“عيد الأب” واليوم العالمي للرجل
تحتفل العديد من الدول بـ”عيد الأب” في تواريخ مختلفة ، وهو يقع تحديدًا في الحادي والعشرين من شهر يونيو بالنسبة لمعظم الدول العربية. إحتُفل به منذ القدم ، إلاّ أن العيد إنتظر بداية العقود الأولى من القرن العشرين لبدء الإحتفال به رسميًا على الصعيدين الوطني والمدني؛ بعد أن كان يتم الإحتفال به دينيًا في التاسع عشر من شهر مارس من كل عام في بعض الدول الأوروبية .
وفي سياق مواز ، يحتفل العالم سنويًا بـ”اليوم العالمي للرجل” في التاسع عشر من نوفمبر من كل عام .
فما هو تاريخ البدء بالإحتفال بعيد الأب، رمزيته، بعض ما قيل عن الأب، ونوعية الهدايا التي يمكن أن تقدّم إليه بهذه المناسبة؟ وما هي خصوصية اليوم العالمي للرجل؟
تاريخ البدء بالإحتفال بعيد الأب؟
بعد إستماعها لعظة دينية بشأن عيد الأم، إقترحت الأميركية “سونورا سمارت دود” عام ١٩٠٩، إعتماد الخامس من يونيو (عيد ميلاد والدها) كيوم لعيد الأب. ذلك أنها كانت متأثّرة جدًا بمعاملة والدها الحسنة لها ولإخوتها الخمسة بعد وفاة والدتها .
تم الاحتفال بهذا العيد في “سبوكان” في ولاية واشنطن على الصعيد المحلي للمرة الأولى في التاسع عشر من يونيو ١٩١٠ ، عوضًا عن الخامس منه ؛ إلاّ أنه لم يُعتمد بصورة رسمية إلاّ عام ١٩٦٦ ، بموجب إعلان رئاسي صادر عن الرئيس ليندون جونسون ، حدّد بموجبه الأحد الثالث من شهر يونيو من كل عام، كيوم للإحتفال بعيد الأب ، وكرّسه الرئيس ريشارد نيكسون كعيد وطني عام ١٩٧٢، وجعل منه يوم عطلة. وتتالت تواريخ الإحتفال بالعيد في معظم دول العالم .
إلاّ أن تاريخ عيد الأب غير موحد عالميًا ، خلافًا لليوم العالمي للرجل .
التواريخ المتفاوتة لعيد الأب
يحتفل بـ”عيد الأب” بتواريخ تختلف من دولة الى أخرى ، طيلة إمتداد معظم أشهر السنة .
وهكذا تحتفل روسيا بعيد الأب في شهر فبراير . بينما يحتفل به في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا خلال شهر مارس .
وهناك أكثر من ست وعشرين دولة تحتفل به في شهر يونيو، من بينها النمسا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والصين والهند واليابان وتركيا، ودول عربية كمصر وتونس والمغرب والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وفلسطين وسوريا ولبنان والأردن .
ويتدرّج العيد في دول مختلفة أخرى من يوليو الى أوغسطس الى سبتمبر الى أكتوبر الى نوفمبر وصولاً الى ديسمبر .
تجدر الإشارة الى أن الأحتفال بعيد الأب في شهر يونيو يتزامن في بعض الدول الأوروبية مع إحتفالات عيد الموسيقى وإمتحانات نهاية العام الدراسي وبدء فترة تنزيلات المبيعات لفصل الصيف وإنطلاق مباراة كأس العالم لكرة القدم للنساء كما هي الحال هذا العام .
أمثال وحكم بمناسبة عيد الأب
البروفسور الأميركي “ريد مارخام”
“يمكن التعرّف على الأب الصالح من نوعية الأهداف والأحلام والتطلّعات التي يحدّدها لعائلته ، وليس فقط من تلك التي يحدّدها لنفسه”.
الكاتب المسرحي الإغريقي “أوريبيديس”
“لا شيء أغلى على قلب الأب الذي يتقدّم في العمر سوى أن يكون له إبنة”.
الرئيس الأميركي السابق “باراك اوباما“
“إن الشجاعة التي قد تظهرها في تربية طفلك هي التي يمكن أن تكسبك فعلاً لقب أب”.
الكاتب والفيلسوف السويسري “جان-جاك روسو”
“أب واحد خير من عشرة مربين“.
الكاتب الإغريقي “سوفوكليس”
“ليس هناك فرح أعظم من فرح الإبن بمجد أبيه ، ولا أعظم من فرح الأب بنجاح إبنه”.
المغنية والممثلة الأميركية “ليدي غاغا” إسمها الحقيقي “ستيفاني جوان انجلينا جرمانوتا”
” أحب والدي. هو كل شيء بالنسبة لي . آمل أن أجد الرجل الذي سيعاملني بنفس الحسن الذي عاملني به والدي”.
