اختيار الملابس اليومية: عبء أم رفاهية؟
مشاهير يتمرّدون على عالم الموضة
في حين يرى الكثيرون في اختيار ملابسهم اليومية رفاهية وفرصة للتميّز والتعبير عن أنفسهم، يرى البعض الآخر أنها عبء صعب ومضيعة للوقت في غير مكانها. وفي حين ينفق الناس عمومًا والمشاهير خصوصًا مئات لا بل آلاف الدولارات للاهتمام بإطلالاتهم، نجد بعض الرجال يختارون التمرّد على هذا الواقع وشطب الاهتمام بإطلالاتهم من قائمتهم اليومية ليكسبوا المزيد من الوقت والانتاجية… فهل هم على حق؟
مارك زوكربيرغ
لا يتخلى عن الجينز والتي شيرت الرمادية
من ما لا شكّ فيه أن مؤسس فايسبوك مارك زوكربيرغ يملك المال الوفير لتغطية نفقات ظهوره بشكل مختلف، فلماذا لا يهتم بتغيير ملابسه رغم ثرائه الفاحش؟ يجيب مؤسس فايسبوك في تقرير نشره موقع Mashable الأميركي: «أنا حريص على أن أمنح وقتي للقرارات التي تخدم الناس، لا أن أحتار بشأن ماذا سأرتدي». وبالفعل إذا بحثت عن صور مارك زوكربيرغ، ستجد الغالبية العظمى من صوره بالملابس نفسها، الجينز التقليدي والتي شيرت الرمادية! ورداً على سؤال من صحيفة التليغراف البريطانية حول الموضوع ذاته قال إنه: «يملك نسخًا عدّة للتي-شيرت نفسها، والملابس بالنسبة له مثل وجبة الفطور لا وقت أصلاً للمناقشة في ما يؤكل أو فيما يتم إرتداؤه».
يمتلك زوكربيرغ المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة فايسبوك، والبالغ من العمر 38 عامًا، ثروة قدرها 59.3 مليار دولار، وعلى رغم أنه يحتل المرتبة 18 على قائمة فوربس لأغنى الأشخاص في العالم، إلاّ أنه لا يمتلك أي حس بالترف يتعلّق بالملابس أو السيارات، ففي ما يخص الملابس يفضّل زوكربيرغ ارتداء زي موحّد من قميص رمادي وسروال جينز يتميّزان بشكل تقليدي، إلاّ أن القمصان والسترات الرمادية المميّزة الخاصة به مصمّمة من قبل العلامات التجارية الفاخرة، ويقال إنها أغلى بكثير مما تبدو عليه، إذ يتم بيعها مقابل مئات وحتى آلاف الدولارات.
ويشتهر زوكربيرغ بحبه لقيادة السيارات الرخيصة نسبيًا، إذ تمّت مشاهدته وهو يقود سيارة Acura TSX، وهوندا فيت، والتى تقدّر قيمتهم بأقل من 30،000 دولار، وتم رصده وهو يقود سيارة فولكس واغن غولف GTI، وهى سيارة تكلف حوالى 30،000 دولار.
ولكن هذا لا يعني أنه لم ينفق على سيارة رياضية واحدة على الأقل، وهى سيارة Pagani Huayra الإيطالية التى يبلغ سعرها بحوالي 1.3 مليون دولار.
هناك شيء واحد لا يبدو أن زوكربيرغ يمانع فى شراءه بكثرة، وهو العقارات، ففي مايو 2011، اشترى منزلاً مساحته 5000 قدم مربعة، فى بالو ألتو مقابل 7 ملايين دولار.
وفى العام التالي، بدأ زوكربيرغ شراء العقارات المحيطة بمنزله، حيث أنفق أكثر من 30 مليون دولار لشراء أربع منازل، مع خطط لتسوية هذه المنازل وإعادة بنائها.
