مقتطفات من الشعر العربي القديم والحديث
زهير بن أبي سلمى- العصر الجاهلي
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش
ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب
تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ
وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَم
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ
يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ
عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ
يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
(…)
أبو الطيب المتنبي- العصر العباسي
وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ … وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي … فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً
أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ
إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا
بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ
أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي
وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا
وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي
حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
…
أبو فراس الحمداني -العصر العباسي
من قصيدة نظمها عندما كان في الأسر؛ وقد غنى المطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي مقتطفات منها:
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
مَعاذَ الهَوى ماذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ
عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ
أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالَي أُقاسِمكِ الهُمومَ تَعالَي
تَعالَي تَرَي روحاً لَدَيَّ ضَعيفَةً
تَرَدَّدُ في جِسمٍ يُعَذِّبُ بالِ
أَيَضحَكُ مَأسورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
وَيَسكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
لَقَد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ
أحمد شوقي- عصر النهضة
خَدعُوها بقولهم: حسناءُ … والغواني يَغُرُّهن الثَّناءُ
أَتُراها تناست اسمِيَ لمّا … كثُرت في غرامِها الأَسماءُ
إِن رأَتني تميل عني, كأَن لَّم … تكُ بيني وبينها أَشياءُ
نظرةٌ, فابتسامةٌ, فسلامٌ … فكلامٌ, فموعدٌ, فلقاءُ
يومَ كُنا – ولا تسلْ: كيف كُنّا – … نتهادَى من الهوى ما نشاءُ
وعلينا من العَفافِ رقيبٌ … تَعِبَتْ في مِراسه الأَهواءُ
جاذبتني ثوبي العصِيَّ وقالت: … أَنتمُ الناسُ أَيُّها الشعراءُ
فاتقوا اللهَ في قلوبِ العذارَى … فالعذارى قلوبُهنّ هواءُ