نظام الديتوكس: بين الطب التقليدي والطب البديل
تتعرّض أجسامنا للعديد من الملوّثات والسموم سواء عن طريق الملامسة والتنفّس أم عن طريق الطعام والشراب، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها خاصة في عالمنا المعاصر حيث يحيط بنا دخان المعامل والسيارات وتكاد المواد الكيمائية الحافظة تدخل في غالبية أطعمتنا. ولكن هل هذه الحقيقة تستدعي فعلاً الخضوع من وقت إلى آخر لبرامج غذائية تهدف لمساعدة أجسامنا على التخلّص من سمومها، أم أن هذه البرامج ليست سوى مضيّعة للوقت؟
ريجيم الديتوكس .. ما هي صحة فعاليته في تخليص الجسم من السموم؟
يقول داعمو نظرية ريجيم الديتوكس لتخليص الجسم من السموم وهم من روّاد الطب البديل، إن تراكم هذه السموم في الجسم قد يسبّب السرطانات والأمراض، لذا لا بدّ من إخضاع أجسامنا لأنظمة غذائية تهدف إلى مساعدتها على الوقاية من هذه المخاطر وبالتالي تضفي الإشراق والنضارة على بشرتنا وتساعدنا على تجديد طاقتنا الإيجابية.
ولكن من جهة أخرى يخالفهم الباحثون العلميون والأطباء التقليديون الرأي، إذ يقولون إنه من الطبيعي وجود بعض السموم التي قد تدخل الى جسم الإنسان من جرّاء تناول الغذاء أو الماء أوتنشّق الهواء، أو التعرّض لبعض المواد الكيميائية أو الصناعية، وقد تنتشر في أجسامنا مستويات من السموم قد تكون مثيرة للقلق. ولكن بشكل عام لا توجد سموم طبيعية قد تتركّز في جسم الإنسان بما فيه الكفاية لتكون سامة وضارة فعلاً، اذ يقوم الجسم بتنظيف ذاته وحده عن طريق الكبد، الكلى، الرئتين أو حتى الغدد العرقية، إلاّ في حالة التعرّض للسموم الكيميائية أو المياه الملوثة السامة أو حتى الطعام الفاسد، وهنا تكون المشكلة واضحة وتستدعي التدّخل الطبي فوراً.
هل هناك أنواع من الغذاء أو الأعشاب قد تساعد في تنظيف الجسم وتخليصه من السموم؟
يقول الأطباء، إن ريجيم الديتوكس، الذي قد يتضمّن الصوم أو تناول نوع عصير معينّاً أو استخدام أعشاب معيّنة، لن يُحدث فرقاً في تنظيف الجسم من السموم، إذ لا يوجد نوع من الغذاء أو الأعشاب قد يساعد في تنظيف الدم وتخليصه من السموم. وعادة لا تتراكم السموم في الكبد وإنما تمرّ من خلاله مراراً وتكراراً حتى تتم تنقية الدم من هذه السموم وتحويلها الى مواد كيميائية قابلة للذوبان في الماء، ويتم التخلّص منها عن طريق العرق أو البول والفضلات. وفي حالات خاصة جداً قد تدعى بالسميّة وهي عند تراكم فائض الفيتامين A أو معدن النحاس أو الحديد في الكبد، وهذه تُعتبر حالات نادرة ومرضية قد تدل على مشكلة في الكبد.
وهنا يتحجج مشجعو أنظمة إزالة السموم من الجسم، بوجود أنواع معيّنة من الأغذية التي تدعم عمل الكبد وتعزّزه في مسألة إزالة السموم من الجسم، مثل الحليب أو البروكلي أو الثوم أو العديد غيرها، وهناك بعض الدراسات التي تدعم هذه الفرضيات.
الديتوكس بحسب الطب البديل
يعترف مؤيدو الطب البديل أن الجسم بشكل عام لديه القدرة على طرد السموم بنفسه وأن هذه العملية تحدث في الجسم على أساس يومي، لكن هذا قد لا يحدث على نحو فعّال، وأحياناً يحتاج الجسم الى دعم ليعمل بكفاءة، وهنا تبرز أهمية الأنظمة الغذائية للمساعدة على التخلّص من السموم.
ويستوجب نظام الديتوكس إتباع نمط غذائي معيّن ، كإستبدال الأطعمة بالسوائل والتركيز على تناول الخضروات والفواكه الطازجة وغير المطهية، أو التركيز على عصير معيّن كعصير الليمون أو الخيار أو القيقب أو تناول الفلفل الحار، وحتى تصويم الجسم لفترة، وقد تكون إحدى أساسيات هذا النظام الغذائي، الابتعاد عن الكربوهيدرات المصنّعة والزيوت النباتية الصناعية.
وينصح أصحاب نظرية تطهير الجسم من السموم، بإعادة هذه العملية مرة كلّ ثلاثة أشهر أي بمعدّل أربع مرات في السنة.
رأي الطب التقليدي بالديتوكس
يأخذ الباحثون العلميون والأطباء التقليديون، على هذا النظام الغذائي أنه قليل السعرات الحرارية وتتجلّى أعراضه في الوهن والتعب وهبوط السكر وآلام العضلات والشعور بالدوار والغثيان، وعدم الحصول على الطاقة اللازمة للقيام بالنشاطات اليومية، وما يتبعه من قلة التركيز وإضطرابات المزاج والنوم، وقد يصاب الشخص بسوء التغذية ونقص أحد العناصر الغذائية ما قد يضطر البعض الى تناول المكمّلات الغذائية.
وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة قد تساعد فعلاً في خسارة الوزن ، إلاّ أنها ذات أثر قصير المدى، فهي ليست نمط حياة صحيًا يقوم على أساس تعزيز العادات الصحية على المدى الطويل. وهنا ينصح الأطباء جميع الساعين الى المحافظة على قوة وصحة أجسامهم وتألّق بشرتهم ومستوى نشاطهم بإتباع نمط حياة صحي، يركّز على الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتين ، وتجنّب الأغذية الضارة الغنية بالدهون أو السكريات البسيطة أو الملح ، وتقليل المنتجات المصنّعة والأغذية المعالجة قدر الإمكان، وشرب كميات كافية من المياه بالتزامن مع ممارسة النشاطات الرياضية التي تساعد على التخلّص من الطاقة السلبية، كما ينصحون بالابتعاد عن التدخين أو الملوّثات المحيطة و تجنّب تناول الأدوية غير الضرورية ، فهذا النمط مفيد أكثر، نظراً الى كونه يتّبع على المدى الطويل على عكس الأول.