كما أنه اشترى منزلاً تبلغ مساحته 5500 قدم مربعة فى عام 2013 ودفع ما يزيد عن مليون دولار على عمليات التجديد، وفى عام 2014، أنفق 100 مليون دولار على اثنين من الممتلكات فى جزيرة كاواي، وهي مزرعة قصب سكر تبلغ مساحتها 357 فدانًا، وشاطئ من الرمال البيضاء.
وكان أحدث ما اشتراه فى هذا المجال، اثنين من العقارات المطلة على بحيرة تاهو، والتى كلّفته 59 مليون دولار.
يذكر أنه عندما يشتري زوكربيرغ العقارات، فإنه يميل إلى شراء المنازل الأخرى المحيطة بها لأسباب تتعلق بالخصوصية.
ستيف جوبز
يحبّ اللباس الموحّد
مارك زوكربيرغ ليس المتمرّد الوحيد على عالم الموضة، فإذا بحثت عن صور مؤسس شركة آبل الأميركية، الراحل ستيف جوبز ستجد أنه دائماً ما كان يظهر بشكل بسيط متكرر، مرتدياً الجينز مع تي- شيرت سوداء.
منذ أن طرقت النجومية أبواب ستيف جوبز، لم يخرج إلى الجماهير سوى بطقم واحد مكون من تى- شيرت سوداء وسروال جينز أزرق، وحذاء رياضى وربما هذا ما دفع موقع blameitonthevoices.com، لنشر صورة تحت عنوان تطوّر ملابس ستيف جوبز، وظهر خلالها بالملابس نفسها منذ عام 1998 وحتى عام 2010، دون أى تغيير سوى فى حذاء عام 2001 وفى وضعه حزاما عام 2009، وعلق الموقع قائلاً أن الأجهزة تغيّرت ولكن الطقم لا.
ويبدو أن ستيف جوبز قد اتخذ هذا القرار خلال الثمانينيات، أي عندما كان في رحلة إلى اليابان لزيارة شركة سوني. عندها رأى أن موظفي الشركة كافة يرتدون زياً موحداً. فقرّر هو أيضاً تبنّي هذه الفكرة في شركة آبل، اعتقادًا منه أن ارتداء الزي نفسه سيجعل الموظفين أكثر تناسقاً.
وعلم جوبز أن ملابس سوني من تنفيذ المصمم الياباني Issey Miyake، فطلب من هذا الأخير أن يصمّم له سترة لموظفي آبل. غير أنّ موظفي الشركة أعربوا عن استيائهم من هذا الأمر.
وعندها قرّر جوبز أن يغض النظر عن فكرة الزي الموحّد، إلاّ أنه حافظ على علاقته الجيدة مع المصمم Issey Miyake.
وقد طلب جوبز من المصمّم أن يقوم بتنفيذ قميص له كي يرتديها باستمرار، فكان القميص أسود اللون مع ياقة ضيقة، وحصل على المئات منها، فكان يرتدي القميص نفسه كل يوم.
باراك أوباما
يوفّر جهوده لمسائل أهم
كذلك يلاحظ متابعي الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أنه غالباً ما يختار بذلاته باللونين الأزرق الداكن والرمادي وهو ما يوضحه بقوله إنه: «لا يهتم بما سيرتدي أو سيأكل، لأنه يتابع أمورًا عديدة، أكثر أهمية، يتوجّب عليه أن يحلّها».
يقول أوباما في تصريحات سابقة: «سوف ترون أنني أرتدي بدلات الرمادي أو الأزرق فقط، لأنني أحاول الحد من اتخاذ القرارات. فلا آخذ قرارات بشأن ما سآكله أو ما سأرتديه، لأنه لدي الكثير من القرارات المهمة الأخرى التي عليّ أن صنعها».
