مهرجان كان ٢٠٢٤: توفـيق الزايدي أول مخرج سعودي ينافس فيه
ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق المهرجان السينمائي فـي «كان» فـي دورته الـ 77 والذي ينتظره محبّو السينما فـي العالم العربي بشوق، خاصة وأن هذه الدورة تشهد أول ترشّح لفـيلم سعودي فـي هذا المهرجان إذ نجح فـيلم «نورة» للمخرج توفـيق الزايدي بالمشاركة بمسابقة «نظرة ما». فمن هو توفـيق الزايدي وهل سيحمل معه المزيد للسينما السعودية خلال السنوات المقبلة؟
توفـيق الزايدي هو مخرج وكاتب سعودي، بدأ مشواره الفني فـي صناعة الأفلام الروائية القصيرة، وشارك فـي العديد من المحافل السينمائية العالمية. يُعدّ الزايدي واحداً من المبدعين فـي السينما السعودية، وأعماله تحظى بتقدير دولي وعربي. وصحيح أنّ هذه هي المرّة الأولى التي ينجح فـيها بالوصول الى «كان»، إلاّ أنه سبق له أن نافس وفاز فـي العديد من المحافل السينمائية المرموقة. عمل فـي بداية مشواره الفني على العديد من الأفلام الروائية القصيرة التي شاركت فـي عدد من المحافل السينمائية العالمية أبرزها مهرجان برلين السينمائي ومهرجان لوكارنو.
ففـي عام 2009 فاز فـيلمه «الصمت» بجائزة أفضل فـيلم خليجي فـي مهرجان مسقط السينمائي الدولي، وفـي عام 2011 حاز جائزة مهرجان الأفلام السعودية وجائزة الإبداع الذهبي فـي مهرجان لبنان عن فـيلم «خروج». كذلك حصل فـي عام 2016 على جائزة أفضل فـيلم روائي فـي مهرجان الرياض عن فـيلم «الآخر». كذلك قدّم الزايدي، عددًا من الأفلام الروائية القصيرة منها فـيلم Four Colors، ومسلسل الدراما No Filter عام .2019
إنجاز للسينما السعودية
فرض فـيلم «نورة»، حضوره فـي مهرجان «كان» السينمائي، إذ اختير كأول فـيلم سينمائي سعودي ضمن قائمة الأفلام المختارة فـي البرنامج الرسمي للدورة الـ 77، وتحديداً فـي مسابقة «نظرة ما»، التي تحظى باهتمام لافت فـي المهرجان الذي يبدأ اليوم ويستمر حتى 26 مايو، علمًا أن الفـيلم كان قد حاز جائزة أفضل فـيلم سعودي فـي مهرجان البحر الأحمر عام .2023
ويعتبر «نورة» أول فـيلم روائي طويل للمخرج والمؤلف توفـيق الزايدي، بطولة الممثل يعقوب الفرحان والفنانة ماريا بحراوي، فضلاً عن الممثل الشهير عبد الله السدحان، فـيما يقدّم عناصر تجذب الجمهور العالمي.
وتدور أحداثه فـي قرية نائية فـي السعودية خلال التسعينيات، إذ تقضي نورة معظم وقتها بعيداً عن عالم القرية، وبعدئذ يصل نادر، المعلم الجديد، إلى تلك القرية فـيلتقي نورة التي تُلهمه وتوقظ موهبته وشغفه بالفن. فـي المقابل يقدم نادر لنورة عالماً أوسع من الاحتمالات خارج القرية، وتدرك أنه عليها الآن ترك عالمها بعدما تكتشف أن نادر ليس فقط مدرسًا جديدًا فـي القرية.
واعتبر الوسط السينمائي والفني السعودي اختيار فـيلم «نورة» الذي جرى تصويره فـي العلا ضمن مسابقة «نظرة ما»، إنجازاً يحسب للسينما السعودية، التي باتت ترمي بثقلها فـي مهرجانات الأفلام العالمية نتيجة تنوّع نصوصها، وثراء رواياتها وحضور ممثليها، إذ يعتبر مثلاً علي سعيد، المؤلف والمخرج السينمائي تحقيق الاختيار فتحاً جديداً فـي السينما السعودية.
من جهتها، قالت المخرجة السعودية هناء العمير عبر حسابها على منصة «إكس»، إن مهرجان كان يُعدّ المهرجان السينمائي الأهم، وهذا الفـيلم السعودي – فـيلم نورة – الأول الذي ينجح فـي الوصول إلى إحدى مسابقاته الكبرى.
