الشيف داريو سيتشيني
«أعمل على تطوير نفسي وعملي كل يوم وما زلت
أتعلّم حتى بعد مرور 47 عاماً»
ولد داريو سيتشيني عام 1955 فـي قرية بانزانو التوسكانية حيث كان والده قصّابًا، درس العلوم البيطرية فـي جامعة بيزا، ولكن فـي عام 1976، وبعد ثلاث سنوات من دراسته التي استمرت ست سنوات، اضطر إلى تولي أعمال العائلة من والده المتوفـي. يوصف بأنه شخصية إستثنائية وقصاب غير عادي، فهو مميّز بعروضه اللافتة فـي تقطيع وعرض اللحوم الفاخرة.
يوضح سيتشيني اهمية القصّاب المحلي التقليدي كما يشير إلى تخوفه من ظهور اماكن مخصّصة لبيع وتقطيع اللحوم فـي السوبر ماركت التى قد تشكّل توجها مختلفاً، لاعتقاده بأن مهنة القصابة كانت فنًا قديمًا ينطوي على احترام الحيوان. ويقول بالنسبة للأجزاء الأكثر اهمية فـي اللحوم، انه لم يكن هناك قطع «ممتازة» و«أقل» من اللحم، بل كانت جميع أجزاء الحيوان مفـيدة إن تمّ ذبحها وطهيها بطريقة مناسبة. يجادل سيتشينى بأن عمله يمكن أن يصل إلى مستوى الشعر، ومزيج من المعرفة (فهم أنه يمكنك استخدام كل جزء من الحيوان) والوعي (احترام الحيوان) الذي يمكن أن يعيد الناس إلى «العادات الأصلية العريقة».
ومنذ عام تمّ إطلاق Carna by Dario Cecchini فـي دبي، الموجود فـي الطابق 74 من فندق SLS فـي الخليج التجاري، وفـي ما يلي مقابلة مع هذا الشيف المتألّق.
هل كنت تتخيل يوماً ما أنك سوف تتخذ من القصابة مهنة لك؟
توفـي والداي قبل أن أبلغ من العمر 20 سنة، لقد كان ذلك وقتاً عصيباً بالنسبة لي. وكان يحدوني الأمل منذ تلك الفترة الوفاء بتراث عائلتي ومواصلة تقليد لطالما استمر على مدار أكثر من 250 سنة فـي قريتي بانزانو. وها أنا اليوم أمثل الجيل الثامن من قصّابي الأسرة فـي بانزانو التي تقع فـي منطقة توسكانا.
ما الذي تغيّر بشكل كبير فـي عالم القصابة؟ وماذا تتوقع من الجيل الجديد فـي هذا الإطار؟
يلعب القصّابون دوراً بارزاً من خلال ذبح الحيوانات بهدف توفـير التغذية التي يحتاجها المجتمع من اللحوم. أما بالنسبة لي، فإنه من المهم جداً أن يتمتع القصّابون بأقصى قدر من الاحترام والمسؤولية تجاه الحياة والموت. وأعتقد وآمل أن يكون الجيل الجديد واعياً، ليس فقط بما يتعلّق بالاستدامة واستخدام كل جزء من الحيوان جيداً من الأنف إلى الذيل، بل أن يكون لديه أيضاً فكرة أنه يجب علينا احترام الأضاحي التي يوفّرها لنا عالم الحيوان الذي يشكّل جزءاً مهماً من مسألة التغذية البشرية. إن أكثر القطع التي تثير حماستي هي مفاصل لحم البقر كما اعتادت جدتي أن تطبخها. لقد قدمتها فـي سلطة دافئة فـي مطعمي الأول فـي بانزانو.
ما هي أكثر الأجزاء من اللحوم التي تجعلك متحمّساً عند إعدادها للطهي؟
بالإضافة إلى أطباقي المفضّلة، لا يسعني إلاّ أن أضيف إلى لائحة المأكولات التي يقدّمها «كارنا»، أسياخ لحم القلب البقري و«بوليتو دي داريو».
أي نوع من اللحم البقري تستخدمه فـي مطعمك؟ ومن أين تحصل على تلك اللحوم؟
أحب أن نقدم مجموعة متنوّعة من قطع اللحم فـي «كارنا» والتي تتجاوز مسألة شرائح اللحم الخالية من العظام (T-bones) والفـيليه، فهي جميعها لذيذة للغاية.