غير أنّ هذ التبرير لم يقنع الكثيرين الذين يرون في ذلك خوفاً من الوقوع في فخّ الموضة، خاصة وأن إطلالات أوباما الأولى كانت قد أثارت الكثير من الانتقادات إزاء إطلالته عام 2009 أثناء ممارسة رياضة البيسبول في ميزوري وفي مواجهة الانتقادات، قال أوباما: «أنا أكره التسوّق، وهذا الجينز مريح. وأقول لأولئك الذين يريدون أن يروا رئيسهم رائعًا وهو يرتدي سروالًا ضيقًا من الجينز، أنا آسف.. لست أنا هذا الرجل».
كذلك أثارت البدلة التي ارتداها في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، خلال العام 2014 سخرية النشطاء الأميركيين على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن اختيار أوباما لبدلة ذات لون فاتح خاطئ. حتى أن أحد المغرّدين على موقع تويتر اقترح، ساخرًا، إنزال عقوبة الإعدام بصاحب قرار اختيار هذه البدلة، لأن الرئيس الأميركي عادة ما يرتدي بدلة داكنة اللون. ومنذ ذلك الحين قرّر أوباما الالتزام بالبدلات الرمادية والزرقاء الداكنة.
كريستوفر نولان
يوفّر وقته وطاقته
كذلك أعلن المخرج والسيناريست الأميركي الكبير كريستوفر نولان أنه قرّر منذ وقت طويل ألا يضيّع أي جزء من طاقته لاختيار ما يرتديه كل يوم.
كريستوفر نولان هو صانع أعظم الأفلام السينمائية خلال العقود الأخيرة، بداية من فيلم «ذا برستيج» إلى «ثلاثية فارس الظلام»، و «Inception» و«Interstellar»، ورغم المليارات التي حقّقها، تصفه مجلة نيويورك تايمز، أن له زيا تقليديًا لا يتغيّر، مكوّنًا من سترة سوداء ضيقة فوق قميص أزرق بالإضافة إلى السروال الأسود الطويل وحذاء مناسب.
وعلق نولان لنيويورك تايمز:«لقد قرّرت منذ وقت طويل أن اختيار شيء جديد لارتدائه كل يوم هو مضيعة للطاقة».
تبلغ ثروة كريستوفر نولان 180 مليون دولار، وهو معروف بأنه واحد من أعلى مخرجي هوليوود ربحًا على الإطلاق. أنتج 13 فيلمًا وحقّقت أفلامه خمسة مليارات دولار في جميع أنحاء العالم في شباك التذاكر.
وهو يملك ڤيلا فاخرة في لوس أنجلوس تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، ولديه أيضًا من السيارات ذات العلامات التجارية بما في ذلك Audi و Land Rover و BMW و Mercedes.
دين كايمن
يعتمد دائماً قميص الجينز
يُعتبر دين كامين مخترع دراجة سيغوي من أهم المخترعين، وهو صاحب اختراع دراجة النقل ذات إمكانية التوازن على عجلتين فقط، ورغم أن شركاته وما يقوم به جلب له الملايين إلاّ أنه لا يضيّع وقته فى البحث عن ملابس كل يوم، ويرتدى قميص جينز مع سروال جينز وحذاء عمل فى رحلاته اليومية لشركته.
ويقول كامين: «أنا دائما أرتدي ملابس العمل عندما أعمل. لكنني إذا كنت مستيقظا، فأنا أعمل».
بيل غيتس
أغنى رجل فى أبسط ملابس
لم يختلف الأمر كثيرًا مع الرجل الذي تربع لفترة طويلة على رأس لائحة فوربس لأغنى أغنياء العالم بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، فهو وإن غيّر ملابسه تكون التغييرات بسيطة للغاية، فلا تختلف عن القميص السادة غالباً من درجات الأزرق فى الصيف، وبلوڤر فوق قميص فى الشتاء.
لكن يبقى السؤال هل اختيار الملابس يستنفذ حقاً كلّ هذا الوقت والطاقة؟