مهرجان «كان« يعيد المجد للنجم العريق آلان دولون
لمهرجان اكانب عراقته وطقوسه ونجومه؛ وهو قد تربّع على عرش الفخامة والأناقة والموهبة المتجدّدة والتألّق والإبداع منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية. وها هو ينعقد في دورته الـ٧٢ من الرابع عشر الى الخامس والعشرين من مايو ٢٠١٩.
لم يتعب ولم يشخ ..
إلاّ أن بعض رواده ونجومه قد شاخوا. منهم من إختفى عن المسرح وفضّل الإعتزال والإبتعاد، ومنهم من قاوم عجلة العمر ونجح في المحافظة على وجوده وتمّيزه ومرجعيته على أقل تقدير.
مهرجان اكانب رغب هذا العام في تكريم آلان دولون.
فمن هو، وما هو إرثه وأبرز إنجازاته؟
وما هي طبيعة التكريم الذي سيحظى به هذا العام على ضفاف الشاطىء اللازوردي؟
سيعود نجم السينما الفرنسية آلان دولون الى رحاب وأدراج مهرجان «كان» على شاطىء «كروازيت ، يوم الأحد ١٩ مايو ٢٠١٩، لتسلّم سعفة شرف ذهبية تقديرًا لمجمل أعماله، و«لحضوره الرائع في تاريخ الفن السابع»، كما صرّح المندوب العام للمهرجان «تييري فريمو»؛ وذلك بالرغم من علاقته المتوتّرة مع إدارة المهرجان لسنوات طويلة… وقد إعتمدت ورفعت على مدخل «قصر المهرجانات» بهذه المناسبة إحدى صوره، المأخوذة من فيلمه الأول «Plein Soleil» الذي حمله الى الشهرة عام ١٩٦٠، ولم يكن قد بلغ الـ٢٦ من عمره بعد. بدأت إنطلاقته مذ ذاك للعب أدوار بطولة في معظم الأحيان في ثمانين فيلم سينمائي مختلف.
بالرغم من مسيرته الحافلة، وصعوده على أدراج «كان» للمرة الأولى عام ١٩٦١، لم يسبق لـ«دولون» أن كُرّم من قبل المهرجان الدولي للسينما، مما أثار مرارًا إمتعاضه وإعتراضه العلني على ما أسماه بالتجاهل المقصود. وهو إذ وافق بالتالي على التكريم بعد تردّد، فأنه من الطبيعي أن يتسلّم السعفة بكل إعتزاز ربيع هذا العام، ولو في خريف العمر.
هذا وقد سبق لمهرجان «كان» أن منح سعفة شرف مماثلة لزميله الممثل الفرنسي المعروف «جان بول بلموندو» عام ٢٠١١، إضافة إلى ممثّلين عديدين آخرين مثل «وودي آلن» و«جين فوندا» و«كلينت إيستوود»
تجدر الإشارة في هذه المناسبة الى أن الممثل سيلفستر ستالون سيقدّم بعض الصور عن فيلمه الجديد
«Rambo 5: Last Blood» مساء الرابع والعشرين من شهر مايو في صالة «التياترو الكبير لوميير» في «كان» ، وسيعود الى الشاشات الأميركية والعالمية إعتبارًا من سبتمبر ٢٠١٩، بتوزيع من «ميتروبوليتان فيلم إكسبورت .«
تت من هو آلان دولون ومبررات تكريمه ؟
قد لا يعني آلان دولون الكثير لمن ولد أواخر القرن الماضي. إلاّ أنه يجدر بالجيل الطالع أن يتعرّف على موهبة أصيلة من مواهب الفن السابع، وأن يستعيد جيل من ولد قبل ذلك، ذكريات جميلة حول صور الحب والقوة التي جسّدها طيلة عقود .
ولد آلان دولون في الثامن من نوفمبر ١٩٣٥، أي أنه تخطّى الثالثة والثمانين من العمر، ويقيم حاليًا في مدينة جنيڤ .
جميل المحيا ووسيم الطلة، إعتبر من قبل الكثيرين بأنه يوازي عند الرجال ما توازيه الممثلة الفاتنة «بريجيت باردو» عند النساء .
