أنطوني هوبكنز
أكبر ممثل يحصل على الأوسكار
وكالعادة قدّم هوبكنز فـي الفـيلم واحدًا من أفضل أدواره، إذ يتأرجح بين الغضب والتشوش والعجز والتحدّي، وهي الحالة التي يجيد فـيها هوبكنز التحرك فـي الأداء، كما فعل فـي أفلام كثيرة. وقد ساعده السيناريو فـي صنع نوع من المتاهة التي تأخذ المشاهد داخل وعي الأب المشوش؛ حيث الشخصيات تختفـي فجأة أو تتغيّر الوجوه، تتغير الإعدادات، لنشعر بالارتباك معه.
وفـي رسالة شكره إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة لمنحه جائزة الأوسكار والتي عرضها هوبكنز على حسابه على إنستغرام قال: «صباح الخير، أنا هنا فـي وطني فـي ويلز.. فـي عمر 83 عاماً، لم أكن أتوقّع أن أحصل على هذه الجائزة، لم أتوقّع ذلك حقاً، شكراً جزيلاً لكم جميعاً».
وأضاف: «أريد أن أوجه التحية لتشادويك بوزمان، الذي رحل عنا مبكراً جداً».
علماً أن التوقّعات كانت تشير الى فوز بوزمان نجم فـيلم (بلاك بانثر) بالجائزة علماً أنه توفـي العام الماضي عن عمر 43 عاماً بعد معركة استمرت 4 سنوات مع سرطان القولون.
وقال هوبكنز لصحيفة «ذي تايمز»: «لم تكن هناك مشكلة فـي تأدية دور شخص مسنّ لأنني عجوز». لكن هذا الدور الذي حاز عنه جائزة «بافتا» لأفضل ممثل، أثر فـيه. وأوضح «لقد جعلني أعي أكثر، مسألة الموت وهشاشة الحياة، ومنذ ذلك الحين، لا أحكم على الناس. فكلنا هشون ومعرضون للعطب».
وأشار هوبكنز إلى أن هذا الفـيلم ذكّره بأيام والده الأخيرة، مضيفاً للصحيفة: «أدركت ما كان شعوره فـي النهاية. الخوف. الكآبة التي لا توصف والحزن والوحدة. نتظاهر جميعًا بأننا لسنا وحدنا، لكننا جميعاً بمفردنا. النجاح جيد، هو وسيلة للبقاء لكن فـي النهاية، سنكون جميعنا وحيدين».
ستة عقود فـي عالم التمثيل
لا مبالغة عند وصف أنطوني هوبكنز بالأسطوري فهو أمضى ستة عقود من حياته المهنية فـي المسرح والتلفزيون والسينما، جسّد خلالها شخصيات متنوّعة أبرزها ملك إنكلترا – ريتشرد قلب الأسد- ورئيس الوزراء البريطاني -ديفـيد لويد جورج- ورئيسان أميركيان -جون كوينسي آدامس وريتشرد نيكسون-وهتلر ودانتون وإسحق رابين وتشارلز ديكنز وبابلو بيكاسو وألفريد هيتشكوك.
أدى هوبكنز أيضاً أدواراً شيطانية برز فـيها مثل دوره فـي فـيلم «ذي ريمينز أوف ذي داي» للبريطاني جيمس أيفوري و«شادولاندز» لمواطنه ريتشرد أتينبورو. أما فـي فـيلم «ذي تو بوبس»، فقد أدى دور البابا بيندكتوس السادس عشر، وهو ألماني اسمه الفعلي جوزيف راتزينغر، الصارم والمحافظ فـيما يتحاور مع خليفته ذي الشخصية الجذابة البابا فرنسيس الذي يؤدّي دوره جوناثان برايس.
والجدير ذكره أنه حاصل على لقب «سير» إذ منحته الملكة إليزابيث لقب فارس عام 1993.
فـي العام 1968، قدّم أنطوني هوبكنز أول أدواره السينمائية الجادة عندما لعب دور الابن المتعطش للسلطة لبيتر أوتول وكاثرين هيبورن فـي فـيلم «الأسد فـي الشتاء». ومرّ نصف قرن من السينما والإبداع ليرتبط اسم هوبكنز عبرها بالأدوار المتميّزة – ألفريد هيتشكوك، والبابا بنديكتوس السادس عشر فـي فـيلم الباباوان، والملك لير الذي لعبه مرتين، وجون كوينسي آدامز، وبابلو بيكاسو، وغيرهم.
شباب وحيوية على وسائل التواصل الاجتماعي
يبدو الممثل الكبير أنطوني هوبكنز راضيًا على حياته، ويظهر هذا الرضا فـي ملامحه خارج الأدوار السينمائية، ربما ذلك ما منحه عمراً فوق عمره.
لا يشعر هوبكنز بثقل العمر، وهو فـي رحابة العالم الافتراضي منذ عام بسبب الكورونا، وكانت آخر حواراته الإعلامية ، والتي تمت عبر «تطبيق زووم»، خير دليل على ذلك. إذ قال: «كان يجب أن أكون الآن فـي بورت تالبوت، مسقط رأسي فـي ويلز ببريطانيا، إما ميتاً أو أعمل فـي مخبز أبي، ولكن لسبب ما لا أعرفه، أنا هنا. لا شيء من ذلك يبدو منطقيًا، ولكنني أنظر إليه الآن وأقول لنفسي نحن بخير يا فتى».
