للمرة الثانية على التوالي قطر تحمل كأس بطولة آسيا لكرة القدم
القطري أكرم عفيف والأردني موسى التعمري نجما البطولة
مع وصول منتخبي قطر والأردن الى نهائي كأس آسيا في قطر، توجّهت الأنظار الى كلّ من النجم القطري أكرم عفيف والأردني موسى التعمري اللذين تنافسا وبقوة على لقب البطولة، على استاد «لوسيل» بحضور ٨٦٤٩٢ متفرّجًا في الاستاد.
إنه ثالث نهائي عربي ـ عربي في التاريخ بعد عام 1996 بين الإمارات والسعودية، وعام 2007 بين العراق والسعودية.
وقد قدّم النجمان أكرم عفيف وموسى التعمري مستويات لافتة للغاية في بطولة كأس آسيا 2023، انطلاقاً من دور المجموعات وصولاً إلى الدور نصف النهائي، وساهما في وصول منتخَبي «العنابي» و«النشامى» إلى المباراة النهائية التي إنتهت بفوز قطر بنتيجة 3 أهداف مقابل هدف، فمن هما هذان اللاعبان وكيف كان مستواهما بالأرقام والإحصاءات؟
نجمان متألّقان
على الصعيد التهديفي، يحتل المهاجم القطري أكرم عفيف رأس قائمة أبرز الهدّافين في بطولة كأس آسيا 2023، بتسجيله 8 أهداف وأصبح بالتالي أول لاعب يسجل أكثر من هدفين في المباريات النهائية لكأس آسيا (4 أهداف) كما بات عفيف أول لاعب يسجل «هاتريك» في مباراة نهائية لكأس آسيا. وأصبح أكرم عفيف (8 أهداف و3 تمريرات حاسمة في 2023) أول لاعب يساهم بـ10 أهداف أو أكثر، في أكثر من نسخةٍ واحدة من البطولة. وجاءت أهداف أكرم عفيف الأربعة في نهائي كأس آسيا 2019 و2023، من علامة الجزاء. كما أصبح عفيف ثاني لاعب قطري يفوز بلقب الهدّاف في كأس آسيا بعد المعز علي عام 2019.
في المقابل، يحتل المهاجم الأردني موسى التعمري، الذي قدّم بطولة إستثنائية، المركز الثامن بتسجيله 3 أهداف، لمنتخب «النشامى».
أما على صعيد معدل التنقيط، فيملك القطري أكرم عفيف أكبر معدل تنقيط في البطولة بمعدل 8.36 مقابل 7,90 للأردني موسى التعمري، وعلى صعيد صناعة الفرص، يتقدّم عفيف على التعمري، إذ صنع الأول 15 فرصة في المباريات مقابل صناعة الثاني 10 فرص.
وبالنسبة إلى التسديد على المرمى، فإن معدل تسديد أكرم عفيف في كل مباراة هو (1,8 تسديدة)، في المقابل، معدل تسديد موسى التعمري هو (1,4 تسديدة)، وهي الأرقام التي تجعلهما قريبين من بعضهما كثيراً.
أكرم عفيف يفرض نفسه كأفضل لاعب وأفضل هدّاف
خلال بطولة كأس آسيا، تحوّل جناح منتخب قطر أكرم عفيف من صاحب أعلى معدّل من التمريرات في تاريخ كأس آسيا لكرة القدم في الإمارات عام 2019، إلى هدّاف خطير في آخر نسخة.
ساهم عفيف في نسخة كأس آسيا 2019، التي أقيمت في الامارات قبل خمس سنوات، بعشر تمريرات حاسمة استفاد منها كثيراً زميله في خط هجوم العنابي المعزّ علي، الذي توّج هدافاً لها برصيد 9 أهداف. وحقّق عفيف بتلك النسبة رقماً قياسياً في تاريخ نهائيات كأس آسيا.
لكن الأمور انقلبت رأسا على عقب في البطولة الحالية لأن عفيف تحوّل الى هداف خطير ساهم بشكل كبير في بلوغ قطر المباراة النهائية للمرة الثانية توالياً، حيث توزّعت أهدافه الثمانية على خمس مباريات من أصل سبع خاضها في البطولة.
وضرب عفيف البالغ من العمر 27 عاماً، بقوّة في المباراة الافتتاحية ضد لبنان بتسجيله ثنائية، الأوّل في نهاية الشوط الأول، في حين جاء الثاني قمة في الروعة بعد مجهود فردي في الوقت البدل عن ضائع ليخرج فريقه فائزاً بثلاثية نظيفة.
ورفع عفيف رصيده الى ثلاثة أهداف بتسجيله هدف فريقه الوحيد في مرمى طاجيكستان في الجولة الثانية.
وكان هدفه حاسماً في خروج العنابي فائزاً من موقعة فلسطين، حيث سجل من ركلة جزاء مطلع الشوط الثاني ليمنح فريقه الفوز 2-1 بعد ان تخلّف في النتيجة.