«نورة» أول أفلامه الروائية الطويلة
بدأ توفـيق الزايدي مسيرته الإخراجية فـي العام 2009، إلاّ أنّ فـيلم «نورة» صدر فـي العام ،2023 أي بعد أكثر من 10 سنوات، وقد أرجع الزايدي تأخّره فـي خوض تجربة إخراج الأفلام الروائية الطويلة فـي السعودية إلى رغبته فـي تقديم مستوى معيّن من التقنية الفنية فـي الفـيلم الأول الذي يقدّمه، مؤكّداً على أن الفرصة كانت متاحة أمامه لتقديم الفـيلم منذ عودة السينما فـي المملكة فـي .2018
وشرح الزايدي أنه يحبّ تقديم الفـيلم بأسلوب يشعر به المتلقي أكثر من مشاهدته، وهو الأمر الذي يتطلّب تحقيقه عدة أمور مرتبطة بالرؤية الفنية التي تتطلّب إتقان وتضافر العديد من العناصر، من التصوير الى الإنتاج والملابس ومواقع التصوير، وغيرها من التفاصيل الفنية التي تجعل المشروع يخرج بشكل جيد للجمهور.
واعتبر مخرج فـيلم «نورة» الذي حصد جائزة فـيلم العلا كأفضل فـيلم سعودي فـي مهرجان البحر الأحمر السينمائي فـي دورته الثالثة، أن تصوير فـيلم فـي الوقت الحالي بالأدوات المتاحة أصبح أمرًا سهلًا لكن صناعة الفـيلم شيء آخر يحتاج إلى رؤية متكاملة. وعبّر المخرج السينمائي عن سعادته بردود الأفعال التي نالها الفـيلم وكذلك الجائزة التي حصدها فـي المهرجان، فـيما حرص على مشاركة تغريدات التهاني من زملائه الفنانين والمتابعين عبر حسابه على موقع إكس.
لتصوير فـيلم «نورة» حرص الزايدي على وضع أكثر من خمسة خيارات لكل مهمّة ومهام صناعة الفـيلم من تصوير ومونتاج، فجلس مع أكثر من مصوّر سينمائي ومنتج. . . ليناقشهم فـي العمل ويستمع إليهم ويعرف كيف يمكنهم تقديم رؤيتهم، وما إذ كانت بالشكل الذي يرغب فـيه أم لا، وهو الأمر الذي امتد أيضاً للإضاءة وغيرها من المهام خلف الكاميرا.
يقول المخرج السعودي أن رؤيته لكافة التفاصيل كانت واضحة فأراد فـي التصوير على سبيل المثال إضاءة منخفضة لكون التصوير يجري فـي جو مظلم، لكن عندما يشاهده الجمهور فـي السينما يستطيع رؤية المشاهد بشكل جيد رغم الظلام الذي جرى فـيه التصوير.
وأضاف أن التقنية المستخدمة فـي الإضاءة جرى تعديلها بتقنية متطورة فـي «بوليوود» لافتًا إلى أنه كان حريصًا على الاستفادة من التقنيات المتطوّرة فـي الإضاءة والموسيقى والمونتاج بعد الانتهاء من التصوير، وهو الأمر الذي استلزم وقتًا لكي يخرج الفـيلم كما يريد.
كان تصوير الفـيلم قد انتهى فـي سبتمبر ،2022 بعد أسابيع من التصوير وشهور من التحضيرات التي قام بها المخرج السعودي مع صنّاع الفـيلم خلف وأمام الكاميرا.
ويقول الزايدي إن التعامل مع محترفـين فـي تخصّصاتهم يجعل العمل يخرج بشكل جيد وينعكس على الصورة النهائية التي يشاهدها الجمهور وهو ما لمسه فـي مصمّمة الملابس والأزياء فـيدرا التي عملت من وقت مبكر على تفاصيل ملابس نورة بالرغم من عدم اختيار بطلة العمل عند لقائهم الأول للحديث عن الفـيلم.
أما الآن فـينشغل الزايدي بالعمل على مشروعه السينمائي التالي الذي دخل مرحلة التطوير ويأمل ألا يتأخر فـي التمويل الخاص به، خاصة مع حماسه للتجربة الجديدة التي يتكتّم على تفاصيلها.