يان فرودينو بطل سباقات الترياتلون وحامل لقب بطولة أيرون مان: «أحلامي تمدّني بالقوة»
يتمتّع الألماني يان فرودينو بلياقة بدنية قلّ مثيلها، هو بطل العالم فـي سباقات الترياتلون فـي أولمبياد 2008 (وهو سباق يجمع ثلاث رياضات: الركض والسباحة وركوب الدراجات الهوائية)، وحامل لقب بطولة العالم للرجل الحديدي مرتين فـي 2015 و2018، علماً أنه كان قد تعرّض خلال مسيرته الرياضية لإصابة بالغة فـي الظهر لكنه عرف كيف يتجاوزها ليكمل شغفه بالرياضة والربح. وهو اليوم صاحب التوقيت القياسي لقطع المسافة الطويلة فـي سباق روث بـ7:35:39 ساعات.
وقد كانت لنا مقابلة مميّزة مع هذا الرياضي الذي يمثّل علامة بريتلينغ، أطلعنا خلالها على أسرار نجاحه ونقاط ضعفه، كما شاركنا قصة شغفه بعالم الرياضة.
هل تأتي إلى منطقة الشرق الأوسط بين الحين والآخر؟
نعم، هذه المنطقة تتحوّل الى حاضنة للرياضة، وشهدت تحوّلات كبيرة لناحية الإهتمام بالرياضة. وأنا أشارك دائماً فـي سباق “الأيرون مان” الذي يقام فـي دولة البحرين وأنا منبهر من التقدم الملحوظ للرياضة فـي المنطقة كلها. فـي المرة الأولى التي زرت فـيها هذه المنطقة لم يكن هناك أمور كثيرة، إلاّ أن الإهتمام بالرياضة أحدث تطوّرًا سريعًا وبتنا نشاهد فـي كل صباح فرق راكبي الدراجات، إضافة الى افتتاح محلات لبيع الدراجات وهكذا انطلقت الأمور. لكم هو رائع تفاعل الناس مع الرياضة. فهذا أمر مثير بالنسبة لي كغريب عن المنطقة، ولقد اعتدت رؤية هذا المشهد على مدى أسبوع او اثنين من كل عام. وأنا استمتع به كثيراً.
هل تخوض سباقات فـي دبي؟
لقد شاركت فـي سباق العام 2016 حينها كانت بداية الموسم. إلاّ أن المشكلة فـي سباق دبي هي التوقيت، إذ يصادف دائمًا فـي شهر يناير. بالنسبة لنا كرياضيين من الصعب ان نكون جاهزين لناحية اللياقة البدنية فـي هذا الشهر من السنة ذلك أن موعد السباق الكبير يكون فـي شهر أكتوبر. لذلك هذا ليس بالتوقيت المناسب بالنسبة لغالبية الرياضيين، ولكن بالنسبة لي لا أجد أي مشكلة، فأنا أحب الأطعمة العربية وهكذا أستفـيد من وجودي هناك لاستمتع بمذاقها. إنه نوع من الكليشيه ولكنني أذهب الى هناك من أجل الطعام الذي أعشقه.
أخبرنا عن إرتباطك مع علامة “بريتلينغ” لماذا اخترت العمل معها؟
الرياضة بالنسبة لبريتلينغ جزء لا يتجزأ من تاريخها. وانا عندما التقيت مديرها التنفـيذي جورج كيرن لفت انتباهي الى امكانية تجديد روح العلامة وجعلها اكثر شبابية وجاذبية وشمولية، فأيقنت عندها أننا نتحدث هنا عن الترياتلون، الذي أعتبره شخصياً رياضة عصرية بامتياز.
فـي “الفورمولا وان” يدفع الناس مبالغ كبيرة من اجل التلويح للشباب ولكنهم لا يحصلون أبدًا على فرصة مشاركة الرياضيين السباق، أو ان يكونوا مع المعنيين. كذلك بالنسبة لسباق دراجات “تور دو فرانس” لا يمكنك أبدًا المشاركة كهاوٍ ولكن فـي سباق “الأيرون مان” يمكنك الاشتراك فـي بالمسابقة عن فئة الهواة.
طرح جورج هذه الفكرة الرائعة، وكان لي شرف العمل معه ومع علامة بريتلينغ الشهيرة والعريقة وأنا سعيد أن أكون جزءاًً ولو بسيطاً من مشوارها.
