صابر الرباعي
غنى في العراق في الحادية عشرة…وما زال في عز عطائه في الثالثة والخمسين
دخل المطرب والملحن تونسي صابر الرباعي الى المشرق العربي للمرة الأولى كطفل موهوب، من بوابة بغداد. إختارته حينها مدرسته في “الشبيبة المدرسية”، مع مجموعة من التلاميذ، للسفر الى العراق، حيث قدم أغان تراثية ساهمت في حصول فريقه على المركز الأول، وكان ما زال في الحادية عشرة من العمر. كما إكتسب جائزة مالية بالمناسبة، آثر إستعمالها لشراء آلة “كمنجة” كي يتمرن عليها، ويطور من موهبته من خلالها.
شارك عام ١٩٨٤، في برنامج نادي إكتشاف المواهب، وقدم أغنية تونسية بعنوان “خليك آه يا ليل”، ففاز من جديد بالمركز الأول، وكان أصبح في السابعة عشرة من العمر.
قرر حينها تنمية موهبته، من خلال دراسة الموسيقى. فتسجل في “المعهد العالي للفنون” في تونس، وإستمر على هذا النهج خمس سنوات، مع تركيز تخصصي على العود.
شارك في إمتحان الإذاعة المصرية أمام لجنة مؤلّفة من ملحنين كبار، مثل حلمي بكر وصلاح الشرنوبي وسيد مكاوي، ونال إعجابهم بصوته النقي وإندماجه الكامل خلال الغناء مع الكلمات والنغم.
تنقل بين تونس والقاهرة وبيروت، ولاحقًا دبي، حيث ساهم الإعلام النشط في تسليط الضوء على موهبته، وتوسيع شهرته على مساحة العالم العربي.
إشتهر بالأغاني العربية الكلاسيكية وأغاني الـ”بوب” الإيقاعية، التي لاقت رواجًا كبيرًا، وإن كان من أشد المعجبين بما يسمى بـ”الطرب الأصيل”، وبرموزه التاريخيين، مثل محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وكارم محمود ووديع الصافي…
ومن الآلات الموسيقية التي يركز عليها العود والكمان، علمًا بأن العديد من أغانيه من تلحينه.
تنقل في بداياته بين مصر ولبنان، وقام خلال مسيرته بجولات عديدة في دول مختلفة من العالم، ولا سيما معظم دول الخليج العربي، والاردن وفلسطين والجزائر… والولايات المتحدة الأميركية وكندا وكوريا الجنوبية وأستراليا ودول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وغيرها.
لطالما كان مميّزًا في حفلات مهرجان قرطاج الدولي إعتبارًا من ١٩٩٤، وآخرها عام ٢٠١٩ التي حضرها أكثر من ١٠ آلاف شخص، ومهرجانات القاهرة ودبي والكويت ومنظمة الدول الفرنكوفونية، وعلى مسرح الأولمبيا الشهير في باريس عام ٢٠٠٨، وفي قلعة بعلبك عام ٢٠١٢، ومهرجان الشارقة للموسيقى العالمية …وقد حاز نتيجة مجمل أعماله الكثير من الجوائز وعلامات التكريم. وله إهتمام خاص بحماية حقوق الأطفال، وتأهيل مدمني المخدرات.
أكثر من ١٥ألبومًا غنائيًا، ومئات الأغاني الناجحة
أبرز ألبوماته:
ياللي بجمالك ا إنطلق منه فنيًا عام ١٩٩١، رحت وجيت عام ١٩٩٢ ، يا الله عام ١٩٩٤ ، حيرونيعام ١٩٩٨ ، سيدي منصور الذي قد يكون الأبرز بين جميع ألبوماته عام ٢٠٠٠ ، عللي جرى٢٠٠١، خلص تارك عام ٢٠٠٢، شارع الغرامعام ٢٠٠٣، أتحدى العالم عام ٢٠٠٤،أجمل نساء الدنيا عام ٢٠٠٦، الغربة عام ٢٠٠٧، واحشني جدًا عام ٢٠٠٩ ، صابر عام ٢٠١١،أجمل مختصر عام ٢٠١٤، أين أذهب عام ٢٠١٩.
أغانيه المنفردة لا تحصى، أبرزها:
سيدي منصور المعروفة أيضًا تحت تسمية الله الله يا بابا عام ٢٠٠٠، في إطار الألبوم الذي حمل إسم الأغنية نفسها، وجاءت لتطلقه الى مراتب أعلى من النجومية والشهرة، لا بل أصبحت متلازمة مع هويته الفنية أينما حل أو ذهب، وحققت مبيعات قياسية.
