون إمكانية قيامها بأسفار عديدة كالسابق والإختلاط مع العالم الخارجي، ما بين مارس وأغسطس ٠٢٠٢. إلاّ أنها تمكّنت من زيارة بعض الدول، مثل«غانا»، مع «مؤسسة ميلندا وبيل غيتس» مطلع عام ٠٠٠٢، للمساهمة في حملة للتطعيم ضد «الحمى الصفراء» في القارة الأفريقية، ومن ثم «جزر المالديف» في أغسطس إعتبرتها من أحلى سفرات حياتها، وجزيرة ميكونوس في قبرص، ومصر.
وهي ما زالت على حيويتها وحبها للتواصل والحوار. ولم تحل العوائق دون قيامها مؤخرًا بزيارة لافتة الى تنزانيا، تمتّعت فيها بجمال جزيرة «زنجيبار»، وبرحلة «سافاري» جوًا بواسطة منطاد هوائي، وبرًا بسيارات مناسبة، حيث إقتربت من الأسود والفيلة وفصائل الحمار الوحشي، وإلتقطت لها الصور من مسافات قريبة، تشاركتها مع متابعيها على الإنستغرام.
تعترف بأنها حقّقت الكثير من الأرباح، قدّرت بالملايين، من خلال عملها ونجوميتها في مجال الإعلام الرقمي، ولا سيما من خلال الأعلانات العديدة جدًا التي تملأ صفحاتها على وسائل التواصل الأجتماعي، حول منتجات متنوّعة من العلامات الفاخرة والجمالية والتكنولوجية كالساعات والهواتف الجوالة والعطور، وصولاً الى الحاجيات المنزلية، وإن كانت لا تعتني كفاية بالأدخار.
هواياتها
وسائل التواصل الأجتماعي هي متنفسها، على ما تؤكّد، ولا سيما الإنستغرام، وتويتر، والسناب شات، وقناتها على اليوتيوب، وإن كانت لا تخصّص لها أكثر من ٤ ساعات يوميًا كما تقول، علمًا بأن نشاطها في هذا المجال أقرب في بعض أوجهه الى الإحتراف منه الى الهواية بطبيعة الحال.
من هواياتها تجميع النظارات الشمسية، إذ إن لديها أكثر من ٧٠ نظارة، من بينهم ٢٠ لماركة «ديور». وتعتني بإختيار أساورها اليدوية، ولا سيما تلك التي هي من ماركة «ڤان كليف وأربلز»، وتظهر دائمًا بساعات شبابية أنيقة، وأنواع عديدة من أقراط الأذن، كما أنها تشارك الآخرين خبرتها في مجالات عديدة منها تصميم المجوهرات.
وتهوى القراءة، ولا سيما ما تستفيد منه في أبحاثها، وكذلك التصوير، ومتابعة أخبار الإنترنت، والسفر، والإطلاع على ثقافات العالم، والتعرف على ناس جدد من دول مختلفة، إذ إنها تؤمن بأنه يجب على الأنسان ألا يتوقف عن تثقيف نفسه بكل جديد. وقد إعتبرت ردًا على سؤال، بأن سويسرا هي أفضل بلد قامت بزيارته.