كما سجّل أحد أجمل أهداف البطولة، عندما منح بلاده التقدم 2-1 على ايران في نصف النهائي أواخر الشوط الأوّل. وصلته الكرة على مشارف المنطقة، فسار بها بين أكثر من مدافع إيراني وأطلقها صاروخية في الشباك، ليمهّد الطريق أمام بلوغ فريقه المباراة النهائية.
أما أداؤه الأفضل، فكان خلال نهائي البطولة حيث بات أول لاعب يسجل «هاتريك» في مباراة نهائية لكأس آسيا.
ويحظى عفيف بثقة مدرّبه الإسباني «تينتين» ماركيز لوبيز الذي أشرف عليه في أكاديمية «اسباير» في الدوحة، وقال الأخير في هذا الصدد: «أشرفت على أكرم عندما كان شاباً وكنت أدرك حينها أنه لاعب رائع يستطيع صنع الفارق». وتابع: «أنا سعيد جداً الآن لرؤية تطوّر مستواه والوصول الى ما وصل اليه اليوم».
وكان عفيف قد ظهر إلى الأضواء خلال بطولة آسيا تحت 19 عاماً، عندما قاد منتخب بلاده الى التتويج باللقب على حساب كوريا الشمالية عام 2014.
خاض أول مباراة رسمية في صفوف المنتخب الأوّل عندما أشركه مدرب المنتخب انذاك الأوروغوياني دانيال كارينيو ضد بوتان عام 2015، حيث سجل عفيف هدفًا في المباراة التي انتهت بفوز كاسح لفريقه 15-0.
يحلم بالعودة الى أوروبا
خاض أكرم عفيف ثلاث تجارب في القارة الأوروبية مع فياريال وسبورتينغ خيخون الإسبانيين وأويبن البلجيكي، قبل أن ينضم إلى صفوف السد في 2018.
لكنه لم يقفل الباب أمام العودة في أحد الأيام إلى أحد الأندية الأوروبية بقوله: «بطبيعة الحال أودّ اللعب في أوروبا غداً إذا أمكن، لكنني لا أريد الذهاب إلى هناك لكي أكون أسير مقاعد اللاعبين الاحتياطيين، وبالتالي من الأفضل في هذه الحالة أن ابقى في بلادي وألعب».
لا شك في أن تألّقه في البطولة الحالية واختياره كأفضل لاعب وأفضل هدّاف فيها قد يعزّزان من حظوظه بالعودة للدفاع عن ألوان أحد الأندية الأوروبية قريباً.
موسى التعمري ميسي الأردن
تألق موسى التعمري البالغ من العمر 26 عاماً، بشكل لافت خلال بطولة كأس آسيا 2023، إذ قاد بلاده إلى الدور النهائي لأول مرة في تاريخه وسجل ثلاثة أهداف وصنع عدّة أهداف عدّة أخرى، غير أن حلمه لم يكتمل إذ خسر المباراة النهائية.
لعل أبرز ما يميّز موسى التعمري هو قدرته على اللعب بقدمه اليسرى التي يتلاعب بها بالمدافعين ويسجل أهدافاً مميّزة، وهو يلعب في مركز الجناح الهجومي ويطلق عليه محبّوه لقب «ميسي الأردن».
علماً أنّ التعمري يعتبر أول لاعب أردني يسجّل في الدوري الفرنسي، وذلك بقميص فريقه مونبلييه الذي يقضي معه موسمه الأول.
مزيج من مارادونا وميسي وروبن
يقول جمال محمود، المدرّب الذي منح التعمري فرصته الأولى: «أشرفت على موسى في الفئات العمرية في صفوف شباب الأردن عام 2015. في البداية كان يلعب في مركز الظهير الأيسر، لكنني رأيت أن باستطاعته أن يساهم بشكل كبير في مركز الجناح نظرًا للإمكانيات الكبيرة لديه».
واعتبر محمود بأن التعمري يُعدّ مزيجًا من النجمين الأرجنتينيين دييغو مارادونا وليونيل ميسي والهولندي أريين روبن، إذ يتمتّع بسرعة فائقة وبنية جسدية قوية، لكن الأهم من ذلك كله، قدرته على الاحتفاظ بالكرة خلال السير بها بسرعة. واعتبر محمود بأن التعمري «تطوّر كثيرًا من الناحية البدنية»، بعد أن خاض تجربة أوروبية في ثلاثة أندية، مشيرًا إلى أن ذلك ساهم «كثيرًا في تطوّر مستواه، وما نشاهده حالياً خير دليل على ذلك».
مسيرة إحتراف إستثنائية
تتميّز رحلة التعمري منذ أيامه الأولى في شباب الأردن إلى مسيرته المزدهرة على الساحة الدولية، بالسرعة والمهارة. يعكس المسار المهني للتعمري موهبته وإصراره الرائعين. من أدائه المتميّز في شباب الأردن، حيث لفت انتباه المنتخب الوطني بعد ست مباريات فقط، إلى فترة إعارته في الجزيرة ووصوله الى نادي مونبلييه الفرنسي.
