مقابلة حصرية مع المُبدع اللبناني جو شمعون
يُعدّ جو شمعون من النجوم اللبنانيين الذين لطالما أبهروا العالم بإبداعاتهم الاستثنائية وطريقتهم الفريدة من نوعها في التعبير عن أنفسهم، ولطالما تصدّر اسمه في مجال الفن والإبداع.
اشتهر جو بأغانيه العميقة التي تتناول كلّ القضايا الاجتماعية، والتي مهما كان منحاها، يعلم جو كيف يوصلها بطريقةٍ دقيقة ومُفصّلة للغاية.
أجرينا مقابلة مع الفنان جو شمعون كي نتعرف إليه وإلى طريقة تفكيره والأسباب التي تدفعه لكتابة هذه الأغاني، فكان الحوار الآتي معه:
أغنيتك ” سكّت التفكير ” هي واحدة من أحدث إنجازاتك، وهي تتناول واقع اجتماعي عالمي تعيشه فئة كبيرة من العالم، ما الذي ألهمك لكتابة هذه الأغنية وما الهدف منها؟
كنت أستمع لروجر ووترز، ولاحظت كيف ما يزال ثورياً بالرغم من كبر سنّه، وعندما ركزت في الكلمات، أدركت أن هذه الأمور لا تتغير مع مرور الوقت، فأتت هذه الأغنية كدمجٍ ما بين طُرق ” تسكيت التفكير” المختلفة وأغنية روجر، لأنني أشعر أن العالم بأسره، والبلدان التي تعاني من الضغوطات خاصّةً، دائماً ما يحاول شعبها الهروب. فنجد في هذه البلدان المطاعم والنوادي مكتظّة لأنّ كل هذه الأشخاص “تُسكت التفكير” بطريقتها الخاصة وتهرع نحو الترفيه.
فإن كنت تعيش في قصر أو في بيت أو على الطريق، ومهما كانت خلفيتك وجنسيتك، وبالرغم من كل الطموحات التي يمتلكها كل شخص، نحن كلنا نحاول أن نجد طريقة كي نسكت تفكيرنا.
قلت أيضاً في الأغنية ” كان بدك تغير هالعالم أحلا يصير”، كم من دورٍ كبيرٍ تشعر لديك اليوم في تغيير المجتمع من خلال أغانيك التي لا تغفل عن أي حدث اجتماعي؟
أنا أطمح أن يكون لي دور بالتأكيد، فكل شخص لديه طموح وكل شخص لديه دور معيّن في المجتمع، ويجب اختلاف الأدوار كي نتمتع بمجتمعٍ ناجحٍ. فلدينا الأطباء والمهندسين والكُتّاب والجنود، وأعتقد أن دوري يكمن في التحدث مع عقول الناس. أنا أحاول أن أتكلم عن قصص ما زالت تُعتبر “تابو” في المجتمع، ولكنها في الوقت عينه، تُشعر العالم بالراحة من خلال سماعها لهذه الكلمات والتجارب. فكَي نبني مجتمع سليم، علينا أن نكون أفراد متفككة من هذه العقد.
“منّك لحالك” هي أغنية ثانية حصدت بدورها أيضاً نجاحاً كبيراً، وهي تتناول واقع أعداد كبيرة من النساء ومن كل الأعمار. ما هو الدافع الأساسي وراء كتابتك لهذه الأغنية، وكم يعني لك هذا الموضوع؟
لم أكن أعلم كثيراً عن هذا الموضوع، ولكن أخبرتني صديقتي بقصتها وكيف هذا الحدث أثّر على كل حياتها، ولاحظت كم هذا الموضوع يؤثر سلباً على حياة الشخص المستقبلية، ومن الممكن أن يوصله إلى أماكن سيئة للغاية مثل الانتحار.
ولأننا نعيش في مجتمع كتوم للغاية، لم أعلم مدى كمية حصول هذا الأمر وكم هو شائع، وقد أثر بي للغاية ولم أستطع النوم تلك الليلة، وكتبت الأغنية في الليلة ذاتها. واستطعت أن أنقل المشاعر والتفاصيل في هذه الأغنية من خلال موهبة أتمتع بها، بأن أشعر مع الآخر وأن أوصل مشاعره بكل دقّة إلى المستمع.