ما هي ساعة بريتلينغ التي تضعها؟
أنا من أشد المعجبين بكرونوغراف Superocean Héritage Chronograph. أحب تمازج الأسود والذهبي.
كرياضي أطلعنا على تفاصيل يوم نموذجي من حياتك ؟
يبدأ نهاري عند السادسة صباحًا. أتناول فطورًا صغيرًا بعده أقوم بالسباحة من خمسة الى ستة كيلومترات. كما أنني من عشاق القهوة وأنا أملك آلات عالية التقنية لصنع القهوة بطريقة احترافـية فـي المنزل. فأحتسي 40 غرامًا فـي خلال 30 ثانية، وهذا الروتين اتبعه كل صباح فـيكون هذا وقت سلام بالنسبة لي قبل انطلاقي.
بعد حصة السباحة اعود الى منزلي اتناول الفطور مع اولادي واحاول أخذ قسط من الراحة، ولكن هذا الأمر لا ينجح فـي العادة. أجري بعض المقابلات من ثم اركب الدراجة لمدة تتراوح بين الساعتين والنصف والأربع ساعات وذلك بحسب اليوم. بعدها أعود الى المنزل أتناول كمية صغيرة من وجبة الغداء وآخذ قسطًا صغيرًا من الراحة لأمارس بعدها رياضة الركض مساء.
ما هو نظامك الغذائي الروتيني؟
لست من هواة احتساب السعرات الحرارية أو قياس وزن الأطعمة. فأنا نباتي منذ نحو سنتين ونصف السنة. وقد حاولت فـي مرحلة ما أن أعتمد نظاماً غذائياً خالياً من الأسماك والأجبان والألبان كذلك، وقد تعاقدت مع أحد الطهاة ليحضّر لي هذا النوع من الأطعمة تكفـيني لأسبوع، ولكن الأمر لم ينجح، لم أكن مستعداً، احب النكهات والسمك والأجبان والزبدة، لذلك انا اتبع الآن نظامًا متوسطياً صحياً. وعلى مر السنين بدأت استمتع بمذاق الأكل الطيب. انا اعيش لأستمتع بالطعام. وهذا هو الجزء الهام فـي ممارسة الرياضة، فأنا احرق من 8 الى 12 ألف سعرة حرارية يوميًا وهذا هو الجزء الأفضل بالنسبة لي، إذ باستطاعتي تناول الطعام والإستمتاع به.
كيف تصف التحدّيات التي تواجهك كرياضي، علمًا أنك خضعت لعملية جراحية فـي ظهرك، ماذا تفعل للتغلّب على هذه الصعوبات؟
أولاً، عليك أن تدرك أنك لا تملك سوى جسد واحد. لذلك عليك الاعتناء بهذا الرصيد. لا يمكنك استبدال ما قد ينكسر. انا اليوم فـي عمر الـ 37 ولقد بدأت احتراف الرياضة منذ سن الـ17. التحدّي الكبير هو التحدّي النفسي. عليك تجديد ذاتك والإستمتاع بما تقوم به منذ زمن طويل. فانت تكد يومياً لدفع وتوسيع حدود مهاراتك وقدراتك أكثر فأكثر ولتتطور يومًا بعد يوم.
هذا من أهم اهدافـي، ولتحقيقه يلزمني الكثير من التركيز والتفاني، والأهم الحفاظ على روح المرح وهنا يكمن التحدي الكبير.
أنا الماني لهذا أكون فـي بعض الأحيان صارمًا جداً ومركزًا، فترتد الأمور بشكل سلبي. فأنا بحاجة دائمًا الى العيش والإستمتاع وايجاد التوازن العادل بين صرف النظر عن بعض الأمور وايلاء الاهمية لأمور اخرى.
من كان ملهمك فـي طفولتك لتصبح رياضياً؟
أنا أنتمي الى عائلة مثقّفة، لم تعر الرياضة أي أهمية. لقد كنا نشاهد فـي ألمانيا نشرة الأخبار التلفزيونية عند الثامنة من مساء كل يوم، وفـي ختامها كانت وقفة رياضية لمدة دقيقة. إلاّ أن والدي لم يكن يسمح لنا بمشاهدة هذه الدقيقة لأن الرياضة برأيه هي أمر فارغ فكان يطفئ جهاز التلفزيون او يخفض الصوت، إيمانًا منه بأننا لا نحتاج الى الرياضة.