والواقع أن الأغنية مستوحاة من التراث التونسي القديم، وسبق لها أن صدرت بنسخ مختلفة، ولا سيما من قبل محمد الحنش عام ١٩٧٥.
عد حباييك عام ٢٠١١، التي لاقت نجاحًا كبيرًا، لا بل إعتبرت من قبل البعض كأفضل أغنية عربية ومن أكثر أغنياته رواجًا.
كش ملك الذي تشارك مع زوجته في أدائها صيف عام ٢٠١٣، في فيديو كليب غنائي خليجي تم تصويره في منطقة جبيل في لبنان.
جرحي ما شفي، التي صدرت في إسطنبول عام ٢٠١٧، في فيديو من إخراج وليد ناصيف، إعتبرت من بين أفضل الكليبات على تطبيق أنغامي.
ويذكر غيرها الكثير،مثل “برشا”، “يا مفتري”، “أنا بعشقك”، “على نار”، “حب الأسمراني”، “يا عسل”، “عز الحبايب”، “الله يحميك”، “يا أغلى ما عندي”، “خلوني معاها”، “صرخة“،
“ باي باي” “تذكروني”، “غشاش“ “عسى يومي” …
بعد أغنية كلام في سرك في أغسطس الماضي، طرح أغنيته الجديدة جريدة الرجل الثاني بصورة فيديو كليب على اليو تيوب في أكتوبر ٢٠٢٠، وهي من كلمات الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، وألحان الموسيقار طلال، وإخراج وليد ناصيف، من إنتاج روتانا، ما شكل إضافة قوية جديدة لأعماله وللساحة الغنائية، كعمل طربي رفيع في نغمه وتقنياته الفنية الحديثة. وقد جاء في مستهلها:
“أنا المسافر في عينيك دون هدى…إني لأبحث في عينيك عن قدري، وعن وجودي ولكن لا أرى أحدًا.
علمًا بأنه كان قد تم تأجيل عرض الكليب، إلتزامًا بفترة الحداد الواجبة على روح سمو أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد.
هذا وقد حققت الأغنية أكثر من ٧٨ ألف مشاهدة في ظرف أسبوع منذ طرحها في السادس من اكتوبر.
“انت واحشني” الأغنية المنتظرة
في إحدى مقابلاته الصحافية صرح الرباعي مؤخرًا ، بأن قيود جائحة كورونا باتت تفرض على الفنان عدم الإعتماد على الفن بصورة كاملة وحصرية كمصدر دخل، وأنه قد يصبح من الضروري البحث عن مصدر آخر لمواجهة الظروف المعيشية المعيقة المستجدة.
لكن ذلك لا يمنع إستمراره بطرح المزيد من الأعمال الفنية، وتحضير الألبومات الجديدة، وآخر أعماله الفنية ما صرّح به المطرب اللبناني وليد توفيق في سبتمبر ٢٠٢٠، من أنه إنتهى من تلحين الأغنية التي سيطرحها صديقه صابر الرباعي بعنوان أنت واحشني، وأنه سعيد بالتعاون معه، وهي أغنية سبق وأن تم الإعلان عنها عام ٢٠١٨، وتم تأجيلها حينها الى موعد لاحق.
“محنة وتتعدى” وأعمال هادفة في مواجهة كورونا
بعد شيوع جائحة كورونا، وسعي الدول والمجتمعات لمواجهتها، أصدر أغنية محنة وتتعدى وبتزولالشدة، تحية منه إلى الجيش الأبيض التونسي، من أطباء وممرضين وممرضات، في مواجهة الجائحة.
كما طرح بعض الأعمال الهادفة للتوعية من مخاطر الفيروس، وظهر مع جمهوره على الأنستغرام بهدف التواصل والتحاور خلال فترة الحجر الصحي، موجهًا أدعية وإستغفار لله كي تعود الحياة الى طبيعتها.
شارك في إبريل ٢٠٢٠ إنطلاقًا من تونس، في فيديو موسيقي بعنوان أنت أقوى، لمساعدة المصابين على مواجهة الفيروس والتغلب عليه؛ وذلك بالتعاون في الغناء عن بعد، مع سميرة سعيد ومحمد منير وتامر حسني، الذين سجلوا مشاركتهم من مصر، وكارول سماحة ووائل جسار من بيروت. الأغنية من كلمات مدحت العدل وألحان عمرو مصطفى وإخراج طارق العريان.
