الأفلام العربية فـي مهرجان «صاندانس» السينمائي هل تتكرّر نجاحات ٢٠١٩؟
يعتبر مهرجان «صاندانس»، من أبرز المهرجانات السينمائية العالمية المستقلّة، التي تقام فـي شهر يناير من كل عام فـي الولايات المتحدة الأميركية.
يعتمد على التقنيات التنظيمية والإعلامية الحديثة ويحضره عشرات الآلاف . بدأ منذ بضع سنوات بتنظيم مهرجانات رديفة فـي بعض الدول، ولا سيما فـي لندن وهونغ كونغ.
تمّ تأسيس المهرجان عام ٨٧٩١ وبتمويل شخصي فـي بدايته من قبل الممثل الأميركي الشهير روبيرت ردفورد، بالتشارك مع المخرج «سترلينغ غراي فان فاغينين» )حكم عليه بالسجن العام الماضي بتهمة التحرش الجنسي وتمّ فصله عن مؤسسة وفعاليات المهرجان(.
تعدّلت تسميات مهرجان صاندانس مرارًا، حيث كان يعرف بـ«مهرجان الفـيلم الأميركي»، ثم «مهرجان يوتا للأفلام الأميركية»، حتى إستقرّ على الإسم الحالي وإنفتح على أفلام العالم.
سمي بـ«صاندانس» نسبة الى شخصية «ذي صاندانس كيد» التي أدّاها روبرت ردفورد عام ٩٦٩١ فـي الفـيلم الاميركي “«بوتش كاسيدي وصاندانس كيد».أما الهدف منه، فهو إفساح المجال لعرض أي عمل سينمائي حرّ، درامي أو وثائقي، من الإنتاج السينمائي المقدّم من أي دولة من دول العالم. والمرتجى من ذلك، إثراء الثقافة العالمية بإنتاج الفنانين المستقلين، وتعزيز الشمولية والحوار والتنوّع فـي عالم إنتاج الأفلام؛ وبالتالي المساهمة فـي تآلف القلوب والعقول والمجتمعات، بعيدًا عن حصرية المعايير التي تفرضها إستديوهات السينما الكبرى، بفعل قدراتها المالية والتنظيمية والإعلامية.
هذا وقد صرّح ريدفورد أن مهرجان عام ٠٢٠٢ سيستعرض بطرق عديدة ومختلفة، مجموعة أفلام تساعد على التنوير والتغيير على مستوى القلوب والعقول والمجتمعات، وتخلق ثقافة مشتركة عالمية.
كيف تميّزت الأفلام العربية
خلال مهرجان ٩١٠٢ ؟
الإنتاج السينمائي العربي القديم والحديث مشهود له بالعراقة والتألق، تبرزه المهرجانات السينمائية العديدة التي تقام سنويًا فـي مدن عربية مختلفة. وفـي هذا السياق تشهد السينما السعودية حيوية متجدّدة منذ بضع سنوات. يتزامن ذلك مع حرص المملكة على تعزيز البعد الثقافـي والسياحي السعودي، خاصة فـي ضوء «رؤية ٠٣٠٢»، والمباشرة بإقامة منطقة «نيوم» على شاطىء البحر الأحمر، والتي سترى نشاطًا سياحيًا عالميًا متزايدًا.
يطاول هذا التجدّد بروز مخرجات سينمائيات سعوديات، منهن «ود الحجاجي»، «ريهام التيماني»، «هند الفهاد»، «جواهر العامري»، «مرام طيبة»، «هناء العمير» وغيرهن العديدات، ودخول السينما السعودية الى الأسواق العالمية.
فـي هذا السياق، تمكّن فـيلم سعودي وآخر سوري، من تحقيق المفاجأة فـي مهرجان «صاندانس» السينمائي للأفلام فـي الولايات المتحدة عام ٩١٠٢، بفوزهما بجوائز بارزة.
الفـيلم السعودي «حفلة دنيا» (دنيا’س داي)، للمخرج رائد السماري، حصل على جائزة الفـيلم القصير «جوري آوارد فورإنترناشيونال فـيكشون». كما حصل المخرج بدوره على جائزة لجنة التحكيم.
الفـيلم من بطولة سارة بالغنيم، يروي قصة فتاة شابة مدللة تسمى «دنيا»، تسعى جهدها لأنجاج حفل تخرّجها، إلا أنها تواجه سلسلة من المشاكل، ولا سيما تخلي معظم العاملين فـي خدمتها عنها، فتضطر للإهتمام بترتيبات الحفل بنفسها بكثير من الصعوبة والإرباك.
الفـيلم السوري «عزيزة»، من بطولة الممثلة المعروفة «كاريس بشار» والممثل «عبد المنعم عمايري»؛ أخرجته السورية «سؤدد كعدان»، وهو يتحدث عن حياة اللاجئين السوريين بأسلوب ما يعرف بالـ«كوميديا السوداء» التي تعالج مواضيع هامة ومؤلمة بأسلوب ساخر تمتزج فـيه الفكاهة مع الألم. حصل على جائزة الفـيلم القصير «غراند جوري برايز»، وإن كانت المخرجة كعدان لم تتمكّن حينها، بسبب الضغوط والقيود المرتبطة بالأزمة السورية، من الحصول على سمة الدخول الى الولايات المتحدة. أما عنوان الفـيلم «عزيزة»، فقد إقتبسته المخرجة من الإسم التي كانت تطلقه شقيقتها على سيارتها، والتي إضطرت لبيعها لمساعدتها فـي تغطية تكاليف إخراج الفـيلم، لتصبح «عزيزة» رمزًا لتحدّيات الحياة فـي ظروف الحرب وكيفـية مواجهتها.
