المستكشف مايك هورن: «التحدّي الأكبر هو العودة حياً من مغامرات»
يُعرف مايك هورن حول العالم على أنه أعظم مستكشف معاصر. فهو قادر على إنجاز كل التحديات التي تطرح أمامه، فمن سباحة نهر الأمازون وحيداً ودون دعم الى رحلة حول خط الإستواء دون الإستعانة بأي وسيلة نقل ميكانيكية وصولاً الى تحدّي إجتياز الكرة الأرضية من القطب الشمالي إلى الجنوبي.
إنه من دون أدنى شك رجل يعشق إكتشاف كامل قدراته ويقدّر كل دقيقة في حياته، أما هدفه فهو كشف روعة كوكبنا لحث الناس على المحافظة عليه.
ولد هورن في 16 يوليو 1966 في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، حيث كان مضطراً للعيش ضمن قوانين الفصل العنصري بين البيض والسود الذي تفرضه القوانين. وفي عام 1974 ،عندما تمّ إدانة جنوب أفريقيا وطردها من الأمم المتحدة، كان مايك يبلغ فقط 8 سنوات من العمر.
وعلى الرغم من كون والدته معلمة إلاّ أن هورن وهو أكبر أخوته الثلاثة تأثّر بوالده، النجم الرياضي، في لعبة الركبي، وهي الرياضة الوطنية لجنوب أفريقيا. فتعلّم مايك من والده في الهواء الطلق أكثر من أي من أساتذته.
لم يرغب مايك في الجلوس في أحد الفصول الدراسية والاستماع إلى شخص ما، بل أراد الخروج وتجربة العالم بنفسه.
وقد برع هورن في الرياضة فمن منافسات المسار إلى الترياتلون، ولعب الركبي على مستوى عال. حصل مايك على شهادة في علوم الحركة البشرية في جامعة ستيلينبوش في ويسترن كيب. ومع ذلك، كان حلمه هو التنافس على أعلى مستوى من الألعاب الرياضية عن طريق الذهاب إلى الألعاب الأولمبية، لكن لم يُسمح لجنوب أفريقيا بذلك الوقت. بدلاً من ذلك، تمّ إرسال مايك الذي كان ملازماً في القوات الخاصة في جنوب أفريقيا إلى الحرب.
أثناء وجوده في الخطوط الأمامية في الحرب، تمّ تشخيص والده بمرحلة متطوّرة من السرطان وتوفي، الأمر الذي ترك أثراً بالغاً على هورن الذي عاد إلى جوهانسبرغ بعد الحرب، لكنه لم يكن هو نفسه. قرّر مغادرة جنوب أفريقيا لإستكشاف العالم وإنتهى به الأمر في Château-dصOex في جبال الألب السويسرية حيث إلتقى بزوجته كاثي عام 1963 التي توفيت عام 2015، تاركة فراغاً كبيراً في حياة هذا المغامر الذي رزق منها بطفلين أنيكا وجيسيكا.
لكسب القليل من المال، بدأ مايك بتولي وظائف مختلفة: فبدأ حياته في سويسرا بغسل الصحون في الفندق. ثم أصبح مدرّب تزلّج ثم دليلاً في التجديف.
في عام 1991 ، ذهب مايك مع أصدقائه إلى الـابيروب لخوض مغامرة القفز بمظلات ماتشو بيتشو، ويومها نجا بأعجوبة من الموت بعد تحطّم مظلته. ثم عاد بعد سنوات عدة، ليحصل على الرقم القياسي العالمي أسفل أعلى شلال (22 م) مع الكهرمائية على نهر باكواري فيتكوستاريكا.
من الهواية إلى الإحتراف
بحلول عام 1994، ظهرت مواهب وميول مايك المتطرّفة في الإعلانات التجارية مع علامة Sector، وهي ساعة إيطالية شعارها ابلا حدودب ، وهو شعار يعيشه مايك بشكل يومي. وهكذا أصبحت المغامرة وظيفة بدوام كامل وطريقة للعيش لمايك، الذي أراد أن يتعرّف على معنى الحياة.
والى جانب مغامراته وإستكشافاته عمل مايك هورن كمدرّب عقلي ومحفّز للكثير من الفرق الرياضية، لعل أبرزها المنتخب الألماني أثناء التحضير لمباريات الفيفا عام 2014.