ألقاب، جوائز وتقدير
يلقب من قبل جمهور المعجبين بأمير الطرب العربي. وحصل مرارًا على لقب أفضل مطرب عربي عن ألبومات وأغنيات عديدة منها خلص تارك وأتحدى العالم وأجمل نساء الدنيا وعد حبايبك.
ويكفي ملاحظة أعداد المشاركين بالآلاف في حفلاته، ومدى حماسهم وتعاطفهم لتبيان مكانته.
بعض الجوائز التي نالها خلال مسيرته، جائزة “الميكروفون الذهبي” في مهرجان الأغنية العربية، عن أغنية “صرخة” عام ١٩٩٧. وجائزة أفضل مطرب عربي في “الموركس الذهبي” عام ٢٠١٢، عن ألبوم”صابر”.
فازت أغنيته “عد حباييك” بجائزة أفضل أغنية عربية عام ٢٠١١.
هذا ومنح وسام الإستحقاق التونسي من رتبة كومندور عام ٢٠٠٦. وإختير كعضو في لجنة التحكيم في برنامج “ذي فويس” الى جانب كاظم الساهر وعاصي الحلاني وشيرين عبد الوهاب.
وكان قد عين “سفيرًا للنوايا الحسنة في دول المغرب العربي، من قبل منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة وتعنى بشؤون الأطفال عام ٢٠٠٩، وسفيرًا للفنانين الشباب العرب عام ٢٠١٦، خلفًا للفنانة الإماراتية أحلام، التي كانت تحمل اللقب عام ٢٠١٥.
حياته العائلية
هو من مواليد ١٣ مارس ١٩٦٧، في مدينة “صفاقس” المطلة على البحر الابيض المتوسط، على بعد٢٧٠ كلم جنوب شرق العاصمة تونس. والده “الهادي” عازف محترف من مواليد حضرموت، تعلم منه العزف على العود منذ الطفولة، توفي وهو لا زال في السابعة والستين من عمره. تعلم من والدته فنون الغناء؛ وهو يتحدث بفخر كبير عن أصوله اليمنية.
بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، تخصص في الفنون الموسيقية وتحكم بأصولها، وأصبح من أنجح المطربين العرب.
تزوج للمرة الأولى عام ١٩٩٦، من مواطنته سليمة الفقيه، التي كانت تعمل في القطاع المصرفي، وتنشط كـ”كابتن” في فريق كرة طائرة. رزق منها بولد أسمياه “إسلام”، وبفتاة أسمياها صفاء. إلا أنهما إنفصلا عام ٢٠١٣، بعد زواج دام سبع عشرة سنة، أكدت أنها كانت مبنية على الحب وأفسدتها الخيانة الزوجية في السنوات الأخيرة، بينما إعتبر من جهته، بأنه لم يكن سوى زواج تقليدي، ستبقى مفاعيله قائمة على قاعدة الود والإحترام، من خلال رابط الأولاد.
ما لبث أن إرتبط بزواج جديد بتاريخ ١٥ مارس٢٠١٣، من “إخلاص جنيفان”، وهي مضيفة طيران سبق أن إلتقاها في مطار تونس، فطلب منها أن يلتقط صورة الى جانبها، فرفضت بداية، ثم تطورت العلاقة بينهما، وصولاً الى الزواج. وكان قد إنتظر قبل ذلك، صدور قرار المحكمة القاضي بطلاقه من زوجته السابقة.
رزق من زوجته الجديدة بثلاثة أولاد، هم جود هادي وأمير وشابة .
لا يفوت مناسبة عيد ميلاد زوجته، الموافق في العاشر من أكتوبر من كل عام، دون أن يوجه لها مباشرة وعبر وسائل التواصل الإجتماعي، تهنئته وتمنياته. وقد جاء فيها على الأنستغرام مؤخرًا: ” الى من سكنت قلبي أقول: كل عام وأنت حبيبتي، ورفيقتي، وصديقتي، وملهمتي، وكل شيء جميل في حياتي … دمت لي ولأطفالنا خير أنيس وأرق ونيس…كل سنة وأنت بألف خير وصحة، راجيًا من الله أن يمد في عمرك، ويحفظك لنا جميعًا.