خطيبته الأولى عام ١٩٥٩، كانت الممثلة النمساوية «رومي شنيدر». ثم عاد وتزوج عام ١٩٦٤ من «ناتالي بارتيليمي» التي أنجبت له طفلاً أسمياه انطوني . ونعم بولدين آخرين من زواج ثانٍ من عارضة الأزياء الألمانية «روزالي فان برينين»: «أنوشكا» عام ١٩٩٠ وآلان- فابيان (عام ٢٠٠٢).
أبرز افلامه
«بلان سولي»، «لو غيبار»، «نوتر إيستوار» «لو ساموراي»، ميستر كلاين» «عودة كازانوفا»، «بورسالينو«…
وهناك العديد من الكماليات التي صنعت تحت إسمه، من عطور وساعات وملابس ونظارات لاقت رواجًا في دول عديدة.
تتتت ماهية الإعتراض على هذا التكريم
تمّ إصدار عريضة في الولايات المتحدة موقّعة من قبل أكثر من ١٥ ألف شخص لغاية الآن، يعترضون فيها على تسليم آلان دولون سعفة الشرف، وذلك بسبب تصاريحه الإشكالية بشأن النساء، وبشأن مجموعة الذين لديهم إنحرافات (قوله أن هذه إنحرافات مخالفة للطبيعة ومن غير المفترض تخويل أصحابها تبنّي أطفال)، وبشأن اللاجئين في فرنسا (ضرورة وقف إستقبال المزيد منهم).
إلاّ أن المدير العام للمهرجان «تييري فريمو» دافع عن «دولون» قائلا»: «له الحق بأن يفكر ما يشاء، إستنادًا إلى مبدأ حرية الرأي، وإن كان المهرجان يدين بعض المواقف، وأن السعفة تمنح تحديدًا لعطاءات دولون الفنية». أضاف في مجال آخر إلى أنه لا يستبعد إعطاء الممثلة الفاتنة بريجيت باردو سعفة شرف مماثلة في يوم من الأيام. كما علّق البعض الآخر دفاعًا عن «دولون» بالقول: «السعفة ليست بمرتبة جائزة نوبل للسلام، وأن لا حاجة لتقديم أي إعتراض على مواقف سبق أن أعلنها الممثل من سنوات خلت.«
إضافة لحفل تكريم آلان دولون ، فإن الإهتمام سيتركّز كالعادة ربيع كل عام، على الفيلم الذي سيتمكّن من الفوز بالسعفة الذهبية للمهرجان؛ علمًا بأن لجنة التحكيم ستكون برئاسة المخرج المكسيكي «اليخندرو غونزاليس إنياريتو»، وعضوية الممثلة «إيل فانينغ» و«ميمونة ندايي» و«نكي بلال» وغيرهم…
في المقابل تمّ تعيين المخرجة اللبنانية نادين لبكي رئيسة للجنة فرعية موازية «Un certain regard» ، ومن بين الافلام المتنافسة: «الموتى لا يموتون» للأميركي «جيم جارموش»، و«عذاب ومجد» للإسباني «بدرو ألمودوفار» و«وايلد غووز ليك» للصيني «دياو ينان»، و«مكتوب يا حبيبتي» للفرنسي «عبداللطيف كشيش»، والعديد من الأفلام الاميركية والكندية والإسبانية والفرنسية والإيطالية والبلجيكية والنمساوية والبريطانية والصينية والكورية الجنوبية والسينغالية والبرازيلية والفلسطينية « «It must be heaven للفلسطيني «إيليا سليمان».
إمتلأت مدينة «كان» بالممثلين والمشاهير والمصورين والمشرفين على دور الأزياء والسياح، وسيسترجع «آلان دولون» بعض المجد الذي طبع حياته الفنية طيلة عقود؛ مع العلم بأنه أعرب عن رغبته في أن يقوم بتمثيل فيلم أخير إعتبارًا من نوفمبر المقبل، قبل أن تنتهي حياته الحافلة ببعض الصخب والكثير من المغامرات.