كيف تختلف الجودة؟ فهل ذلك يعني أن قطع اللحم مختلفة؟
نستورد اللحوم الخاصة بنا من مصادر محدّدة فـي اليابان وأستراليا وأميركا، حيث تحرص المرابع والمزارع على أن تكون مسؤولة وتحترم حيوات الحيوانات وتضمن لها حياة هانئة وذبحاً رحيماً. الجودة والقطع تختلفان. قطع اللحم متنوّعة، وأشعر أن ذلك يمنح ضيوفنا فرصة الاستمتاع بنكهات مختلفة فـي اللحوم. إن جودة اللحوم مضمونة من خلال عمليات الشراء التي نقوم بها.
ما هي فلسفتك فـي أن تكون قصّابًا؟ وما هي قيمك كقصّاب؟
فلسفتي مرة أخرى، هي ضمان أن الحيوانات تتمتع بحياة جيدة، وأن لديها مساحة للتجول فـيها، وأن لديها طعاماً جيداً، وأن تُذبح بطريقة بعيدة عن العنف وأن كل جزء من الحيوان يتم احترامه من خلال حسن استخدامه. إن القصّاب هو المسؤول عن التضحية التي تنتج عن ذبح الحيوان. كما أن ذبح الحيوان يوفر الغذاء للبشر، وهذا هو أسلوبنا للتعبير عن الامتنان؛ إنها الطريقة المثلى فـي مراعاة مسألة الذبح.
لماذا اخترت دبي على وجه التحديد؟ وما الذي جذبك إلى هذا السوق؟
أرى أن دبي هي المستقبل. إنها مدينة تشهد تطوراً رائعاً. إنها نموذج للعالم بأسره. ولكوني فـي دبي من خلال مطعم «كارنا» الخاص بنا، أشعر بأنني فـي المكان المناسب فـي الوقت المناسب تماماً.
كيف يتناسب مفهوم كارنا مع فندق «أس إل إس»؟
يعتمد «كارنا» فـي فندق «إس إل إس دبي» مفهوم مطعم اللحوم الذي يؤمن بالاستدامة واستخدام أجزاء الحيوان كافة من الأنف إلى الذيل.
هل تجد صعوبة فـي الابتكار باستمرار؟ ما الذي يؤثر على عملك؟
لا شك أن هناك العديد من التحدّيات، إذ يتوجب علينا فـي إطار هذه المهنة أن نجعل العميل سعيداً. ومن هذا المنطلق، فإن الحرفـي يسعى باستمرار إلى المعرفة ويبذل الجهود كافة من أجل أن يصبح أفضل وأفضل فـي عمله. لقد اخترت تطوير نفسي وعملي كل يوم. وما زلت أتعلم حتى بعد مرور 47 عاماً.
ما هو الطبق المفضّل الذي يحمل التوقيع الخاص بك؟
إن نجاح مطعمنا، كما أشعر، هو أننا نحافظ حقاً على سعادة ضيوفنا وأن تركيزنا الرئيسي ينصب على كرم الضيافة بحيث يكون الطعام مذهلاً، ولكن الترحيب والانسجام والتعاطف مع عملائنا أيضاً هو ما يجعل الضيوف لدينا يشعرون بالراحة طوال فترة وجودهم إلى طاولاتنا. بالنسبة لي، هذا هو أهم شيء.
كيف ستنقل معرفتك وخبرتك إلى الجيل الجديد؟
طبقي المفضل كما قلت سابقاً، هو أسياخ لحوم القلب البقري. وأمل من خلال نقل المعرفة إلى الأجيال الجديدة أن أكون مثالاً يُحتذى به. كما آمل أن تكون حياتي التي أمضيت معظمها وأنا أعمل على تطوير موهبتي مصدر إلهام للآخرين.
أنت دائم الإنشغال بشكل كبير كما يتبيّن لنا، من فضلك أخبرنا عن مشاريعك المقبلة.
بالطبع اتمنى الاستمرار فـي تحقيق النجاح. آمل ان نتوسع عالمياً فـي وقت قريب. نحن نؤمن إيماناً راسخاَ بالمسار الإيجابي للتطور وهناك الكثير من المشاريع الجديدة.