هدايا يمكن تقديمها للأب بمناسبة عيده
بالرغم من الإنتقادات التي توجه للعدد المتنامي للأعياد المعتمدة سنويًا بسبب طابعها التجاري المتزايد، ما زالت أكثرية ٦٠ في المئة تقريبًا من المستطلعين في فرنسا على سبيل المثال ، تطالب بالمحافظة على عيد الأب، و ٧٢ في المئة منهم يطالبون بالإبقاء على عيد الأم . كما أن ٤٤ في المئة أعربوا عن إستعدادهم لتقديم هدية لوالدهم بمناسبة عيد الأب، و ٦١ في المئة عن عزمهم تقديم هدية لوالدتهم بمناسبة عيد الأم.
يمكن بطبيعة الحال تقديم هدايا قابلة للإستهلاك للأب المحتفى بعيده، كالشوكولاتة والحلويات والعسل العضوي، أو دعوته إلى غداء أو عشاء، أو تقديم باقة من الورود المشفوعة بالقبلات الحارة؛ أو هدايا دائمة يمكنه الإحتفاظ بها ، ومنها : هاتف جوال جديد؛ نظارات شمسية؛ مجموعة قمصان، ربطات عنق أنيقة؛ حاسوب حديث خفيف الوزن؛ ماركة عطور فاخرة ؛ كتب مختارة، طاولة زهر أو لعبة شطرنج …
“اليوم العالمي للرجل”
تم إعتماد اليوم العالمي للرجل في التاسع عشر من نوفمبر من كل عام، من قبل أكثر من ستين دولة ، بعد أن كان أحد أساتذة التاريخ في جزر “ترينيداد توباغو” في “الكارايبي” قد بادر عام ١٩٩٩ الى الدعوة لإعتماد مثل هذا اليوم. وكان قد أراد من وراء ذلك ، الحث على التعمّق في بحث المشاكل التي تواجه الرجال بشكل عام ، ولا سيما صحتهم وهناء عيشهم ، وتشجيعهم على الإقتداء بمن يعيشون بصورة إيجابية ومنتجة ومبنية على القيّم . أي أنه لم يهدف الى إيجاد جدلية تنافس أو تعارض مع المواضيع التي تعالج خلال الإحتفال باليوم العالمي للمرأة، بل إيجاد تكامل بينهما .
ومن المواضيع التي دعا إلى معالجتها في هذا السياق، درس أسباب إرتفاع نسبة الإنتحار عند الرجال التي تفوق تلك التي تسجّل سنويًا لدى النساء بفارق ٧٠ مقابل ٣٠ في المئة ، وغيرها من التحديات الإقتصادية والإجتماعية …
هذا وقد لاقت هذه الدعوة دعم الأمم المتحدة على لسان كبارالمسؤولين في منظمة “الأونسكو” في إطار السعي إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة؛ علمًا بأن الأمم المتحدة تدعو الدول للإحتفال بالمناسبتين في سياق الحرص دومًا على إحترام حقوق الإنسان .
المقارنة بـ”عيد الأم“
في الواقع أن لعيد الأم وهجه الخاص . يطغى الى حدّ ما على عيد الأب على الصعيدين الإعلامي والإحتفالي لإعتبارات شتى . إحتفلت فيه الشعوب منذ القدم بطرق مختلفة ، ولا سيما الإغريق والرومان ، نظرًا لما للأم من فضل في عملية الخلق والتنشئة .
يختلف تاريخ الإحتفال بعيد الأم بعض الشيء من منطقة جغرافية الى أخرى، إلاّ أن أغلبية الدول حدّدته في فصل الربيع ، ما بين شهر مارس (في معظم الدول العربية) ، وشهر مايو (في معظم الدول الغربية) ؛ بينما تم إعتماد تاريخ ثابت للإحتفال السنوي بالعيد العالمي للمرأة الذي يقع في الثامن من مارس من كل عام .
خلاصة
إنه لأمر جيد ومفيد أن يتم إعتماد يوم في السنة للإحتفال بعيد الأب وآخر للإحتفال باليوم العالمي للرجل ، كما والإحتفال بعيد الأم وباليوم العالمي للمرأة؛
وإن كان تكريم الأم والأب واجب يومي، لا ينحصر بيوم أو بيومين أو ثلاثة ؛ خاصة وأننا نؤمن في العالم العربي بأهمية “رضى الله والوالدين” كقاعدة أساسية ومحورية في حياتنا .
إلاّ أن التلاقي للإحتفال أو للبحث بموضوع ما ، أفضل بمكان من حالات التغاضي والتجاهل والتواجه . كما أن تاريخ المجتمعات البشرية يشير في نهاية المطاف، الى أنه لا خيار لها تلافيًا للنزاعات، ولضمان تقدّمها، سوى الأنخراط في دينامية حوار دائم بحثًا عن العدالة والمصلحة المشركة والخير العام .