لا يزال هوبكنز يعيش بعمق سنوات الأسد فـي الشتاء. لكنه، كما تقول صحيفة ذي نيويوركر فـي مقدمة حوارها معه – لا يزأر على حسابه على موقع إنستغرام، وإنما يمتع متابعيه البالغ عددهم مليونين ونصف المليون متابع بمقطوعات موسيقية لشوبان، يعزفها من منزله فـي باسيفـيك باليساديس، حيث يخضع للحجر المنزلي الاختياري منذ العام الماضي. وفـي الحجر الذي يفرضه على نفسه منذ بدء جائحة كورونا، يمارس هوبكنز هواياته: الرسم والقراءة، ويلعب مع قطته. ومن يدري ربما أغرته تلك الحياة الهادئة الجديدة بالاستمرار فـيها حتى بعد أن حصل مؤخرا على لقاح كوفـيد-19 الجديد.
فـي عام الكورونا لم يقدم هوبكنز سوى هذا الفـيلم، وهذا وضع غريب بالنسبة له. لكن الفـيلم- الذي يدور حول لعبة الزمن، كان على حد قوله تجربة جيدة.. «فقد كان لدي الكثير من السطور لأحفظها. وهي عملية تحافظ على ذهني حاضرًا. ولم أعمل شيئا منذ فـيلم «الأب»، وفـي الواقع، كنت محبوسًا لمدة عام كامل. لكنني تلقيت التطعيم، لذلك أعزف على البيانو وأرسم وأقرأ كثيرًا».
متفائل ينشر تغريدات مبهحة
يعرف هوبكنز كيف يشيع البهجة على الانستغرام، ويقول عن علاقته بالسوشيال ميديا:
«بدأ الأمر مع مارك والبيرج. كنت أعمل فـي أكسفورد على فـيلم مايكل باي Transformers: The Last Knight. وقال: «أريدك أن تنشر تغريدة على Twitter لم أكن أعرف ما الذي كان يتحدث عنه. فأنا غافل قليلاً عن هذه الأمور. لذلك أرسلت له تغريدة، وهكذا بدأت قصتي مع السوشيال ميديا، وشجعتني زوجتي على القيام بذلك، خاصة فـي هذه الأوقات العصيبة.
«وفـي فترة الجائحة الملايين من الناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم. ولذلك أحاول نشر تغريدات مبهجة. نظرًا لأننا مرتبكون مثل باقي البشر، يمكننا أن نجد طريقة للخروج من هذا. أنا أفضل أن أعيش بتفاؤل».
وقد استقبل العام 2021، بالكثير من التفاؤل والأمل إذ وجّه لمتابعيه الشباب على إنستغرام رسالة شجّعهم خلالها على التطلّع إلى عام 2021 بعد «عام صعب مليء بالأسى والحزن للكثير والكثير من الناس». وقال الممثل، الذي اشتهر بلعبه دور القاتل المتسلسل هانيبال ليكتر: منذ 45 عاماً مثل اليوم كنت فـي طريقي إلى كارثة، كنت أشرب حتى الموت، تلقيت رسالة «هل تريد أن تعيش أو تموت؟»، وقلت: أريد أن أعيش. وفجأة جاءت الراحة وحياتي أصبحت مذهلة».
ودعا الناس إلى أن يظلّوا إيجابيين: «بشكل عام، أقول تماسكوا. اليوم هو الغد الذي كنتم قلقون للغاية بشأنه أمس. أيها الشباب، لا تستسلموا. فقط ابقوا هناك. واصلوا القتال. كونوا جريئين. ستأتي القوى الجبارة لمساعدتكم. وهذا ما ساعدني طوال حياتي».
الموسيقى والرسم
الموسيقى فـي حياة هوبكنز هي غرام الطفولة. بدأت علاقته بها وهو فـي الخامسة «جعلتني أمي أذهب لدروس الموسيقى فاستمرت علاقتي بها. والآن أحاول عزف مقطوعات صعبة لرحمانينوف وشوبان وسكريبين. ليس لدي طموح للعزف فـي قاعة كارنيجي أو أي شيء من هذا القبيل، لكني أفعل ذلك من أجل سعادتي فقط. ولديّ بيانو من طراز Bösendorfer، وعندما افكر فـي الغزف أختبئ بعيدًا فـي قبو منزلي، حتى لا أزعج أحدا».
لكنه هه تلقى إعجابًا كبيرًا عندما قاد المايسترو الهولندي الشهير أندريه ريو أوركستراه لعزف مقطوعة هوبكنز «واللحن يمضي»، فـي أكبر قاعات الموسيقى الأوروبية.
أما الرسم فقد كان هواية متقطعة، إلاّ أن زوجته أعادته إليها منذ بضع سنوات، لأنها وجدت بعض رسوماته القديمة وأعجبت بموهبته وقدرته الفنية، وطلبت منه العودة لهوايته القديمة. وقد عاد بالفعل ودشن معرضا للوحاته وبدأ يبيعها لأنه اكتشف أن لألوانه وخطوطه جمهورًا كبيرًا، كما يقول فـي صحيفة ذي نيويوركر.
يتذكر هوبكنز يوم حضر ستان وينستون، مبتكر كل شخصيات الوحوش فـي فـيلم Jurassic Park، إلى الاستديو الخاص به وشاهد لوحاته معلقة، فقال: «من رسم هذه اللوحات؟» فقطب النجم السينمائي جبينه وقال بخجل :«أنا». فقال له وينستون: «لماذا تكشر هكذا؟» فرد عليه «لأني لم أدرس الرسم» فقال له: «لا تدرس. فقط ارسم. فلديك ما ترسمه ولديك الموهبة» . وقد وجدت أن هذه فلسفة جيدة فـي الحياة. لا تفكر كثيرًا فـي الأمر. بل أفعله».