كذلك شارك هورن في ثلاثة برامج تلفزونية على القنوات الفرنسية حيث كان يعطي النصائح للمشتركين في برامج التعايش مع البيئة الطيبعية الصعبة. وقد وصل برنامج The Island إلى حوالي 2.8 مليون مشاهد كما حصل برنامج A Lصetat Sauvage على 3.6 مليون مشاهدة .
علاقة مميزة مع بانيراي
يرتبط مايك بعلاقة وثيقة مع ساعات بانيراي وهو أمر طبيعي بالنسبة لمغامر يقدّر قيمة الوقت والدقة والمتانة، وكان سفيراً لها على مدى أكثر من 15 عاماً، حتى أن بانيراي خصصت له خط ساعات يحمل إسمه Submersible Mike Horn Edition التي تتجاوز كونها ساعة غوصٍ احترافية بامتياز، لتكون مجموعة حلولٍ وافيةٍ مبتكرة لها مساهمتها في الحفاظ على كوكبنا.
وللتعرّف أكثر على هذا المغامر الإستثنائي وعلاقته مع ساعات بانيراي كانت لنا معه هذه المقابلة.
-لماذا اخترت التعاون مع علامة بانيراي؟
كمستكشف أستطيع القول إن كل ما أضعه حول معصمي هو ليس مجرد ساعة وحسب، وإنما هو آداة تساعدني على تتبع الوقت وتحديد وجهتي بإتجاه الشمال أو تحديد موقع الشمس. ولكونها علامة متجذّرة في التاريخ العسكري ومعزّزة بتقنية ممتازة لم أجد افضل من ساعة بانيراي لترافقني في مغامراتي.
لطالما لفتتني عبارة: اإن لم تخيفك أحلامك فهذا يعني أنها ليست كبيرة بما يكفيب، وبما أنني في كل عام أندفع بإتجاه التحدّيات الكبيرة، فأنا بحاجة الى ساعة يد تكون على مستوى هذه التحدّيات. الوقت بالنسبة لي هو كل شيء، حتى أنه يكون أحيانًا هذا الفرق بين الحياة والموت. في إحدى المرات أنقذت ساعة بانيراي حياتي، ذلك أنه أثناء تسلّقي لـاBroad Peakب نفذت مني حلقات التسلّق ذالبيتون- التي تغرز في الصخور، فإضطررت لإستخدام ساعتي وركّزتها داخل أحد الصدوع بعد أن عقدتها وأدخلت فيها الحبل لأتمكن من النزول بشكل آمن. لقد خسرت تلك الساعة ولكنني ربحت حياتي، وأنا هنا اليوم بفضلها.
بدوري، عرّضت ساعتي للظروف نفسها كذلك جسمي، فخلال رحلة إستكشافي للشمال كانت البرودة قاسية جدًا، وفي الوقت الذي كانت تشحن فيه الساعات بواسطة البطاريات، كنت أعتمد على ساعتي Submersible Mike Horn Edition watch. فالحرفية الموروثة والخصائص التي تتميّز بها هذه الساعة كخزان الطاقة الإحتياطية التي تعمل لمدة 72 ساعة تغمرانني بثقة تمنعني من القيام بأية مغامرة من دون هذه الساعة. إنها الساعة التي يمكنها الصمود والمقاومة في رحلات إستكشاف الجبال العالية أوالغطس في أعماق البحار.
-هلا حدثتنا عن إصدارك المحدود، وماذا يمكن لعشاق هذه الساعة أن يتوقّعوا منها في شهر مارس من العام 2020؟
إن ساعة Submersible Mike Horn Edition watch المحدودة الإصدار، ليست فقط ساعة صلبة، قوية وجديرة بالثقة، بل هي آداة إستُعملت فيها أساليب مبتكرة تشمل إعادة تدوير المصادر الطبيعية لحماية كوكبنا ومحيطاته. فالعلبة والجهاز الذي يحمي تاج الساعة كذلك الإطار وظهر الساعة، تمّت صناعتهم من التيتانيوم البيئي، هذه المادة التي كانت بانيراي أول من أدخلها إلى عالم صناعة الساعات الراقية. إنها مادة مستخرجة من التيتانيوم المعاد تدويره، فيما السوار الأسود المطاطي، صُنع من مواد مصمّمة صناعيًا وذلك للتخفيف من الأثر البيئي. ولقد إستخرج من مواد قابلة لإعادة التدوير. هذا ويحظى زبائن بانيراي بفرصة خاصة لإختبار تجربة فريدة في العالم: بعض الأيام مع تدريبات مكثّفة وسط الطوف الجليدي في الاركتيكي، وهي فرصة يخضعون فيها لإختبار يواجهون فيه الطبيعة وتحدّياتها، ولكن أيضًا لكي يعتادوا على البقاء حذرين من المخاطر التي يتعرّض لها نظامنا البيئي والتي تسبّبه اليد البشرية.