تتحدث في أغنيتك “بخافوا منك” عن القمع الذي تعيشه المرأة، والذي يجبرها على عيش حياة ليست بحياتها، كم من إنجازات تعتقد أن المرأة تستطيع تحقيقها لو أُعطيت الحرية الكاملة؟
ليس من الطبيعي أن نتكلم بنظرية ” إن أعطيت المرأة حريتها ” لأن هذا ليس بأمرٍ طبيعي. فالمرأة أقوى من الرجل وهي تتحمل أكثر منه، وقلت “بخافوا منك” لأننا نعلم مدى قوة المرأة وكم تستطيع أن تُنجز، ولكنّنا نعيش في مجتمع عربي ذكوري، ونحن نخاف من أن تنجز المرأة وأن تنجح في حياتها.
أثرت أغنيتك “من حبك حرريني” بالكثير من العالم، فهذه الأغنية تصف وصف كامل ودقيق عن شعور كل شخص تجاه بيروت، هل ما تزال بيروت تعطيك الأمل، وكم من الصعب أن تتحرر من بيروت؟
من الممكن أنّ ليست هي من يجب عليها إعطاءنا الأمل، بل على العكس، نحن من يجب علينا إعطائها الأمل.
فالأمل يكمن في الناس وليس في المدينة، ولكن ما يزال يوجد أمل، ولهذا السبب، نحن نحاول أن نبني المجتمع وليس المدن.
من المؤكد أنّه لأمر صعب جداًّ أن تتحرّر من مكان تحّبه، فهذا المكان بمثابة قلبك وهنا حيث تنتمي.
كم من المسؤولية تشعر أن لديك اليوم، خاصةً من النساء، بما أنك تتكلم عن قضاياهم وتدافع عن حقوقهم؟
أحمل مسؤولية كبيرة بالطبع، ولكن الفكرة الأساسية تكمن بأنني أتكلم عن واقع ومنطق، فأنا لا أتكلم عن المرأة فحسب، بل عن حقوق جميع الضحايا.
والمرأة ليست وحدها بضحية، فنحنا كلنا ضحايا بالتساوي، ضحية مجتمع وفكر وتربية.
تتكلم في أغنيتك ” انتوا لبناني” عن المرأة اللبنانية، وتقول “فيكن انتوا أحلامي وفيكن انتوا إيماني”، كم من الإيمان لديك بالمرأة اللبنانية، وكم تشعر بالفخر في كل إنجاز تحققه؟
أنا أؤمن كثيراً بالمرأة اللبنانية، وفي هذه الأغنية، قارنت بين توجّهين، بين نساء لبنانيات لديهن موهبة جميلة، واستطعن أن يُحقّقن إنجازاً هائلاً، وبين مجموعة من الرجال الذين يملكون القوة الكاملة ولديهم تاريخ قديم وسنوات عديدة تشهد على وجودهم، ومع ذلك، ولم يحققوا أي إنجاز.
ما السبب الرئيسي وراء إصرارك على الدفاع عن المرأة وأن توصل صوتها إلى العالم؟
من الممكن أن يعود السبب إلى المسؤولية التي تحملتها من قِبل النساء، وهي كبيرة جداً. فبدأت هذه المسؤولية عندما تكّلمت لأول مرّة عن هذا الموضوع في أغنية لي، وتطور الأمر وأصبحت الناس تطلب مني أن أغني عن مواضيع وأشخاص معينة.
فإذا كانت أغنيتي تشعرك بالراحة والإيجابية، فهذا يعني أنني لي دور وتأثير إيجابي في المجتمع، ولهذا السبب، سوف أستمر في كتابة هذا النوع من الأغاني.
بدأ جو شمعون مسيرته المهنية عندما كان يبلغ من العمر 19 عاماً، حيث كان يكتب الكوميديا للمسارح والبرامج التلفزيونية، وكان يكمن عمله الأساسي ككاتب نصوص وأغاني كوميدية. وتضمّنت مسيرته أعمال جمعته مع كلّ من ماريو باسيل وهشام حداد وطوني أبو جودة.
في عام 2018، بدأ جو بنشر مقاطع أغاني قصيرة له على حسابه الرسمي على إنستغرام، ليُصبح اليوم من المُبدعين الناجحين الذين يُمثّلون لبنان خير تمثيل.
بالرغم من كتابته لأغاني تُجسّد القضايا الاجتماعية والأحداث اليومية، إلّا أنّه يكتب أيضاً أغاني تتناول الكوميديا الساخرة التي تنتقد الأوضاع بهدف تحسين المجتمع.