مقتطفات من الشعر العربي القديم والحديث
عنترة بن شداد– العصر الجاهلي
… سَلا القَلبَ عَمَّا كَانَ يَهْوَى وَيَطْلُبُز
وَأَصْبَحَ لا يَشْكَو وَلا يَتَعَتَّبُ
صَحَا بَعْدَ سُكْرٍ وَانْتَخَى بَعْدَ ذِلَّةٍ
وَقَلْبُ الَّذِي يَهْوَى العُلَى يَتَقَلَّبُ
إِلَى كَمْ أُدَرِاي مَنْ تَرِيدُ مَذَلَّتِي
وَأَبْذِلُ جَهْدِي فِي رِضَاهَا وَتَغْضَبُ
عُبَيْلَةُ أَيَّامُ الجَمَالِ قَلِيلَةٌ
لَهَا دَوْلَةٌ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ تَذْهَبُ
فَلا تَحْسَبِي أَنِّي عَلَى البُعْدِ نَادِمٌ
وَلا القَلْبُ فِي نَارِ الغَرَامِ مُعَذَّبُ
وَقَدْ قُلْتُ أَنِّي سَلَوتُ عَن الهَوَى
وَمَن كَانَ مِثْلِي لا يَقُولُ وَيَكْذِبُ
هَجَرْتُكِ فَامْضِي حَيْثُ شِئتِ وَجَرِّبِي
مِنَ النَّاسِ غَيْرِي فَاللَّبِيبُ يُجَرِّبُ…
عمر بن أبي ربيعة- العصر الأموي
قُلنَ يَستَرضينَها مُنيَتُنا
لَو أَتانا اليَومَ في سِرٍّ عُمَر
بَينَما يَذكُرنَني أَبصَرنَني
دونَ قَيدِ المَيلِ يَعدو بي الأَغَر
قالَتِ الكُبرى أَتَعرِفنَ الفَتى
قالَتِ الوُسطى نَعَم هَذا عُمَر
قالَتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها
قَد عَرَفناهُ وَهَل يَخفى القَمَر؟…
إسماعيل بن القاسم العيني” المكنى بـ “أبو العتاهية“– العصر العباسي
…بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ
نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً
كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً
فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ
الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي -عهد الحداثة
من قصيدة “نشيد الجبار
… إنِّي أنا النَّايُ الَّذي لا تنتهي
أنغامُهُ ما دام في الأَحياءِ
إلاَّ حياةً سَطْوةُ الأَنواءِ
أمَّا إِذا خمدت حياتي وانقضى
عُمُري وأخرسَتِ المنيَّةُ نائي
وخبا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي
قد عاش مِثْلَ الشُّعْلَةِ الحمراءِ
فأنا السَّعيد بأنَّني مُتحوِّلٌ
عن عالمِ الآثامِ والبغضاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
وأرتوي من مَنْهَلِ الأَضواءِ