أما اليوم فالأمر يبدو طريفاً جداً، لقد بات والدي يشاهد كل أنواع العروض الرياضية. تطوّرت الأمور فـي قلب العائلة بشكل لافت. إلاّ أن الأمر الرائع تمثل بعدم اعتراض والديّ على ما اقوم به او محاولتهما حثّي على إمتهان ما يعرف بالمهنة الحقيقية. ولطالما طلبا مني متابعة ما أنا شغوف به وتحقيق رغبتي لذلك أنا ممتن لهما كثيرًا.
اذكر فـي طفولتي انني شاهدت الألعاب الأولمبية فـي سيول فـي العام 1998 فـي منزل جدي ولقد بقي جهاز التلفزيون يعمل على مدى ثلاثة اسابيع من دون توقف. الجميع كان يشاهد الرياضة. وان تكون طفلاً لم يشاهد الرياضة ابدًا وفجأة يتابعها على مدى ثلاثة أسابيع متواصلة هو أمر غريب، لأنني أدركت حينها أهمية الرياضة وميزاتها. وهكذا انطلقت رحلتي.
اذًا هذا هو ما يقودك الى الفوز دائماً؟
طبعًا. أنا أكره الخسارة. واليوم أستطيع التحكّم بغضبي حتى انه يمكنني استعمال هذا الغضب لأكون افضل واتعلم الدروس. الخسارة تكون سيئة ان لم يكن باستطاعتنا استنتاج اي شيء منها. فهناك دائمًا درس جديد نتعلمه. لقد تعلمت الآن الإستفادة من الخسارة وليس التعبير عن الغضب فقط.
لقد خضعت لعملية جراحية فـي العام 2015، ومع ذلك فزت بسباق “الأيرون مان”
هذا الأمر يحدث وقد حدث معي مرات عديدة. فلطالما تعرّضت لكسور إثر سقطات متتالية عن الدراجة، ولكن الإصابة الأكبر كانت العام الماضي بعد تعرّضي لكسر فـي ظهري. ففـي يوم الأحد حقّقت رقمًا قياسيًا فـي سباق عالمي ويوم الثلثاء أي بعدها بيومين فقط كنت على العكازات. لذلك للحياة اسلوبها الطريف فـي خلق التوازن او رمي الحجارة على الدرب، ولكن لكي اكون صادقًا فإن وجود الأولاد فـي حياتنا يفتح آفاقًا جديدة أمامنا. فأحيانًا عندما أكون فـي وضع نفسي سيء وأرى أن كل شيء أصبح فظيعًاً افكر فـي ابنتي البالغة من العمر عامًا واحدًا وهي تحاول المشي. انها تقع أرضًا عدة مرات فـي النهار ومن ثم تعود فتقف هذا هو تمامًا ما يجب علينا القيام به. نسقط ولكننا نقف من جديد وهذا أمر طبيعي.
أين نتوقع أن نراك، وماهي الإنجازات التي تطمح إليها هذا العام؟
سينطلق الموسم الجديد فـي ألمانيا فـي بداية شهر أيار مايو. أما أول حدث كبير فسيكون فـي فرانكفورت فـي نهاية يونيو، إنها بطولة أوروبا وهو سباق ضخم مع حشد كبير. بعدها تستقبل “نيس” البطولة للمسافات المتوسطة اي نصف مسافة بطولة “الأيرون مان” وبعد خمسة أسابيع ستكون بطولة هاواي فـي 12 اكتوبر وهنا الهدف الأكبر.
ما هو سر نجاحك وتحقيقك لإنتصارات متتالية؟
قد يرى الكثيرون إجابتي “كليشيه” ولكن بالفعل سر نجاحي هو أحلامي الكبيرة. عندما كنت صغيرًا قلت للناس انني أود الفوز ببطولة الأولمبياد. وبطريقة ما وضعت خطة وأنجزت ما حلمت به. أنا أتسلق الجبل خطوة خطوة. واليوم لا زال الحلم هو مفتاح نجاحي. فأنا أحلم دوماً بأهداف جديدة كما أعمل على إعادة ابتكار نفسي.