مهرجان «صاندانس» ٠٢٠٢
يعود مهرجان «صاندانس» السينمائي للإنعقاد هذا العام فـي «بارك سيتي» فـي منتجع «صاندانس ماونتن ريزورت» فـي ولاية يوتاه الأميركية، إعتبارًا من ٣٢ يناير لغاية الثاني من فبراير. يتضمّن لائحة طويلة من الأفلام تفوق الـ ٨١١، من أكثر من ٧٢ دولة حول العالم، وإن كانت تطغى عليها الأفلام الأميركية. ٦٤ فـي المئة من منتجي هذه الأفلام من النساء، ٨٣ فـي المئة منهم من غير العرق الأبيض. تشمل المنافسات أربع فئات: الأفلام الرئيسية والوثائقية، تلك التي تستشرف الآفاق المستقبلية، تلك المخصّصة للأطفال، وأفلام منتصف الليل.
من بين الأفلام المعروضة، فـيلمان سعوديان وفـيلم مصري وفـيلم مغربي، الى جانب أفلام أميركية وأجنبية أخرى كالفـيلم الأميركي «داون هيل»، والبريطاني «دريم هورس»، والكندي «فولينغ»، والفرنسي-البريطاني «ذي فاذر» والإيرلندي «هورسلف»، والألماني-المكسيكي «فـيفوس».
الأفلام العربية التي ستعرض عام ٠٢٠٢
الأفلام العربية التي ستعرض خلال المهرجان من ضمن لائحة الإنتاجات الأقليمية هي التالية :
١- «المرشحة المثالية» )ذي بيرفكت كنديدت( ٩١٠٢
يروي الفـيلم قصة طبيبة سعودية شابة إسمها «مريم» لها طموحات فـي إدارة الشأن العام. وهي تتخطّى لذلك العديد من العوائق الإجتماعية وتفاجىء أهلها وأبناء بلدتها بالتقدّم بترشيحها الى المجلس البلدي.فـيلم لفت الإنتباه ونال الكثير من الإهتمام عندما عرض للمرة الأولى فـي مهرجان «فـينيسيا» السينمائي الدولي فـي إيطاليا عام ٩١٠٢. وهو سيشارك عام ٠٢٠٢ فـي القسم المخصّص لإستعراض الأفلام التي شاركت فـي مهرجانات فـي العام السابق، ضمن البرنامج المعنون «بقعة ضوء». أنتجت الفـيلم المخرجة السعودية المعروفة هيفاء المنصور، إبنة الشاعر عبد الرحمن المنصور وخريجة الجامعة الأميركية فـي القاهرة وجامعة مدينة سيدني الأسترالية. حصل على دعم من المجلس السعودي للأفلام، وتمّ تقديمه ليمثّل المملكة فـي سباق الأوسكار عن فئة أفضل فـيلم أجنبي.
من بين الممثلين والممثلات نورا العوض، ميلا الزهراني وشافـي الحارثي. . .
٢- «الفضائي العربي» (آرابيان آليان( ٠٢٠٢
فـيلم علمي خيالي قصير ومثير، يروي قصة رجل إسمه «سعد» تتحوّل حياته الى الأفضل بعد إلتقائه بكائن فضائي، ما ساعده على التغلّب على الإكتئاب. يضطلع الممثل السعودي «محمد الحمدان» بدور بطولة فـي الفـيلم، الى جانب صالح عالم والممثلة آن مارت، وهو من إخراج الكاتب والمنتج السعودي الموهوب مشعل الجاسر.
٣ -«الأقصر») لوكسور)
فـيلم من إخراج «زينة درة» وبطولة الممثلتين المصريتين المعروفتين «شيرين رضا» و«شهيرة فهمي»، الى جانب كريم صالح و«أندريا ريزبورو» وممثلين آخرين، لا سيما من بريطانيا.
يروي قصة عاملة إغاثة بريطانية تدعى «هانا» تلتقي صدفة من جديد بحبيبها السابق عالم الآثار الموهوب «سلطان» لدى عودتها الى مدينة «الأقصر» على ضفاف النيل، ويضيء على ما ستشعر به خلال تجوالها من تردّد فـي الإختيار والتوفـيق بين قناعات الماضي وشكوك الحاضر.
٤ -«لا يهم إن نفقت البهائم») سو وات إيف ذي غوت داي) ٩١٠٢
فـيلم قصير من إخراج المغربية «صوفـيا علوي» وإنتاج شركة «جيانغو فـيلم» ومشاركة بريطانية. يروي قصة راعي الماعز الشاب «عبد الله» الذي يعيش مع والده فـي منطقة معزولة فـي أعالي جبال الأطلس، ويضطر لمواجهة عاصفة ثلجية تمنعه من إيجاد الأعشاب لقطيعه ومن الحؤول دون تعرض الماعز والبهائم للنفوق. وهو إذ يضطر للتوجّه الى سوق قرية تبعد ساعات طويلة، للإستحصال على ما يحتاج اليه، يتبين له لدى وصوله بأن القرية مهجورة بسبب ظاهرة خارقة للطبيعة أذهلت الجميع.
يشارك فـي الفـيلم ممثلين غير محترفـين من الأطلس الأوسط أبرزهم فؤاد وسعيد وأميمة أوغاو. وسيتاح للفـيلم المنافسة فـي جوائز الأوسكار فـي حال فوزه بالجائزة الأولى.
تجري إحداثيات مهرجان «صاندانس ٠٢٠٢» فـي جوّ من الترقب والأمل بأن تنجح الأفلام العربية بالفوز بالجوائز التي تستحقها كالعام الماضي، علمًا بأن مهرجانات «صاندانس» للعام المقبل قد حدّدت منذ الآن ما بين ١٢ و١٣ يناير ١٢٠٢.