اخبرنا عن مهمتك الحالية: ما هو الهدف منها وماذا تتوقّع منها بعيدًا عن تغطيتها الإعلامية؟
من خلال Pole2Pole ، تمكّنت من إكتساب 25 سنة من التجارب ووضعتها في خلاط لأرى إن كان بإمكاني عبور القطبين، تسلق الجبال، عبور الصحارى، والإبحار عبر المحيطات ومزج كل شيء تعلّمته في مهمة واحدة. فالإبحار في الأنترتيكا لم يقم به أحد من قبل أبدًا. وهذا يعني أن كل شيء يكون بالتعلّم من التجارب، و Pole2Pole، هي حقا العين المفتوحة، والحفاظ على المحيطات يشكّل قوة ضغط كبيرة خلال نشاطاتي في أوقات سفري، وأنا متحمّس كثيرًا للمشاركة في بنك المعرفة المرتبط بصحة المحيطات والإحتباس الحراري. وما يهمني أيضًا هو الطريقة والأسلوب الذي سيتم فيه توثيق هذه المهمة عبر وسائل التواصل الإجتماعي والتي سيتتبعها الآلاف وخصوصًا مجموعات الشباب. آمل أن يتأثّر هؤلاء الشباب بصور الطبيعة التي قدّمتها لهم وبهذه الطريقة يكونون مجبرين على إحداث فرق.
كيف تتصرّف لتحقيق هذا الأمر وما هو الدعم الذي تستخدمه؟
لقد عملت في Pole2Pole مع زوجتي كاثي، ولم يعد بإمكاني العمل فيه بعد وفاتها. إلاّ أن إبنتي قالتا لي: القد خطّطت للقيام بهذا المشروع، وإكرامًا لها عليك أن تتابعه. سوف ندعك تذهب لأن عدم القيام بهذا الأمر سيقتلك من الداخلب. قد يتساءل الناس لماذا يريد أرمل مع إبنتين، أن يعبر الأنتاركتيك، ولكنهم لا يعلمون الحماسة التي جعلت الأمر ممكنًا، لقد تركتني إبنتاي لأذهب في القارب الذي حصلت عليه. الطقس، والمعرفة التي أتمتع بها، عوامل جعلت الأمر ممكنًا. كل النجوم إصطفت من أجل حدوث هذا، لذلك تم الأمر.
ما الذي حدث معك في عمر الـ24 عامًا؟ كيف أدركت ما هو هدف حياتك؟
لقد كنت في عمر الـ24 سنة رجل أعمال ناجحًا، ولكنني لم أكن سعيدًا. لذلك قررت ترك جنوبي أفريقيا والذهاب بعيدًا، لقد كان هذا أول إتصال لي مع العالم، تركت حياتي المترفة وتخليت عن كل شيء وإنتقلت للعيش في سويسرا، ومن هناك أبحرت في مغامرات عديدة ومن بينها الهبوط من طائرة الدلتا من على إرتفاع 22000 قدم، وإجتياز أعمق الجداول.
ماذا تتمنى أن تنجز من خلال إستكشافاتك؟
اذا نظرت إلى مرآة، أتمنى أن أرى ماذا اقوم به الآن. هذا هام في الحياة، أن تقوم بأشياء تود رؤيتها فهذا يجعل الأمر طبيعيًا، وعندها يصبح سهل القيام به وتزول العقبات من أمامه. فلسفتي في الحياة هي أنه عندما تتكون لدي فكرة أضع لها تصميمًا خاصًا. وعندما أنتهي من وضع الخطة أكون مستعدًا للمغامرة. فأذهب وأقوم بها. لذا يلزمك وضع خطة ومن ثم يمكنك تنفيذها. ولم أفكر يومًا بأن الطريق السهلة هي الأفضل لي ، لأنني أعتقد أنه من خلال العقبات يمكنك تكوين معرفة تمكّنك بدورها من إتخاذ القرارات القوية.
هل من مهمة جديدة في بالك تسعى لإتمامها؟
في نهاية مايو سوف أذهب الى قمة k2 أصعب قمة في العالم من الناحية التقنية وأكثرها هلاكا، لقد سبق وحاولت التسلّق في العامين 2013 و2015. لدي إتصال جيد بهذا الجبل، إنه الأجمل في العالم. عندما يود أحدهم رسم جبل، الجميع يرسم k2.