عزّزت سلسلة من الإنجازات المؤثّرة في الأندية الشهيرة مثل أبويل وآود هيفرلي لوفين، سمعة التعمري كواحد من أفضل الصادرات الأردنية في عالم كرة القدم. كان انتقاله إلى نادي مونبلييه بمثابة علامة فارقة تاريخية، ما جعله أول أردني يلعب في الدوري الفرنسي الدرجة الأولى، ورفع مكانته كرائد لكرة القدم الأردنية على المسرح العالمي.
بدأ مسيرته في شباب الأردن، وكان معروفًا بالسرعة، ولديه مهارات رائعة وحركة قدم مذهلة، وقد تمّ استدعاؤه من قبل المنتخب الوطني الأول بعد أول ست مباريات له، وفاز بدرع الاتحاد الأردني لعام 2016.
في سبتمبر 2017، تمّت إعارته إلى نادي الجزيرة وشارك في كأس الاتحاد الآسيوي 2018، وسجل العديد من الأهداف الهامة لفريقه، وحقّق درع الاتحاد الأردني لعام 2018.
وفي 28 مايو 2018، وقّع التعمري عقدًا لمدة ثلاث سنوات مع النادي القبرصي أبويل مقابل 400 ألف يورو. وقد ساهم بالفوز بلقب كأس السوبر القبرصي 2019، والدوري القبرصي 2018–19 وأصبح معروفًا كواحد من أفضل اللاعبين في قبرص. كما انتهى به الأمر بالفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري القبرصي بعد أن سجل 12 هدفا وصنع 7 أهداف في الدوري.
وفي 5 أكتوبر 2020، انضم التعمري إلى نادي آود هيفرلي لوفين في الدوري البلجيكي الممتاز، بعقد مدته ثلاث سنوات، مقابل رسوم انتقال بلغت مليون يورو.
أما المرحلة الفاصلة في حياته المهنية فكانت في 11 مايو 2023 عندما تصدّر عناوين الأخبار بتوقيع عقد مدته ثلاث سنوات مع نادي مونبلييه الفرنسي؛ وقبل هذه الخطوة الهامة، كان التعمري قد اجتذب اهتمام العديد من الأندية بما في ذلك ليفانتي الأسباني وبلاكبيرن الإنكليزي وفنار باغجه التركي، بالإضافة إلى الفرص في الدوري الأميركي ودوري الخليج، ومع ذلك، فقد اختار في النهاية مونبلييه، واغتنم الفرصة لعرض موهبته على المسرح الأوروبي.
على طريق محمد صلاح
وهذه الخطوة ستكون مساحة لفرصة عظيمة بالنسبة للاعب أردني يقتدي بالمصري محمد صلاح في مسيرته الناجحة برفقة نادي ليفربول الإنكليزي.
ويعتقد موسى التعمري أن محمد صلاح هو القدوة التي يبحث فيها عن نفسه، وعن نجاح مُشابه بالنسبة له في القارة نفسها، لكن قصة موسى التعمري مختلفة بعض الشيء عن محمد صلاح.
فالتنقّل السريع للأردني موسى التعمري في الدوريات الأوروبيةـ هو بمثابة فرصة عظيمة بالنسبة للاعب أثبت نفسه، ونال من الثناء ما يستحقه فعلاً، بناء على موهبته الكبيرة، إذ يتمتّع بالمهارة والسرعة، بالإضافة إلى تركيزه الشديد في كل مباراة.
بعد وصوله إلى مونبلييه، لم يضيّع التعمري أي وقت في إحداث تأثير؛ إذ ظهر لأول مرة في الدوري الفرنسي يوم 13 أغسطس ضد لوهافر، وساهم بإحراز التعادل 2–2، وفي المباراة اللاحقة ضد ليون، أظهر التعمري براعته التهديفية بتسجيله هدفين في الفوز 4-1. هذا الإنجاز لم يضمن مكانته في كتب التاريخ كأول أردني يسجل في الدوري الفرنسي فحسب، بل أكسبه أيضًا تقديرًا من مصادر مرموقة مثل ليكيب التي ضمته إلى فريق الأسبوع.
أسلوبه في اللعب
نظرًا لكونه لاعبًا يساريًا في الجناح الأيمن، فإن التعمري لديه ميل عام للإختراق والتعامل مع اللاعبين بقدرته الرائعة على المراوغة. إن قدرته على إبقاء الكرة قريبة من قدميه حتى في الأماكن الضيقة هو ما يجعله خطيرًا للغاية عند مهاجمته لدفاعات الخصم. سرعة التعمري ومراوغاته وأسلوب لعبه العام جعلته يُقارن باللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي وبجناح ليفربول محمد صلاح.