حدّثنا عن واحدة من التحدّيات التي واجهتك في إحدى رحلاتك الإستكشافية، وكيف تمكّنت من تخطّيها؟
التحدّي الكبير بالنسبة لي يكون أن أعود حيًا، فالعودة من على مسافة 10 أمتار بعيدًا عن قمة k2 في العام 2015 ، لم تشكّل لي أي إحباط ، لأنه في الوقت الذي وجب علي التخلّي عن أول مهمة لي في الوصول إلى القطب الشمالي وكنت قد أصبحت على بعد خمسة أيام من الوصول الى وجهتي، تعلّمت منها الكثير . أنا أعشق الإستكشاف وإذا كنت شغوفًا بهذا الأمر، فان بلوغ القمة لا يكون أبدًا الهدف بالنسبة لي.
ما هي النصيحة الشائعة التي تقدّمها في خلال دورات التدريب التي تعلّمها؟
إحداث التغيير في أشياء صغيرة. ليس من المفترض إحداث تغيير كبير لكي تغيّر حياتك. ولكن لا تفكر في الأمر فقط، بل إعمل عليه. في الحياة غالبًا ما نقول نحن لا نشعر بالراحة مع هذا وذاك، ومع ذلك لا نقوم بأي أمر للتغيير. ولكن إذا أمكنك الميل إلى أشياء لا تحب أن تقوم بها، عندها تكون قد بدّلت شيئًا في حياتك. تمامًا كالماء الذي ما إن يتوقف عن الحركة حتى تصبح رائحته كريهة، والشيء نفسه بالنسبة للإنسان، عليه أن يتحرك ويتابع نموه، لا تخف من التحرك بعيدًا عن نقطة راحتك، فأنا لطالما قلت إن لم تخيفك أحلامك فهذا يعني أنها ليست كبيرة كفاية.
عندما درّبت فريق كرة القدم الوطني الألماني في العام 2014، طلبت من أعضاء الفريق أن يلعبوا كمجموعة وليس كأفراد. وقلت لهم إنه باستطاعتهم الفوز إذا أبعدوا عن تفكيرهم أي إحتمال للخسارة . كما قلت لهم أن يأخذوا مساحة ميسي ولا يتوقفوا عن إزعاجه، فالمفروض ألاّ يرى سوى القمصان البيضاء الخاصة بالألمان خلال المياراة. وفي الوقت الذي كانت فيه الأرجنتين تحلم بأنها ستلعب في النهائي كانت ألمانيا تفكّر بربح المباراة. إنهما هدفان مختلفان، وأنا جعلت الجميع يؤمن بهدف واحد.
صف لنا يوما نموذجيًا من حياتك غير النموذجية إلى حدّ ما؟
بالنسبة لي ما من أيام نموذجية. فلدينا فقط نحو 30000 يوم نحياهم في حياة واحدة، وأنا أبذل جهدي من أجل جعل هذه الأيام مختلفة عن بعضها البعض. لقد ماتت زوجتي كايث عن عمر 52 عامًا ،حتى أنها لم تكمل أيامها الـ30000 في الحياة.
ما هي الحلول التي يمكننا القيام بها من أجل خلق عالم مستدام؟
خلال 25 عامًا من الإستكشاف رأيت الكثير من التغييرات. الطبيعة هي مصدر وحي لي وهي تحفّزني للنهوض في الصباح. إنها سبب حياتي كذلك هي سبب حياتكم. و خلال 32 ساعة تسلّقت جبل k2 من منطقته الحيوية وصولاً إلى منطقة لا تتجاوز فيها نسبة الأوكسجين الـ4 في المئة، وهذا ما يجب علينا حمايته.
بعد تمضيتك وقتًا طويلاً في رحلات الإستكشاف، ماذا قالت لك الطبيعة؟
عندما كنت أجتاز محيط البلاستيك تمكّنت من معرفة مصدره، فرأيت البلاستيك السويسري والصيني والروسي. والمكان الذي وجدت عليه بعمق 12 مترًا وهو يمتد الى مكسيكو. اليوم لتنظيف هذا يلزمنا 150 سنة . وهذا لا معنى له. لأن الهام هو تنظيف الأماكن التي بالإمكان تنظيفها من البلاستيك. من البحار وجوار الأنهر ومحيط البحيرات، فلنحدث التغيير حيث يمكننا ولنكون مثالاً تحتذي به باقي الدول، أن تكون مثالاً فهذا عمل أيضًا.